خديعة السلام... غطاء أممي وتوظيف حوثي.

2022-09-13 03:29:07 أخبار اليوم – تقرير خاص

  

الحرب خدعة، هكذا تقول الفرضية العسكرية للحرب، فما من حرب ربح أحد أطرافها إلا وروضتها للخديعة، لكن هل يمكن لعملية السلام والمبادرات الأممية في اليمن أن تتحول إلى وسيلة خداع تستغلها جماعة الحوثيين ضد الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، وبغطاء من الأمم المتحدة بشكل مباشر.

لطالما استغلت المليشيات الحوثية المبادرات الأممية، ولطالما نجحت في توظيف السلام والمهادنات لكسب الوقت وتنمية قدراتها العسكرية، وعلى الرغم من تأكيد الأمم المتحدة لكون مليشيا الحوثي شريك في الهدنة، إلا أنها تستمر في ممارسات أشكال الخروقات، ولا يتمسك بالهدنة فعلا سوى الجانب الحكومي.

خدعة السلام.

تنظر الأمم المتحدة إلى الهدنة المعلنة في اليمن منذ مطلع أبريل، وتمديداتها المتكررة كتقدم استراتيجي هام نحو حل شامل لا يبدو أنه له ملامح واضحة، غير اللعب على عامل الوقت للذهاب نحو الشمال اليمني بسيطرة الانقلابيين الحوثيين والذي يمثل نفوذ إيران، والجنوب المتقاسم بين الفصائل المسلحة، وحكومة مشردة من صنعاء وعدن.

تبدو الإدارة الأمريكية والمبعوث الأممي، مهتمة كالعادة بترسيخ أساسيات الهدنة، وهي الأساسات الشكلية التي تفرض دائما على الجانب الحكومي، مثل فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، بما يلبي مصالح الانقلابيين الحوثيين، وتشدد على التزام قوات كل الأطراف بإمكانها ووقف العمليات العسكرية في الجبهات.

غير أن الأمم المتحدة لا تنظر مطلقًا للخروقات الحوثية وخطورتها، كاستمرار التحشيد والتجييش العدائي للانقلابيين الحوثيين إلى تعز، وفتح معسكرات تدريب، ما يوحي بنوايا مبيته للانقضاض على مدينة تعز عوضا عن فتح الطرقات المغلقة ورفع الحصار عن المدينة، بالإضافة لمحاولة إخضاعها لسيطرتهم بدل إنهاء التعنت وتخفيف المعاناة.

تعيد استراتيجية الأممي المتحدة والمجتمع الدولي في إدارة السلام باليمن إلى الذاكرة اليمنية، تجاربهم السابقة والسيئة، في عهد المبعوث الأممي السابق لدى اليمن، عندما تجاهلوا التصعيد الحوثي نحو مأرب على الرغم من ضخامة الحملات العسكرية التي سيرتها الجماعة للسيطرة على المحافظة.

تبين لاحقًا أن أطراف عدة كانوا بانتظار سقوط مدينة مأرب، ورأى اليمنيون أن بعضهم صدقوا بسهولة الكذبة الإيرانية، التي روج لها آنذاك بأن الحرب ستنتهي بمجرد سيطرة الحوثيين على مدينة مأرب، وأن ذلك سيتم خلال أسابيع.

آنذاك، أرسلت طهران أحد كبار مستشاري خامنئي إلى لبنان والعراق، لترويج ذلك، وليتضح أن حبل الكذب الإيراني قصير، وما من تحرك إيراني أو حوثي من هذا القبيل، ثم جاءت الوعود بالامتثال للسلام وإنهاء النزاع ووقف الحرب، غير أنه تبين أن كل مزاعمهم، لم تكن أكثر من كونها مجرد تكتيك لا أكثر، الهدف منه مزيد من الوقت والتلاعب بالأطراف الأخرى.

يقول الصحفي محمد المياس: "ثمة مؤشرات أن تجارب السلام الأممي أثناء معارك مأرب، تتكر حاليًا في تعز، مستغلين في سبيل تحقيق ذلك، الصراع الروسي الأمريكي والملف الأوكراني، وحالة الاهتمام الأمريكي فوق العادة بترسيخ الهدنة وتحويلها إلى سلام دائم زائف ولا أساس له فعليا".


وأضاف المياس في حديثه لـ"أخبار اليوم": "ملف تعز أكبر عقدة في النزاع، والأمم المتحدة تدرك ذلك جيدا، لكنها طيلة سبع سنوات لم تتحدث، ولو مرة واحدة، عن اتخاذ الإجراءات الحقيقة، مثل إرسال قوات حفظ سلام دولية لوقف الحرب وفتح وتأمين الطرقات".

الخلافات العميقة حول ملق فتح الطرقات تشكل عائقا حقيقا يسد آفاق التسوية المأمولة أمميًا، وتعرقل الانتقال لملفات أخرى، مثل المرتبات، والبنك المركزي وغيرها، ومع ذلك تستمر الأمم المتحدة في التنصل عن دورها في إلزام مليشيا الحوثي تنفيذ بنود الهدنة.

يقدم مجلس القيادة الرئاسي مزيدا من التنازلات، وعلى غرار فتح مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة والسماح بدخول ناقلات النفط إلى ميناء الحديدة، تستمر خروقات مليشيا الحوثي الساعية للسيطرة على مدينة تعز، التي تنتظر منذ أشهر التزام مليشيا الحوثي بتنفيذ بنود الهدنة التي تنص على فتح طرقاتها ورفع الحصار عنها.

يقول المياس: "تنازل المجلس الرئاسي من جديد، ويتم الحديث عن قبوله بشأن عقد مفاوضات مع مليشيا الحوثي قريبًا، وقبل ذلك كان موقفه رفض الانتقال لمناقشة أي ملفات أخرى ما لم يتم أولًا فتح الطرقات في تعز والمحافظات الأخرى".

وتابع: "بالنسبة للمجلس الرئاسي والحكومة الشرعية شق طريق فرعي عسكري في تعز من طرف واحد، هم مليشيا الحوثي، وتقديمه كحل، هو خديعة بمثابة استغلال هدنة أممية لتحقيق هدف عسكري".

وأردف: "هناك قلق حقيقي في أوساط اليمنيين المناهضين للانقلاب الحوثي، من أن يكون المبعوث الأمريكي وكافة رسل ومبعوثي المجتمع الدولي قد نجحوا تمامًا في تحويل مجلس قيادة رئاسي إلى مجموعة ناشطين مدنيين من مراكزهم السابقة كقادة سياسيين وعسكريين يمثلون الشرعية بكافة قواها وأطيافها"

تريد الأمم المتحدة، حسب أقوالها، حل مسألة فتح الطرقات، خصوصًا في تعز، أفعالها توحي بالعكس، ومبعوثوها عادة يمسون وقد تحولوا من دور وسيط أممي إلى دور تمرير مخطط حوثي إيراني، وجعله أمرًا واقعًا.

ذلك أن قيادة الشرعية صمتت في المرحلة السابقة تجاه أنشطة أممية استغلتها مليشيا الحوثي لمصلحة مفاقمة النزاع وتعميق الصراع، وأخطر من ذلك سجلت واقعة خطيرة في أكتوبر 2019، تم فيها استخدام تحركات منظمة برنامج الغذاء العالمي كجزء من نشاط عسكري حوثي، وغطاء لعملية هجوم حربية في الدريهمي جنوب الحديدة.

مشروع التقسيم.

كلما طال الوقت، واستمر الانقسام بين مكونات الحكومة الشرعية، وزادت على إثرها القيود على التحرك العسكري بما يتناسب مع حجم التصعيد الحوثي الذي يستمر في خروقاته لكل أشكال السلام في اليمن، وهو ما تتوفر معه فرص نشوء فكرة التقسيم إلى شمال للحوثيين وجنوب للجنوبيين المدعومين إماراتياً.

تدور اليمن والسعودية والخليج والمنطقة في دوامة كذبة أمريكية متضخمة، تلك الكذبة أعلنها وزير الدفاع الأمريكي السابق ماتيس، عام 2018، عندما قال إن انخراط الحوثيين في جهود السلام سيضمن لهم تمثيلًا في الحكم، وسيحصلون على منطقة حكم ذاتي ليسمعوا صوتهم للعالم، وأنهم عندئذ سيتركون إيران، ويقطعون صلتهم بها.

وعلى حافة الدوامة هذه، يواصل المبعوث الأمريكي وكامل الإدارة الأمريكية، تسويق كذبتهم الكبرى بشأن إمكانية فصل الحوثيين عن إيران، واستمالتهم إلى جانب السعودية.

بعد زيارة المستشار العسكري للمبعوث الأممي إلى مدينة تعز، وفشله في إقناع السلطة المحلية بقبول المقترح مليشيا الحوثي “الفخ”، المستشار العسكري للمبعوث الأممي زار مدينة الحديدة التي يسيطر عليها مليشيا الحوثي ، وهناك التقى إدارة حوثية لمركز نزع الألغام، ووعدهم بتبني مطالبهم والرفع بها ليتم تزويد المركز بالمتطلبات والتمويل.

يدرك الجميع أن الحوثيين لا ينزعون الألغام، بل يعملون على زراعتها في كل مكان تدب فيه روح الحياة، وأنهم الطرف الوحيد الذي يزرع الألغام في اليمن، إضافة لكون مليشيا الحوثي المسؤولة عن زراعة أكبر عدد من الألغام بما يتجاوز مليوني لغم في أراضي اليمن ومياهه الإقليمية

  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد