;
عبدالله اسماعيل
عبدالله اسماعيل

المشهد اليمني تحديات الواقع، وضرورة إنجاز التحول. 776

2022-12-17 20:21:21

يبدوا المشهد اليمني بتعقيداته التي أفرزتها ثمان سنوات من العبث الداخلي، والتدخلات الخارجية، وما اعترى جهود استعادة الدولة، من ممارسات أفرزت صراعات نفوذ على المستوى الرسمي أو العسكري، وأسهمت في تفتيت التكوين العام لما يفترض أنه كيان واحد في مواجهة تهديد جماعة إرهابية استهدفت الجميع، يبدو ذلك المشهد باعثا على اليأس، محبطا في المناخ الشعبي العام.

هذا الإحباط مبرراته وجيهة، وكثير من أسبابه لم تتغير، فالفساد الذي تم تكريسه لسنوات، والترهل الحاصل في بنية الدولة والشرعية، والملفات التي ساهمت في حرف بوصلة المعركة، لازالت تؤثر على تقويمها، وتفرض معركة جديدة بالغة الصعوبة، لإعادة مسارها، وتصحيح اختلالاتها، والتخلص من كارثيتها، رغم أن الجميع شارك في صناعتها، في ظل قيادة انصرفت إلى سياسة التوازنات والارضاءات، وغابت عن المشهد نتيجة لغياب الرؤية، فغاب المشروع الوطني، لصالح مشاريع الأحقاد والمصالح واغتنام الفرص.

كما أن تداعيات ثمان سنوات من غياب مشروعنا الوطني، أوجد قوى وأفراد تحققت مصالحهم في غياب الدولة وترهلها، وما زالوا يقاومون أي تغيير يؤثر على مكتسباتهم وأبواب فسادهم، وارتبطت مصالحهم تلك ببقاء حالة الفوضى والعبث، حتى لو كان ثمنها مكاسب مباشرة للحوثي، وهو ما ينطبق على قوى وأحزاب وكيانات تقف اليوم أمام أي تغيرات في هيكل الدولة، وتعبر أن مكاسبها في الوظيفة العامة استحقاقا لا يمكن التنازل عنه.

رغم كل ذلك، فمساحات من الأمل توافرت بالتحول المتمثل في تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، والذي اعتبر ولا يزال معجزة في لحظة بالغة السوء، وفي مرحلة سدت فيها أبواب التفاؤل، أنتجت فيها جهود الأشقاء في الخليج، ودعم المملكة والإمارات، أنتجت رؤية متقدمة لفرصة حققت منذ ساعتها الأولى حلا حاسما لمعضلة التفكك والصراع البيني، ووحدت كيانات المواجهة مع الحوثي في صورة محترمة من التوافق وتأجيل الخلافات، ومهدت لإعادة رسم أهداف الإصلاح الاقتصادي والعسكري، وإعادة توحيد المعركة.

صحيح أن التفاؤل الذي بني على هذه الخطوة، اصطدم بتباطؤ الإجراءات، والتأخر في حسم الملفات، فتحول إلى شعور جزئي بخيبة الأمل، والتفاؤل الحذر، وقلق التساؤلات المتعلقة بالمستقبل، في ظل فراغ كان المستفيد الأول منه جماعة الحوثي الإرهابية ومشروعها الذي يستمر في الهدم والتجريف والاستقواء.

ذلك الشعور ليس محقا في جزء منه، ولا يجب أن يسيطر على المجموع، بل علينا أن نحوله إلى رأي عام شعبي، يطالب باستحقاقاته كواجب لا منة فيه، ويضغط في اتجاه تحمل القيادة والحكومة مسؤولياتهم للاستفادة من فرصة لن تتكرر.

shape3

من ناحية أخرى، لا يجب أن نتجاوز حقائق الواقع التي جاء عليها مجلس القيادة الرئاسي، والتعقيدات التي رافقت سنوات التيه، والانفصال القاتل الذي حدث بين القيادة وشعبها ومشروعها الوطني، وهي تعقيدات تعطي بعض المبررات لبطء وتيرة الإنجاز والإصلاح والتصحيح.

ومما يساعد على التخفيف من خيبة الأمل، النظرة الموضوعية للمشهد بعد تشكيل المجلس، فبعد غياب كلي لليمن عن المحافل الدولية، استطاعت قيادة المجلس الرئاسي، أن تنشط على المستويين العربي والعالمي، وهي تحركات مهمة ومطلوبة لجهة تصحيح الرؤية للحالة اليمنية، ونقل سرديتها الحقيقية للصراع مع جماعة إرهابية، ويظل الغائب في هذه الجهود تصحيح اختلالات السلك الدبلوماسي الذي من المفترض أن يكون رديفا لتلك الجهود.

ثم إن الاستقرار النسبي داخل جسم الشرعية بعد التشكيل، حقق نجاحات نسبية لا يمكن تجاوزها، فاللجنة العسكرية والأمنية بدأت نشاطها في الحد الأدنى، وزادت وتيرة تطبيع الحياة في المناطق المحررة وفي العاصمة عدن تحديدا، كما حسمت الدولة رؤيتها في خطوة تصنيف الحوثي جماعة إرهابية، وتعامل المجلس والحكومة بسياسة معقولة مع الهدنة الأممية، ما أثمر عن مواقف دولية متقدمة في إدانة الإرهاب الحوثي، ما يستدعي جهودا مكثفة لإقناع العالم بحق الدولة اليمنية في دعم معركتها لاجتثاث الإرهاب.

ملف المنح الدراسية قدم سببا آخر لبعض من التفاؤل، فتعامل القيادة مع هذا الملف، والحسم في قرار معالجته، أعطى مؤشرا إيجابيا على إرادة التغيير والمعالجة، وان كان المنتظر أن يطال القرار محاسبة علنية للفاسدين، وتغييرا على مستوى رأس الوزارة وإداراتها المعنية.

ولعل النجاح الأكبر إذا جاز التعبير تمثل في إعادة تنظيم وتشغيل الجهاز القضائي والنيابة العامة وأجهزتهما، الذي تسبب غيابه في تعطيل الحياة العامة, وتكدس القضايا، وغياب التقاضي، وهو ما أثر على كل الملفات، وبعودته تم حل واحدة من أكبر المعضلات الاقتصادية والمجتمعية.

ونحن نسرد ما يمكن تسميته مؤشرات التفاؤل في حده الأدنى، لا بد أن نؤكد، أن المهمة ما زالت في بداياتها، وان ما ينتظره شعبنا أكثر بكثير من مجرد مؤشرات، بل تحول جذري للإصلاح، وقرار حاسم في إزالة كوارث الماضي، وتحول بلا تردد لتحقيق أهداف مجلس القيادة الرئاسي، ورؤية واضحة لحشد جهود البناء الإداري والعسكري والاقتصادي، والاستعداد لحسم معركة اليمنيين لاستعادة دولتهم.

يثق الأغلب من شعبنا في مكونات المجلس الرئاسي، إذ يرى في أعضاءه تمثيلا له، ويأمل الجميع أن يتحمل كل عضو فيه مسؤوليته التاريخية إزاء من يمثلهم من ناحية، وإزاء شعب كامل، ووطن ينتظر أن نكون جميعا في مستوى ما يتعرض له، في مرحلة لا تقبل إلا الإنجاز، ولا يجوز فيها الاستلام للتعقيدات، أو تغليب لغير مصلحة اليمن.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد