;
علي ناجي الرعوي
علي ناجي الرعوي

جمهورية للقبائل .. أم للشعب 2938

2013-06-29 18:11:15


يبدو أن التحديات والمشكلات التى تعصف بواقعنا ومجتمعنا متعددة الأبعاد والأوجه وأن هذه المشكلات باتت تطرق مختلف الأبواب بما فيها أبواب مؤتمر الحوار الوطني الذى نعول عليه الانتقال باليمن من حاضره المثقل بالازمات المفتعلة والمركبة والفساد والفقر والفوضى السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية إلى عصر الدولة الحديثة والمستقبل الأفضل الذى أصبح حلم كل اليمنيين. 
ولعل من بين تلك التحديات إن لم يكن اخطرها على الإطلاق هو إخفاقنا خلال مايزيد على نصف قرن في بناء أركان الدولة اليمنية والتحرر من العقلية القبلية التى ظلت تتحكم في تفكيرنا وتوجه سلوكياتنا وتتجذر في موروثنا وثقافتنا ومحور حياتنا اليومية في كل المراحل الماضية.. والمصيبة الكبرى أنه وفي الوقت الذى انشغل فيه الناس بالحديث عن شكل الدولة القادمة والأسس التى ستستقيم عليها هذه الدولة أن نرى في هذه اللحظة الفاصلة من يعمل على تجذير الممارسات القبلية وجر الدولة إلى التماهي مع هذه الممارسات واطلاق رسالة خاطئة من ان مايطرحه مؤتمر الحوار حول فردوس الدولة المدنية ليس سوى لطمأنة المنافحون عن خيارات الشعب التواق ليمن جديد يعيد الاعتبار لكل ابنائه.
ولأننا في بلد الاستثناء فيه هو القاعدة.. والقاعدة غالباً ماتكون هي الاستنثاء فلم أستغرب وأنا أستمع إلى أحد السياسيين وهو يقول إن مشكلات اليمن لن تحل إلا عن طريق اتفاق القبائل على ملامح المرحلة المقبلة وإنه كان الأجدى أن يكون الحوار بين هذه القبائل وليس بين القوى السياسية والحزبية والمنظمات المدنية التى لم تقدم أي دليل على جدارتها بثقة هذا الشعب..
 ومهما بدا هذا الطرح هزلياً أو باعثاً على السخرية فإن الحقيقة أن المجتمع اليمني مازال يتشكل في مكونات قبلية تدين بالولاء للقبائل التي تنتمي إليها وان الدولة التي ظهرت منذ عقد الستينات من القرن الماضي في اليمن سواء في الشمال أو الجنوب قبل الوحدة أو ضمن نطاق اليمن الموحد كانت دولة قبلية ولم تكن دولة شعب وهذا الأمر وإن كان مؤلماً فإن الأكثر منه إيلاماً هو التموقع في خريطة هذا المشهد في مرحلة نعد فيها للانتقال إلى عصر الدولة الحديثة. 
وفي هذا الاتجاه فقد اندلعت قبل أيام قليلة مواجهة مسلحة بين قبيلتين الأولى مأربية والثانية شبوانية على خلفية نزاع قديم على ملكية أرض على حدود القبيلتين وقد كاد أن يجر هذا الصدام القبلي الذى خلف من وراءه العديد من الضحايا من القبيلتين الى تداعي بطون القبائل في مأرب وشبوة الى حرب دامية تغذيها ابشع صور العصبية القبلية والجهوية.. ودون الدخول في تفاصيل اسباب هذه المواجهة وعن اي الفريقين يتحمل المسئولية فيها فان هذه الحادثة قد بينت ان الدولة هي اكبر الغائبين في هذه البلاد وان الولاء للقبيلة مازال حاضراً بقوة في اليمن كما لو كنا في القرن السابع عشر. 
لقد كانت الدولة غائبة اولاً من أذهان الناس ولوكانت حاضرة في الأذهان لما تجرأ أي من القبيلتين على الدخول في تلك المواجهة التى حشدت لها الاسلحة الخفيفة والثقيلة بكل انواعها وكأن النزاع كان بين دولتين وليس قبيلتين.. وكانت الدولة غائبة لانه كان بوسعها ان تدفع تلك المسئولية على اصحاب التأثير في القبيلتين ليتدخلوا قبل نشوب الاشتباك.. والدولة غائبة لان أجهزتها بقيت متفرجة على بداية المواجهة وكان بمقدورها حسم الموقف من الوهلة الاولى وقبل سقوط الضحايا من قتلى وجرحى.. والدولة غائبة لانها فشلت فيما نجح فيه عقلاء من القبائل المجاورة بوضع حد لنزاع عبثي لا يساوي سببه سفك قطرة دم واحدة من مواطن يمني.
والمفارقة العجيبة ان هذا التداعي القبلي السريع والحاسم قد حدث من اجل قطعة ارض تدعي كل قبيلة أنها ملك لها ولكن حينما يقوم بعض المخربين بالاعتداء على خطوط الكهرباء او تفجير أنابيب النفط والغاز فان الحمية القبلية تتراجع إلى نقطة الصفر بل انه وحين يقوم العابثون بقطع طريق من الطرق العامة نرى ان مثل هذه الحمية تنتكس في مسعى بورصة القبيلة. 
ومن الغريب ان الدولة لا تتذكرها القبائل إلا حينما تعطش قراها وحين يتهددها أي خطر أخر والسبب في ذلك هو غياب النموذج السليم في علاقة الدولة بالقبيلة والتي يفترض ان تستقيم على قيم المواطنة واحترام النظام والقانون.. ولا مبرر ان تتغاضى الدولة عن تصرفات القبيلة بما صارت تمثله من تحدي لهيبة الدولة ولا عجب أيضاً ان بدأت الناس ترفع أصواتها وتصارح بعضها بعضاً بما يمكن ان يكون حلاً للخروج من هذه الوضعية وتغيير الحال بما يعزز فرصة الانتقال إلى الدولة المدنية الحديثة وإصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي وغد مشرق ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار. 
ما يجري في الوطن لم يعد مفهوماً ولم يعد مقبولاً ولم يعد الناس تحتمل مثل هذه الأوضاع التي تدمر ما تبقى من معالم الدولة وتأسس على أنقاضها جمهورية القبائل بأعرافها التي تحل محل النظام والقانون والدستور والمساواة والعدالة الاجتماعية وما لم تختف هذه الوضعية بعد مؤتمر الحوار فان الطامة ستكون اعظم وقعاً ومصيبة. 



الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد