استمرار الحرب على غزة يعمّق التفكك في الشرق الأوسط ويدفع علاقات الكيان مع واشنطن إلى الانهيار.  

رجّح مقال تحليلي نشرته صحيفة “الأوبزيرفر” البريطانية، وصول العلاقة بين الولايات المتحدة وكيان الاحتلال إلى نقطة الانهيار، نتيجة الخلافات غير القابلة للإصلاح بين الرئيس جو بايدن وبنيامين نتنياهو، محذرا من اندفاع الأخير بدفع من الجماعات اليمينية المتطرفة في الكيان، والانقياد وراء مصالحه الشخصية، إلى مزيد توسيع نطاق الحرب في المنطقة، ما يرفع حالة التفكك في الشرق الأوسط.

ودعا المقال الذي نشره الكاتب الصحفي سيمون تيسدال المتخصص في الشؤون الخارجية، الاحتلال إلى “مواجهة الواقع الذي يخشاه والمتمثل في قيام الدولة الفلسطينية”.

تفكك في الشرق الأوسط بسبب الكيان

انطلق تيسدال في مقاربته التحليلية من تصوير مظاهر التفكك المتفاقمة على مستوى العالم، على غرار خرق ميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن الدولي، خاصة حول غزة، وتجاهل جرائم الحرب في أوكرانيا وميانمار والسودان، مبينا أن مظاهر هذا التفكك تبرز بشكل أكثر عمقا على مستوى الشرق الأوسط في ظل الحرب الراهنة التي يشنها الاحتلال على غزة.

واعتبر الكاتب البريطاني، أنه رغم ما يقترفه الاحتلال من انتهاكات ضد المدنيين الفلسطينيين، إلا أنه يواصل الإفلات من العقاب، كما يتعمد بشكل علني خرق قرارات محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية ومنع المجاعة في غزة، بالاستمرار في منع دخول المساعدات الغذائية.

انهيار العلاقات مع الولايات المتحدة

ملامح التفكك في الشرق الأوسط التي نقلها المقال التحليلي، تبلغ ذروتها في وصول العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي وصفها سيمون تيسدال بـ”حجر الزاوية الإقليمي”، إلى نقطة الانهيار، في ظل تعاظم الخلافات والتباينات بين جو بايدن وبنيامين نتياهو، الذي يصر على مواصلة الهروب إلى الأمام، في العدوان على القطاع، ومحاولة الاندفاع إلى اجتياح رفح، ما يجعل العلاقة بين الرجلين “غير قابلة للإصلاح”، حسب معلقين سياسيين.

 وحسب ما ذهب إليه مقال “الأوبزيرفر”، فإن نتنياهو الذي بات عبئا على الإدارة الأمريكية، قد يتجه إلى التمرد بدفع من حلفائه من “جماعات اليمين المتطرف المناهض للديمقراطية”، وقطعان المستوطنين، بتصعيد الحرب في المنطقة وتوسيع نطاقها، ما يؤكد الاتهامات الموجهة إليه بـ”الرغبة في استغلال الحرب لمصالحه الشخصية”.

ويتقاطع تحليل الصحيفة البريطانية بشأن التوتر بين نتنياهو وبايدن والذي بات على شفا القطيعة، مع تقارير وتسريبات سابقة عن موقف الإدارة الأمريكية من رئيس وزراء الكيان، قائلة إن واشنطن فقدت ثقتها في نتياهو”، وتعتقد أنه “مكبل إداريا ولا يريد القيام بما هو مطلوب”.

وفي خضم هذه القراءة يخلص المقال، إلى ضرورة القطع مع حالة التفكك “الراهنة والعميقة”، وذلك عبر القبول بإنشاء دولة فلسطينية مستقبلة إلى جوار الكيان المحتل، الأمر الذي قد يساعد على ترميم صورة الكيان دوليا، وتحسينها أمام الرأي العام العالمي، كما قد يمثل أحد الحلول للخروج من حالة “التخبط والتمزق والانقسام الداخلي”، الذي يواجهه منذ عملية طوفان الأقصى.

الحل.. قيام دولة فلسطينية

ويضيف الكاتب الصحفي البريطاني، أن “إسرائيل المعزولة خارجيا والممزقة داخليا عليها أن تواجه المستقبل الذي تخشاه، وهو قيام الدولة الفلسطينية”.

ويرى تيسدال أن “كيان الاحتلال يعني الانقسام والصدمة وسوء القيادة السياسية فضلا عن عزلته الدولية بعد أن تحول إلى دولة منبوذة، مضيفا أن “إسرائيل تقوم بتمزيق نفسها، وتمزيق مؤهلاتها التاريخية والأيديولوجية والديمقراطية”، في ظل المشهد الراهن الإقليمي والداخلي الناتج عن الحرب على غزة.

وحسب “الأوبزيرفر”، فإن “إعادة تأسيس عملية تفاوضية ذات مصداقية”، في الشرق الأوسط بين الكيان والفلسطنيين، أضحت ضرورة ملحة وحيوية، “مع ربط المفاوضات بهدف صريح متفق عليه دوليا، والمتمثل في وجود دولتين تتعايشان جنبا إلى جنب”.

ويشدد الكاتب الصحفي البريطاني على أن هذا الخيار، يشكل “الطريقة الأفضل والوحيدة لإنقاذ إسرائيل من نفسها”.

ويستطرد قائلا: “وقد يكون أيضا أفضل أمل لإنقاذ مجتمع الأمم من مزيد من الانحدار إلى الفوضى، واستعادة بناء الثقة العالمية”.