لماذا تحرم الأندية لاعبيها من المشاركة في الأولمبياد؟

2024-06-10 00:16:06 أخبار اليوم - متابعات

  

مع توالي الأيام قبل بداية «يورو 2024» و«كوبا أميركا» هذا الصيف، تم بالفعل الإعلان عن بعض التشكيلات الأولية لبطولة كرة القدم الأولمبية للرجال التي ستقام الشهر المقبل في باريس، ولكن ليس من دون صعوبات كبيرة.

وقال تيري هنري، مدرب منتخب فرنسا الأولمبي لكرة القدم عند سؤاله عن عملية اختيار قائمة الـ25 لاعباً الأولية: «آخر مرة تلقيت فيها هذا العدد الكبير من الاستبعادات كان في الجامعة». وكان أبرز من تم استبعاده هو كيليان مبابي، أحدث نجوم ريال مدريد الإسباني، وأشهر رياضي فرنسي على وجه الأرض، والذي سبق له أن أعرب عن طموحه في تمثيل منتخب بلاده بالأولمبياد.

لكنه ليس الاسم الكبير الوحيد الذي سيغيب. فقد منع تشيلسي كلاً من إنزو فرنانديز وميخائيلو مودريك من تمثيل الأرجنتين وأوكرانيا، بينما من المرجح جداً أن تحذو أندية أخرى حذوهما قبل أن تقدم الدول المشاركة تشكيلاتها النهائية في 3 يوليو (تموز).

تطفو هذه التوترات الخاصة على السطح بدرجات متفاوتة في الفترة التي تسبق كل بطولة أولمبية لكرة القدم للرجال، ويجدر بنا أن نستكشف السبب وراء هذه التوترات.

الإجابة المختصرة هي لأنهم يستطيعون ذلك. نظراً لأن دورة الألعاب الأولمبية تقام خارج فترة رسمية لكرة القدم الدولية، فإن قواعد «الفيفا» تنص على أن الأندية غير ملزمة بتسريح اللاعبين للمشاركة في البطولة. وهذا ليس الحال بالنسبة لبطولة أوروبا أو «كوبا أميركا».

والإجابة الأطول أن الأندية تبحث عن مصالحها الخاصة، التي من الأفضل لها عدم تعريض بعض لاعبيها الأكثر قيمة لعبء العمل الإضافي للمنافسة غير الإلزامية. وتبرز المخاوف بشكل خاص فيما يتعلق بمبابي وفرنانديز ومودريك وغيرهم من اللاعبين الذين من المقرر أن يمثلوا بلادهم في «يورو 2024» أو «كوبا أميركا». فالمشاركة في الأولمبياد ستلزمهم باللعب طوال الصيف دون فترة راحة كبيرة.

وغالباً ما يُستشهد بصيف 2021 لنجم برشلونة بيدري كحكاية تحذيرية. في نهاية موسمه الرائع في كامب نو، مثّل إسبانيا في بطولة كأس الأمم الأوروبية المؤجلة في «يورو 2020»، والبطولة الأولمبية لكرة القدم للرجال، حيث خاض 68 مباراة مع النادي ومنتخب بلاده في أول موسم له لاعباً بالدرجة الأولى.

ومن ثم عانى اللاعب من إصابات في أوتار الركبة بموسم 2021 - 22. وعلى الرغم من عدم وجود سبب وتأثير يمكن إثباته بشكل مباشر، فإن مشاكل بيدري البدنية تم تفسيرها على نطاق واسع في كرة القدم على أنها نتيجة جزئية للعب كثير من المباريات مع فرصة ضئيلة للغاية للتعافي.

لا يساعد توقيت البطولة الأولمبية لكرة القدم في ضمان مشاركة اللاعبين بشكل كامل. فعادةً ما تبدأ البطولة من أواخر يوليو (تموز) إلى أوائل أغسطس (آب)، وبالتالي فهي تتعارض بشكل مباشر مع جداول مواعيد الأندية قبل الموسم الرياضي، حيث من المتوقع أن يقوم اللاعبون بالجزء الأكبر من التدريبات البدنية. كما أن أي فترة راحة بعد البطولة تُبعد اللاعبين عن بداية حملاتهم مع أنديتهم.

وعلى الرغم من ذلك، فإن معظم الأندية تتبع نهجاً قائماً في كل حالة على حدة عند اتخاذ قرار السماح للاعبيها بالمشاركة في الأولمبياد من عدمه، بدلاً من اتباع سياسة شاملة لرفض استدعاء اللاعبين.

ويعتمد ذلك على اللاعب، وعلى وجه الخصوص، مدى شغف اللاعب باحتمالية المنافسة على ميدالية أولمبية.

في الغالبية العظمى من الحالات، يمكن للاعبين والأندية أن يتفقوا على الصفحة نفسها قبل قبول أو رفض الاستدعاء، ومن النادر أن تتحول مثل هذه المواقف إلى خلافات علنية. ولكن قد تتطلب بعض هذه الحالات معالجة حساسة، لا سيما عندما يكون اللاعب المعني موهبة نجم كبير ذي قيمة كبيرة.

كان ليونيل ميسي ممنوعاً من اللعب مع الأرجنتين في أولمبياد 2008، إلى أن تدخل بيب غوارديولا، الذي تمت ترقيته إلى مدرب الفريق الأول في برشلونة، للسماح له بالذهاب والفوز بالميدالية الذهبية في بكين. ثم أبرم البارسا اتفاقاً مع الاتحاد البرازيلي لكرة القدم في عام 2016 لإبعاد نيمار عن بطولة «كوبا أميركا» المئوية في ذلك الصيف، حتى يتمكن من قيادة مسيرة البرازيل الناجحة في تحقيق المجد الأولمبي بدورة الألعاب الأولمبية 2016 في ريو دي جانيرو.

وقد تحدث مبابي في مناسبات كثيرة عن جاذبية قيادة منتخب فرنسا للفوز بالميدالية الذهبية الأولمبية في باريس هذا الصيف، لكن تصريحاته لقناة «فرنس 2» الفرنسية في يناير (كانون الثاني) الماضي، تشير إلى أنه لن يجعل من ذلك نقطة خلاف رئيسية مع ناديه الجديد ريال مدريد. وقال: «الجميع يعلم أنني أريد المنافسة في الألعاب الأولمبية، ولكن إذا كان النادي لا يريد ذلك فسوف أتفهم ذلك لأنني ناضج بما فيه الكفاية لأتفهم كلا الرأيين».

ليس الجميع على هذا الرأي. حارس مرمى أستون فيلا إيميليانو مارتينيز، الذي يمثل الأرجنتين في «كوبا أميركا»، أصر هذا الأسبوع على أنه مستعد «للقتال» مع ناديه من أجل أن يكون ضمن تشكيلة خافيير ماسكيرانو في البطولة الأولمبية لكرة القدم.

تتطلب الإجابة عن ذلك درساً موجزاً في التاريخ. لقد أُدرجت كرة القدم في كل دورة ألعاب أولمبية صيفية كمسابقة للرجال باستثناء دورتي 1896 و1932، ولكن لم يُسمح للاعبين المحترفين بالمشاركة حتى دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في لوس أنجليس عام 1984.

وبحلول ذلك الوقت، كان الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) قد رسّخ مكانة كأس العالم كأعظم عرض لكرة القدم على وجه الأرض، ولم تكن لديه الرغبة في السماح للبطولة الأولمبية لكرة القدم بأن تصبح منافساً جدياً. في البداية، سُمح في البداية لبلدان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والكونميبول فقط باختيار لاعبي كرة القدم المحترفين الذين لم تسبق لهم المشاركة في كأس العالم.

وفي تسعينات القرن الماضي، حدث تحول نحو قواعد الاختيار التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا: يجب أن تتكون فرق بطولة الرجال من لاعبين تحت سن 23 عاماً، مع ما يصل إلى 3 لاعبين فوق السن القانونية. ونتيجة لذلك، لا تزال بطولة الرجال تعيش في مساحة غريبة في عالم كرة القدم، فهي لا تخلو تماماً من الهيبة أو النجومية الفردية، ولكنها في الأساس مسابقة شبابية مبجلة.

لا توجد مثل هذه القيود العمرية على البطولة الأولمبية لكرة القدم للسيدات، التي تعدّ على نطاق واسع في المرتبة الثانية بعد كأس العالم للسيدات من حيث الأهمية.

لم يكن هناك نقص في أسماء النجوم منذ فرض القيود العمرية في عام 1992. يتصدر ميسي ونيمار قائمة اللاعبين المعروفين عالمياً الذين فازوا بالميدالية الذهبية الأولمبية، التي تضم أيضاً أنخيل دي ماريا وكارلوس تيفيز وصامويل إيتو وجاي جاي جاي أوكوتشا وغوارديولا.

ومن بين اللاعبين البارزين الآخرين من الرجال الذين اكتفوا بالميدالية الفضية أو البرونزية في الألعاب السابقة تياغو سيلفا ورونالدينيو وأندريا بيرلو وتشافي وكارليس بويول وإيفان زامورانو وخافيير زانيتي ورونالدو نازاريو وريفالدو وروبرتو كارلوس.

وبوصفها مسابقة دولية كاملة في كرة القدم للسيدات، فقد وفرت البطولة الأولمبية لكرة القدم للسيدات مسرحاً عالمياً لمعظم الأسماء الكبيرة في هذه الرياضة منذ تقديمها في عام 1996. تضم قائمة من فازوا بميدالية ذهبية كريستين سينكلير وألكسندرا بوب وكارلي لويد وآبي وامباخ وكريستين ليلي وهيجي ريزه وميا هام.

إن المقارنة الأقرب من الناحية الأولمبية مع كرة القدم هي كرة السلة، حيث لا توجد نفس سياسات المشاركة، ولا توجد قيود عمرية على الاختيار.

فمنذ ظهور «فريق الأحلام» الأميركي الذي شهد مشاركة لاعبي الدوري الأميركي لكرة السلة للمحترفين في الأولمبياد عام 1992، تضم بطولة كرة السلة للرجال نسبة كبيرة من لاعبي أقوى دوري في العالم. وهي تحظى عموماً بتقدير أعلى من بطولة كأس العالم لكرة السلة.

لم تعلن معظم الدول المشاركة بعد عن تشكيلاتها الأولية، ولكن هذه البطولة الأولمبية لكرة القدم للرجال هي الأقل مشاركة بالنجوم في تاريخ كرة القدم للرجال بالذاكرة الحديثة.

وفي ظل غياب مبابي، فإن أبرز الأسماء في تشكيلة فرنسا هما ثنائي باريس سان جيرمان وارين زائير إيمري وبرادلي باركولا، ولكن كلاهما أيضاً ضمن قائمة ديدييه ديشامب المكونة من 26 لاعباً لـ«يورو 2024». قد يتأثر مدى جاهزية نجم كريستال بالاس مايكل أوليس للمشاركة في الأولمبياد بما إذا كان سيخضع لانتقال مربح هذا الصيف، أم لا.

منح مانشستر سيتي الضوء الأخضر لجوليان ألفاريز للعب في باريس على الرغم من التوقعات التي تشير إلى أنه سيشارك بقوة مع الأرجنتين في «كوبا أميركا»، ولكن ستكون مفاجأة إذا قام ميسي بالالتزام المزدوج نفسه وهو في سن 37 عاماً.

أي محاولة من جانب مصر لاختيار محمد صلاح ستتطلب موافقة ليفربول ومدربهم الجديد آرني سلوت. قد تنقص تشكيلة إسبانيا بشكل كبير إذا قرر برشلونة تجنب تكرار حالة بيدري في 2021 مع لامين يامال وباو كوبارسي وجافي ونعم، وبيدري مرة أخرى.

يمكن إضافة عدد من النجوم مع وجود كثير من الاختيارات التي لم يتم الإعلان عنها بعد في قائمة اللاعبين فوق 23 عاماً، لكن هذه البطولة الأولمبية لكرة القدم للرجال تتشكل لتكون منافسة تحتاج إلى اكتشاف المواهب الناشئة

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
الدكتور محمد سالم الغامدي لـ (أخبار اليوم) الحاجة لتعديل تقومينا الهجري تأتي من ضرورة ضمان دقة توقيت الشرعية السماوية

قال الكاتب الصحفي السعودي الدكتور محمد سالم الغامدي، إن التعديل للتوافق مع حركة الأبراج والفصول لضمان أن يكون العالم الإسلامي متناسيا تماما مع الظواهر الفلكية المحددة. وأكد الغامدي في حوار خاص أجرته (أخبار اليوم) إن هذا مشاهدة المزيد