هناك ارتباط وثيق بين الحالة الغذائية للأفراد في المجتمع وفي المستوى المعيشي وأن الخطوات الخجولة التي تقوم بها مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني على صعيد رفع مستوى الوعي الغذائي بين أفراد المجتمع، والتي تقتصر على المناسبات وتشكيل لجان وطنية لوضع سياسات للغذاء والتغذية ينتهي دورها مع انتهاء المناسبة التي شكلت من أجلها غير كافية وتتطلب استمرار بدون وسائل تعتمدها لإيصال المعلومة الغذائية الصحية إلى المواطنين عبر برامج إرشاد مكثفة عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وطبع نشرات وكتيبات والتعاون بين مختلف المؤسسات الصحية والتربوية والإعلامية كما هو الحال في الدول المتقدمة ولكن للأسف هذا معدوم عندنا في اليمن.

ومن هنا فإن على مؤسسات الدولة أولاً وأولها وزارة الصحة مهمة التوعية الغذائية إلى جانب القضايا الصحية فلو اعتمدت وزارة الصحة والسكان برنامج توعية غذائية مثلاً فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض نسبة الأمراض التي يصاب بها الأفراد نتيجة سوء التغذية وخاصة بين صفوف الأطفال من سن الولادة حتى السنة العاشرة من العمر، وتخفف عن كاهلهم صرف الأموال الباهظة في شراء الأدوية، وبالتالي تخفف عن كاهل الوزارة نفسها عبء استيعاب الأعداد الكبيرة من المرضى الذين يتلقون العلاج في المستشفيات والمراكز الحكومية، وخاصة الأطفال المواليد والأطفال الأكبر سناً.

أما على الصعيد التربوي، فلا تقل مهام وزارة التربية والتعليم في نشر التوعية الغذائية عن مهام وزارة الصحة والسكان، فالأجدى تطوير المناهج التربوية وإدخال العلم الغذائي ضمن المناهج التربوية والتعليمية منذ المراحل الأولى من التعليم الأساسي، مع العلم ولاشك أن انتشار الأمية والجهل والفقر بين أوساط المجتمع اليمني يزيد من نسبة الأمراض التي يصاب بها الأفراد نتيجة نقص أو سوء التغذية أو تناول أغذية ملوثة وفاسدة ونأتي على دور الإعلام الذي له دور مهم في نشر التوعية الغذائية، فالملاحظ أن معظم القنوات الفضائية العربية بدأت تبث حلقات أو فقرات عن الغذاء وكيفية تناول الغذاء الصحي، وما يتضمنه من فوائد وسعرات حرارية والتوعية الصحية عن مخاطر تناول المأكولات الملوثة أو تكون عرضة للتلوث والفساد مثل الأطعمة التي يبيعونها الباعة المتجولون والعربات المتنقلة في الشوارع، كل ذلك من وسائل التوعية يشكل حافزاً قوياً لدى المشاهدين على الاستفادة وزيادة الوعي الغذائي, كما أن تلك البرامج التلفزيونية المتخصصة في شئون الغذاء والمطبخ تعطي سيديهات وكتب المطبخ تتضمن طرق إعداد الوجبات المتعددة والإرشادات الصحية والعلمية في كيفية تحضير الطعام الصحي للعائلة.

والملاحظ انتشار أخصائيي التغذية الذين أزداد الطلب عليهم من قبل المستشفيات ومؤسسات الرعاية الاجتماعية ويقدمون استشاراتهم في مجال التغذية الصحية.

كل ذلك يتطلب وقتاً لاطلاع مشروع حيوي بات يدخل ضمن المخططات والبرامج الإنمائية وتأمين الغذاء الصحي للمواطنين واجب على مؤسسات الدولة التي عليها تأمينه من ناحية نوعيته وسلامته ومراقبة المنتجات الغذائية الصحية ومدى مطابقتها للمقاييس والجودة المتبعة في سائر الدول المتقدمة، إذ أن الغذاء حق إنساني قرر في هذا العالم، وقد كرسته مواثيق الأمم المتحدة والهيئات الدولية التابعة لها مثل منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة اليونسف بأن تتوفر لكل إنسان وكل أم وطفل كمية كافية من الغذاء كماً ونوعاً وشكلاً يحقق له حياة سليمة خالية من الأمراض، وتعمل الأمم المتحدة على ذلك من خلال مؤسساتها التي تطلق برامج دولية لتأمين الغذاء للجميع مع التركيز على منح الأطفال اهتماماً أكبر، وبانتظار تحقيق ذلك يبقى على المستهلك وحده مسئولية التوعية الغذائية واتخاذ القرارات الحكيمة في انتقاء ما هو صحي وسليم من المنتجات الغذائية.