المعاقون في اليمن.. الفئة الأكثر تضررًا من الحرب

2022-12-08 03:40:13 أخبار اليوم – عاصم الخضمي

 

على قارعة الطريق وتحت أشعة الشمس الساقطة على رصيف سوق الأسماك بمدينة الحديدة (غرب اليمن)، يجلس الشاب "حسام عبده (29 عاما)" على كرسي متحرك لساعات طويلة كل يوم، في بيع وشراء الأسماك؛ من أجل توفير الحد الأدنى من احتياجات الحياة اليومية والضرورية.

"حسام" مصاب بإعاقة جسدية نتيجة لضمور في العضلات، أدت إلى عدم مقدرته على المشي، وبمجرد لمسه يسقط على الأرض، رغم إعاقته يكافح للعيش مثل الآخرين، في حديثه ” للمشاهد نت”، يقول أنا عايش حياتي طبيعي، لا توجد عندي حالة نفسية ولا أشعر بالنقص؛ ولا أفكر بأني أقل من غيري، كونت صداقات مع كثيرين .

يعيش حياة قاسية بسبب الحرب الدائرة في اليمن منذ عام 2015، نتج عنها توقف أغلب الخدمات التي كانت تقدم للأشخاص من ذوي الإعاقة، وتوقفه عن إكمال تعليمه الجامعي، ويشير إلى أنه قبل الحرب كان يتلقى مساعدات بشكل مستمر ودورات تدريبية؛ أما الآن لا توجد خدمات ولا يحصل على مساعدات 

حرمان الوظيفة.

تنقل بين عدة مهن وحرف شاقة، ووافق محافظ الحديدة على توظيفه بميناء الاصطياد السمكي، وخضع لاختبارات في أداء العمل؛ لكن وكيل هيئة المصائد رفض القرار لأسباب غير منطقية رغم وجود لديه خبرات في التعامل مع الحاسوب، ولا يوجد بهيئة المصائد موظف واحد من الأشخاص ذوي الإعاقة، رغم أن القانون ضمن 5٪ من الوظائف لهم. حسب تعبيره.

ينشط "حسام" بمجال الدفاع عن حقوق المعاقين، لافتا إلى أن الكراسي المتحركة تأتي كل ٣ أو ٢ سنوات ويتم توزيعها بشكل سيئ على المعاقين، وأن الغرب يصفهم بذوي الاحتياجات الخاصة؛ لأنهم يحتاجون إلى توفير أشياء مخصوصة لمساعدتهم في الحياة وخدمة أنفسهم وبلدهم لذلك الغرب ناجح بينما نحن لا ننجح. حسب تعبيره.

مكان مزدحم

يتجمع كل يوم عشرات الأطفال من سن 7 سنوات إلى سن 11 عاما من ذوي الإعاقات المزدوجة بمركز الخير الواقع بمدينة تعز (جنوب غرب اليمن) للاستفادة من الخدمات التي يقدمها المركز لهم في مجال الروضة، ومرحلة التأهيل ما قبل تعلم القراءة والكتابة، ومرحلة تعلم القراءة والكتابة، وفقا لمسؤولة العلاقات العامة في المركز صفاء محمد، مشيرة إلى وجود نقص كبير في كل احتياجات المركز المتمثلة بعدم وجود رواتب للمتطوعات.

المعاق غير مقبول في المجتمع”، “الأطفال يتعرضون للتنمر في المدارس العامة ونضطر نعلمهم في المركز بدلًا من المدارس، تضيف "صفاء" “للمشاهد نت”، وان هناك خطط لفتح فصول دراسية ابتدائية للمعاقين في المركز ومراكز المعاقين الأخرى في تعز، وحاليًا بدأ الاهتمام بالمراكز من خلال إعداد خطط لإلحاق المعاقين بالتعليم وبعد ذلك تدريبهم على حرف وإدخالهم سوق العمل أو تمكنيهم اقتصاديا، حسب حديثها.

لا رعاية صحية

يمثل انعدام الرعاية الصحية والطبية خصوصًا في ظل الحرب أكثر معضلة تواجه الأشخاص من ذوي الإعاقة، وتشير منظمة العفو الدولية في تقريرها حول ذوي الإعاقة في اليمن إلى تأثر قطاع الرعاية الصحية العامة والضمان الاجتماعي بشكل كبير بفعل الحرب، وفي ظل الانهيار الاقتصادي، مما أدى إلى تقاعس متواصل عن ضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

ويعتمد كثير من الأشخاص ذوي الإعاقة على المساعدات والمعونات من الآخرين أو يعيلون أنفسهم في ظروف صعبة وقاسية، وعدم مقدرة بعضهم على شراء المتطلبات الأساسية، مثل الأدوية أو حفَّاضات البالغين، أو يضطُر بعضهم للتسول.

اليمن من الدول الأطراف في “اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، ولديه قوانين تهدف إلى حماية الأشخاص ذوي الإعاقة، ورغم ذلك إلا أنهم يعانون – حتى منذ ما قبل الحرب – من عدم توفر أبسط الإمكانيات ولا يحصلون على أبسط حقوقهم المشروعة.

تأثير الحرب

أثرت الحرب أكثر من غيرها على الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل كبير جدا وقصفت بعض مراكزهم مثل مركز النور للمكفوفين في صنعاء، أغلقت بعض المراكز، وتم استهداف أيضا بعض المراكز بالقذائف وإحراقها في تعز وغيرها وفقا لدارس البعداني رئيس المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة في حديثه ” للمشاهد نت .

مشيرًا إلى أن مؤسسات المجتمع المدني الخاصة بالمعاقين، تأثرت خدماتها بشكل كبير، كالخدمات الصحية يحصل نقص في الخدمات بشكل كبير جدا يعني هذا على مستوى المؤسسات، بالإضافة إلى تقلص الخدمات التي كان يقدمها صندوق رعاية وتأهيل المعاقين قبل الحرب.

على مستوى التأهيل والتدريب العلاج الطبيعي أيضا كثير من الأشخاص تأثروا وكثير من الأسر لا تستطيع نقل أبنائها إلى مراكز العلاجات الطبيعية، وبعض مراكز العلاج الطبيعي والنطقي والتأهيل الحركي وغيرها تم إغلاقها للأسف الشديد، لأنها كانت تعتمد على موارد الصندوق، وموارد الصندوق تأثرت بشكل كبير بفعل الحرب وهذا أثر على الخدمات وفق تعبير البعداني.

الضريبة الأكبر

دفع الأشخاص من ذوي الإعاقة الضريبة الأكبر في الحرب، خصوصًا من اضطروا للنزوح إلى أماكن ومحافظات أخرى نتيجة للحرب، ويشير البعداني إلى وجود كثير من الأشخاص ذوي الإعاقة اضطروا للنزوح وزادت معاناتهم أكثر، حيث إن الانتقال في ظروف قاسية جدا للعيش أيضا يكون غير ملائم أبدا للأشخاص من ذوي الإعاقة.

ضحايا جدد

لم تكن معاناة الأشخاص من ذوي الإعاقة وحدها كافية في ظل الحرب، بل دخلت أعداد كبيرة إلى قائمة الأشخاص من ذوي الإعاقة، سواء كان ذلك بسبب الألغام أو المتفجرات أو القصف، وحسب تقرير لمؤسسة الصحافة الإنسانية فإن هناك 10486 معاقا بسبب الحرب، تم رصدهم في محافظات الحديدة وتعز والضالع وأبين ومأرب ولحج والجوف وعدن.

تقرير دولي

وفقًا لمنظمة العفو الدولية فإن هناك 4.5 مليون ونصف معاق، أي ما يعادل 15% من سكان اليمن حسب التقديرات العالمية لمنظمة الصحة العالمية.

وتشير المنظمة إلى وجود ما يزيد عن 300 منظمة تقدم خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة قبل الحرب، ومن بعد الحرب تقلصت إلى 26 منظمة وذات قدرات وبرامج محدودة بسبب نقص التمويل وإمكانيات مزاولة العمل، بالإضافة إلى أن صندوق المعاقين توقف عن صرف المقررات المالية للأشخاص ذوي الإعاقة في مناطق الحكومة المعترف بها من 2015 إلى 2017، واستأنف صرفها من 2017 لكن بطريقة غير منتظمة بسبب نقص التمويل.

أغلب سكان اليمن من صغار السن، لكن الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم فوق 65 عاما فأكثر يمثلون 37% من الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاد، ويواجه كبار السن من ذوي الإعاقة صعوبات مضاعفة في نيل حقوقهم، وتؤدي المشاعر السلبية والتصورات النمطية بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن إلى تعرضهم للتمييز المتعدد الجوانب في التمتع بحقهم في المساواة مع غيرهم من أعضاء المجتمع. حسب المنظمة.

الأشخاص ذوي الإعاقة من المهمشين من بين من يتعرضون لأشكال متعددة ومضاعفة من التمييز بسبب تضافر عوامل عدم المساواة، وبسبب الأعراف الثقافية تواجه النساء والفتيات ذوات الإعاقات صعوبات مضاعفة ومركبة في أوضاع النزوح وفقا للمنظمة.

جهود

رغم كل الجهود المبذولة من الجهات المعنية كصندوق رعاية وتأهيل المعاقين والجمعيات وغيرها في التخفيف من معاناتهم، إلا أن استمرار الحرب وعدم الدخول بعملية سلام شاملة، سيبقى الأشخاص ذوي الإعاقة الشريحة الأكثر تضررًا .

هذه المادة من إنتاج شبكة صحفيي البيانات في اليمن

* نقلاً عن موقع "المشاهد نت"

   

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد