الغارديان: الأمراض والأوبئة قد تفتك بربع سكّان غزّة خلال عام

وصفت ما يجري في غزة بالقتل الجماعي للسكّان.. خبيرة أمريكيّة تحذّر

2024-01-02 20:01:50 أخبار اليوم - متابعات

  

حذّرت صحيفة “الغارديان” البريطانية من خطر محدق يحيط بسكان قطاع غزة، بسبب انتشار الأمراض جراء العدوان الإسرائيلي وانعدام مقوّمات الحياة.

وقالت الخبيرة الأمريكية، أستاذة الصحة العالمية في جامعة أدنبرة ديفي سريذار، في مقال لها في الصحيفة: “ربع سكان القطاع البالغ تعداده نحو مليوني نسمة، قد يموتون خلال عام بسبب انتشار الأمراض”، مضيفة: “ليست فقط رصاصات وقنابل، فأنا لم أر من قبل المنظمات الصحيّة قلقة بهذا الشكل حول المرض في غزة”، وفق ترجمة للمقال نشرها موقع عربي 21.

وأشارت الخبيرة الأمريكيّة إلى أنّ الحرب الإسرائيلية على غزة حطّمت العديد من الأرقام القياسية، فهذا هو الصراع الأكثر قتلا للصحفيين منذ ثلاثين سنة. كما تسبّبت الحرب في أكبر عدد من الوفيات في صفوف العاملين في الأمم المتحدة في تاريخ المنظمة، مبيّنة أنّ الحرب في طريقها لأن تصبح الأسوأ على الإطلاق من حيث العدد الكلي للهجمات التي تشنّ على مرافق الرعاية الصحيّة وعلى العاملين فيها، وبلغ عدد المدارس المدمّرة فيها ما نسبته 51٪ من المرافق التعليمية.

وندّدت كاتبة المقال بخرق الحرب للمعاهدات الدولية، مثل معاهدة جنيف من خلال استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف، وتعرّض منظمات الإسعاف الطبي مثل “أطباء بلا حدود” و”أنقذوا الأطفال” للهجوم، وموت عدد من موظفيها.

وأضافت الخبيرة: “كما أنّ الحرب الإسرائيلية على غزة مهلكة للأطفال، ويكاد هذا الصراع يكون الأسوأ بالنسبة إلى الأطفال في الأزمنة المعاصرة: طوال الشهر الماضي، ما يقرب من 160 طفلا كانوا يُقتلون في كل يوم حسب ما تقوله منظمة الصحة العالمية”، مشيرة إلى إحصائيّات منظمة اليونيسيف، التي تؤكّد أن ما يزيد عن 5300 طفل قُتلوا حتى الآن، معتبرة أنّ هؤلاء لم يختاروا أن يولدوا هناك، وهم أبرياء، وعلى الرغم من ذلك يتحمّلون القسط الأوفر من تكلفة هذه الهجمات.

وحذّرت سريذار ممّا رأيناه من موت وإصابات، بأعداد تكاد تكون غير مسبوقة، من المحتمل أن تكون البداية فقط، مشيرة إلى أنّه وبالنظر في صراعات مشابهة حول العالم، يعرف خبراء الصحة العامة أنّنا قد نرى أعدادا من الأطفال يلقون حتفهم بسبب الأمراض التي يمكن مكافحتها أكبر بكثير من عدد من يموتون بالرصاص والقنابل.

ونفت أن تكون المناطق الآمنة التي تتحدّث عنها حكومة الاحتلال من أجل أن تلجأ إليها العائلات آمنة فعلا، مشدّدة على أنّ هذه المناطق أبعد ما تكون عمّا يمكن اعتبارها مناطق آمنة للصحة العامة، إذ لا يوجد فيها مياه نظيفة، ولا مرافق صحية تعمل ولا مراحيض، ولا طعام كاف ولا ما يكفي من العاملين المدربين في القطاع الصحي ولا من الأدوية والمعدات، مبّينة أنّ هذه هي الاحتياجات الأساسية التي تلزم أيّ إنسان، وخاصة الرضّع والأطفال، لكي يبقى على قيد الحياة وفي حالة صحية جيدة.

تقول الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إنّ معدّلات الإصابة بالإسهال بين أطفال تجمّعات الإيواء التي تشبه المخيّمات، وصلت في أوائل نوفمبر إلى مائة ضعف ما كانت عليه معدّلاتها في الأوقات الاعتيادية. في ظل عدم توفّر العلاجات، من الممكن أن يصاب الأطفال سريعا بالجفاف.

ومن المعروف أنّ الأمراض التي من أعراضها الإسهال، هي ثاني أكبر سبب لوفيات الأطفال دون سن الخامسة حول العالم، وهذه يسبّبها في العادة تلوّث مصادر المياه وعدم توفّر السوائل التي تعطى عبر الفم لعلاج الجفاف.

كما زادت معدّلات الإصابة بجدري المياه والأمراض الجلدية المؤلمة، وهناك مخاوف من أن تفضي الفيضانات التي وقعت في الآونة الأخيرة إلى اختلاط المجاري غير المعالجة بالمياه العذبة المستخدمة للشرب والطهي، الأمر الذي قد يؤدّي إلى تفشّي الكوليرا.

لقد أدّى المرض دورا في المعارك على مدى القرون. ففي أثناء الحرب الأهلية في الولايات المتحدة، كان سبب ثلثي الوفيات بين الجنود هو الإصابة بأمراض مثل الالتهاب الرئوي، والتيفوئيد، والزحار (الدزنطاريا) والملاريا. وفي عام 1994، تمكّن مرض الكوليرا ومرض الزحار، وكلاهما يرتبطان بانعدام نظافة المياه وبمناطق النزاع، من قتل ما يزيد عن 12 ألفا من اللاجئين الروانديين خلال ثلاثة أسابيع فقط في جوان من عام 1994.

حسب تقديرات وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإنّ ما يقرب من 85٪ من سكان غزة باتوا نازحين.

في تقرير نشرته مجلة ذي لانسيت، يقدّر الخبراء الذين حلّلوا أوضاع اللاجئين الذين نزحوا من قبل، أنّ معدّلات الوفيات الأولية (أي عدد الوفيات لكل ألف شخص) كانت ستين مرة أعلى مما كانت عليه قبل أن يبدأ الصراع، في المتوسط.

وإذا ما سحبنا ذلك على الوضع الحالي في غزة، حيث كان معدّل الوفيات الأولي قبل الصراع 3.82 في 2021 (وهو منخفض نسبيا بالنظر إلى غلبة الشباب بين السكان)، يمكن أن تصل معدّلات الوفاة في 2024 إلى 229.2 فيما لو استمر الصراع والنزوح في مستوييهما الحالي، وظلّ أهل غزة يعانون من ظروف غير صحية، ومن انعدام المرافق الطبية والمساكن الدائمة

وخلصت الخبيرة الأمريكيّة إلى احتمال وفاة ما يقرب من ربع سكان غزة البالغ تعدادهم مليونين -أي ما يقرب من نصف مليون نسمة- خلال عام واحد، وما لم يطرأ تغيّر ما، مشيرة إلى أنّ معظم تلك الوفيات ستكون بسبب عوامل صحية كان يمكن منعها، وبسبب انهيار النظام الطبي.

وختمت ديفي سريذار بالقول: “لم أزل أعمل في قطاع الصحة العامة العالمي منذ عشرين عاما، ولم يسبق أن سمعت منظمات الصحة والإغاثة تعبّر عن قلقها بهذا الشكل الصريح حول مستوى المعاناة والموت في غزة. إنّه صراع غير مسبوق، بل لعلّه حطّم جميع السجلّات المأساوية. وبينما يستمر الجدل بين الخبراء حول ما إذا كان ما يحصل هناك إبادة جماعية أم لا، فإنّ الحقيقة التي لا مراء فيها هي أنّنا نشهد قتلا جماعيا للسكان، سواء بالقنبلة أو الرصاصة أو بالتجويع أو المرض”.

                

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد