في أول جمعة من رجب دخل الإسلام إلى أرض اليمن، فأصبحت بحمد الله تعالى ارض الإيمان, وها نحن نستقبلها كل عام ببدعة ما انزل بها من سلطان لم تذكر في سنة ولا في قرآن.
يقول المثل اليمني :
" لا تبكِ على أمك لاماته وابكِ على جمعة رجب لافاته"، وذلك لاعتقاد بعض العوام بأن لأول جمعة من رجب فضل كبير وأن صيامها يعدل كذا وكذا، ويعتقدون أيضاً أن حضور أول جمعة من شهر رجب في جامع الجند التاريخي والذي بناه الصحابي الجليل/ معاذ بن جبل يعد عمرة وبعضهم يرى أن لها أجر حجة وعمرة، وتؤدى في هذا الجامع طقوس غريبة لا صلة لها بالدين وإنما هي ضرب من البدع، ويقولون إن ما يفعلونه في رجب كل عام ليس إلا احتفاءً واحتفالاً بذكرى أول جمعة رجبية دخل فيها الإسلام إلى اليمن.
قال الإمام الشوكاني رحمه الله : "لم يرد في رجب على الخصوص سنة صحيحة ولا حسنة ولا ضعيفة ضعفاً خفيفاً وجميع ما روي فيه على الخصوص إما موضوع أو ضعيف أو شديد الضعف".
كما لا ندري كيف يقبل الناس شيئاً كهذا وقد علموا ألا عمره إلا عند بيت الله الحرام في مكة المكرمة
وألا عبادة إلا بنص شرعي. إذاً نحن نقابل إحسان الله تعالى بالا ساءه, نعم إساءة، فالابتداع في الدين جرم عظيم والبدعة هي ما لم يكن له دليل من الكتاب والسنة من الأشياء التي يُتقرب بها إلى الله، قال عليه الصلاة والسلام: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
هل لـ (رجب) فضل على غيره من الشهور؟: قال ابن حجر: "لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه.. حديث صحيح يصلح للحجة،وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره".
وقال أيضاً: "وأما الأحاديث الواردة في فضل رجب، أو في فضل صيامه، أو صيام شيء منه صريحة، فهي على قسمين: ضعيفة، وموضوعة.
فلم يذكر في فضل شهر رجب إلا أنه أحد الأشهر الحرم التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز وهي محرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة، قال تعالى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } [(36) سورة التوبة].
قال قتادة في قوله " فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ " : إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً فيما سواها وإن كان الظلم على كل حال عظيماً ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء ومن أجمل ما قرأت عن الأشهر الحرم وما يجب فيها التالي: "فلنحرص على حسن استغلال هذه الأشهر و ذلك من خلال الأمور التالية "
•بعقد العزم الصادق بالتوبة والإنابة إلى الله والهمة العالية على تعمير هذه الأشهر بالأعمال الصالحة، فمن صدق الله صدقه، على الطاعة و يسر له سبل الخير.
•باغتنام هذه الفرصة لتزكية نفسك وتعوديها على الطاعة.
•باستشعار رقابة الله عز وجل والتفكير في معاني أسمائه الحسنى (السميع، البصير، الشهيد، المحيط، الرقيب).
•بالمسارعة في تصحيح مسيرك إلى الله وتحمل الصعاب والمشاق والصبر على ذلك ومن ثم تصحيح سلوكك وخلقك مع الناس (أهلك، أرحامك، جيرانك، أصحابك) وسلامة صدرك نحوهم.
•باستحضار حرمة هذه الأشهر وتعظيمها، فإن تعظيمها من تعظيم الله عز وجل، فقد قال تعالى {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} (32) سورة الحـج.. فعظموا ما عظم الله، فإنما تُعَظّم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم و أهل العقل.
أحلام القبيلي
جمعة رجب .... 21191