الهدنة الأممية... استثمار حوثي خيبة حكومية.

2022-09-03 16:56:27 أخبار اليوم – تقرير خاص


 


تتولى تنازلات الحكومة الشرعية ممثلةً بمجلس القيادة الرئاسي للحفاظ على سريان الهدنة الأممية مع مليشيات الحوثي، والتي تقضي دورتها الثالثة، في ظل استمرار الخروقات الحوثية التي تسعى لسد آخر منافذ الحياة لمدينة تعز المحاصرة منذ ثمانية أعوام.

الهدنة الأممية، التي حظيت بموجبها مليشيات الحوثي بامتيازات كثيرة، مثل فرضهم فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، وكذا اعتماد إصدارهم جوازات السفر، وكذلك اعتمادات متكررة قدمت للمليشيات فرصة ذهبية، حيث بدأت برحلة أسبوعية إلى العاصمة الأردنية عمان، إلا أن فرصة أخرى قدمت لها إمكانية تسيير رحلات إلى مصر ثم جيبوتي.

تنازلات حكومية.

بعد أن حظيت مليشيات الحوثي باعتماد تسيير رحلات جوية من مطار صنعاء الدولي الذي فتح بموجب الهدنة الأممية، إلى العاصمة الأردنية عمان، والعاصمة المصرية القاهرة، بدأت المليشيات تسعى من جديد لفرض اعتمادات أخرى، متمثلة بتسيير رحلات جديدة إلى دولة جيبوتي.

امتيازات كثيرة وفرتها الهدنة الأممية التي يرعاها مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن هانس غروندبيرغ لمليشيات الحوثي، فيما قدمت الحكومة الشرعية تنازلات باهظة، للحفاظ على سريان الهدنة التي لم تنجح حتى اللحظة بفتح منافذ مدينة تعز المحاصرة منذ ثمانية أعوام.

نصت الهدنة الأممية على فتح منافذ مدينة تعز المحاصرة من قبل مليشيا الحوثي، وذلك كضرورة قصوى للبدء بمباحثات السلام في اليمن، لاسيما بالنظر لما تعانيه المدينة المنكوبة إنسانيا، غير أنها بنود رميت في علم الغيب، تنصلت من تنفيذها مليشيات الحوثي، على الرغم من التنازلات الكثيرة التي قدمها الجانب الحكومي.

ما الذي جنته الحكومة الشرعية من الهدنة الأممية، خلال الستة أشهر الماضية، سوى خيبة أمل كبيرة، ذلك هو السؤال الذي ما غاب حتى يعود ليطرق جدار الذاكرة اليمنية التي تشهد عن كثب تنازلات حكومتها، وترى بأم العين خروقات مليشيات الحوثي تستهدف السلام، فيما تذهب الأمم المتحدة لذر الرماد على العيون دونما اتخاذ أية إجراءات لوقف الصلف الحوثي.

يقول الناشط الإعلامي علي بن علي سرحان: "منذ بدء الهدنة الأممية، لم تترك مليشيات الحوثي سببًا واحدًا للحكومة الشرعية لتتمسك بالهدنة، على الرغم من حجم التنازلات التي قدمت من الجانب الحكومي، والمنافع الكبيرة التي حظيت بها المليشيات".

وأضاف سرحان في حديثه لـ"أخبار اليوم" قائلًا: "في الشق العسكري، تتواصل خروقات مليشيات الحوثي ليلًا ونهارًا في جبهات القتال التي كان يفترض أن يتم وقف إطلاق النار فيها، لاسيما مدينة تعز حيث تسعى المليشيات لقطع آخر شريان يمدها بالحياة".

وتابع: "الأمم المتحدة شهدت انتهاكات مليشيات الحوثي في مدينة تعز، إلا أنها لم تتخذ أية إجراءات رادعة بحق المليشيات، وإضافةً لذلك، نلاحظ أن التمسك بالهدنة الأممية من جانب الحكومة الشرعية وحدها".

وأردف: "الهدنة الأممية لم تقدم للحكومة أية منافع تذكر، وبالإضافة لكونها لم تنجح في تنفيذ بنودها المتعلقة بحصار تعز وفتح منافذها الرئيسية، عملت أيضاً على تعطيل الخيار العسكري الذي تأخر كثيرًا".

من المستفيد.

بعد أن وجدت المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة نفسيهما في مواجهة مباشرة مع خطر إرهابي يتهدد أمنهما القومي، جاءت الهدنة الأممية التي دفعت الحكومة الشرعية لتقديم تنازلات لم تحظى في المقابل بأية منافع سوى مزيد من الخيبة.

الهدنة الأممية لم تأتي للبحث عن فرص للسلام في اليمن، غير أنها جاءت لفرض سلام شكلي بين مليشيات الحوثي ودول التحالف العربي ممثلة بالرياض وأبو ظبي، فهما الوحيدتان الاتي تجنبتا بفعل الهدنة الحرب المباشرة مع مليشيا الحوثي، فيما الحكومة لم يكن من نصيبها شيء يذكر.

من جهة أخرى، عندما جاءت الهدنة الأممية، أوقف التحالف العربي جميع عملياته العسكرية في اليمن، بما في ذلك سلاح الجو، وهو ما وفر للمليشيات الحوثي فرصة مناسبة لإعادة ترتيب صفوفهم وتغذية معسكراتهم بعد أن تهالكت من جراء معاركهم في جبهات مأرب.

هذا التعطيل العسكري الذي شرعنته الهدنة الأممية، وفر فضاء واسع أمام مليشيا الحوثي لتنمية جبهاتهم، وهو ما جعل المليشيات تفتح أبواب معسكراتها، وتدفع بالآلاف من اليمنيين للالتحاق بها، لتخرج مستعرضةً قواتها على الملاء دونما خوف من أية خطر يتهدد وجودها.

يقول الصحفي أمجد البعداني: "الهدنة الأممية هي في الواقع هدنة بين دول التحالف العربي ومليشيا الحوثي فيما لا وجود لأية هدنة مع الحكومة الشرعية، غير سلام شكلي يلتزم بتنفيذه الجانب الحكومي ولا تكترث له مليشيا الحوثي بالمرة".

وأضاف البعداني في حديثه لـ"أخبار اليوم" قائلًا "إذا ما تساءلنا عن المستفيد الرئيسي من الهدنة الأممية، سنجد أن المستثمر الوحيد هي مليشيات الحوثي التي حظيت بتنازلات كثيرة قدمتها الحكومة، وأيضا دول التحالف العربي وقد تخلصن من أعباء الحرب في اليمن، وجنبت أراضيها حرب مباشرة مع مليشيا الحوثي".

وتابع: "لا يجد اليمنيين مبررًا واحدًا لتمسك الحكومة الشرعية بالهدنة الأممية، سوى أنها فرضت من قبل دول التحالف العربي وبشكل خاص، فرضت من الرياض وأبو ظبي، فهما الوحيدتان الآتي تحقق لهم السلام مع مليشيا الحوثي".

وأردف: "يجدر بالحكومة الشرعية أن تدرك خطر استمرار الهدنة الأممية مع مليشيات الحوثي، لاسيما وأن المليشيات تظهر من وقت لآخر لتستعرض قوتها التي نجحت في تشكيلها خلال فترة الهدنة، وهو الوقت الذي تستثمره المليشيات للعودة بمعسكرات أقوى وحرب أعنف".

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد