;
رائد محمد سيف
رائد محمد سيف

الإسراف الإعلامي 2155

2012-04-16 03:53:34


كثرت المقالات والآراء السياسية في أيامنا هذه وتسابق الكتاب والمفكرون بوضع مقالاتهم والتفنن بها، وتناسينا إننا بحاجة إلى مقالات أخلاقية واجتماعية تعيد لنا الأخلاق التي تربينا ونشأنا عليها، وهنا حبيت أن اكتب مقالتي هذه لما نعاني من تدنٍ أخلاقي في أيامنا المعاصرة.
حيث بين ابن خلدون في مقدمته أن الإنسان بطبعه اجتماعي وبحاجة للآخرين ولا يستطيع أن يعيش بمعزل عنهم, لكن تحكمه علاقات تربطه بهم. وقد كان حلم أفلاطون من قبله بان يعيش في المدينة الفاضلة لكنه مات دون أن يراها. وقد توالت الحضارات تترائ على وجه هذه البسيطة, منها من اندثر وباد ومنها من هو باق حتى يومنا هذا. وكل حضارة كانت تحكمها منظومة من القيم الإنسانية التي تنظم العلاقات البشرية بين أفرادها، وقد تميزت حضارتنا الإسلامية بقيم منها العفو والتسامح وحب الآخرين، لكن يوماً بعد يوم نلاحظ أن هذه العلاقات تتغير وتتبدل حتى صارت الكراهية والأنانية وصار الانتقام هو السائد ولو لأتفه الأسباب. وبدلا من الحب النقي الصافي من كل مصلحة للغير نرى أن التملق والتزلف لتحقيق مكاسب أو مصالح ذاتيه هو المبدأ الذي يطغى على علاقات الكثيرين. وبدلا من البذل والعطاء ومساعدة الآخرين بات الهدف الأول هو جمع اكبر ما يمكن جمعه بغض النظر عن مصدره حلالا كان أم حراما، وصارت الأنانية وحب التملك هي الغاية الكبرى حتى ولو كان في ذلك عذاب الآخرين أو حتى هلاكهم. كما صار التباهي بامتلاك الغالي والنفيس من ملبس و مأكل ومسكن أمام من لا يملكون القليل من ذلك دون مراعاة لمشاعرهم وأحاسيسهم متعة للبعض ولذة لهم في عذاب الآخرين.
ألم نسمع أو نقرا عن جيران لا يعرفون بعض أو عن أبناء حي يسكن فيه الكثيرون ويرحلون دون أن يتعارفوا أو يتزاوروا، لا في فرح ولا ترح. لقد كنا نقرا أن بعض الناس في الغرب يموتون وحيدين في بيوتهم ولا يعلم ذلك إلا من خلال الروائح المنبعثة بعد أسابيع. فهل يمكن أن تصبح قلوبنا قاسية إلى هذه الدرجة؟ وهل يمكن أن تتجمد علاقاتنا حتى تصل أدناها؟ نعم لقد باتت العلاقات الإنسانية تنحدر وبشكل خطير وتتبدل القيم وتذوب المشاعر النبيلة نحو الآخرين وتتلاشى ليحل مكانها شيء بغيض اسمه المصلحة أو الأنا ومن بعدي الطوفان...!!
إن هذا التبدل في العلاقات هو السبب الرئيس لما نراه اليوم في مجتمعاتنا من ظواهر دخيلة لم يكن أجدادنا ولا حتى آباؤنا يعرفونها. فظاهرة العنف المجتمعي على مستوى العشيرة والجامعة والشارع وحتى الأفراد سببه تغير أسلوب حياة الناس ونمط تفكيرهم الذي يكاد يكون ماديا بحت لدى الكثيرين ممن يحبون الظهور والسيادة وتحقيق المكاسب دون اعتبار لما سينتج من خسائر على المستوى المادي والمعنوي للآخرين. وللأسف ظهر الكثيرون من المطبلين والمزمرين من أصحاب الأقلام الذين باتوا يغذون هذه الأنماط من العلاقات والسلوكيات المأزومة لدى الناس، فلم يعد هناك غير قلة قليلة ممن يكتبون عن القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة وأثرها على المجتمع، بينما ينبري الكثيرون لكتابة التقارير الصحفية والأخبار المثيرة عن أصحاب الملايين وعما يملكونه من قصور فخمة وسيارات فارهة وعما ينفقونه على الملابس المرصعة بالجواهر وعما يقيمونه من حفلات في مشارق الأرض ومغاربها وما تكلفهم من أموال طائلة.
أليس هذا إسرافاً إعلاميا؟ يجرح مشاعر الناس وأحاسيسهم وهم يرون أن هناك من يموت جوعا لأنه لا يجد ما يأكل أو مريض لأنه لا يجد العلاج أو يعيش صراعا داخليا مرا يتحول إلى خارجي لان قطار الحياة قد فاته ولم يحقق ولو بعضا من مبتغاة، فليس لديه عمل أو بيت أو زوجة أو..... الخ. لماذا لا يركز الإعلام على فعل الخير وعلى توطيد العلاقات وتغذية مشاعر المحبة وإبراز المبدعين في صروف العلم والأدب ومجالاته المختلفة.
أليس إسرافاً إعلاميا ما نراه على بعض المواقع الالكترونية من أخبار عن بعض الشخصيات؟ تتم صياغتها من خلال الترصد لهم وتتبعهم ومن ثم تركيز الخبر على جوانب معينة بحيث تشوه صورهم أمام الناس, بينما يصنع من البعض الآخر أبطالاً خارقين سواء كانوا يستحقون ذلك أو لا يستحقون.
ثم أليس إسرافاً إعلاميا ما ينشر من تهويل للأمور؟ ومن تعليقات جارحة عن أفراد ومؤسسات يكتبها كل من هب ودب وأحيانا بأسماء وهمية ودون أدنى تحمل للمسؤولية.
أن التوسع في هذه المواقع وما تبثه من أخبار وترك الحبل لها على الغارب قد بات فيه إساءة بالغة لعقول الناس وتفكيك للعلاقات الطيبة فيما بينهم وتشويه للصورة الناصعة النقية لإنساننا الطيب ولمجتمعنا اليمني المتماسك. ولم يعد ذلك حرية فكر وتعبير إنما عنف وتدمير. فما العلاج؟
مع خالص دعائي للوطن وأبناءه وقيادته أن يديم الله علينا نعمة الحب والمودة وحسن الخلق

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد