يخرجون كما تخرج الأسود من عرينها ..قامات شامخة وهمم عالية وجباه مضيئة كنور الشمس حين يسطع من بين ظلام الليل الحالك
يقطعون المسافات الطويلة بخطوات متسارعة وأصوات عالية وأنفاس متدفقة، كأنما خرجوا من سجن كبير كتم على أنفاسهم وقيد حركتهم وخنق الأصوات داخل الحناجر طيلة سنوات.
لا يشعرون بتعب أو ملل أو كسل، بل إن المسافات تطوى بسرعة عجيبة تزيد من إصرارهم وتقوي عزيمتهم.
يتسابقون على السطر الأول، يحاول كل واحد منهم أن يكون في المقدمة رغم علمهم بأنهم سيواجهون الموت حتما، لكن الموت أصبح بالنسبة لهم منحة وهبة يتسابقون عليها.
لوحة رائعة لا يستطيع احد فهم تفاصيلها إلا حين يكون خطا أو نقطة مرسومة وسط خطوطها الكثيرة ولا يستطيع احد التمتع برؤية ملامحها الجميلة إلا إذا نظر إليها بعيون يملؤها عشق الوطن ورغم أني لم أحظ بوجودي معهم إلا مرات معدودة، إلا أنها عنت لي حياة وتجربة فريدة ورائعة بما تعنيه الكلمة
في بداية أحداث تعز الدامية صاح احد الجنود (أصحاب تعز "....." لأنهم يرمون بأنفسهم إلى الموت بدون خوف ) مسكين ذلك الجندي لم يفهم ماذا يعني أن تهب روحك لوطن عاشت روحك محبوسة داخله وماذا تعني الحرية لمن بدأ يتذوق ملامحها التي أضاءت العيون وملأت نقحاتها مسامات القلوب
لم يفهم بعد ماذا يعني أن يستولي مجموعة أفراد على حقك في وطنك في أرضك وحتى في لقمة عيشك ويمنون عليك أن منحوك فتات الحياة ,جعلوا من أنفسهم أسياد من غير حق وحولوا الناس إلى عبيد بغير ذنب ,شباب الحرية أدركوا الآن أن وطنهم سلب منهم، لذلك فهم ماضون في انتزاعه، مهما يكن الثمن فلن يساوي قيمة أن تشعر انك تملك وطن.
لا يستطيع احد فهم ما يجري في ساحات الحرية إلا حين يكون بينهم وواحد منهم وانه لشرف عظيم يناله من يقدر معنى التضحية في سبيل حياة جديدة ويحرم منه من لا يرى ابعد من أصابع قدميه
ساحات الحرية والتغيير جمعت شتات الناس ووحدت قلوبهم وألغت تلك التقسيمات المقيتة التي شاعت بين الناس وزرعت في أذهانهم لزمن طويل ومن هناك ألغيت كل الحدود وتوحد الشعب وحدة حقيقية وحدة قلوب ووحدة رأي وهدف ,وحدة ليست من صنع الرئيس هذه المرة، فوحدته أزالت نقاط التفتيش والبراميل من الحدود، لكنها فرقت القلوب ومزقت المشاعر وولدت الحقد والبغضاء حتى بين سكان القرية الواحدة.
فيا أيها الثوار الجدد حافظوا على نقاء ثورتكم ولا تنتظروا العون من احد غير الله ولا تطلبوا النصر إلا ممن يملكه واعلموا أن ما يميز لوحتكم وما يعطيها العظمة والروعة هو منظركم وانتم صفوف مرصوصة تؤدون الصلاة خاشعين متذللين للقاهر الجبار، هو وحده سبحانه من سيهب لكم النصر العزيز وليست أمريكا أو حتى دول الخليج، لان كل منهم لا يبحث إلا عن مصلحته، هي وحدها قوة الإيمان، ثم الصبر من سيأتيكم بنصر تفاخرون به الأمم.
algohrah1020@hotmail.com
