حتى لا تكون "كارثة حضرموت"الثانية .. "المشارفة" بحجة ..قصة مأساة لم تأت بعد .. نزوح خمس أسر إلى المجهول ،، و"14"مليوناً كافية لإنقاذ اكثر من 700مواطن

2009-03-21 04:39:54

حجة /تحقيق/ عبدالواسع راجح

في كثير من القضايا التي تواجهنا - كحكومة ومؤسسات - غالبا ما يتم التعامل معها بعد أن تحل الكارثة ولا نلقي بالا لأي مؤشرات من شأنها التحذير من عواقب التساهل في وضع الحلول المناسبة خاصة عندما يتعلق الأمر بتفادي كوارث إنسانية كبيرة في أي منطقة في ربوع الوطن الغالي وفي هذا الاطار نسأل "ما رأي الحكومة في إنقاذ أكثر من سبعمائة مواطن قبل أن تحل بهم كارثة حضرمية في محافظة حجة "؟

ومع بداية فصل الصيف يتبادر إلى الأذهان حلول مواسم الأمطار - التي ندعوا الله عز وجل أن يجعلها أمطار خير وبركة على كل أرجاء الوطن - والتي تذكرنا بما حصل لإخواننا في حضرموت وشبوة من كارثة إنسانية جراء السيول التي خلفت وراءها مآس إنسانية كبيرة رغم التحذيرات من الأرصاد لوضع الترتيبات اللازمة -وهنا لا اعتراض على القضاء والقدر -ولو بالشيء اليسير للتخفيف من حجم المأساة على الأقل ، تلك الأحداث كان لابد من الإشارة إليها كمقدمة للدخول إلى قضيتنا اليوم.

"المشارفة " قصة مأساة إنسانية لم تات بعد ، وكأنها تقول بلسان حالها "لا نريد مساعداتكم وقد فات الأوان" وكم هي الفرحة في اتخاذ قرار بإعادة الحياة لمئآت المواطنين الذين أصبحوا ينتظرون رحيلهم النهائي والجماعي من الحياة. . فهل تتجه الحكومة لإنقاذهم قبل أن تكون حضرموت أومهرة أخرى ؟؟!!

"المشارفة"قرية يمنية تعيش مع الخوف منذ أكثر من عشر سنوات على مرأى ومسمع من السلطات المحلية بمديرية حيران شمال مركز المحافظة "حجة" أبناؤها مهددون بالفناء مع كل لحظة تمر بهم بسبب الخطر الذي يحدق بهم من كل جانب حيث تحيط بهم المياه من كل اتجاه كون القرية تقع قبالة وادي حيران الذي أدت عوامل جغرافية مع السنين لتحويل جزء كبير من مجراه الطبيعي للدخول إلى منازلهم وأصبحت لمياه الوادي مداخل ومسارات أخرى لدرجة أنهم عند نزول الأمطار تحيط بهم المياه من كل جانب وتفسد عليهم كثيرا من أدواتهم المنزلية وغيرها من الأضرار التي تتسبب بها المياه. . . . "أخبار اليوم "زارت المنطقة و سلطت الضوء على المشكلة وأبعادها لتضع النقاط على الحروف أمام السلطات المحلية والمركزية عسى أن تكون هناك استجابة لإنقاذهم قبل الكارثة. .

خطط لم تنفذ. . والحل أسهل

قد يقول قائل ما الذي حمل هؤلاء على السكن والبناء على حافة الوادي ؟؟ والصحيح أنها بالفعل لم تكن على حافة الوادي لكن -كما سبق - تحول مجرى مياه الوادي سبب الخطر ، وهو ما يؤكد بأن الأمر لم يكن باختيارهم ولا يمكنن في الوقت ذاته بأن نقول لما يقارب الألف مواطن بأن ينقلوا مساكنهم ، كما أن الحل لهذه المأساة بيد السلطات المحلية التي وضعته عام 2002م والمتمثل في وضع حاجز مائي يحمي القرية من خطر المياه والتي - للأسف الشديد - حتى الآن لازالت في "حيرة "تنظر إلى الحل والمشكلة في صمت وكأنها على موعد لوقوع الكارثة حتى تتخذ الإجراءات التي من المفروض أن تتخذها وقبل فوات الأوان. .

وعود متكررة. . و تزعٍل

بينما نحن نطوف بأرجاء القرية نلتقط الصور التي توضح بعض جوانب القرية وبصمات السيول التي تركتها عليها مرَ بنا أحد المواطنين فظن أننا ضمن مسلسل اللجان الهندسية والرسمية التي تزور القرية كل مرة وتعدهم بتنفيذ الحل وتذهب أدراج الرياح الأمر الذي دفع بالمواطن بأن يصيح بنا بأعلى صوته " والله ما منكم فايدة ولا نصدق واحد فيكم. . كلكم كذابين من أصغر مسئول حتى آخركم. . " قالها والغضب يملأ وجهه والحزن يخيم على لهجته كونهم لم يجدوا استجابة في إنقاذهم مختتما قوله بلهجته العامية"بسَ تاتوا تواعدونا كذب في كذب. . واحنا لنا رب ما ينسانا وحسابنا معاكم عنده مادام وقد توليتوا مسؤليتنا " وذهب بعيدا عنا. .

وهكذا عندما لا تعير السلطات المحلية اهتماما بمثل هذه المشاكل الكارثية تعكس صورة سيئة للحكومة وللرئيس كونه المسئول الأول في هذا البلد ،فهل سينظر لهم بعين الإعتبار ؟؟!

نزوح إلى المجهول

مع تزايد الخطر على الأهالي في القرية والذي أدى مع بدية العام الماضي إلى تهدم خمسة منازل في أطراف القرية إلى جانب دخول المياه معظم المنازل والتي أدت وتؤدي إلى إتلاف ادواتهم المنزلية المختلفة ، فقد أدى هذا الخطر المتزايد إلى نزوح الأسر الخمس "مجبرة " بعد تهدم منازلها واحد منها كان صاحبه على وشك استكمال بنائه غير أن مياه السيل لم تدعه يهنأ به مع أولاده.

ومن مآسي هذه الأسر قبل نزوحها إلى مناطق تابعة لمديرية حرض "وكما يؤكد محمد أحمد "أحد مواطني القرية، فقد قضى أصحابها ليالي متوالية مع أطفالهم في العراء على مرتفعات ترابية بسيطة تقع بالقرب من منازلهم هروبا من خطر المياه التي داهمتهم في تلك الليالي وخوفا من ان تجرفهم السيول معها فلم يكن لهم من ملجأ سوى الاحتماء بما يسمى ب"الزبير"حاجز ترابي مرتفع ، ليستقر بهم المقام إلى هروب جماعي بحثا عن مستقر للعيش في مناطق بعيدة عن قريتهم التي فيها مزارعهم "مصدر رزقهم". .

سيل في غفلة

وبحسب "الحاج علي يحيى أشرف" فإن خطر السيول لا يقتصر على نزول المطر على المنطقة ففي كثير من الأحيان تداهمهم المياه إلى عقر دارهم وتباغتهم في الليل أو النهار نتيجة نزول الأمطار على مناطق بعيدة عنهم غير أن لهم علامات في الغالب يعرفون بها بأن الوادي سيتدفق بالماء أم لا ، ومن ثم على الأقل يستعدون لتحويل ما يستطيعون من مياهه بعيدا عن المنازل غير أنهم في كثير من الأحيان لا يستطيعون مواجهة تلك المياه التي تدخل إلى منازلهم بل وقد تهدمت على إثرها منازل وأسوار وغيرها والتي لازالت آثارها باقية حتى الآن شاهدة على مأساة مصغرة لأخرى كبيرة قادمة.

محلي المديرية. . والانتظار المبهم وخلال الزيارة كان لنا مع امين

عام المجلس المحلي بالمديرية محمد علي شريف وقفة حول الإجراءات التي اتخذها المجلس إزاء المشكلة والمشروع والذي أفاد " بان مشروع الحاجز معتمد منذ عام 2002م ورصيده موجود في البنك والذي يبلغ -حسب قوله- سبعة ملايين ريال ، مشيرا إلى أن عدم منحهم الصلاحيات في تنفيذ المشاريع بالمديرية هو العائق الذي حال دون تنفيذه مؤكدا بأن حجم المشكلة وخطرها كبيران على الأهالي " وهو ما يتنافى مع الصلاحيات الممنوحة للمجالس المحلية خاصة مع السنتين الأخيرتين وتوجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية القاضية بضرورة إعطاء محليات المديريات الصلاحيات الكاملة وفقا لقانون السلطة المحلية إلا أن محلي المديرية لم يعِ أو يستوعب تلك التوجيهات و القوانين خاصة عندما يطلب أمين عام المجلس من الأهالي توقيعات للمطالبة بتنفيذ المشروع حتى يتم التعاون معهم في تنفيذ المشروع رغم أنهم سبق وأن تقدموا بجملة من المذكرات ، وهو ما يؤكد مدى حجم"الكارثة" التي ابتلي بها المجلس بالقائمين عليه.

الوحدة الهندسية تؤكد التساهل

الوحدة الهندسية بالمحافظة لم تكن بمنأى عن المشكلة حيث يؤكد رئيس الوحدة المهندس عبدالله الحداد بأنه سبق وأن تم إرسال مهندسين من قبلهم إلى المنطقة ووضع المخططات الهندسية اللازمة لمشروع الحاجز والتي لا تتجاوز أربعة عشر مليون ريال ، مشيرا إلى أن الحاجز لابد أن يكون بمواصفات صلبة وقوية وأن الترابي لن يثبت أمام سيول الوادي كما أن القرية بحاجة ماسة وعاجلة لتنفيذ المشروع وإلا فهي في خطر ، مضيفا بأن المجلس المحلي بالمديرية هو من رفض مخططات الوحدة بحجة أن التكلفة كبيرة ولا يستطيع مواجهتها "لكن الكارثة ستكون أكبر أليس كذلك يامجلس؟؟!!"

مدرسة الصندوق في خطر والموتى على وشك الخروج

رغم أن الصندوق الاجتماعي للتنمية قد وضع بناء المدرسة التي نفذها في القرية مؤخرا وسط القرية وفي مكان لا يخطر ببال أن يكون يوماً من الأيام في خطر إلا أن مياه الوادي التي داهمت المنازل والأهالي لم تسلم منها المدرسة والتي أصبحت المياه تهددها بالانجراف خاصة مع الأيام الأخيرة وكما تبين ذلك الصور المرافقة "وهي دعوة للصندوق على الأقل في دعم مشروع الحاجز مادام المجلس المحلي عاجزاً عن ذلك على الأقل لحماية المدرسة التي أنفق الصندوق على بنائها الملايين ، كما أن الموتى في مقبرة القرية أصبحوا على وشك ان يخرجوا على ظهر الأرض بعد أن دخلت مياه الوادي إليها "وكأن لسان حالهم يقول لنشارك الأحياء محنتهم وإذا ما مستهم السيول بسوء سنرافقهم أينما ذهبوا".

امل المواطنين في المحافظ

وبعد سنوات مريرة من المتابعة غير المجدية لمحلي المديرية كما يؤكد الشيخ أحمد أشرف "شيخ القرية" فلم يتبق أمام أهالي القرية أمل بعد الله عز وجل في تخليصهم من محنتهم ووضع حد لهذا الخوف والأضرار التي يتعرضون لها سوى محافظ المحافظة المهندس فريد أحمد مجور الذي يسمعون عنه كل خير ويتمنون منه ان يستوعب قضيتهم وأن يستجيب لمطالبهم المتمثلة في إنقاذهم من خطر سيول الوادي. .

وتبقى قضية "المشارفة " أولا وأخيرا إنسانية قبل أن تكون أمانة ملقاة ومسؤلية تقع على المسؤلين من المديرية حتى رئيس الجمهورية ، كما أنه نداء عاجل نتوجه به لإنقاذ أكثر من "سبعمائة مواطن"قبل أن تحل الكارثة ولا يكفي حينها إنفاق مئات الملايين. . ولن تجدي.

 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد