;
علي ناجي الرعوي
علي ناجي الرعوي

النخب اليمنية وتقلبات الحوار 2066

2013-10-25 23:23:33


   يتفق جميع المتتبعين للشأن اليمني على أن ما تعرض له هذا البلد خلال السنتين الماضيتين كان بمثابة هزة قوية أحدثت تغييراً جوهريا في البنيان السياسي والثقافي والاجتماعي فقد برزت إلى السطح العديد من الاصطفافات الفئوية والقبلية والإيديولوجية والحزبية كما ظهرت تيارات وقوى جديدة لم تكن يوما طرفا في المعادلة السياسية حيث بدا بعضها نشطا في كسب رضى العامة والحصول على صكوك بركاتها بصرف النظر عن فرائض اللحظة التاريخية ومقتضياتها وصلب استحقاقاتها والظرفيات الصعبة التي يمر بها اليمن ومؤتمر الحوار الذي دخل مرحلته الأخيرة ويفترض أن يخرج بعد عدة أيام بمواجهات المرحلة القادمة ومحددات العقد الاجتماعي الذي سيتوافق عليه اليمنيين.
طبعاً الكل ينتظر اليوم ما سينتهي إليه مؤتمر الحوار المستمر منذ 18 مارس الماضي وما ستخرج به اللجان التسع التي يتكون منها هذا المؤتمر من حلول لقضيتي الجنوب وصعدة وبالذات في ظل الخلافات المحتدمة بشأنهما وتبرز هنا عدة مؤشرات أساسية تجعل أي تفكير خارج المصلحة الوطنية يؤثر سلبا على تجربة الحوار التي لا شك وأنها قد مثلت فرصة تاريخية نادرة لليمن إن لم تشكل لحظة فارقة في تاريخ هذا البلد ليس لكونها قد حظيت بدعم وإسناد إقليمي ودولي غير مسبوق وإنما لأنها المرة الأولى التي تلتقي فيها كافة أطياف المجتمع اليمني في حوار مجتمعي شامل لم يستثن أحداً بما في ذلك الحوثيين والحراك الجنوبي والطائفة اليهودية (وفئة المهمشين) مما يعني معه أن أي نكوص عن هذا الحوار سيفقد اليمن الجاذبية التي بناها من خلال هذا النموذج المتفرد في المنطقة.
ولذلك فان مثل هذه اللحظة المفصلية التي يمر بها اليمن هي من تستدعي اعلى منسوب من التماسك بين جميع تلك النخب التي يتعين عليها الإدراك أن أي مسعى لافتعال أزمات جديدة تعاكس خط الإصلاح والاستقرار سيكون مرفوضا من المجتمعين الإقليمي والدولي اللذين تقتضي مصلحتهما وجود يمن مستقر ومعافى من الفوضى والعنف والانفلات الأمني والسياسي وكل عوامل الاضطراب التي قد تحوله إلى دولة فاشلة تتقاذفها قوى الإرهاب التي طالما حاولت الإمساك بزمام الأمور في هذا البلد والهيمنة عليه وجعله نقطة انطلاق لتمرير أجندتها في الممرات المائية التي يطل عليها اليمن بصورة مباشرة كمضيق باب المندب الذي يعد من اهم المعابر المائية في العالم والذي يمر عبره جزء أساسي من صادرات وواردات العالم النفطية والتجارية وبحكم هذا الموقع الاستراتيجي الذي يتبوأه اليمن فان أية محاولة لتعويق التسوية السياسية وإفشال مؤتمر الحوار ستكون مدانة إقليمياً ودولياً.
وإذا ما كان الحوار باليمن قد نجح في إنهاء القطيعة بين الفرقاء وتحقيق التقارب فيما حول العديد من القضايا التي كانت محل جدل وخلاف إلا أن هذا التقارب قد فشل حتى الآن في إحراز أي تقدم يذكر بشأن شكل الدولة الجديدة ومسألتي الجنوب وصعدة إذ انه ورغم اتفاق كافة الأطراف على الانتقال إلى النظام الفيدرالي ودولة اتحادية من عدة أقاليم نجد في المقابل أن مؤتمر الحوار قد انقسم عموديا إلى فريقين فالحراك الجنوبي والحزب الاشتراكي ومعهما الحوثيون يصرون على دولة اتحادية من إقليمين على أساس شمال وجنوب عن إقليمين يتشكلان على أساس شمال وجنوب يرفض حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومعه حزب الإصلاح والحزب الوحدوي الناصري وعدة مكونات أخرى هذه الصيغة التي يعتبرونها مقدمة لانفصال جنوب اليمن عن شماله وتطرح فيدرالية من خمسة اقاليم متداخلة وبين هذا وذاك تبرز مكونات أخرى في الشمال والجنوب منها من يدعو إلى فك الارتباط بين الشطرين والعودة إلى ما قبل وحدة عام 1990م فيما يطالب أخرون بالإبقاء على شكل الدولة كما هي حاليا.
ونعتقد انه ومهما كان حجم الخلاف حول هاتين القضيتين أو غيرهما فان الواجب على النخب اليمنية الارتفاع فوق أي خلاف وتغليب مصلحة وطنها على ماسواها من المصالح والغايات والأهداف باعتبار أن استمرار مثل هذه الخلافات العبثية إنما هو الذي يطيل من معاناة اليمن ويدفع به إلى منزلقات خطرة وما يجري اليوم في سورية وليبيا والعراق وغيرها من الأقطار العربية التي تخضبها الوان الدم القاني وانين الثكالى وتوسلات المفجوعين وبكاء الأرامل الذي يقطع أنين القلب ويلهب الأحشاء ليس صورة معبرة عن بلادة السياسيين في هذه البلدان الذين ماتت لديهم النخوة والوازع الديني والأخلاقي إلى درجة انهم الذين لم يعد يشعرون بآلام شعوبهم التي أحاقت بها أيام عجاف لا تنبت سوى الرعب والخراب والجهالة.
نعم هناك جماعات وقوى تريد إحراق اليمن وأخرى تسعى إلى تفتيتها وهناك أيضاً مخططات تتحرك على الأرض لها أذنابها وعيونها وأرجلها تهدف إلى تقطيع أوصال هذا البلد إلى كنتونات وتجيش أبناءه على أساس الغرائز والاستقطاب المناطقي الكريه إلا أن هذه المخططات لا يمكن لها أن تجد فرصتها في العبث بمصير هذا البلد اذا ما استوعبت النخب دورها ومسؤوليتها الوطنية في التشجيع على خلق توافق وطني يستثمره اليمنيون في السعي لمقاربة هادئة ومتوازنة لقضاياهم الحاسمة والمصيرية وعملت تلك النخب على التمييز بين ما يمليه شكل الدولة وما تفرضه خيارات الناس وإرثهم التاريخي الذي يبدو حاسماً ومحورياً في أي توافق سياسي أو اجتماعي واقتنع الجميع انهم في مرحلة تستدعي أن يحرصوا من خلالها على ما يقدمونه لوطنهم وليس على ما يأخذون منه.
الرياض

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد