;
سامي نعمان
سامي نعمان

قصص من داخل معتقل الصالح.. 2 747

2019-07-21 06:51:57

ثمانيني يرعى الغنم.. وآخر بدل فاقد!! من قصص المعتقلين المبكية، قصة هذا الرجل عبده صالح محمد جازم، رجل مسن يتهادى بصعوبة أظنه في الثمانينات من عمره.. حز في نفسي أن يكون رجلاً بسن والد عبدالملك الحوثي وجد كبار مشرفيه معتقلاً إلا أن يكون لذلك سبب وجيه وظاهر.. ينتمي العم عبده إلى قرية جنوب الراهدة بالقرب من جبهة معروفة تعرف بجبهة "حمالة" نسبة إلى جبل كبير هناك، ولديه عدد من الأغنام التي يعمل برعيها. سألته يوماً وكنا لوحدنا نتنفس من نافذة المطبخ الوحيدة المتاحة "ليش حبسوك يا عم عبده".. أجاب: يا بني قالوا لي عليّ تهمة "إحداتيات" (نطقها بالتاء ويقصد رصد المواقع).. سألته ممازحاً: قد عملت إحداثيات يا عم عبده.؟ قد القلب بارد حتى لو حبسوك!.. فأجاب بفطرة القروي البسيط المتخفف من كل الحسابات: يا بني أنا والله مالي علم يقولوا إحداتيات مانش داري موهيه.. أنا مقرأش ولا اكتب مانش حافظ إلا الحمد(الفاتحة) والضحى.. شعرت حينها برعشة تسري في جسدي ونزلت دموعي دون مقدمات، ربما لسابق الخفة التي تعاملت بها عند سؤال الرجل.. وقصة الرجل ببساطة أنه يسكن تلك القرية من قبل أن يولد عبدالملك الحوثي، فجاء مسلحوه وعسكروا بموقع مجاور لها.. وتوفيت عليه مجموعة من الغنم جراء أكلها مخلفات الأكل (الكدم والأرز والعيش وغيره) وهذا أمر يدركه رعاة المواشي أنها إذا أكلت طعاماً ثقيلا أكثر من النباتات فإنها تتوجع وتموت.. فكان كلما افتقد غنمة خاف أن تكون هناك تأكل مخلفات الطعام.. وفي أحد الأيام اعتقله أحد جهابذة الميليشيات الحوثية بدعوى أنه يبحث عن إحداثيات.. حاول معتقلون كثير تقريب المسألة للرجل، فكان يوضحها بالقول "الاحداتيات إنك تتصل بالطائرة وتخابره تضرب". ولأنها جماعة إرهابية بلا ضمير في سلم مشرفيها يرعوي انفلات وجرائم أفرادها كان اقتياد العم عبده صالح للمعتقل أقرب من التحري عنه لدى متحوثة المنطقة الذين يعرفون الرجل كآبائهم وأجدادهم وقد فعلوا، لكنهم رخاص بلا قيمة ولم يستجيبوا لهم، لأن الغاية هي إشاعة رعب الناس أن هؤلاء لا يحترمون شيخاً ولا يوقرون كبيراً وليس هذا من عرفهم وأخلاقهم فاحذروا أيها الآخرون.. أخبرني أنه حينما تم التحقيق معه باعتباره صيداً ثميناً محتملاً اعتقل جوار موقع عسكري، وأخبر المحقق بقصته، أدرك أنه بريء، وقال له: يا حاج ذنبك على الذي ظلمك ومسكك، أما أنا مسترش أعملك شيء. بطبيعة الحال، هم يمنيون مثلنا يميزون ويفكرون، ويدركون أن اعتقال رجلا أميا طاعنا في السن بإمكانهم أن يتحروا عنه باتصال بسيط، لكنها المنهجية الإيرانية الحوثية الخبيثة في الإرهاب تدفعهم لأن يكونوا مسخاً، وتعظم الفعل كلما كان منكراً أفحش، وكان أكثر إثارة لرعب الناس //معتقل نيابة عن رخوة المشرف//.. التقيت بعديد أشخاص معتقلين هناك بلا سبب بل ثمة أشخاص معتقلون بسبب أخطاء قيادات حوثية.. طاهر فارع معلم بناء وسباكة، سالته غامزاً أيش قصتك عم طاهر؟ فرد بابتسامة وظرافة التعزي البسيط: أنا محبوس "طاعة للولد".. كيف؟ هاكم قصته. في رمضان من العام الماضي قبل دخولي المعتقل ببضعة أسابيع تمكن الشاب/ باسم طاهر فارع، من الفرار من السجن.. كان قد أظهر على عام ونصف تقريبا من الاعتقال طاعة والتزاما للحوثيين حتى أنهم وثقوا به ليكون مراسلهم في إطار المدينة السكنية.. باسم كان عسكرياً في "مأرب" منذ 2014 تقريبا، واضطر للعودة إلى منطقة الحوبان، حيث تسكن أسرته بعد إلحاح جده المسن عليه ليزوجه ويرى أحفاده قبل وفاته، لكن باسم لم يصل البيت بل وصل إلى معتقل الصالح بعد بلاغ لبعض المتحوثة إذ اعتقل في الحوبان، وتوفي جده وهو في السجن.. خلال عام ونصف من الاعتقال لم يزره والده، بل زارته أمه التي التقته في فناء المدينة لتسأله عن باسم بينما كان يشتري أغراضاً لحوثية الشمال.. عرف بسام شقيقه الصغير وسلم على أمه. في أحد أيام أواخر رمضان ركب باسم دراجة نارية من داخل المدينة عصراً وغادرها بدون عودة.. لم ينتبه أبطال "الزرة" الحوثيون لفراره إلا بعدما ثلاث ساعات حين لم يعد لهم بالطلبات.. سمع المعتقلون صياح مشرف المعتقل المدعو "أبو يحيى" كأنه قام من نومه على كابوس مزعج "باسيييييييم".. أدرك المعتقلون في الدور الأرضي أن صديقهم قد فر فاحتفلوا بأداء الصرخة إغاظة للحوثيين.. وعوضا عن حبس "أبو يحيى" أو المسؤولين المشرفين في المدينة في المدينة، اتفق الأوغاد على ارتكاب جريمة جديدة.. لقد قرروا أن يطبقوا أحكام القرآن الكريم في ذلك.. ولا تزر وازرة وزر أخرى.. أمر "أبو ماهر" بذهاب طقم لاعتقال العم الخمسيني طاهر فارع، فقامت ميليشيات "قرين القرآن" باعتقال الرجل من منزله في الحوبان، دخل طاهر السجن ونام بفراش نجله ولبس من ملابسه ومكث بضعة أشهر.. كانوا يقولون له باقي عليه يومين يومين بس.. بعد مغادرتي السجن أبلغت صديقا حوثيا عاقلا ومسموعا أن انظر إلى جماعتك كيف يطبقون القرآن.. حسب ما أفادني في اليوم التالي أنه ذهب إلى "أبي ماهر" واخبره القصة، فتفاجا من "الفضيحة" الأمنية وبرر إنه أخبرهم أن يعتقلوه لمدة يومين للضغط على ابنه للعودة للسجن، مستغربا كيف "نسوه".. طبعا هذا المشرف الكبير "كذاب أشر" إذ اعتقل الرجل بشكل ممنهج للبقاء أطول فترة ضمن مخطط إرهاب الناس المعتاد داخل المعتقل وخارجه من تبعات ارتكاب "حماقة" كتلك التي ارتكبها بسام وفضح بها جهازهم الأمني المهترئ. والدليل على ذلك أنه حين جاءت اللجنة الشكلية لمراجعة ملف المعتقلين واطلاق بعضهم أحضروا مجندا إلى الزنزانة ليبقى جوار طاهر فارع ويمنعه من الخروج لمقابلة اللجنة.. على كل حال أخبرني صديقي النبيل أن أبا ماهر وجه بإطلاق سراحه وأنهم أفرجوا عنه في ذلك اليوم، ولم أتأكد إن كان ذلك قد حصل يومها أم لاحقا أم غير ذلك. عصابة رخوة.. وفي كل الأحوال؛ ليس بسام هي أول معتقل يسجل فرارا من معتقل الصالح، إذ فر العشرات منه منذ تأسيسه، رغم كل ما يروج عن الجماعة الإرهابية الشديدة.. الفرق أن بسام فر بهدوء بعدما خادعهم بأداء الصرخة ونقل معلومات لا تغني ولا تسمن من جوع. بعد ليلتين على دخولي الزنزانة كانت أصوات إطلاق النار تعلو في الخارج وكان أحدهم يوجههم أن اقتلوا أي شيء ترونه يتحرك في الوادي المجاور حتى ولو من السكان.. على الأرجح أفلت ثلاثة في تلك الليلة بحسب ما تناقله المعتقلون عن الحراس الذين كانوا يتحدثون معهم من الخارج. وحدث أن فر أكثر من عشرة ذات مساء من قبضة العصابة "التي لا تقهر" ولم يعيدوا سوى شخصين أو ثلاثة منهم ممن تعثرت خطاهم. وتتكرر هذه الأحداث بين حين وآخر، لتهزم ميليشيات الحوثي في عقر أوكارها الحصينة لتبدد الخرافة التي تضعها لنفسها، ولولا المعتقلات الحصينة التي ورثتها من الدولة التي سطت عليها لكان معظم المختطفين يخلصون أنفسهم من المعتقلات المستحدثة دون حاجة لإرغامهم على المبادلة بأسرى، أو انتظار مكرماتهم المهينة، أو دفع الفدى المكلفة، أو الرضوخ لشروطهم الهمجية السخيفة، بالبحث عن ضمانة أحد المشرفين المتعربدين للضمانة على الأبرياء المعتقلين بلا تهمة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد عيضة شبيبة

2024-04-27 03:04:29

إلا الزنداني!!

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد