;
فهد علي البرشاء
فهد علي البرشاء

أبين.. قتلوها مرتين 1183

2013-06-13 20:40:52


لم تشف بعد أبين من جراحها.. ولم تتعاف بعد من أسقامها.. ولم تبرأ بعد من آلامها.. ليلها يسكنه الأنين والسهد والأرق.. ونهارها تفوح منه رائحة الوجع والكد والحزن.. وبين هذا وذلك يلوح الأمل في أن تستعيد أبين عافيتها في أفق الأسى ومن خلف غيمات الرجاء الهزيلة التي أنهكها الضنى والحنين المتزايد, حينما يعلو صوت الوجع وتنهمر دموع الألم حسرة على أبين المكلومة.
وقلنا ربما يصطلح حالها وتعود لذات القها ومجدها وماضيها التليد وتشفى تماماً من جراحها وأسقامها التي أنهكت قواها ومزقتها جسدها وأدمعت مقلها وأدمت قلوب أهلها , ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه ودوما تجري رياح السياسة والمصالح والأطماع بما لا تشتهي أنفس أهلها البسطاء الذي تعبوا من كثرة الخناجر المغروزة في ظهورهم وقلب محافظتهم التي باتت اليوم كبش فداء وقرباناً لنار سياسات أظنها ستظل متقدة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.
بالأمس شهدت المحافظة حرباً ضروساً أهلكت الحرب والنسل وأحرقت الأخضر واليابس وظننا أنها لن ترى العافية بعدها على الإطلاق وستظل أبين صريعة لتلك الحرب إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولكن حبل الرجاء بالله والأمل ظل ممتداً حتى أتى نصر الله , وعاد النازحون إلى ديار كانت بالأمس مشيدة وباتت اليوم أثراً بعد عين وأطلالا يبكونها ويندبونها وينوحون عليها كالأطفال والثكلى والأرامل, ومع هذا فمحافظتهم هي خير دار يأويهم وحضن يحتويهم وقلب يشعر بمعاناتهم..
عادوا بعد أن أجزلت الدولة بالوعود والعهود والمواثيق في نجدتهم ونصرتهم والوقوف بجانبهم في محنتهم إلى أن تستعيد أبين عافيتها وتعود المياه فيها وكل ما أتت عليه الحرب إلى طبيعتها وسابق عهدها, وتنسى أيام الحرب والويلات والمآسي والدموع والنزوح المضنية..
إلا أن المعنيون جعلوا من تلك المضرة والمصيبة التي لحقت بأبين منفعة وفائدة من منطلق مصائب قوما عند قوم فوائد وباتت أبين مصدر رزق للكثير من الساسة والمتسولين والنافذين الذين جنوا منها ثروات طائلة وأرباحاً مدرة أخرجت من جحور الفقر والحاجة والعوز إلى قصور الرفاهية والفخامة والبذخ , وكل هذا زاد من معاناتها وآلامها وأجج النيران المستعرة بداخلها فكانت تقتل مرات ومرات ومن أناس لم نتوقع أن يستنزفوا خيرها ويستغلوا ضعفها وحاجة أهلها وتلك الظروف الصعبة والقاسية التي مرت بها..
لم يكفهم قتلها بإدخالها في حرب أهلكت الحرث والنسل ودمرت كل شيء جميل بل قتلوها مرة أخرى حينما استغلوا ضعفها وحاجة أهلها وجعل من كل تلك المعونات والفتات الذي يصل إلى أهلها غنيمة يستفيدون منه ويتناصفونه معهم وليس لهم فيه أدنى حق, غير أن أنفسهم الأمارة بالسوء ودناءتهم هي من خولتهم وأعطتهم حق الاستيلاء والاستحواذ على حقوق النازحين والكادحين والمحتاجين الذين ذاقوا مرارة الحرب وويلات النزوح..
لم يكتفوا من جعلها وسيلة للكسب والاسترزاق وجني الثروات, بل حولوها لحجة دامغة وأكذوبة للوصول إلى غاياتهم ومأربهم الشخصية بالكذب والتزوير والتضليل والنفاق والولوج إلى كشوفات النازحين والمتضررين من أجل أن يحظوا بما حظي بهم بعض الذين فعلاً تضرروا ونزحوا وتوجعوا وتألموا وذاقوا المرار والحرمان, وهؤلاء النافذون والمتسلطون كانوا يسكنون القصور والفنادق والفلل ويلتحفون الحرير والديباج ويأكلون من أطايب الأكل والشراب ومع ذلك أوهموا الآخرين إن لم يكونوا أجبروهم على ضمهم للنازحين والمتضررين مقابل تبادل المنافع المتبادلة, على الرغم من أنه لم يطلهم ضرر.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد