الوحدة اليمنية.. ثمرة الثورتين وحلم الثوار في الشمال والجنوب

2024-05-23 01:37:30 أخبار اليوم / نجيب العدوفي

  

لأنه اليمن.. يرفض أن يبقى جسده مُمزقا.. يقول التاريخ إن هذه المساحة الجغرافية عرفت الوحدة منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وفي كل لحظة ضعف كانت تستعيد قوتها وتلتئم، وحدث ذلك 22 مرة، ليكون آخر التئام لجسد الوطن في الثاني والعشرين من مايو ألف وتسعمئة وتسعين.

تقاسم الحكم الإمامي والاستعمار البريطاني جغرافيا اليمن، لكن الشعب كان يتوق إلى استعادة لحمته، ففي عدن كان ملتقى ثوار الشمال، فيما كانت تعز تحتضن ثوار الجنوب.

في الـ 26 من سبتمبر عام 1962، أسدل الثوار الستار على زمن الظلم والجهل والجوع والمرض، ودخل شمال الوطن مرحلة جديدة، وبعدها بعام انتصر جنوب البلاد على الاستعمار، وتعانق الثوار شمالا وجنوبا.

في نوفمبر من العام 1970، كانت أولى خطوات الوحدة، حيث اتفق شطرا البلاد على إقامة اتحاد فيدرالي بينهما، وبعدها بعامين نشب نزاع مسلح في مناطق الحدود، واتُفق على وقف القتال وإقامة الوحدة، بالتزامن مع توقيع اتفاقية القاهرة بهذا الشأن.

تلا ذلك بيان طرابلس، في العام ثلاثة وسبعين، ووقع عليه رئيسا الشطرين حين ذاك. وفي العام 1977، تم التوقيع على اتفاق قعطبة المتضمن إنشاء مجلس أعلى مشترك، وفي 79 تمت اتفاقية الكويت طبقاً لاتفاقية القاهرة، وبيان طرابلس، وبعدها -أي في العام 1980- جرت قمة تاريخية كانت عدن حاضنة لها.

في عدن رُسمت الكثير من ملامح دولة الوحدة، ليرتفع فيها علم الجمهورية اليمنية، وجرى دمج نظامين سياسيين مختلفين، لكن لم يتم وضع معالجات لكل هذه المتغيرات والاختلافات، بل جرى ترحليها.

التعامل بمركزية السلطة جعل الوحدة الإندماجية تمر بمنعطفات شديدة الخطورة، لتتجه بعض القوى للمطالبة بفك الارتباط، حتى وصلت الأوضاع إلى مواجهة عسكرية عُرفت بحرب صيف أربعة وتسعين، وبقي اليمن موحداً لكن أزماته ومشاكله مُرحلة إلى المستقبل.

وفي العام 2011، ظهر اليمنيون بصورة وحدوية وتجمعوا في مختلف ساحات مدن البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، يبحثون عن تصحيح مسار الوحدة ومعالجة كافة القضايا المُرحّلة، واتجهت البلاد نحو حوار وطني شامل أفضى إلى أن يكون اليمن دولة اتحادية من ستة أقاليم.

هنا ظهر أعداء الماضي، وتسللت الإمامة مجدداً إلى صنعاء، وسيطرت ميليشيا الحوثي الإرهابية على مؤسسات الدولة في سبتمبر من العام 2014، وتدخل التحالف السعودي - الإماراتي بذريعة إعادة الشرعية اليمنية إلى صنعاء وإنهاء الانقلاب.

لم ينتظر ذلك التحالف طويلاً، بل إنه بدأ بتعزيز مشاريع التشطير، ووضعت الإمارات يدها على عدد من المنافذ البحرية والجوية، والمشاريع الإستراتيجية والجُزر، وأسست قوات خارج كيان الشرعية اليمنية.

لحظة الضعف هذه جاءت واليمنيون يعيشون حالة مختلفة، فالصراع على السلطة وفساد الساسة أفسح المجال أمام تلك المشاريع الضيِّقة، ومنذ 10 سنوات وتُجار الحرب يخوضون حربا بالوكالة، لكن من يقرأ التاريخ سيجد أن اليمن هو من ينتصر في النهاية.

المصدر: بلقيس نت

           

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
الدكتور محمد سالم الغامدي لـ (أخبار اليوم) الحاجة لتعديل تقومينا الهجري تأتي من ضرورة ضمان دقة توقيت الشرعية السماوية

قال الكاتب الصحفي السعودي الدكتور محمد سالم الغامدي، إن التعديل للتوافق مع حركة الأبراج والفصول لضمان أن يكون العالم الإسلامي متناسيا تماما مع الظواهر الفلكية المحددة. وأكد الغامدي في حوار خاص أجرته (أخبار اليوم) إن هذا مشاهدة المزيد