;
نجيب أحمد المظفر
نجيب أحمد المظفر

معالم للرقي!! 1884

2012-08-03 03:17:01


ستظل شعاراتنا التي نرفعها مع بزوغ شمس كل يوم وندعي من خلالها أننا ننشد الرقي مجرد أمنيات وشعارات لا روح فيها فضلاً عن أن يكون لها قيمة أو وزن في عالم يتقدم كل لحظة, ما لم نرتحل عن منطقة الشعارات الجوفاء والأماني الزائفة, لنستقر في منطقة الحقائق الساطعة, والآمال الكبيرة ذات المعالم الواضحة, التي يمكننا من خلالها صعود سلم الرقي درجة درجة لنتربع بعدها عرش الرقي, ولن يتأتي لنا هذا إلا إذا كانت معالم الرقي واضحة لنا, نراعيها في سيرنا هذا, فمن هذه المعالم :
•   التفاؤل وحسن الظن بالله تعالى مع الأخذ بالأسباب, فمعها يصير المستحيل ممكناً, ويصبح الحلم حقيقة, وينفلق عن الليل الأسود البهيم صبح يطارده على رؤوس الجبال ومشارب الأودية, ألم تر أن هذا المعلم لما كان واضحاً في حياة يعقوب ليفصح عنه لسانه موصيا به أبناءه لما أمرهم أن يذهبوا ليتحسسوا من يوسف وأخيه كما قال الله: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) كان أن أعاد الله عليه يوسف وأخيه, وأقر بهما عينيه, حتى نطق لسانه بتأكيد ثقته وحسن ظنه بربه وأن من أحسن الظن بالله فالله عند ظنه به فقال كما نقل القرآن مقاله: (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) إذا فما علينا إلا أن نتفاءل اقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم الذي كان يعجبه الفأل, ونٌصحب تفاؤلنا بإحسان الظن بالله القائل في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيراً فله وإن ظن شراً فله) ونجمع إلى التفاؤل وحسن الظن بالله الأخذ بالأسباب, فالأخذ بالأسباب واجب, ولنا أن نتوقف مع مريم وهي تلد بعيسي ألم يأمرها الله وهي في حال ولادة لا تقدر على شئ أن تهز جذع النخلة لتتساقط عليها رطباً تتقوى بهن, ألم يكن بمقدور الله أن يسقط عليها الرطب, بلي ولكنه سبحانه أراد من خلال هذا الحدث الذي خلده القرآن أن يعلمنا قانونا مهما في الحياة ينبغي أن نسير عليه وهو قانون السببية, ولقد أحسن من قال تعليقاً على هذه القصة:
توكل على الرحمن في الأمر كله    ولا ترغبن بالعجز يوماً عن الطلب
ألم تر أن الله قال لمـــريم             وهزي إليك الجذع تساقط الرطب
•   أما المعلم الثاني من معالم الرقي فهو الإيجابية, التي تعني تكييف الواقع من حولنا وتغييره وتبديله إلى الأفضل, كما تعني المبادرة الذاتية لتقديم الأحسن واكتشاف الجديد وتجاوز عقبة المستحيل, ولنا هنا أن نتعلم الإيجابية من هدهد سليمان الذي تحرك دونما أوامر مسبقة من سليمان ليقطع الفيافي والقفار من فلسطين إلى مأرب والعودة ليأتي بجديد تمثل في قوله كما صور القرآن مقاله وهو يخاطب سليمان: (أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ(22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ(23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) فكان ثمرة هذه الإيجابية والحركة الذاتية إسلام مملكة بكاملها, ولنا كذلك أن نتعلم الإيجابية والمبادرة حتى من غير المسلمين فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها, فسنأخذها من أوساهير الياباني الذي قاد نهضة اليابان يوم أن ذهب للدراسة في ألمانيا وعندها بدأ يبحث عن سر نهضة إيطاليا لينقلها إلي اليابان, كان هذا وهو يدرس أصول الميكانيكا, فبدأ يقتطع من مصروفه الدراسي مبلغا من المال ليشتري به محركا وفعلاً تم له ذلك, ليبدأ بحصوله على المحرك رحلة الفك والتركيب لهذا المحرك بهدف التعرف على ما بدخله وهل يمكنه أن يصنع مثله, فاهتدي إلى أنه لا بد له من أن يعمل بعد دراسته في مصنع لصهر وتشكيل الحديد ليعمل على تشكيل تركيبات المحرك الذي سيصنعه, وفعلاً استطاع أن يصنع محركاً, شغله وهو يردد استطعت أن أمتلك سر قوة أوروبا, ليهديه بعد ذلك لملك اليابان الذي لم يكن على علم بما يصنع هذا الشاب, الذي عاش إيجابياً ألمه أن يعيش دون أن يحدث تغيراً, يتسبب في إخراج بلده اليابان من عصور التخلف والعجز والتبعية, لتلتحق بركب التقدم والتكنولوجية, لتصبح اليوم رائدة التقدم العالمي في مختلف مجالات التكنولوجية, إننا يمكن أن نتعلم من هذا الشاب أن لا مستحيل في هذه الحياة, فالمستحيل الذي نعيشه نحن معشر العرب والمسلمين يتمثل في السلبية القاتلة التي أماتت الهمم, وعطلت العقول, وولدت العجز, السلبية التي تمثلها بعض المسلمين في أبشع صورها يوم أن تحولوا إلى أرقام سالبة تأخذ فلا تعطي, تسبب نقصاً إن أضيفت إلى غيرها دون أن تحدث زيادة.
فما علينا إلا أن نتخلص من داء السلبية القاتل ونثق بعد الله بعقولنا ونسعى لتطويرها بالعلوم والمعارف المختلفة, إلى جانب السعي الجاد في تطوير مهاراتنا وقدراتنا واكتشاف ما أودع الله فينا من مواهب لنستغلها الاستغلال الأمثل فيما يعود بالنفع والفائدة علينا وعلى المسلمين.. نسأل الله التوفيق والسداد.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد