نحن اليمنيون أكثر ما عانينا من مرض تضخيم الذات، وتضخيم الخاص عن العام، أكثر ما عنينا من جنون هذا التضخيم، شوارعنا تكتظ بالإعلانات التي تمجد الزعيم، وتمجد الحزب الحاكم، وتمجد الطوائف والمناطق، مقابل إضعاف وطن وصف أمة ومشروعها الوطني الكبير.. على مر السنيين، كلما ضعف الزعيم وبدأت شعبيته تتآكل، وبدأ البعض يصفه بالمعتوه الذي يريد أن يحكم البلد بالقوة المفرطة بالسلاح والجيش الخاص أي ميلشياته الخاصة مهما أطلق عليها من تسميات، هي تحمية أكثر مما تحمي وطناً، تحاول بطانته تعويض ذلك بتضخيم صوره وأعماله إعلاميا في الشوارع العامة، صور كرتونية ومقولات هلامية، تسارع من سقوط المعتوه وينهار كل شيء بغباء البطانة وجنون الزعيم، ويسقط ذلك الزعيم، ولا تبقى غير الخطايا تطارده وتطارد بطانته. في المجتمعات المتعصبة والمتخلفة، يكتفي البعض في السير خلف مسيرة الزعيم، دون البحث عن معلومات كافية نحتاجها عن ذلك الزعيم، هل سيكون عند مستوى المسئولية، وسيؤدي دوره في تلبية تطلعاتنا كأمة محترمة، لا أمة مثيرة للشفقة، نركز فقط في انتمائه السياسي والطائفي ومنطقته، نميزه بحسب القرب منا بالانتماءات الصغير دون انتماء للوطن الكبير ومشاريع النهضة والارتقاء بالأمة، ونكتشف في نهاية المطاف أنه مجرد صور من ورق مضخمه لا تمتلك قدرة حقيقية في القيادة ولا حتى في احترام نفسها ومن تمثلهم. مرحلة النضال هي المحك، والقادة على مقربة من السلطة، يسقط في نظر الناس كل من تسقط مصداقيته أمامهم، كل من تغريه السلطة والمال، ويتحول لمجرد أداءه لمشروع آخر لا علاقة له بتطلعات وآمال الناس، إنها مرحلة المحك في المصداقية، والكفاءة، والثبات على المواقف، وأهم ما يريده الناس من القائد أن يكون مصلحا موحدا للصف متسامحا موفقا بين المختلفين، لديه قابلية للتنوع والاختلاف، قادر على التعايش مع الآخرين، وصانع لواقع هذا التعايش، دون ذلك فهو جزء من الشر والعفن والفرقة والشتات، لا يختلف عن سابقيه وأحيانا يكون أشدهم غباء وعنجهية وتسلطاً، يحب التضخيم حتى ينفجر، ويندم الناس بعد أن لا ينفع حينها الندم. عندما تشاهد في عدن الأغبياء يرفعون صور أصنامهم بأحجام ضخمة قيمة اللوحة، يمكن تحل أزمة معيشية، أو خدمية.. أعرف أن نهاية ذلك الزعيم عما قريب، خاصة عندما يكون خطابة عصبويا متطرفا، ينادي بالإقصاء والاجتثاث، تضخمت انتهاكاته، فتحركت البطانة بشعورها بخطورة الحساب والعقاب للانتهاكات، وبدأت عملية الزعيم كصنم، للهروب للأمام، وكلما تزداد الحملة الإعلامية ضخامة كلما قربت من نهاية ذلك الزعيم، الذي سيجد تلك الأموال الضخمة للحملة الإعلامية قد سارعت في نهايته وسيجد الناس تدوس صوره بأقدامها وهي تتضور جوعا وظلما وقهرا، والشواهد كثيرة، والطمع يضر ما ينفع. البلد تعاني والشعب مطحون، والأغبياء يرفعون الصور والشعارات التي لا تشبع ولا تغني، بل تستفز المطحونين والجوعى، تستفز مشاعر الناس وذوي الشهداء والأحرار والمناضلين، وتهيئ لثورة ستكون اعظم من سابقتها، مهما كانت عنجهية وصلف ذلك الزعيم وبطانته السيئة والمليشيات التي يحتمي بها، اذا غضب الشعب تسقط كل تلك المتارس، ولابد أن يستجيب له القدر في الحياة والسعادة والمستقبل المنشود.
أحمد ناصر حميدان
ترفع الأصنام في شوارع عدن 1192