بنية تحتية منهارة ومظاهر تشمئز منها الأنفس

مدينة التقنية بعدن.. محاصرة بين سيول المجاري

2014-12-06 11:16:08 تقرير/أحمد الجلال

مدينة التقنية والواقعة في مديرية المنصورة بمحافظة عدن, هي كغيرها من المدن التي هضمت وأصبحت تعاني شتى المجالات من غياب للخدمات وغيرها, رغم عدد سكانها وكثرة مشاريعها إلا أنها ظلت في قائمة النسيان، بإحصائيات أهاليها فإنها تتكون من 66 عمارة سكنية وكل منها تحوي على 684 شقة، فتسميتها بالتقنية ليس لتقنيتها كما اعتقد البعض ولكن عكس ما وجد فهي منعدمة من التقنية فالخدمات مغيبة عنها وهي من ضروريات الساكنين رغم الحاجة لهذه الخدمات من قبل قاطنيها إلا أن المنطقة وبكثافة سكانها تعاني من تردي الخدمات وهذه أشياء واضحة كوضوح الشمس فبنيتها التحتية انهارت تماما, شوارعها تحولت إلى مجرى لكل المجاري، وسكان المنطقة أكثرهم من المشترين والمستأجرين لهذه العمائر، فهم يتساءلون عن تغاضي الجهات المعنية عن ما يحدث من إهمال وترد للخدمات، رغم تكرار الشكاوى لإنهاء هذه المشاكل العاقلة بالمنطقة إلا أن الصمت ازداد تدهورا.. أخبار اليوم رصدت هذه المعاناة وخرجت بالتقرير التالي:


سئموا الحياة

مواطنو المنطقة سئموا هذه الحياة لتفاقم المشاكل وتزايدها وعدم النظر إليهم من قبل المسؤولين لإزالة هذه المشاكل التي منها مجاري الصرف الصحي وخلو المنطقة أيضا من مقومات الحياة والتي أصبح ضحيتها أولئك المواطنين الذين يتحدثون بأنهم رفعوا عدة مناشدات ومناجاة لكل الجهات المعنية ولكن لا حياة لمن تنادي، فهم يوجهون أسئلة كثيرة تحير زائر المنطقة عن واقع مؤلم يتجرعه الأهالي كل يوم وكل ساعة فيما الجهات المسؤولة عن أمور المنطقة في سبات ولا يحركون ساكنا، فالمسؤولون عن أمور المديرية ومدينة التقنية تركوا المسؤولية وظلوا يبحثون عن توفير مصادر رزقهم والرفع من مستوى دخلهم الشخصي، وكأن في آذانهم وقر أو ربما هناك غشاوة على العيون لاستمرار هذه المعاناة التي لحقت بإنسان وأطفال أبرياء.

المجاري من كل حدب وصوب

كانت الزيارة مفاجئة دون تحديد أي موعد, فأثناء وصولي على أطراف المدينة التقنية باشرتني الروائح من كل حدب وصوب, لم أصدق نفسي بأنني في إحدى المدن التي امتلأت الشوارع الرئيسة والفرعية بإعلاناتها بأنها مدينة تقنية وتعتبر من أفضل المدن، بقيت في استغراب لهذا الموقف المزري, فكلما يقال عنها هو تلميع لها فقط, فشوارعها امتلأت بالمجاري وكل الروائح تجعلك وكأنك وسط إحدى المقابر الجماعة من رائحتها النتنة والكريهة..

 التقيت أحد الساكنين ويدعى الحاج/ علي بن حميد, فسألته عن اسم المنطقة فقال لي إنها التقنية زادني ذلك استغرابا بتمسك أهالي المنطقة باسمها, فسرد لي بعض المعاناة التي يعانوها فقال في حديثة" أشكر أولا صحيفتكم الغراء وكل القائمين عليها لتوجهها إلى هذه المنطقة وكشف كل ما هو ملموس ومنظور أمام أعينكم فالحديث عما هو موجود طويل جدا ولكن سأختصر في الحديث, مضيفا: قبل أن نتوجه للسكن في هذه المنطقة- وهي تعتبر مدينة سكنية- كنت حينها أظن أنها فعلا مدينة تقنية كما أطلق عليها وسماها الكثير بالتقنية، وهذا ما جعلني أغادر منطقتي الأصلية وأتوجه إلى التقنية, حيث كان أملي أن أعيش أنا وأسرتي حياة كريمة خالية من شوائب الحياة المعكرة, وهدفنا من السكن هنا تتوفر مقومات الحياة الأساسية ولكن بالعكس أصبحنا نفتقر لأبسط الخدمات، فالمجاري والبالوعات انتشرت في كل الأزقة حتى أن أكثرنا عاجز عن الذهاب للصلاة لكثرة هذه المجاري وتفجرها بالشوارع وأيضا انتشار القمامة والأكياس البلاستيكية مما زاد الطين بلة.

انهيار حقيقي

في مدينة التقنية يرجح المواطنون أن سبب انفجار المجاري وطفح مياه الصرف الصحي وبشكل يومي, يعود لانهيار حقيقي فيها وهذا ما جعل القاطنين يملون من هذه الحياة، فيما آخرون من السكان يرون بأن هذه المشاكل سببها سوء ترتيب البنية التحتية التي أصبحت في انهيار، هذا ما زاد الأمر تعقيدا فالمشكلة لا تقتصر على المشكلة السطحية ولكن الانهيار هو في البنية التحية، كما يعتقد الكثير أنها منهارة وتحتاج إلى إصلاحات حتى تخفف من هذه المعضلة التي وقفت أمام المواطنين..

 يحدثنا الأستاذ" ناصر العيدروس قائلا: المشكلة تنوعت وهي تكمن في العمق وفي التأسيس للمدينة لكن هناك إخلال وعدم مراقبة وإصلاح وهذا ما نلاحظه بشكل يومي في شبكة مجاري الصرف الصحي مما أدى إلى تفجر وتدفق المجاري في الشوارع الرئيسية والفرعية وسبب ذلك ضررا بالمواطنين وكذا طلاب المدارس حتى أن العجزة الذاهبين للمساجد لم يتمكنوا من أداء الصلاة في المسجد بسبب هذا التدفق الهائل للمجاري وروائحه النتنة.. مضيفاً: بكل صراحة البينة هنا منهارة، وهناك أمر مهم لعل وعسى يكون إصلاح خير هو معاناة الأهالي لمياه الشرب فهي تأتي مرة وتنقطع مرة أخرى وأكثر أيامنا نقوم بشراء مياه الشرب من البقالات رغم وجود أسر غير قادرة على دفع الإيجار ومن ثم شراء مياه الشرب وهذا ما يزيد المعاناة لدى المستأجرين فأتمنى أن توصل رسالتي للجهات المعنية ويكون هناك تلبية لكل ما ذكر والقيام بواجبها تجاه ما كلفت به.

إبر مهدئة

هناك عدة أعذار تقولها الجهات المسؤولة وهدفها تهدئة المواطن, فمن العيب أن يتغيب القائمون عن مهامهم وكأن الأمر لا يعنيهم، فالأهالي يتحدثون عن هذا الحال ويقولون إنهم رفعوا العديد من البلاغات منها ما تم إيصالها إلى المكاتب ووضعت في الأدراج وأخرى ما رفعت عبر الصحف وتم تجاهلها وكأننا في زمان انعدمت فيه الرحمة، فهم قد بلغت بهم الحالة من كثرة الاتصالات المتكررة وأيضا التواصل بالمعنيين للنظر لهؤلاء القاطنين وتغير حالتهم المعيشية التي أصبح يتجرعها عجزة ونساء وأطفال من سكان هذه المدينة ولكن كل ما رفع وما قرئ كان في مهب الأدراج وهذا ما اعتبره الأهالي بأنه حلول لتهدئة المواطن وهي في الحقيقة إبر مهدئة للغضب عليهم، فأحد أبناء المنطقة ويدعى نايف مهيوب السيف- محدثا عن هذا الواقع- يقول: بأنهم قد وجهوا بلاغات كثيرة ولكن نواجه بعدم التجاوب لنا وهذا ما جعلنا نتغاضى أمرنا لان بلاغاتنا تذهب إلى خارج النوافذ، مضيفا: هناك حالات نادرة ربما لم تحدث في بعض المحافظات، حيث تأتي إحدى السيارات وهي تتبع البلدية وهدفها تجميع المبالغ المالية من كل المواطنين ومن ثم تعمل على شفط عدة لترات من تلك المياه التي تفجرت في كل أرجاء الأزقة والشوارع، وبعدها يغادرون المكان ولكن المشكلة أن تلك المجاري التي تم شفطها وبتعاون المواطنين وتغيب الجهات المختصة بهذا الأمر هي لم تذهب معهم بل إنها تبقى كاتمة على أنفاسنا، وهذه ليست بالحلول كما اعتقدوها فهي في الأصح لكسب المال وهكذا تستمر معاناتنا اليومية.

مضاعفات سلبية

يرى الكثير بأن المخاوف قد زادت وهذا ما رصده عدد من الصحفيون وخبراء وكذا سكان المدينة بأن حياتهم مهددة بمخاطر عدة وخصوصا إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه دون أن تضع له أي حلول.. الأستاذ" عبد العالم الحميري يرى بان هناك مضاعفات سلبية خطيرة جدا قد تودي بحياة العديد من قاطني المنطقة، واصفا تلك بالكارثة الصحية الوشيكة، مشيرا إلى ان الوضع البيئي الحاصل في المدينة التقنية له ضربات مؤكدة، فالمجاري طوقت الشوارع وأغلقت الممرات الصغيرة وأضرت بالسكان بانتشار البعوض والأوبئة المختلفة، مضيفا بان المنطقة تعاني من انعدام مستوصف طبي لمعالجة المرضى، منوها بان هذه هي الفاجعة الكبرى وهي المصيبة الأخطر وخصوصا انعدام كافة الخدمات وأيضا افتقار المنطقة لمستوصف طبي لتمكين الأهالي من معالجة مرضاهم.

استغاثة

في كل بقاع العالم هناك معاناة ولكن سرعان ما تحل هذه المعاناة، لكن الأمر الذي يجعلك نستغرب أن هناك مناطق في عموم محافظات يمننا الحبيب قد وصل اليأس بأهاليها، فمواطنو منطقة التقنية يتكبدون شتى المعاناة يوميا وكل الجهات المعنية لزمت الصمت ولم تقم بواجبها تجاه هذه المشاكل وتعمل على حلها جذريا، فالأهالي هنا يوجهون مناشدتهم واستغاثتهم وعبر منابر الصحافة الإعلامية والأقلام الحرة موجهين نداءهم لكل من الجهات المعنية بمديرية المنصورة وكذا البلدية وكل مسؤولي البيئة والصحة في محافظة عدن بلفتة حسنة ونظرة معالجة لهذه المشكلة التي حولت الحياة إلى حياة تعيسة وأثقلت كاهل الأهالي، فيما يوجهون مناشدتهم إلى المستثمر" حسين الهمامي، رئيس شركة إنماء العقارية- وهي الشركة المنفذة للمشروع وشركاءه- بان ينقذوا قاطني المدينة من تلك الحالة الصعبة التي تحملها أناس ليس لهم طاقة ولا قوة لتحمل هذه الأعباء التي تشكل الخطر الصحي عليهم وعلى أبنائهم.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد