;
طارق فؤاد البنا
طارق فؤاد البنا

11 فبراير..حين ابتسمت في وجوهنا السماء! 1248

2014-02-12 15:31:09


ذات ليلة اشتدَّ فيها بهاء القمر كانت "قاهرة" المُعز تحتفل بقهر الطاغية مبارك، في 11 فبراير 2011م بالتحديد، خرجت مسيرات احتفالية في شوارع كثيرة من مدنٍ عربية عدة، تعز كعادتها لم تتخلف عن الموعد، وشبابها لم يتأخر في الوصول !

انتهت المسيرة وانفضَّ الناس إلى منازلهم لمتابعة ما استجدَّ من أخبار، لكن كان هناك من يفكر بأفكار أخرى، أفكار بدت لحظتها ضرباً من الجنون، لكن في الحقيقة كان الجنون الفعلي هو أن لا تُصبح تلك الأفكار شيء من الواقع.

  في شارع "جمال"، وعلى الإسفلت الحار ألقى مجموعة من الشباب بأجسادهم النحيلة هرباً من الواقع الذي كان يكوي البلد بجحيمٍ لا يُطاق، التجأوا إلى الشارع بعد أن هُمش دوره واستُخِفَّ بأهله، وصار الرأي رأي القصر الذي كان صاحبه يقول : "ما أُريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد "، بيد أن كل الطرق والسُبل التي كان يسير فيها لم تكن تهدي إلا نحو سبيل الفساد والاستبداد!

وحين جاء الصبح كانت جموع الناس تمر بالقرب من أولئك الفتية الذين آمنوا بقضيتهم فزادهم الإله هدى، البعض يسخر ، والبعض الآخر يصفهم بالجنون، فيما فريق ثالث كان يشاركهم الحلم بصمت، ولم يخلُ المشهد أيضاً من بلطجة واستفزاز وأذية ثم اعتداءات واعتقالات.

كانت الفكرة "المجنونة" تنمو سريعاً في ألباب "العقلاء" ، تكاثر الناس وتزايدوا، تأسست ساحة الحرية بتعز، وتبعتها ساحات عدة في مدنٍ كثيرة، صنعاء أيضاً لم تشُذ عن قاعدة النضال، فكانت ساحة التغيير، أعناق دول العالم بدأت تشرئب نحو اليمن، مع العلم أن معظم تلك الأعناق لم تكن تعرف عن اليمن شيئاً سوى أنه كان "سعيداً" ذات يوم، ثم دخل في زواجٍ كاثوليكي مع التعاسة والشقاء!.

هبَّ الناس باتجاه الساحات، الشباب والشيوخ والنساء، الأطفال أيضاً رأوا في تلك الساحات بوابةً للنفاذ نحو الوطن الحلم، بدلاً من الوطن المُتخم بالكوابيس!.

تسارع الواقع السياسي الراكد، بينما كانت حركة الشارع أكثر تسارعاً، حدثت مجازر هنا وهناك، شخصيات كبيرة انضمَّت للثورة وأيدت مسارها السلمي، الورود التي كان رواد الساحات يحملونها في كل مسيرة كانت تتنزل كحِمم عذاب على قلب صالح الذي كان يحلم بإشعال النار في كل مكان، وكان يعمل على هدم المعبد عليه وعلى أعدائه كما ردد ذلك مراراً.

   ميادين الحرية وساحات التغيير كانت تتمدد، بينما حجم المخلوع كان يتضاءل، وعُزلته تزداد كل يوم، جُنَّ جنون الرجل، خاصة مع ازدياد جنوح الثورة نحو السلم الذي اختارته مساراً وحيداً لخطها، كثورٍ هائج كان صالح يتخبط دون شعور كلما لوحت الثورة في وجهه بورودها الحمراء، لكنه لم يستطع جرها نحو "حلبة المصارعة" التي أسقطته سلميتها بالضربة القاضية!.

بلغ الحقد ذروته وأُحرقت ساحة الحرية بتعز، سقط ضحايا كُثُر في أماكن عدة، أم أنس فقدت طفلها الصغير، صديقي الطبيب أشرف المذحجي ترك سمَّاعته ورداءه الأبيض وغادر نحو السماء، فيما اخترقت شظية غادرة قلب صديقي الآخر زيد الصلاحي، أما الصديق عبدالناصر القحطاني فقد تناثر جسده إلى أشلاء بفعل قذيفة لعينة اخترقت مقر الإصلاح في "الحَصِب" ليتم تجميع أشلاءه في "بطانية" كانت تئن من بشاعة الإنسان الذي يقتل غيره، وبقذيفة دبابة لا تُستخدم إلا في حروب الدولة ضد أخرى، الطفلة عتاب أيضاً ذرفت الدموع بمرارة على أمل أن يعود والدها لكنه لم يعُد، مازن البذيجي سبق الجميع بالمغادرة، فيما أم الثوار "تفاحة" أخذت بيد زينب وياسمين وذهبن ليروين تعطش القاتل للدماء، عزيزة ورواية أيضاً فعلن مثل ذلك، فيما اكتفى عمر الصمدي وبسام الأكحلي ورفاقهما بإعاقات وجروح مختلفة، رائحة الدم انتشرت في الهواء، والوطن المسكين كان يصارع بقوة على أنغام استغاثات تلك الطفلة الجريحة التي نقلت عدسات الكاميرات تشبثها بالحياة وهي تصرخ : "ما اشتيش أموت"!.

 

لم تمُت اليمن، بل مات من حاول وأدها وهي حية وإن بقيت أجسادهم على الأرض، واصلنا المسير، وواصلنا التشبث بالحياة، والآن نحتفل بالذكرى الثالثة لليوم الذي كان حلماً، اليوم الذي ابتسمت فيه السماء في وجوهنا، لتُمطرنا بقطرات الحرية التي أحيت روح هذا الوطن بعد طول جدبٍ وجفاف!.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

نبيل البكيري

2024-05-02 00:48:59

النعي المهيب..

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد