مؤتمر الرياض... تكهنات سياسية لقراءة المساعي الخليجية

2022-03-27 07:40:20 اخبار اليوم/ تقرير خاص

 

 




يتأثر ملف الأزمة اليمنية بعوامل كثيرة على المستوى الإقليمي، ففي الوقت الذي تعيش فيه مراكز القوى الغربية حالة من الصراع مع الدب الروسي في أوكرانيا، تطورت معسكرات الحوثيين حتى باتت خطر مباشر يهدد مصير الأمن القومي في المنطقة العربية، وما يزيد الوضع سوءًا الغياب النسبي للقوى الغربية نتيجة لما تشهده أوكرانيا.

وجدت دول مجلس التعاون الخليجي أمنها القومي مهدد من معسكرات طهران في اليمن، فيما خلفت سياسة التحالف العربي خلال سنوات الحرب حكومة يمنية شائخة، الكثير من الأطراف الفرعية التي بات لكل طرف منهم مطالبه ورؤيته الخاصة.

الوضع الذي تمر به اليمن في الوقت الحالي، وكذا المتغيرات الإقليمية وما تشهده دول مجلس التعاون الخليجي من تطور في قدرات جماعة الحوثيين، كلها أسباب كانت كفيلة بإطلاق مبادرة خليجية هي مؤتمر الرياض الثاني والمزمع عقده في التاسع والعشرين من مارس الجاري في العاصمة السعودية الرياض.

مركز أبعاد للدراسات والبحوث، اعتبر في دراسة له بعنوان "هل مخاوف الخليج بشأن الملف اليمني يدفع الى مبادرة خليجية ثانية؟" وهي الدراسة التي كشفت عن الأهداف السياسية وراء مؤتمر الرياض، واعتبرته كضرورة خليجية بدرجة كبيرة لإعادة ترتيب أولوياتها في الملف اليمني بعد أن وجدت نفسها بمواجهة مباشرة مع خطر يهدد أمنها القومي.

ففي الوقت الذي وجد فيه مجلس التعاون الخليجي نفسه في مواجهة مباشرة مع مهددات للأمن القومي لشبه الجزيرة العربية، خرج بمبادرة خليجية ثانية، في مسعى لتوحيد سياستها تجاه هذه الأخطار. وهنا تتساءل دراسة مركز أبعاد للدراسات والبحوث عن الأهداف التي يريد مجلس التعاون الحصول عليها من هذه الحوار اليمني؟

توحيد الأطراف.

في السياق تشير دراسة مركز أبعاد الى أنه "إن لم تستطع دول مجلس التعاون إنهاء الحرب في اليمن بمشاركة الحوثيين فإنها بحاجة إلى أن تقوم بإعادة توحيد الأطراف اليمنية من جديد بعد سبع سنوات وتغيّر في الفاعلين المحليين وظهور فاعلين جُدد الذين أثروا في الرؤية الخليجية تجاه اليمن بما في ذلك الحلفاء الرئيسيين (الإمارات والسعودية)".

وأوضحت "يمكن أن يحقق هذا التوحد عاملاً مساعداً لعزل الحوثيين واعتبارهم طرفاً خارجاً عن كل الأطراف والمكونات الاجتماعية اليمنية. وهو هدف مؤثر بالنسبة للسعودية والإمارات اللتان تكافحان على تأكيد "إرهابية" الحوثيين".

وقالت الدراسة "ليس ذلك فقط بل إن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة لمعرفة الأطراف الرئيسية المؤثرة في الوقت الحالي، والاستفادة من التقارب العُماني السعودي الذي برز بشكل كبير في الأشهر السابقة؛ والتقارب الخليجي بعد اتفاق العُلا 2021 بعودة العلاقات السعودية الإماراتية البحرينية مع قطر؛ والانفتاح المتنامي بين دول مجلس التعاون؛ من أجل تحديد هذه الأطراف وأهميتها والخروج بتصور لإنهاء الأزمة".

وأضافت "قد يشمل الاجتماع ممثلين عن "حزب المؤتمر" في صنعاء الذي يقوده صادق أمين أبو راس والذي ظل موالياً للحوثيين، وعاش هذا الفصيل من الحزب خلافات كبيرة وواسعة مع الحوثيين خلال العامين الماضيين مع اعتقال المئات من أعضاء الحزب ومصادرة أملاكهم. حيث صدر بيان الحوثيين الرافض للاجتماع في الرياض دون الإشارة إلى موقف حزب المؤتمر في صنعاء".

تمسك بالملف اليمني.

وفي سياق متصل، ترى الدراسة أن دول مجلس التعاون تشعر أن الملف اليمني أصبح يتسرب من منطقة شبه الجزيرة العربية، باتجاه الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، والضغط الأوروبي.

وقالت "لذلك تريد –دول مجلس التعاون الخليجي– استعادة الخيوط مجدداً في أيديها حتى لا تستخدم في إطار الملفات الأخرى الحرب الروسية في أوكرانيا، والاتفاق النووي الإيراني. تريد إبقاء خصوصية هذا الملف".

وأشارت الى أن "المبعوثان هانس غروندبرغ الأممي وتميوثي ليندركينغ الأمريكي، والسفراء والمبعوثون الأوروبيون، يبذلون جهوداً من أجل تقديم تصورات لحل شامل للحرب في اليمن لا يبدو أن الخليجيين يشعرون أنه يعالج مخاوفهم المتعلقة بالأمن القومي وسحب سلاح الحوثيين الثقيل والمتطور، وتفكيك التسلسل الهرمي من كونها "ميليشيا مسلحة" وتحولها إلى مكون سياسي كباقي المكونات".

وأوضحت "لا يعالجون مخاوف الخليجيين من تحوّل الحوثيين إلى "حزب الله" جديد في جنوب شبه الجزيرة العربية، ويريدون فقط إخماد الحرب في اليمن دون خصوصية الحالة أو معرفة تأثيرها المستقبلي".

وأفادت الدراسة "يرى المسؤولون في الخليج أن بالإمكان معالجة أسلحة الأطراف الموالية للحكومة (المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات "طارق صالح" المدعوميّن من الإمارات وآخرين)، مقارنة بالحوثيين الذين لا يوجد ضامن أو دولة قادرة على تفكيكهم".

وتابعت الدراسة "يُصّر الإيرانيون في اجتماعاتهم بالسعوديين والأجانب أنهم غير قادرين على القيام بذلك ولا يملكون تلك السلطة الكبيرة على الحوثيين، كان السعوديون ودول أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة يرون أن سلطنة عمان قادرة على الضغط على الحوثيين لقبول اتفاق سلام".

وأضافت" لكن خلال 2021 ودخول سلطنة عمان كوسيط بشكل مباشر لم تتمكن من الضغط على الحوثيين وفشل المسؤولون العُمانيون في أن تكون مسقط قادرة على استخدام جانبها للضغط على الجماعة المسلحة. العُمانيون أنفسهم لم يكونوا متوقعين ردة فعل الحوثيين تجاه جهودهم وزيارتهم إلى صنعاء ولقاء قيادات الجماعة . "

"تبعث اجتماعات الأمم المتحدة في العاصمة الأردنية عمّان والذي يهدف لعقد مؤتمر/اجتماع/ أوسع لأصحاب المصلحة والمجتمع المدني بهالة من الخوف في أعين الخليجيين بتصور الأمم المتحدة والولايات المتحدة للحل الشامل في اليمن". بحسب الدراسة.

وأرجعت "يأتي هذا الاجتماع لاستباق ما يمكن أن يحدث بالمؤتمر الذي تستعد الأمم المتحدة والولايات المتحدة لعقده، الذي قد يسحب البساط بالفعل من دول مجلس التعاون".

واضافت "رحبت الأمم المتحدة بشكل باهت بالاجتماع الذي تحضر له الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، وتعتقد الأمم المتحدة أن هذا الاجتماع يؤثر على جهودها المدعومة من المجتمع الدولي بالاجتماعات في عمّان بالأردن".

واشنطن والرياض.

في السياق، تعتقد الدراسة أن مجلس التعاون يريد تجنب أن يتحول الملف اليمني إلى ورقة مساومة غربية في الحرب الأوكرانية - الروسية، مقابل دعمها في اليمن ترفع السعودية من انتاج النفط -على سبيل المثال- وخلف الرياض تنظم باقي دول مجلس التعاون".

وقالت "كما لا تريد أن تتحول موسكو إلى داعم للحوثيين ضد الإرادة الغربية في حال وقفت دول مجلس التعاون الخليجي مع الغرب. تريد إبقاءه في إطاره الإقليمي ويُحل على هذا الأساس".

وأوضحت "يخطط وزير الخارجية الأمريكي طوني بلينكين إلى زيارة الرياض وأبو ظبي -هي الأولى كوزير خارجية -خلال شهر مارس/آذار 2022".

وأكدت" حيث تواصلت الخارجية الأمريكية مراراً مع الخارجية السعودية لتحديد موعد لكن يجري التأجيل بسبب تطورات الأحداث في أوكرانيا، والموقف الخليجي تجاه سياسة إدارة بايدن. ورفضت الخارجية السعودية زيارة "بلينكين" في ظل تصاعد التوتر بين البلدين".

فيما ترى إن المسؤولون السعوديون يرغبون وباقي دول مجلس التعاون الخليجي أن لا يصبح الملف اليمني ملفاً للابتزاز، وتحتاج إلى إبقاء الملف في إطار المنطقة حتى لا تستخدم الخلافات الخليجية كورقة أخرى في هذا الملف الحساس بالنسبة لأمن شبه الجزيرة العربية.

ونقلت الدراسة "يشير بعض المعلقين اليمنيين والأجانب إلى أن هذا الاجتماع يشبه إلى حد كبير "اجتماع الرياض" في بداية التدخل العسكري الداعم للحكومة المعترف بها دولياً في 2015م، وفي الحقيقة أن ذلك الاجتماع كان تأكيداً على ترحيب اليمنيين بتدخل التحالف".

وأكدت "لكن في هذا الاجتماع يبدو الأمر أوسع بكثير من ذلك إلى بناء تصور ورؤية لإنهاء الأزمة والحل السياسي في البلاد في إطاره الإقليمي (شبه الجزيرة العربية)، فيما يشبه إلى حد كبير "المبادرة الخليجية".

وأوضحت دراسة مركز أبعاد "تأتي أهمية هذا الاجتماع أيضاً إلى أن بالإمكان إصداره -لاحقاً- في قرار من مجلس الأمن الدولي الذي وصف الحوثيين في 28 فبراير/شباط2022م بـ"الجماعة الإرهابية". ويصدر به آلية تنفيذية كتلك التي رافقت المبادرة الخليجية، ويلزم المبعوث الأممي أو أي مبعوث آخر ينشط في الملف اليمني بنتائج هذا الاجتماع".

"تستفيد دول مجلس التعاون الخليجي من الوضع الدولي الراهن في مجلس الأمن الدولي. واستخدم ذلك في القرار 2624 الذي وصف الحوثيين للمرة الأولى بكونهم "جماعة إرهابية"، وتبعه ذلك بإضافة الحوثيين إلى قوائم العقوبات في الاتحاد الأوروبي" بحسب الدراسة.

 


 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد