بعد 6 أعوام من الغزو.. العراق: أي تغيير حدث؟

2009-03-21 05:07:24



بغداد- لا تغيير. . لا مصالحة. . لا نصر أو هزيمة. . العناوين التي تكسو حال العراق في الذكرى السادسة لاحتلاله، والتي لا يبدو فيها من بارقة ضوء سوى تقارير تحدثت عن تراجع احتمال نشوب حرب طائفية مستعرة، وانسحاب نحو ثلثي القوات الأمريكية من البلد المحتل.

بالنسبة للأمريكيين فإن شعار التغيير الذي رفعه رئيسهم الجديد باراك أوباما، لأمريكا غاب تماما عن المشهد العراقي؛ لأن الانسحاب الذي صادق عليه بسحب القوات الأمريكية من العراق بحلول عام 2010، سيبقي على 50 ألف جندي بأسلحتهم الكاملة في أرض المعركة "فأي تغيير يتحدث عنه؟!"، وفقا لما نقلته وسائل إعلامية اليوم عن بعض الأمريكيين.

ونفس السؤال يردده مواطنون عراقيون ومنظمات دولية، منها اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي أكدت أمس الخميس أنه بعد 6 سنوات من الغزو فإن ملايين العراقيين لا يزالون يعيشون يوميا "معاناة شديدة".

ونقل بيان للجنة عن رئيسها جاكوب كيلنبرجر قوله من بغداد: إن "هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتأمين تلبية الاحتياجات الأساسية للعراقيين (من طعام ودواء)، خاصة أن حجم الاحتياجات يفوق بكثير المساعدات العاجلة التي نتلقاها".

وتعد بارقة الأمل الوحيدة في المشهد العراقي هو تراجع المخاوف بشأن اندلاع حرب أهلية بين الطوائف الدينية، بسحب وكالة الأنباء الفرنسية.

وأشارت في هذا الصدد إلى انخفاض أعداد القتلى العراقيين في عام 2008 الذي شهد مقتل 6. 772 عراقيا مقارنة ب17. 430 عراقيا في 2007، وشهدت الشهور الأولى من عام 2009 مقتل 449 عراقيا بحسب إحصاءات عراقية رسمية.

غير أن كيلنبرجر قال: إن "الهجمات العشوائية متواصلة، وتسقط عشرات القتلى والجرحى كل يوم بالرغم من الحديث عن تحسن الوضع الأمني، والكثير من المناطق في العراق ما زالت تفتقر لأبسط مقومات الحياة مثل الماء النظيف والرعاية الطبية، بالرغم من أي تصريحات حكومية تقول عكس ذلك".

لا نصر. . لا هزيمة

في السنة الثالثة للغزو والقتال الدائم بين القوات الأجنبية والمقاومة العراقية، لم يعلن أي جانب منهم بشكل نهائي ورسمي النصر أو الهزيمة في هذه المعركة، فمن جانبه أعلن أوباما بشكل خال من البهجة ومن دقات الطبول نهاية المغامرة العسكرية، وعودة جنوده المقاتلين إلى بلادم بحلول أغسطس 2010.

ويتجنب أوباما غالبا استخدام كلمة "نصر" أو كلمة "هزيمة" في خطاباته عن العراق، ولكنه مع ذلك لا يشكك مطلقا في أن نجاح المهمة كان محدودا؛ إذ قال: إن "الوضع في العراق ليس آمنا حتى الآن. . ثمة أوقات صعبة قادمة. . سيتواصل العنف كجزء من الحياة اليومية في العراق".

أما حزب "البعث" العراقي المنحل فقد أصدر بمناسبة الذكرى السادسة بيانا إلى الشعب العراقي، طالب فيه بتشكيل جبهة جهادية وطنية واسعة لتحقيق النصر المأمول على "المحتلين ومرتزقتهم".

وأرجع الحزب -الذي حكم العراق 35 عاما- في بيان نشره الخميس عدم تحقيق الجيش العراقي نصرا على جيوش الاحتلال خلال التصدي للغزو عام 2003 إلى "الظروف التي أحاطت بالمعركة، وعدم تكافؤ العدد والعدة"، غير أنه شدد على أنه "إذا كانت المعركة لم تتوج بالنصر المبين في صفحتها الأولى، فإن الصفحات الجهادية التي تلتها ألحقت خسائر بشرية ومادية فادحة بالمعتدين الأشرار؛ وهو ما يعني أن النصر معقود مهما عظمت التضحيات وطال الزمن".

ونفس الشيء تردده بقية التنظيمات العراقية المسلحة في مواجهة الاحتلال، على اختلاف مسمياتها وانتماءاتها.

ومن المتوقع أن تلقى فكرة تشكيل جبهة موحدة للمقاومة تأييدا من فصائل أخرى؛ حيث أكد أبو يحيى أحد قادة الجيش الإسلامي (السني) لصحيفة "الجارديان" البريطانية أمس الخميس أن "نقطة الضعف الأساسية للمقاومة هي عدم قدرتها على ردم الهوة بين الطوائف العراقية؛ ما يمنعها من التحول الى حركة وطنية شاملة".

وكان لافتا، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، في هذا الاتجاه أن كلا من سلطات الاحتلال الأمريكي والسلطات العراقية لم يعلنا عن برنامج احتفال رسمي بعد بما يسمونه الذكرى السادسة ل"تحرير العراق".

لا مصالحة

فشل جهود المصالحة الداخلية مظهر آخر من مظاهر عدم التغيير في المشهد العراقي، وهو ما أكده بيان مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي أمس الخميس، والذي تراجع فيه الأخير عن نيته التحاور مع حزب البعث المنحل.

فقد جاء في البيان أن "الدستور العراقي يمنع أي حوار أو عودة لنشاط حزب البعث، أو مشاركته في العملية السياسية لارتكابه جرائم بشعة بحق جميع مكونات الشعب العراقي على مدى خمسة وثلاثين عاما"، على حد قول البيان.

واعتبر أن من يسعى للحوار مع البعث "المقبور"، أو حتى يفكر مجرد تفكير في ذلك فإن يكون قد ارتكب "مخالفة صريحة" للدستور.

واستثنى البيان من ذلك أعضاء حزب البعث المهاجرين الذين "أُجبروا" على الانضمام له في عهد الرئيس الشهيد صدام حسين، "ولم تتلوث أيديهم بدماء العراقيين أو الأموال العامة المنهوبة، على أن يعودوا إلى الوطن ليسوا كأعضاء حزبيين بل كمواطنين عاديين".

وبحسب مصادر صحيفة "الحياة" اللندنية فإن تراجع المالكي عن خطوة التصالح مع جميع أفراد حزب البعث جاء بسبب "ضغوط داخلية" من حلفائه الشيعة، وأبرزهم عبد العزيز الحكيم، زعيم "المجلس الأعلى"، وهو ما أثار انتقادات شيعة آخرين منهم المرجع الديني الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني الذي طالب بالتصالح بين أبناء العراق دون استثناء أحد.

لماذا؟!

وكانت موجة من الشعور بالنصر والفخر الوطني اجتاحت أمريكا قبل 6 أعوام، ولكن الذي تبقى من هذه الموجة اليوم لدى ملايين الأمريكيين هو غصة ومرارة وسؤال لاذع، هو: "لماذا؟"

فإعلان أوباما في وقت سابق من مارس الجاري انسحاب نحو ثلثي قواته العاملة في العراق خلا من إعلانه تحقيق أي من أهداف الحرب على العراق (نشر الديمقراطية، الحرية، الرخاء، تحقيق الأمن لأمريكا)، باستثناء هدف واحد وهو (إزاحة الرئيس الشهيد صدام حسين عن حكم العراق)، وهو ما كلف الجيش أزيد من 4 آلاف قتيل، وعشرات الآلاف من الجرحى، بخلاف الكلفة الاقتصادية.

ومن جانبها انتقدت صحيفة "الجارديان" البريطانية الحملات الدعائية التي تقوم بها الولايات المتحدة وبريطانيا لإقناع الشعوب الغربية بأن الحرب على العراق حققت أهدافها، مؤكدة أن هذه المحاولات لا تعدو كونها محاولة "لحفظ ما بقي من ماء الوجه، وتجميل الوجه القبيح لها أمام أفظع عمل إجرامي للغرب في العصور الحديثة".

وقالت الصحيفة في عددها الصادر الخميس: إن الوقائع في العراق تظهر أن هذا البلد "ليس أفضل حالا بوجود القوات الأجنبية"، لافتة إلى أن السبب الوحيد الذي يجعل الرأي العام الغربي يشعر بانخفاض عدد القتلى من العراقيين أو من القوات الأجنبية هو "التعتيم الإعلامي الذي يتبعه الجيش الأمريكي؛ حيث يخفي الأعداد الحقيقية للقتلى".

 

 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد