الصدقة الخليجية في خطاب البركاني... شعور بالمسؤولية أم شطحة سياسية.

2022-10-28 00:21:17 أخبار اليوم – تقرير خاص

  

بعد إصدار مجلس التعاون الخليجي بياناً يدعي إلى إيجاد حل سياسي للأزمة في اليمن، خرج رئيس مجلس النواب، الشيخ سلطان البركاني، في منشور له على " فيسبوك"، مهاجماً خطاب البيان ودعواه، وليصفه بما هو أشبه بالصدقة

 

سلطان البركاني الذي انغمس لسنوات طويلة في التبعية المفرطة للسعودية ودول الخليج، وصف وبشكل مفاجئ وغير معتاد بيان دول مجلس التعاون، وما اعتبرها بالبيانات الخليجية المشابهة، بأنها تتصدّق على اليمن بحل سياسي .

 

واعتبر أن هذه الصدقة الخليجية تأتي من دول مجلس التعاون الخليجي، وهي تعلم بأن مليشيا الحوثي أبعد ما يكون عن الحل، مضيفا: "اليمن هي بوابة عبور لإيران للوصول إليها –في إشارة منه إلى دول الخليج ".

 

ودعا البركاني دول مجلس التعاون إلى عدم تحويل اليمن إلى قضية إنسانية، يُستجدى لها الحل أمام عدو ليس للسلم مكان في حساباته، حد تعبيره

 

سلطان البركاني، له تاريخ طويل من التبعية للسعودية أولاً ثم دول مجلس التعاون عموماً، ولطالما تنصل وتهرب من لوم هذه الدول التي حولن اليمن إلى ساحة لتصفية الحسابات، وبلد تمارس ضد أهله أبشع الممارسات، ما جعل من اليمن أشبه بدولة محتلة

 

فما الذي حدث حتى تغير خطاب البركاني فجأة، ما دلالات هذا التصعيد من شخصية اعتاد اليمنيون أن يروه تابعاً للرياض ودول الخليج، ما الذي حدث الآن وما دلالات هذه الجرأة التي بدا عليها البركاني، فهل شعر الرجل بالخطر وتحلى بالمسؤولية الوطنية تجاه بلده ومجتمعه، أم أن ثمَّة أسبابا خفية أخرى

 

مخاوف سياسية

 

في السياق، لا يمكن اعتبار مضمون رسالة رئيس مجلس النواب، سلطان البركاني، بالمحتوى الجديد، لا سيما وأن العالم والشعب اليمني يدرك جيدًا أن ما جاء في تصريح البركاني هو الواقع، وهو ما يدور منذ بدء الحرب في البلاد، لكن المهم، هو معرفة ما الذي قام به البركاني كرئيس لأهم سلطة تشريعية منتخبة في اليمن

 

منذ تولي البركاني رئاسة مجلس النواب لم يعقد جلسة، ولم يسافر إلى أي دولة لاطلاع العالم بما يجري في اليمن، فقط اكتفى بنشر تدوينات العزاء والمواساة لمن توفى، والتهنئات السياسية في المناسبات الوطنية، فيما لم يناقش ولم يطلب من العالم أن يحارب مليشيا الحوثي، وهو لا يتحرك

 

عرف البركاني خلال مسيرته السياسية كأحد أبرز مهندسي قلع العدادات في اليمن، واليوم جاء الدور عليه لقلع عداده، وأن السعودية والإمارات تسعى لتهميش الشرعية، والكثير من المسؤولين اليمنيين، لتتحكم بالجُزر والموانئ، بما في ذلك البركاني نفسه الذي وجد نفسه بعد كل هذا الوقت عاطلًا عن العمل

 

من وقت لآخر، يذهب الكثير من المسؤولين اليمنيين لنشر مثل هذه التصريحات الرنانة، لا سيما عندما يشعرون بأنهم في خطر التهميش والإقصاء، وأنه تم استخدامهم واستغلالهم دون فائدة، بعد أن تم إعطاؤهم وعودًا لم يتم الوفاء بها، فيجدون أنفسهم معطلين وفاقدي القيمة السياسية والسيادية بعد أن توقعوا فوائد ومكاسب كبيرة

 

في الحقيقة، لو كان البركاني رجل دولة حقيقي، فلديه الكثير ليستطيع أن يقوم به، كونه رئيس مجلس النواب، وأحد الفروع الثلاثة للسلطة في اليمن، وهو كسلطة تشريعية يستطيع محاسبة المقصّرين من السلطة التنفيذية، وحتى إقالة المجلس الرئاسي

 

لكن الواقع، أن المسؤولين اليمنيين ينطلقون من رؤيتهم ومصالحهم الشخصية، فليس لهم رؤية إستراتيجية، ولا تفكير حول مصالح اليمن، وإلا لما فرّطوا باليمن منذ الوهلة الأولى، 8 سنوات وهم يكررون الأخطاء ذاتها، بل إنهم مجرد ميكرفونات لما تريده السعودية والإمارات

 

قبل أسبوعين من اليوم، يتم تعيين فريق للتفاوض مع مليشيا الحوثي، وبعدها يصنفونها بأنها جماعة إرهابية، ما يعني بأن هناك تخبطاً حقيقياً لما تسمى بالشرعية، وهو ما تترجمه سياسة مجلس القيادة الرئاسي

 

جاهزية عسكرية

 

في السياق، يقول رئيس شعبة الصحافة العسكرية في التوجيه المعنوي، المقدم رشاد المخلافي: "نحن في القوات المسلحة اليمنية على استعداد تام لخوض المعركة الأخير مع مليشيا الحوثي، بل نحن في معركة منذ 8 سنوات، والجيش الوطني قادر على حسم المعركة بالتأكيد، ولكنه بحاجة إلى دعم قرار سياسي واضح ".

 

وأضاف المخلافي في حديثه لوسائل إعلامية: "نحن في الجيش الوطني ندرك جَلِيًّا بأنه لا خيار للسلام في اليمن على الإطلاق إلا بكسر مليشيا الحوثي ".

 

وتابع : " نحن نخوض المعركة ضد المشروع الإيراني، ونقود المعركة على المستوى الوطني للبلد، ونخوض المعركة القومية، ولكن -للأسف الشديد- هناك نقص بالعتاد والأسلحة والرواتب، وهذا ناتج عن تقصير من الحكومة الشرعية، وعلى مستوى الحليف الخارجي أيضاً ".

 

وأوضح أن "هناك أولويات وحسابات خاطئة أساءت للمعركة، وأعاقت عملية الحسم بشكل كبير، وظهور أجندات وأولويات وحسابات ومصالح صغيرة لا تخدم حتى الإقليم، بينما نحن أمام مشروع إيراني كبير يستهدف الوطن العربي ككل، والمقدّسات الإسلامية ".

 

رؤية موحدة

 

من جهة أخرى، يقول الناشط والكاتب الصحفي، صلاح عساج "إن ما قام به رئيس مجلس النواب في تصريحه، هو انعكاس لتوجهات موحدة لدى مجلس الدفاع الوطني، الذي اجتمع مؤخرًا وأصدر قرار بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية ".

 

وأضاف عساج في حديثه لـ"أخبار اليوم" قائلًا: "هذا يعني أنه قطع الشك باليقين، بأن هذه الجماعة لا يمكن التفاوض معها، أو التوصل معها إلى حل بعد 8 سنوات من المفاوضات غير المجدية ".

 

وأردف : " كان من المفترض أن يجتمع مجلس الدفاع الوطني، في العام 2014م وليس في هذا الوقت المتأخر، وكان عليه أن يقوم على إمكانياته الذاتية، لكنه اليوم أمام تحدّيات كبرى وليست تصريحات عادية، فهو أمام تحدٍّ عسكري وأمني واقتصادي وسياسي ".

 

وأشار إلى أنه على المجلس الرئاسي خلال هذه الفترة أن: "يفرِّغ نفسه للتحرك على المستوى الإقليمي والخارجي لشرح وجهة نظره وما وصل إليه، لا سيما وقد أعلن تنصله عن اتفاق ستوكهولم، ومن الاتفاقات الأخرى ". 

 

وتابع : " كما أنه في الوقت ذاته، يجب على الدبلوماسية اليمنية أن تتحرّك بشكل منظّم، وعملية منظمة، وعلى الحكومة الاستعداد الكامل لتعبئة مواردها والانخراط في عملية عسكرية ".

فهل يتوجه مجلس الدفاع اليمني اليوم، لبناء قاعدة وطنية ينطلق منها إلى معركة وجودية وحقيقة، يتم فيها تحديد الغايات والأهداف الوطنية، أم أنها تواتر طبيعي لحالة التسويف المستمرة في الجانب الحكومي منذ بداية الحرب في اليمن؟.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد