السفير التركي بصنعاء في حوار مع موقع "يمن فوكس" الناطق بالإنجليزية:

وحدة اليمن في خطر

2014-12-02 15:53:59 حاوره/ منير الحميري

دق دبلوماسي رفيع المستوى ناقوس الخطر على الوحدة اليمنية، مؤكداً أن وحدة اليمن في خطر وأنها تواجه تهديدات وشيكة وواضحة، معتبراً ذلك مصدر قلق بالغ وكارثة على اليمن، كونه لن يشمل الجنوب والشمال بل سيقسم اليمن إلى عدة دويلات.

وشن السفير التركي بصنعاء انتقاداً لاذعاً على الأحزاب السياسية في اليمن حيث قال إن معظم الأحزاب على الساحة اليمنية لا يمكن تسميتها بأحزاب سياسية من المنظور السياسي.

وفي حوار مطول أجراه موقع يمن فوكس الناطق باللغة الإنجليزية مع سعادة السفير التركي بصنعاء، فضلي كورمان، أعرب سعادته عن قلقه البالغ إزاء الاشتباكات واستخدام الأسلحة الثقيلة في المدن، في إشارة إلى المواجهات التي جرت مؤخراً بين جماعة الحوثي ومرافقي آل الأحمر في منطقة الحصبة.

وأنتقد السيد كورمان بعض الأعمال التي قامت وتقوم بها جماعة الحوثي المسلحة من هجوم على المباني ونهب وتفجير المنازل، مشدداً على ضرورة أن يتم التحقيق وإمعان النظر في تلك الحوادث، معتبراً أنها تنطوي في إطار الجرائم.

وأكد السفير التركي بصنعاء انه من غير الممكن لجماعة الحوثي أن تعالج المظالم التي تزعم أنها لحقت بها في العقود السابقة عبر خلق المزيد من المعاناة، داعياً الحوثيين إلى أن يكونوا جزءاً من المجتمع اليمني وان ينخرطوا في العمل السياسي.

وتعليقاً على الأحداث الأخيرة، وصف سعادة السيد كورمان ما حدث بالفعل هو حدث درامي وغير عادي. وقال: لقد انتابنا القلق مما رأيناه, محذراً من انه إذا انتشرت الفوضى في العاصمة فهذا ينذر بمزيد من المشاكل الأمنية.

وفيما يتعلق بمؤتمر الحوار الوطني الشامل، أتهم السفير معظم الأحزاب السياسية الرئيسية في اليمن بالتلاعب في تنفيذها، مؤكداً أن مخرجات الحوار الوطني هي افضل شيء حدث لليمن في القرن الماضي، لأن جميع المكونات في المجتمع اجتمعوا تحت سقف واحد وفي قاعة واحدة لمناقشة كل المسائل العالقة من دون خوف من أي شيء.. إلى نص الحوار:

* في البداية يرحب موقع يمن فوكس الناطق باللغة الإنجليزية بسيادتكم أجمل ترحيباً ونوّد أن نعبر لكم عن بالغ شكرنا على منحنا بعضاً من وقتكم الثمين والهام في هذا اللقاء لتسليط الضوء على بعض القضايا الهامة على الصعيد المحلي والدولي؟

- إنه لمن دواعي سروري .

* من وجهة نظركم, كيف تقيمون عملية الانتقال السياسي في اليمن؟ هل ترون أنها تسير في الاتجاه الصحيح؟


- نعم, العملية السياسية في اليمن تسير في الاتجاه الصحيح, وعملية الانتقال السياسي في اليمن هي حالة فريدة ضمن سلسلة من عمليات الانتقال المماثلة في بلدان أخرى. عملية الانتقال السياسي في اليمن حققت نجاحاً لا بأس به على الرغم من أن الشارع اليمني لم يلمس هذا النجاح، ويتساءلون: أين هو وما مدى هذا النجاح؟ فما زال المواطن يعاني من كل شيء؟! هذا صحيح، هناك معاناة, ولكن عمليات التحول الديمقراطية لا بد أن يشوبها شيء من هذا القبيل, وهناك حاجة ماسة لتحقيق الأهداف.

هناك دائما طرق صعبة يجب أن تسلكها وأعتقد أن اليمن ستجتازها. على الرغم من أن الفترة الانتقالية في اليمن تخللتها العديد من المشاكل، وشهدت نوع من التباطؤ والتسويف والعقبات ومحاولات كثيرة لإعاقتها أو حتى إيقافها، إلا أنه ورغم كل تلك العقبات، فإن العملية مستمرة بطريقة أو بأخرى.

في الحقيقة أحداث سبتمبر في صنعاء أعادت صياغة المرحلة الانتقالية ونقلتها إلى مرحلة جديدة، وسنرى كيف ستمضي قدماً، ولكنني لا أزال أؤمن بالانتقال السلمي في اليمن والذي قد قطعنا شوطاً لا بأس به في تحقيق بعض متطلباته. ونأمل أن تنُجز المرحلة الانتقالية بنجاح! وسنستمر في مراقبة ما يحدث في اليمن عن كثب وسنحاول أن ندعم عملية الانتقال السياسي بطريقة إيجابية، لكننا لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً, ولكننا نأمل ذلك فعلاً.

*هل تعتقد أن الأحزاب السياسية في اليمن ملتزمة 100 ٪ بعملية الانتقال السياسي؟


- لا على الإطلاق، ليست كل الأحزاب ملتزمة. ليست الأحزاب ملتزمة بعملية الانتقال السياسي في اليمن حتى بنسبة 50%. البعض منهم ليس ملتزماً جزئياً بالانتقال السياسي في اليمن ! لكن النقطة الهامة هنا هي; ما الذي يؤمن به الناس؟!

بالطبع ليس من السهل تغيير أو حتى اختبار ما يعتقده الناس. لكننا نعتقد أن اليمنيين يريدون حكماً أفضل لبلادهم, نظاماً أفضل, حيث يمكن استغلالها موارد اليمن لصالح الشعب اليمني. وهذا أمر يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف اليمنية للوصول باليمن إلى بر الأمان.

ولكن، إذا كان كل شخص مهتماً فقط بنفسه وبمصلحته الشخصية أو مصلحة حزبه ولم يعر اهتماماً لمصالح الشعب، بالطبع لا يمكن تحقيق شيء من ذلك. وفي هذا الصدد, فإن عملية التحول السياسي الجارية في اليمن تعني نوعاً من التحول داخل الأحزاب السياسية اليمنية نفسها.

وقد درست أثناء دراستي الجامعية في "مقدمة في الأحزاب السياسية" أن الأحزاب لها عدة تعاريف وأنواع ، منها ايدلوجية ومنها سياسية وغيرها. وأعتقد ان جوهر النهج الديمقراطي يعتمد على أيديولوجية تلك الأحزاب. لذلك يجب على كل الأحزاب والمكونات السياسية أن تجد مجموعة من الحلول لمشاكل البلاد.

فيما يتعلق بالوضع في اليمن, نحن نفتقر إلى تلك الأحزاب, فبعض الأحزاب ليست ديمقراطية تماماً اذا ما طبقنا عليها النظرية السياسية. فإذا نظرنا إلى الأحزاب اليمنية من جانب النظرية السياسية, أو في نظرية العلوم السياسية, فسنجد أن معظم تلك الأحزاب لا يمكن أن نسميها أحزاباً سياسية.

ولذلك ينبغي عليها إيجاد حلول لكل مشاكل اليمن: ما هي المشاكل التي تعاني منها اليمن؟ ما هو نظام الحكم المناسب؟ هل يجب أن تكون فيدرالية أم مركزية أم ما ينبغي أن تكون عليه اللامركزية ؟ ما هي الموارد اللازمة للتنمية ؟ وغيرها من الأسئلة.

هناك العديد من المشاكل التي تعاني منها اليمن، و يجب على كل حزب سياسي تقديم وصياغة حلول لكل تلك المشاكل بطريفة شفافة أمام الرأي العام, فمثلاً يقول اذا انتخبتوني سوف افعل كذا وأقدم كذا!. هذا هو المعيار الذي نقيم به الأحزاب.

لذلك لا يجب على الحزب السياسي أن يقول للشعب "اذا انتخبتوني سأحكم البلد" فحكم البلاد لا يعتمد أساساً على الشخصيات وإنما يعتمد على السياسات التي تنتهجها الأحزاب وهذا ما يجب أن يفهمه الساسة.

و في هذا الصدد، أعتقد أنه في حين تشهد اليمن عملية تحول سياسي، فإن الأحزاب السياسية اليمنية تشهد عملية تحول أيضاً أو أنها بحاجة إلى تغيير نهجها السياسي. اذا قاموا بذلك فعلاً، فأن العملية الانتقالية ستُكلل بالنجاح, أما إذا لم يقوموا بذلك، فسيتخلفون عن النهج والتطور الديمقراطي في اليمن.

* بعد التطورات الأخيرة في اليمن، وبعد دخول الحوثيين إلى صنعاء، كيف يمكن إعادة تطبيع الأوضاع في العاصمة ؟


- بالطبع هذه هي المشكلة !؟ كيف ستعود الأمور إلى طبيعتها في صنعاء لأنها ليست طبيعية في الوقت الراهن, على الرغم من الهدوء الذي نشهده، إلا انه ربما يكون هناك العديد من التفسيرات وراء هذا الهدوء! ما هي المشكلة ؟

صحيح أننا جميعا بخير بطبيعة الحال، ولكن هذا ليس هو المغزى. لا يمكن أن ينُظر إلى الأحداث المأساوية التي شهدناها في الأشهر الثلاثة الماضية في أي مكان آخر إلا في أفلام الحركة والإثارة "الأكشن" والتي يتخللها بعض المفاجآت والغموض.

ولذلك فمن المثير لنا كمراقبين أن نراقب عن كثب ما حدث، ونحن على يقين من أن ذلك ليس بالأمر العادي!. إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في كيفية توحيد الجهود بين الأحزاب السياسية.

في الحقيقة عندما دخل انصار الله إلى العاصمة اليمنية صنعاء لم يواجهوا أي مقاومة حقيقة تذكر من السلطات. وقد فرضوا سيطرتهم بسهولة جدا في العاصمة صنعاء، و بعد ذلك أظهروا نوعاً من حسن النية من خلال توقيع وثيقة السلم والشراكة الموقعة في سبتمبر أيلول الماضي, ولسان حالهم يقول إننا وقّعنا على هذه الوثيقة ونحن في أوج قوتنا.

في الواقع، هذه علامة جيدة ,ولكن الأهم من التوقيع على الوثيقة هو ترجمتها على ارض الواقع. فهم يشترطون تنفيذ بعض النقاط قبل تنفيذ بنود الاتفاقية. والآن هذه النقاط تنُفذ واحدة تلو الأخرى مع بعض الصعوبات، وقد تم تشكيل الحكومة.

ربما هم ليسوا راضين عن الحكومة بشكل كلي, ولكن هذه هي سنة الحياة, فلا يمكن أن تحصل على الرضى الكامل من كل شيء، و خصوصا في السياسة, بمعنى انه لا يمكن للشخص أو للحزب أن يكون راضياً بشكل كلي في المجال السياسي, وهذه هي السياسة الجيدة.

 فإذا وجد أن بعض الأحزاب أو حزب أو حتى شخص مقتنع تماماً في قضية سياسية ,فهذا يكون مدعاة للمشاكل في المستقبل. وحتى الآن، ما نراه هو أن بعض شروط مسبقة مكتوبة في تلك الوثيقة قد تم الوفاء بها ومن ثم نرى أيضا علامة إيجابية من الجانب الحوثي حيث بدأ في تنفيذ بعض المتطلبات المتوقعة منه مثل رفع نقاط التفيش!

*كيف بدأ الحوثيون بتنفيذ بعض النقاط، في حين خاضوا اشتباكات مسلحة مع أنصار آل الأحمر في منطقة الحصبة مؤخراً؟


- سمعت عن تلك الاشتباكات ولكن لا تتوفر لديّ الكثير من التفاصيل عن ذلك. بالطبع, هذه من الأنباء المقلقة للغاية التي تحدث في العاصمة, الاشتباكات المسلحة ليست مناسبة للعصر الحديث.

يجب علينا ألا نتقاتل في الشوارع باستخدام الكلاشنكوف أو الأسلحة الثقيلة في الوقت الحاضر, فاليمنيون يستحقون أفضل من هذا. وفي هذا الصدد ,نأمل أن هذه الأمور لن تستمر: اشتباكات مسلحة وهجمات على المباني , فهذه ليست طرق مناسبة للتعامل مع القضايا السياسية.

القضايا السياسية أو قضايا الفساد وغيرها من المشاكل التي تواجهها اليمن يجب أن يعالجها اليمنيون بالطرق السلمية الفعالة. ليس من الضروري أن تمتلك سلاحاً لتحل قضية أو مشكلة، فهناك طرق أخرى سلمية لحل القضايا.

فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقية السلم والشراكة الموقعة في 21 سبتمبر, أعتقد أننا نشعر الآن بتحسن قليلا حيث التزم الحوثيون بتنفيذ بعض بنود الوثيقة. وهناك أيضا أشياء أخرى في الجزء الأمني من الاتفاقية التي نتوقع من الحوثيين أن ينفذوها : مثل تسليم الأسلحة الثقيلة و الذخيرة التي نهبوها من المؤسسات الحكومية وتسليمها إلى الدولة.

أن تزعم انك جزء من النظام السياسي شيء، ولكن أن تضع نفسك في مكان الحكومة وتمارس مهام الدولة فهذا شيء آخر. لا يمكن لأحد أن يرث شرعية وأن يتصرف كحكومة.

هناك طريقة واحدة فقط لتمثل الحكومة وهي أن تصبح أنت هذه الحكومة من خلال النظام الديمقراطي، و الانتخابات , عندها تكون قد حصلت على الشرعية ويمكنك حينها أن تتكلم باسم الشعب.

لا يمكنك فقط أن تقول إنك تتحدث وتتصرف نيابة عن الشعب ، ثم تنفذ ما قلت!. يمكن أن يحدث ذلك أثناء الثورات, لكننا لا نرى مثل هذا الموقف من جانب جماعة انصار الله. ما نراه هو أن هناك مشاكل هنا وهناك، ويزعم الحوثيون بأنهم يعملون على حل هذه المشاكل و طريقتهم في سرد وشرح مبرراتهم في بعض الأحيان تكون مقبولة ومعقولة.

لكن الشيء المهم بالنسبة لنا كمراقبين هو انه لا يجب علينا أن نتدخل في السياسة الداخلية اليمنية، فليس لدينا أي حق بالتدخل في الشؤون الداخلية. هذا يعود للشعب اليمني نفسه فهو من سيقرر كيف سيحكم بلادة وما هي السياسات الداخلية التي ستنفذ.

ولكننا ننظر للمسألة كمراقبين، وبالطبع إذا اليمنيين سعداء، سنكون سعداء لسعادتهم, وهذا هو بيت القصيد! لا أحد يستطيع أن يقول أي شيء عن هذا البلد إلا اليمنيين أنفسهم.

بالنسبة لنا كمراقبين ، ما يهمنا هو أن تكون اليمن مستقرة وآمنة حيث يمكننا أن نعمل كسفراء ضيوف في بلدكم بشكل جيد بقدر الإمكان لنتعاون ونزيد من حجم التعاون التجاري والاقتصادي، وتنفيذ المزيد من المشاريع في اليمن ليصبح مكانا أفضل لليمنيين للعيش فيه , وبالنسبة لنا مكان أفضل للتعاون معكم!!.

على سبيل المثال، فقد يتساءل البعض عن ما هي الرؤية التركية تجاه اليمن؟ الرؤية التركية لليمن هي أن نرى اليمن آمن ومستقر و يتحسن اقتصاديا ، بحيث سيكون لدينا المزيد من الأخوة الذين سنتعامل معهم اقتصاديا ونتعاون معهم تجارياً.

لأنه عندما يكون أخوك في امسّ الحاجة للحاجات الضرورية الأساسية للحياة, ويعاني من الفقر المدقع فان هذا بالطبع سيزعجك وسيسبب مشكلة لك, لأنه سيكون دائما في حاجة للمساعدة اذا عانى من أية مشاكل.

فالعالم مثل قرية كبيرة , فإذا كانت منازلنا مزدهرة وآمنة وهادئة، لا يعني هذا أن المنازل الأخرى تذهب إلى الجحيم . فالمنزل المجاور يؤثر عليك ونحن نعرف ذلك جيدا . والشيء المهم هو إن يجد اليمنيون وسيلة للتعامل مع الوضع الراهن!.

نعم ، الحوثيون الآن في صنعاء وقد اصبحوا جزء من النظام، ويجب علينا ان نقبل حقيقة ان لديهم مظالم من الماضي. فإذا كان لديهم معاناة ومظالم فمن حقهم المطالبة بالتعويض والتصحيح. لكن المعاناة لا يمكن معالجتها من خلال خلق المزيد من المعاناة.

لذلك إذا كان الحوثيون يزعمون أن لديهم الحق في حكم هذا البلد, فيجب عليهم أن يكونوا جزءاً من المجتمع اليمني وان ينخرطوا في العمل السياسي من اجل الوصول إلى ذلك ويجب علينا أيضا أن نرحب ونتفهم ذلك!.

الطرق الشرعية الحقيقية هي الطرق والأساليب السياسية السلمية الحقيقية. إذا خاضت جماعة الحوثي السياسية الانتخابات وفازت ببعض المقاعد وكسبت الانتخابات الرئاسية وكان لديهم دعم الشعب اليمني، فمن الذي يمكنه أن يتكلم أو يقول أي شيء ضد ذلك ؟!. ونحن نأمل أن يحدث ذلك لذلك وانه من الجيد أن تشترك جميع مكونات البلاد في إدارته.

 في الحالة اليمنية , كما تعرفون أن الحراك الجنوبي في جنوب اليمن والحوثيون في صعدة التي كانت معقلهم, كما أن الأحزاب السياسية الوطنية الكبرى في اليمن مثل المؤتمر الشعبي العام و التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي و بعض الأحزاب الصغيرة الأخرى مثل الحزب الناصري وغيرهم ، لماذا لا تجد هذه الأحزاب طريقة للتنافس سياسياً في إدارة هذا البلد.

*ما هو الموقف التركي تجاه الدور الإيراني الواضح في اليمن خصوصا بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء؟


 - لا نستطيع أن نقول أن لدينا موقف على شيء من هذا القبيل . هناك الكثير من النقاشات حول التدخل الأجنبي في اليمن. من حيث المبدأ كدبلوماسي, أود أن أقول أن الشيء المهم هو أن نترك قضايا اليمن لليمنيين وهذه هي النقطة الأولى.

والنقطة الثانية هي انه لا ينبغي لي أن أعلق على سياسات الدول ولهذا سأبقى بعيداً عن الحديث عن التدخل الإيراني في اليمن سواء كان هناك تدخل أم لا!. سمعت الكثير عن هذه التدخلات من خلال اتصالات وثيقة وليس هناك أي سبب يمنعني من تصديق ذلك. لكن لا يحق لي التدخل في ذلك و لهذا سأبقى بعيداً عن الخوض في مثل هكذا مواضيع.

 أما الجزء الآخر فيما إذا كان لدينا قضايا أو مواقف تجاه صنعاء, فموقفنا هو أن صنعاء هي عاصمة لبلد شقيق ولدينا علاقات دبلوماسية ، لدينا سفارة ونود أن نرى اليمن اكثر استقرارا وان يطبق القانون في هذه العاصمة ، لا نريد أن نرى اشتباكات مسلحة في العاصمة.

نريد أن نؤدي أعمالنا بشكل هادئ و طبيعي. وللتأكيد, ما حدث بالفعل هو حدث درامي وغير عادي، وهذا أمر مؤكد. شاهدنا وما زلنا نراقب ما يحدث و لقد انتابنا القلق من ما رأيناه .

وفيما يخص الجانب الأمني فإذا انتشرت الفوضى في العاصمة فهذا ينذر بمزيد من المشاكل الأمنية. والحمد لله ,حتى الآن لم تصل الأمور إلى مثل هذا الوضع المأساوي. نعم، جرت العديد من المشاكل المتعلقة بالاشتباكات وغيرها، وقد تم نهب بعض البيوت وتفجير بعض المباني وهذا ليس جيداً على الإطلاق!.

أعني أنه لا بد من التحقيق في هذه الحوادث ولا بد من إمعان النظر في مثل هكذا مسائل , من الذي نهب وفجر تلك المباني ، لأن تلك تُعد جرائم. أياً كان ذلك، فلا يمكنك تنفيذ العدالة بنفسك!. فإذا فعل شخص فعلاً سيئا تجاهك ، ليس من المفترض أن تأخذ رد فعل حيال ذلك.

على أي حال، هذه مشكلة يمكن معالجتها في اليمن ! فيما يتعلق بالوضع الأمني في صنعاء، استطيع القول أن الجانب التركي يشاهد ويلاحظ ما يحدث عن كثب، وفي تلك الأيام كنا جميعا في حالة تأهب وننظر إلى الوضع اليومي ونقوم بعمل التقييمات المناسبة مثلنا مثل بقية الهيئات الدبلوماسية في بقية السفارات.

كما يمكنك أن تتخيل أن أي شيء يحدث في أي من السفارات سواء للطاقم العامل أو حتى السيارات أو أي شيء، فانه يعُمم على الفور فيما بيننا ,فجميع أفراد السلك الدبلوماسي في اليمن لم يكونوا مرتاحين حيال ما حدث.

لم نكن نريد أن يحصل ذلك حقاً ، ولكن المزيد والمزيد من الاستقرار قادم ونحن سعداء لرؤية الحوثيين ينفذوا بعض بنود الاتفاق أكثر فأكثر. عندئذ ستزداد الثقة بهم وسنتعامل معهم وفقاً لأفعالهم وليس وفقاً لأقوالهم. عندما نسمع لكلامهم نقول لهم إن لديكم الحق في كذا وكذا, لكن الأفعال ستبين كيف سنتعاون معهم!

*كمراقب للانتقال السياسي في اليمن ولتحركات جماعة الحوثي. هل تعتقد أن هدفهم هو المشاركة في السلطة أم تنفيذ أجندات خارجية؟


- هذا سؤال صعب جدا، وآمل أن لا تكون الإجابة عليه هي الشطر الثاني من سؤالك ! نعم ,هناك بعض العناصر ليست واضحة المعالم في الوقت الراهن, لذلك فالإجابة على هذا السؤال ليست واضحة في هذه اللحظة.

حيث يمكننا أن نفكر في كلا الاتجاهين، في الوقت الراهن يزعم الحوثيون انهم لا ينفذون أجندات خارجية ولكنهم يسعون لإيجاد حكم افضل في اليمن. يقولون انهم يريدون محاربة الإرهاب والفساد ، ومع هذا لا يمكننا أن نتكهن كيف سيتصرفون عندما يكون لديهم السلطة الحقيقية.

وبيت القصيد هنا هي أن الأعمال تتكلم بصوت اعلى من الأقوال و سنقر ذلك وفقا لتصرفاتهم. انطباعنا الأول أخذناه عن طريق الاستماع إليهم و سنرى ما سيفعلون في المستقبل, أفعالهم ستكون مكشوفة ليس لنا فحسب وإنما أيضا لليمنيين.

 الآن، تم تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة ويجب أن تعمها جميع الأطراف السياسية لكي تنجح في أداء مهامها , لأنها لم تُشكل من هذا الحزب او ذاك!. اعرف بعض من وزراء الحكومة الجديدة واعتقد انه تم اختيارهم بناء على كفاءتهم وقدراتهم وهم لا ينتمون بشكل مباشر إلى الأحزاب السياسية.

وقد أجريت بعض الاتصالات مع بعضهم بالطبع لبحث قضايا التعاون بين البلدين. اعتقد أننا سنكتشف ذلك في المستقبل، أي أن الإجابة عن هذا السؤال ستبقى معلقة, وسيجيب عنها الحوثيين لأنهم المعنيون بالإجابة في الدرجة الأولى. وأنا على ثقة أن الحوثيين سيفون بالتزاماتهم, وهذا ما نلاحظه على الواقع.

*أمضينا تسعة أشهر في مؤتمر الحوار الوطني ، وخرجنا بالكثير من المخرجات والسؤال هو: لماذا لم تُنفذ الأحزاب اليمنية حتى الآن أي من تلك المخرجات؟


- هذا هو بالضبط الحجة التي برر بها الحوثيون أفعالهم في الفترة الأخيرة وهي عدم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني. لم تنفذ مخرجات الحوار الوطني الشامل لان معظم الأحزاب السياسية الرئيسية يتلاعبون في تنفيذها.

يجب على الأحزاب السياسية أن تنتهز فرصة لمراجعة وتقييم سياساتها وتصحيح ما ارتكبه من أخطاء إن وجدت. في الواقع، مخرجات الحوار الوطني ربما تكون هي افضل شيء حدث لليمن في القرن الماضي، لأن جميع المكونات في المجتمع اجتمعوا تحت سقف واحد وفي قاعة واحدة لمناقشة كل المسائل العالقة من دون خوف من أي شيء.

*سعادة السفير , لكن تلك المخرجات لم تترجم بعد على ارض الواقع؟

- نعم، هذا صحيح ، لم تنفذ تلك المخرجات على أرض الواقع ، وحصل تأخير في هذا الصدد، وحدث بعض التلاعب, وهذا الذي أوصلنا إلى هذا الوضع المأساوي العاصمة صنعاء. ولذلك أكدت اتفاقية السلم والشراكة الموقعة في 21 سبتمبر أيلول الماضي على تنفيذ مخرجات الحوار.

لم يأتِ هذا التأكيد بالصدفة بل هو حصيلة وجود تراكمات عكسها الحوثيين على المواطنين للدخول في المشهد السياسي. فإذا كان وجود الحوثيين في صنعاء هو بسبب عدم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني, فسنكون كلنا حوثيين وسندعمهم ولا مشكلة في ذلك على الإطلاق، لأن من قرر نتائج الحوار الوطني هو الشعب اليمني بجميع أطيافه ويجب تنفيذها وبطبيعة الحال، إذا أخذت الأمور هذا المنحنى، سنكون جميعا سعداء حيال ذلك.

*فيما يتعلق بجنوب اليمن، هدد الحراك الجنوبي أن يوم الـ 30 من نوفمبر سيكون يوم إعلان الانفصال. ما تعليقك؟

- نعم ، في الواقع وحدة اليمن في خطر، فهناك تهديدات وشيكة وواضحة جدا تواجه وحدة اليمن، وهذا ما يقلقنا حقاً! ولا أعتقد أن الـ30 نوفمبر شهد تغييرا جذريا ، على الرغم من تهديدات الحراك الجنوبي.

بطبيعة الحال، الحراك ليس حركة موحدة، لذلك لا نرى موقفاً موحداً من الجميع في عدن أو في الجنوب. بالمقابل الحوثيون لديهم مظالم استمرت لعقود من الزمن، وكذلك يوجد مظالم في الجنوب، بعد قيام الوحدة. لديهم شعور أو اعتقاد بأن والوحدة خدعتهم، وزادت من معاناتهم ولا يمكننا أن نلومهم حيال ذلك؟!

*ولكن السؤال هو هل سيعالج الانفصال تلك المظالم؟

- الجواب هو أن سبب معاناتهم لم تكن الوحدة ولكن المشكلة كانت في كيفية إدارة البلد . وبالتالي فإن الانفصال لن يحل مشاكلهم. وأنا دائما أسأل الإخوة في الجنوب ، إذا كنتم تعرفون كيف ستحكمون الجنوب بشكل أفضل، فلماذا لا تطبقون هذه المبادئ في حكم اليمن كلها، فالشيء الجيد الذي ستطبقونه في الجنوب يمكن أن يطبق على البلد كله، و بهذا نكون قد ساعدنا أيضاً إخواننا في الشمال عن طريق إدارة البلد بشكل أفضل!.

البلد الموحد هو المبدأ الذي نعتقد هو المناسب لليمن وهذا ما يجعلنا متمسكين بوحدته. ونعتقد أن الانفصال سيكون كارثة على اليمن، لأنها لن تتوقف عند تقسيمها إلى دولتين كما يقول الجنوبيون!.

لن يقتصر الأمر إلى التقسيم إلى دولتين , شمال وجنوب ،ولكن الجنوب سيتقسم إلى عدة دويلات منها حضرموت والمهرة فلا يمكن أن يبقوا تحت حكم عدن فهم يريدون دولة خاصة بهم . وما ينطبق على الجنوب ينطبق على الشمال الذي سيواجه نفس المصير ونفس المشاكل!.

لذلك, سيتقسم اليمن إلى دويلات ويذهب إلى ما هو ابعد من الانفصال : سوف تكون هناك حالة من الفوضى ! لذلك من الأفضل أن تبقى اليمن موحدة مثل ألمانيا , حيث اتحدت ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية , وأصبحت من الدول الاقتصادية، على الرغم من أنكم في اليمن توحدتم قبلها ولذلك يجب أن تبقى الوحدة من اجل نجاح اليمن .

ليس هناك حاجة للانفصال وفك الارتباط عن الشمال ,لأنه بلد واحد ,واعتقد أن هناك أيضاً حاجة ماسة لتطبيق اللامركزية: أنها ليست مسألة شمال وجنوب ،ولكن ينبغي أن يكون هناك نوع من نقل السلطة من السلطة المركزية إلى السلطات المحلية في الولايات أو المحافظات, وهذا ما نطبقه فعلاً في تركيا.

فعلى الرغم من أننا بلد موحد، إلا أننا نخول معظم الصلاحيات للسلطات المحلية في المحافظات والمدن. لدينا محافظون معنيون من الحكومة المركزية، ولكن يتم انتخاب رؤساء البلديات والذين يتمتعون بصلاحيات كبيرة مثل افتتاح المدارس والطرقات والكهرباء يتم انتخابهم من قبل السكان المحليين.

لذلك معظم هذه الأمور تقرر على المستوى المحلي .أما المحافظ فهو فقط يمثل سلطة الدولة, السلطة المركزية, يمثل رئيس البلاد في تلك المدينة. المحافظ بالطبع أعلى سلطة في السلطة المحلية.

أعني أنه يمثل سلطة الدولة، ولكن رئيس البلدية يتمتع بسلطة اكبر وأكثر واقعية : فلديه قوة رقابية ، اتخاذ القرار ؛ على مختلف الأصعدة , لكن لا يمكنه اتخاذ القرار فيما يخص مسألة السياسة الخارجية, أو الدفاع، لكنه يمكن أن يتخذ القرارات فيما يخص القضايا المحلية.

*هل يمكننا نسخ التجربة التركية وتطبيقها في اليمن؟

- نعم , يمكن ذلك ! ففي معظم الحالات ,يكون السكان المحليون غير سعداء بقرارات الحكومة المركزية , لان تلك القرارات ليست جيدة ,وذلك لان الحكومة المركزية لا تدرس بتمعن احتياجات السكان المحليين. اذا طورت هذه الألية وانتقلت الدولة من المركزية إلى اللامركزية بالشكل الصحيح سينجح الأمر.

فإذا وفرت لك المحافظة أو البلدية خدمات الكهرباء فيحق لها أخذ قيمة الخدمة لعمل استثمارات اكثر وتقديم خدمة افضل. لذلك ,هذه الأنواع من الخدمات والمهام يجب أن تترك للسلطات المحلية في المحافظات , أما القضايا العامة مثل السياسة الخارجية والدفاع ووضع استراتيجية الحكم في البلد يجب أن تتخذها الحكومة المركزية.

*حسناً.. ما هو انطباعك عن حكومتنا الجديدة ؟ هل تعتقد أنها حكومة تكنوقراط فعلاً؟


- بالطبع هي حكومة تكنوقراط، كما تعلمون أن بعض الوزراء في الحكومة كانوا مشاركين في الحكومة السابقة واحتفظوا بمناصبهم, وقد اختيروا بسبب كفاءتهم وخبراتهم وليس بسبب انتماءاتهم السياسية.

لذلك أتوقع الكثير من هذه الحكومة, فمعظم الأعضاء في الحكومة أشخاص اعرفهم من قبل وقد تواصلت معهم عندما كانوا سواء نواباً ووزراء أو مسؤولين حكوميون, والبعض الآخر لا اعرفهم شخصياً, لكن معظمهم أعطانا انطباعاً جيداً واعتقد أنها ستكون حكومة ناجحة وستعمل بشكل وحدوي.

أما الحكومة السابقة فلم تكن كذلك وذلك لان الوزراء كان ينتمون إلى أحزاب وتيارات سياسية ولذلك كانوا يسعون وراء تنفيذ سياسات أحزابهم ولم يعيروا اهتماماً إلى احتياجات الوزارة أو البلد بشكل عام. أتمنى أن تكون حكومة تكنوقراط وتعمل لخدمة الوزرات والبلد وليس خدمة أحزابهم.

*تقوم بعض وسائل الإعلام اليمنية بتلفيق أخبار ضد السفارة التركية، ما تعليقكم على ذلك؟


- أحياناً عندما أرى مقالاً منشوراً في إحدى الصحف ينتقد فيه السياسات التركية، لغرض تحسينها, سأكون سعيداً جداً. في الحقيقة أريد أن أسمع من الأخوة اليمنيين عن السياسيات التركية التي تعجبهم ويوضحون الأمور التي يرونها أنها ليست صحيحة من وجهة نظرهم من خلال الكتابات. ولكن ما ينشر أخبار مفبركة واتهامات مباشرة حيث يتهموننا بأشياء لا تصدق والتي حتى لا تستطيع تخيلها.

ورسالتنا لإخواننا في اليمن أن أي دولة لن تقبل شيئاً من هذا القبيل !فهؤلاء يلعبون لعباً لتحقيق قضايا محلية و لإيذاء أو هزيمة منافسيهم من خلال مهاجمتنا.

في الحقيقة لا نستطيع مواجهة شخص غير محترم وعديم المسؤولية , بالإضافة إلى انهم يضرون انفسهم عند مهاجمتنا , فسياسة تركيا واضحة أمام الجميع , والتي ممكن أن تتعرض للنقد حول كيفية بعض القضايا , لكن العبرة بالخواتيم.

فالمواطن التركي يعيش حياة رغيدة وهم في تقدم اقتصادي وثقافي مستمر وهذا ما يلمسه الزوار والسواح من جميع أنحاء العالم ومن ضمنها الزوار اليمنيون , ولذلك فان أي انتقاد ما لم يكن في محله وانتقاد بناء سيعود عليك.

وكما تعلمون أن هؤلاء الذين يقومون بفبركة الأحداث والحقائق هم أولئك الذين يسببون المشاكل في اليمن ,وان أعمالهم تلك ستفضحهم أمام الشعب الذي اصبح يعرفهم تماما كما نعرفهم نحن.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد