;
د. أنيس مجمل
د. أنيس مجمل

لا يكن خصيمك بين يدي الله.. الشيخ عبد المجيد 252

2024-04-17 22:49:39

- لم يسلم أحد من العلماء المصلحين من ظلم الآخرين، وفي الحديث (أشدُّ الناس بلاءً الأنبياء، ثمَّ الأمثلُ فالأمثَلُ.. يُبتلى الرَّجلُ على حسْبِ دينِه).. والشيخ "عبد المجيد الزنداني" كغيره من فضلاء العلماء تعرض للإيذاء والافتراء من الداخل والخارج.

- الشيخ عبد المجيد.. وما أدراكم ما الشيخ عبد المجيد.. لو افتخرت كل بلدة بعلمائها.. لكان فخر اليمن في تاريخها الطارف والتليد.. هو الشيخ عبدالمجيد... ولو اعتزت كل قبيلة بعباقرتها.. لكان عز كل اليمنيين هو العبقري الفريد الشيخ عبدالمجيد.

- كانت موعد ميلاد شيخنا المجيد.. العلامة عبدالمجيد في عام 1942م، وفي مراحل مبكرة اهتم بالعلم والمعرفة، وحينما شب.. درس الصيدلة، ولكنه انشغل عنها بتعلم علوم الشريعة على يد علماء أفاضل في اليمن ومصر وبلاد الحرمين، وتفرغ سنوات طوال للقراءة والبحث، فخرج للدنيا كلها عالما علما في الشريعة والسياسة والإعجاز العلمي.

- لم يكن الشيخ عبدالمجيد شخصا عاديا... بل كان عالما يحمل هم الأمة... وسياسيا يخدم الوطن.. ومفكرا غزير الإنتاج.. ومجاهدا كثير العمل... يبهر الجميع بسعة علمه.. وفصاحة لسانه.. وجميل أسلوبه.. وحسن خلقه... كان الشيخ عبدالمجيد عفيف اللسان.. كثير التواضع.. سهل المعاملة... كريم الجناب.. حسن المعشر.. لطيف الطبع... مع هيبة منظر.. وشجاعة قول.. وإقدام فعل.. وشهامة نفس.. ونبل أصل..

- سمعت عن الشيخ كثيرا من طلابه ومحبيه.. وحينما تعرفت على الشيخ عن قرب من خلال زيارات متكررة ولقاءات متجددة.. وجدته فوق الوصف الذي قيل عنه.. لمست فيه: التواضع والعلم وإكرام الضيف وانبساط الروح وحسن الأخلاق.. ووجدت الشيخ حاد الذكاء، سريع البديهة، عميق الفطنة.. يفهم مخاطبه في لحن القول، ويستنبط المعاني البديعة من نصوص الوحي، ويرى بعين البصيرة ما لا يراه غيره... ومن علم حجة على من لا يعلم.

- ضرب الشيخ في كل مجالات الخير بسهم وافر.. ففي الجهاد كان للشيخ بصماته في جهاد الأفغان ضد السوفييت، وله جهود مشكورة في نصرة فلسطين، وله يد مباركة في مد يد العون للمسلمين في كل مكان.. وفي مجال العلم أسس الشيخ جامعة الإيمان العريقة التي حوت العلماء وطلبة العلم من الدنيا كلها. وفي مجال الدعوة كان للشيخ اليد الطولى في إرسال قوافل الدعاة، ودخول غير المسلمين في الإسلام...وفي مجال المبادئ كان للشيخ الجهد الكبير في معركة الدستور لتبقى الشريعة الإسلامية مصدر كل الشريعة.. وله الجهود في مواجهة تيارات التغريب والفكر الحداثي المخالف للإسلام.

- شيد الشيخ صرح العلم الكبير: جامعة الإيمان، وعلى مر السنوات تخرج من هذه الجامعة الفريدة عشرات الآلاف من طلبة العلم من الرجال والنساء من العالم أجمع.. كان للشيخ الفضل البشري الأول على هؤلاء.. وفي بحر حسناته تصب حسناتهم وحسنات من يستقيم ويستفيد على أيديهم.. بل كفل الشيخ ما لا يحصيه إلا الله سبحانه من طلبة العلم وعوائلهم بما يكفيهم من معاشهم ليتفرغوا لطلب العلم وحتى يطوروا أنفسهم في شتئ مجالات المعرفة.

- أسس الشيخ الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وانشغل بتأصيل الإعجاز العلمي في النصوص الشرعية، وتفسير العديد من الظواهر الكونية من خلاله.. فأبدع علميا وأبهرنا جميعا.. وكان لذلك الأثر الكبير في إسلام كثير من علماء الغرب ومفكريهم... كما تراس الشيخ هيئة علماء اليمن، ومن خلالها أشرف الشيخ على إصدار العديد من البيانات التي تنتصر للمظلوم، وتحذر من الشرور، وتدعو الأمة إلى التمسك بالثوابت والمبادئ والقيم.

- تعرض الشيخ للابتلاء كغيره من المصلحين الصالحين.. فقد سجن، وخرج من بلاده طريدا.. وشوه الأفاكون سمعته، وصنفته الولايات المتحدة في لائحة المطلوبين لأجهزتها الأمنية عام 2004.. وكفى بذلك وساما وشرفا... ورغم هذه المحن وغيرها فقد ظل الشيخ ثابتا ثبات الجبال الراسيات. وظل عاملا للدين بلا تردد ولا خوف ولا تنازل.. لم تصده المحن عن مواصلة الطريق، ولم يفت البلاء في عضده.. ولم توقفه التهديدات والحروب النفسية عن الإنتاج العلمي، والإبداع الفكري، والبناء العملي...

- لم يكن الشيخ عبدالمجيد ملكا يمشي على الأرض لا يخطئ، ولا نبيا معصوما لا يزل.. بل كان الشيخ بشرا يقدم إنتاجا، ويعمل جادا، ويسعى بقوة فيصيب ويخطئ.. له حسنات كثيرة تشكر، وله أخطاء يسيرة لا تذكر... له اجتهادات تشد لها الرحال.. وهفوات لا تؤثر ولا يتابع عليها بحال.. وله في كل ذلك اجر الاجتهاد، وما كان من خطأ يتجاوزه عنه رب العباد... له مواقف ترفع لها الجباه إجلالا واحتراما.. وله هنات تغمر في بحر الحسنات *(وكَفى المَرءَ نُبلاً أَن تُعَدَّ مَعايِبُهْ)*.. ومن كان عالي الهمة في العلم والعمل والجهاد يُغتفر له ما لا يُغتفر لغيره، وأما من أمات الجهاد، وظلم العباد، وللخزائن أباد، فإن ربك لبالمرصاد.

- لحوم العلماء مسمومة، والوقيعة في أعراضهم ذنب لا يغفر، واتهامهم بما ليس فيهم عصيان لا يُكفر.. وليس من شرط العالم أنه لا يُخطئ، إذ لم يسلم من الخطأ أحد من العلماء على مر التاريخ البشري، *وإنما العبرة بكثرة المحاسن،* قال الإمام الذهبي: *(والكمال عزيز، وإنما يمدح العالم بكثرة ما له من الفضائل، فلا تدفن الحسنات لورطة، ولعله رجع عنها، وقد يغفر الله له باستفراغه الوسع في طلب الحق ولا قوة إلا بالله).*

- عرفت الدنيا الشيخ عبدالمجيد عالما ومفكرا ومبدعا.. وشهد له بالفضل أكابر علماء الأرض من المسلمين وغير المسلمين.. وظهرت آثاره الحسان في الواقع للعيان من خلال عشرات الآلاف من طلاب العلم في العالم الذين تعلموا في جامعة الإيمان.. سيبقي كل ذلك الشيخ عبدالمجيد حاضرا في حياته.. وحيا بعد وفاته - أمد الله في عمره-- *(فَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ثاني)*.. ولا ينكر فضل الشيخ وعلو مكانته إلا جاحد أو حاسد أو جاهل، *والخسران كل الخسران أن يكون خصيمك يوم القيامة بين يدي الله سبحانه.. عالم جليل.. ومجاهد شجاع.. وداعية مصلح كالشيخ عبدالمجيد الزنداني.. والعاقل من حفظ لسانه، وأمسك قلمه، وصان قلبه عن أعراض الصالحين والمصلحين.*

- حفظ الله الشيخ عبد المجيد.. وانى لنا بمثله في علمه وجده واجتهاده وجهاده.. سلم الله الشيخ عبدالمجيد من كل مكروه فإن في بقائه بقاء العالم الفذ، والشجاع المقدام، والسياسي الخبير.. والمفكر المعجز، قال الحسن البصري: *"موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".*.. وقديما قيل:-

- *الْأَرْضُ تَحْيَا إِذَا مَا عَاشَ عَالِمُهَا* *مَتَى يَمُتْ عَالِمٌ مِنْهَا يَمُتْ طَرَفُ*

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد