;
علي ناجي الرعوي
علي ناجي الرعوي

المشاريع الانفصالية من اليمن إلى ليبيا!! 1936

2012-12-08 02:56:01


لا يمكن لعاقل أن يصدق أن أولئك الذين انقلبوا بين عشية وضحاها من وحدويين إلى انفصاليين ومن يمنيين يفاخرون بهذا الانتماء إلى أفراد وجماعات يبحثون لهم عن هوية مصطنعة تقيهم من ضياع الذات ووخز وعذابات الضمير, لهم قضية عادلة يدافعون عنها أو أنهم يحملون ذرة من عقل أو يتمتعون بأي قدر من الرشد والوعي السياسي والنضج الفكري والذهني.
كما لا يمكن لعاقل أن يصدق أن أولئك الذين تبدلت مواقفهم من الضد إلى الضد ومن النقيض إلى النقيض, هم من حكموا الشطر الجنوبي 23عاماً عقب الاستقلال من دون أن ينكروا يمنيتهم وأنهم وطوال هذه السنوات ظلوا يرفعون شعار(وطن يمني موحد نفديه بالدم والأرواح) وأنهم حينما أعلنت الوحدة في 22 من مايو 1990م كانوا في مقدمة الجمع الذي قام برفع علم الجمهورية اليمنية وتولوا أهم مفاصل السلطة في الجمهورية الجديدة ومازلنا نتذكر أن علي سالم البيض (الانفصالي الأول) اليوم هو من لعن حينها الهيمنة الدولية وسياسة الاستقطاب التي كانت وراء تأجيل وحدة الشعب اليمني عقدين من الزمن, معتبراً أن قيام كيانين شطريين عقب استقلال الجنوب في نوفمبر عام 1967م لم يكن خياراً وطنياً وإنما أملته ضغوط دولية بحتة..
فماذا حصل حتى يتنصل هؤلاء من انتمائهم وهويتهم ومواقفهم والشعارات التي ظلوا يرفعونها ويصمون الأذان بضجيجها؟ هل كان السبب وراء ذلك خروجهم من السلطة وفقدانهم لمصالحهم؟ أم أن وراء هذه (الشيزوفرينيا) الذميمة, التي أطلت برأسها الكئيب من خلال التصرفات المتناقضة لهؤلاء الحمقى, أجندات خارجية اكتشفوا من خلالها أن الجنوب اليمني الذين كانوا يحكمونه ليس جنوب اليمن وإنما هو رقعة جغرافية أسمته بريطانيا (الجنوب العربي )؟.. ولو سلمنا بهذا الاكتشاف لوجدنا أنهم يطالبون باستعادة دولة ليس لها وجود على أرض الواقع, لأن الدولة الشطرية التي كانت قائمة قبل الوحدة اليمنية هي جمهورية اليمن الديمقراطية وهي جزء لا يتجزأ من اليمن الذين ينكرون صلتهم به.
والكارثة أن من يناضلون اليوم من أجل تمزيق اليمن قد اختاروا نظرية وهمية ليبنوا من خلالها دولة يحلمون بقيامها من أجل أن يكونوا حكاماً عليها وأصحاب النفوذ على مقدراتها, رغم علمهم أن هذه النظرية الساذجة التي تشبه العاب السرك في محتواها, لا يمكن لها أن تلغي حقائق التاريخ والجغرافيا والهوية الحضارية للشعب اليمني..
وهو ما يستوجب منا في اليمن إعادة النظر في طريقة التعامل مع النزعة الانفصالية التي تحركها بعض الأطراف المتواجدة بالخارج والتي لا يبدو أنها قد استوعبت رسالة الرئيس عبدربه منصور هادي خلال لقائه الأسبوع الماضي باللجنة العسكرية لإعادة هيكلة الجيش والتي أشار فيها إلى أن الشعب اليمني هو من فرض الوحدة وهو أيضاً من يتمسك بها.. ولو أن هذه الأطراف قد فهمت معنى هذه الرسالة لما ظلت تتمسك بمواقفها المتصلبة والمتطرفة تجاه مشاركتها في مؤتمر الحوار ولأدركت أيضاً أنه لا يمكن لأي دولة في العالم أن تقبل بأن يأتي من يقول أن الانفصال هو الحل لمعالجة أية قضايا أو أية مطالب حقوقية.
وما ينبغي التأكيد عليه أن مثل هذه النزعة الانفصالية التي ظهرت في اليمن ليست بعيدة عن مخططات التفكيك والتفتيت التي تتعرض لها الأقطار العربية, فالسودان الذي تقسم إلى دولتين واحدة في الشمال والأخرى في الجنوب مازالت هناك اتجاهات إلى تجزئة دولته الشمالية إلى عدة دويلات وما حدث في السودان لم يكن سوى البداية التي ليست لها نهاية ومؤشرات ذلك بادية اليوم في أكثر من ساحة عربية, فمنذ أيام قلائل قال نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني(حزب الرئيس العراقي جلال طالباني):إن الظروف العراقية والإقليمية والدولية مهيأة لإقامة دولة كردية مستقلة.. مشيراً إلى أن الأكراد قاتلوا وناضلوا لسنوات كثيرة من أجل تقرير المصير وليس من المعقول أن لا تكون للأكراد دولتهم.. بل إنه توقع بأن العراق سيقسم إلى دويلات كردية وسنية وشيعية.
وأغرب من ذلك أن مصر التي ينظر لها كدولة معصومة من التفكك بسبب لحمتها الجغرافية والتاريخية, لم تستثن من هذا المخطط, فقد سبق وأن حذر المجلس العسكري قبل أن يقوم بتسليم إدارة الدولة للرئيس محمد مرسي من أن مصر مستهدفة بالتقسيم وهو ما تأكدت وقائعه بالتحقيق القضائي فيما عرف بقضية (التمويل الأجنبي الغير مشروع لعدد من منظمات المجتمع المدني), فقد ضبطت النيابة خرائط تقضي بتقسيم مصر إلى ثلاث دويلات مسيحية وإسلامية ونوبية.. وفي إطار هذا المخطط فقد تنامى خطر حركة (كوش) المسلحة التي تطالب بحق تقرير المصير للنوبة وفصل جنوب مصر عن بقية المكونات الجغرافية للدولة..
وفي نطاق هذا المخطط أيضاً لا يمكن إغفال ما جرى ويجري في الصومال المنسي الذي انفصل عنه حتى الآن إقليمان هما أرض الصومال وبونتلاند واللذان سارعت إسرائيل إلى الاعتراف بهما كدولتين مستقلتين..
وفي ليبيا تم الإعلان عن انفصال إقليم (برقه) ولئن غطي هذا الانفصال بغطاء الحكم الذاتي أو الفيدرالية فإن ذلك لم يخف حقيقة الانفصال؛ بدليل مسارعة عدد كبير من قادة ليبيا الوحدويين إلى إدانة ورفض هذه الخطوة التي اعتبروها بداية لتقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات في الشرق والغرب والجنوب.. وتطول قائمة التفتيت لتشمل مجمل المغرب العربي ودول مجلس التعاون الخليجي. مالم يتنبه العرب إلى مخاطر التقسيم التي تدق أبواب بلدانهم ومالم يدركوا أن هذا المخطط قد انتقل من المستوى القومي العام إلى مستوى الدولة الوطنية الواحدة.
إن الانفصال في اليمن يجب أن يكون مرفوضاً مهما كانت مبرراته وعلى الشعب اليمني بجميع شرائحه ومكوناته السياسية والحزبية والاجتماعية أن يعلن ذلك صراحة ومن دون مواربة, حتى يعلم دعاة الانفصال أن الجنوب لم يرثوه عن أجدادهم وأن أبناءه ليسوا (سخرة) لهؤلاء المرتزقة والمستأجرين من قبل طرف إقليمي معروف وأنهم لن يسمحوا بالتلاعب بمصير ووحدة اليمن أو تحويله إلى بقرة صريعة تحت رحمة سكاكينهم الغادرة.      
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد