نائب رئيس حركة النهضة التونسية- عبد الفتاح مورو لـ"قناة الجزيرة:

الحركات الإسلامية جوبهت قبل الربيع العربي وتسلسل الأحداث أقحمها في واقع جديد لم تتهيأ له

2014-04-08 10:13:27 حوار

يؤكد المنبر السياسي والاسلامي العربي التونسي ونائب رئيس حركة النهضة التونسية/ عبد الفتاح مورو, أن النقاش والحديث حول الحركات الإسلامية في المنطقة العربية والعالم بعد ثورات الربيع العربي يكتسب أهمية بالغة.. جاء ذلك في حديثه لبرنامج بلا حدود على قناة الجزيرة الذي تحدث فيه عن دور الحركات الاسلامية في ثورات الربيع العربي, ورؤية هذه الحركات للسياسة والحزبية, ومالذي يتطلبه الواقع من هذه الحركات لإحداث تغيير حقيقي يتوافق ومبادئ وتطلعات الدين الإسلامي.. كما تحدث مورو عن قضايا أخرى.. ولأهمية الحوار.. "أخبار اليوم" تعيد نشره, وهذه حلقته الأولى..

 
*موضوع الليلة حساس للغاية لأن الحركات الإسلامية بنيت على عدم النقد أو عدم إعلان نقدها واعترافها بالأخطاء بشكل علني لاسيما في ظل المحن والشدائد، هل هناك مرجعية شرعية لضرورة وقوف الحركات الإسلامية حتى وهي في مراحل المحن والشدائد لمحاسبة نفسها على أدائها ومحاسبة قادتها على أخطائهم؟


- هو في الحقيقة يعز على النفس أن تنتقد أداءها وهي تحارب من الخارج، لكن الواقع والشرع والمصلحة كلها تفرض علينا أن نراجع أنفسنا وأن نعلم موقع الخطأ فيها بل لعل نظرة عابرة للقرآن الكريم تشعرنا بأن القرآن الذي تعرض لانتقاد تصرفات النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في مواقع عدة بعضهم وصل إلى العشرين أو أكثر هذا يعتبر دليلاً على أن من واجب الفاعل أن لا يستنكف من أن ينتقد وينتقد علانية وينتقد نفسه ليشعر بأن أداءه ليس إلا أداء نسبياً وأن عليه أن يتطور، وعلماء الأمة ذكروا ذلك في كتب العصمة في الحديث عن العصمة وليراجع في ذلك الفخر الرازي في كتابه عصمة الأنبياء عندما تعرض إلى المواقع التي ذكر فيها القرآن ما سمى أخطاء منسوبة لتصرفات النبي صلى الله عليه وسلم ليصلحها وليعلم الأمة بأن عليها أن تصلح نفسها.

• هل المرجعية أو الممارسة السياسية هي فعل إنساني بشري بعيد عن المرجعية الشرعية أم أنه لا بد أن يرتبط بها؟


- الفعل السياسي هو معالجة الوقائع الظرفية والحدث الظرفي الذي يطرأ، دائما وأبداً الذي يعالج هذا الحدث الظرفي ينطلق من مرجعية فكرية أو عقائدية هي التي تحدد له طريق التعامل مع ذلك الواقع المتجدد, لكن العمل السياسي يجب أن يفهم لدينا أنه نشاط ذهني وفكري وواقعي قائم على أساس الخطأ والصواب وأنه لا يكتسي صبغة المقدس حتى وإن انطلق من عقيدة أو انطلق من منظومة عقائدية ودينية, فنحن عندما نعالج الواقع لا نعالجه من منطلق الحلال والحرام لأن الحلال والحرام لا يقبل أن نتدخل فيه أو أن ندخل رأينا فيه لكننا عندما نريد أن ننزل الحلال والحرام في الواقع نحن نأخذ بعين الاعتبار المتاح والإمكانية المتاحة ويكون خطأنا أو صوابنا هو مدار تقييم عملنا لا الشرع الكريم.

•بعد قيام الثورات بداية من الثورة التونسية ثم المصرية ثم الليبية ثم السورية ثم اليمن ثم غيرها من الثورات التي نجح بعضها جزئياً أو انتكس كما حدث في مصر أو أجبر- كما حدث في تونس- الإسلاميون بعدها، هل كانت الحركات الإسلامية على استعداد في هذا اللحظة التي سقطت فيها تلك الأنظمة للمشاركة في السلطة؟


- هو تسلسل الأحداث قبل الثورات ينبئ عن أن الحركات الإسلامية قد أقحمت في واقع جديد لم تتهيأ له، الحركات الإسلامية خرجت من متابعات على الأقل من إقصاء عن الواقع وإبعاد عنه، فهي حركات عندما قامت الثورات خرج قادتها وقواعدها من السجون، البقية كانت قواعدها وقياداتها خارج السجون لكنها كانت معزولة عن الواقع وجوبهت بواقع وطلب منها أن تفعل في هذا الواقع الجديد.

•هل كانت ملمة بهذا الواقع, هل نجحت في تشخيص أزمة الأمة قبل أن تشارك في الحل أو في تقديم الحلول لهذه الأزمات؟


- ليس على الإطلاق الجواب عن هذا السؤال يعني عندها فهم وإدراك جزئي لواقعها الذي تعيش لكنها كانت محجوبة عن الواقع الاقتصادي عن الواقع العالمي عن سبب تخلف شعوبها والقضية التي يطلب منها أن تفعل فيها هي ترجع إلى جذور تاريخية استمرت ما يقرب من 7 قرون لا يخفي عليكم أن معرفة الحقائق على ما هي عليه بالنسبة لهذا الوضع المتخلف تستوجب دراسات وتستوجب وقتاً لكن ذلك لا يمنع هذه الحركات وهي قد طلب منها أن تساهم في بناء جديد أن تتقدم لتقدم ما يمكن أن هذه الحركات وهي قد طلب منها أن تساهم في بناء جديد أن تقدم ما يمكن أن تفعله.

•ماهي الفوارق الأساسية بين الجماعة أو الحركة أو الحزب؟

-هو مفهوم الحزب مفهوم جديد في عالمنا نحن العربي والإسلامي.. نحن عشنا في تاريخنا الطويل لا نعرف أحزاباً على المفهوم السياسي, كنا نعرف تجمعات وتكتلات على أساس عقائد أو على أساس انتماء لشيخ أو أساس ولاء لمربي ومفهوم الحزب هو مفهوم جديد عرفه القرن التاسع عشر في أوروبا ودخل إلينا في القرن العشرين وكان أداة جديدة استعملناها في بلادنا لتحرير شعوبنا فقامت أحزاب للتحرير، الآن وقد أفسح المجال لشعوبنا بأن تدخل على الساحة السياسية وتصبح فاعلة سياسيا بعد أن كانت مفعولاً بها مدة قرون طويلة تحتاج بأن تدرك بأنها لا يمكن أن تدخل على الساحة السياسية بمفهوم الجماعة العقائدية, أن التكتل الموالي لشيخ أو التكتل الذي يجمع بين السلوكيات الأخلاقية والعقائد الدينية والمعارف المعارف العلمية.. نحتاج إلى متخصصين في السياسة.. الآن الأحزاب هي من منطلقها الأساسي تكتلات حول فكر لتحقيق هدف سياسي غايته الوصول للحكم أو المساهمة فيه أو القيام بدور المعارض له، فنحتاج إلى أن نطور الآن صورتنا الخارجية والشكل الذي نعمل من خلاله لنتطور من كوننا جماعة عقائدية دينية تربوية كما انطلقنا قبل الثورات لنتحول بعد الثورات إلى مجموعات منتقاة من هذا الجماعات تأخذ في حسبانها أنها تقصد الحكم وترغب في فهم الحكم وكيفية الوصول إليه وكيفية تقديم أداء إيجابي لشعوبها من منظورها السياسي.

•هل معنى ذلك أن الحركات الإسلامية التي ذابت في شكل حزبي عليها أن تراجع نفسها مرة أخرى وأن تبقى الحركة الإصلاحية الاجتماعية الإسلامية العقائدية تقوم بدورها في المجتمع فيها تفسح المجال لمن يريد أن يمتهن السياسية وأن يعمل بعيداً عن هذا الأمر؟


- بعض جماعاتنا الإسلامية أعلنت عن قيام أحزاب منبثقة عنها لكن في تصوري الشيء لم يتجاوز الشكل الخارجي والتسمية الخارجية.. بقيت نفس العقلية قائمة، نحن نحتاج اليوم أن نفرق بين أدائنا الدعوي أدائنا العلمي أدائنا الثقافي عملنا الاجتماعي عملنا التربوي هذا عمل دائم مستمر ينبغي أن ينخرط فيه أصحابه ويثابروا عليه هذا العمل إلى جانبه عمل ليس من الضروري أن نكون ناجحين فيه وليس من الضروري أن يوصلنا إلى الحكم لأن العمل السياسي من خلال الأحزاب يمكنه أن يوصلنا مرة على مئة إلى الحكم, لكنه يمكن أن يبقيا في 99 من الحالات الباقية خارج الحكم أو لا قدر الله في مكان آخر خارج الحكم.

•الحركات الإسلامية يعني مثلاً الإخوان المسلمون في مصر هم الذين كانوا يديرون حزب الحرية والعدالة وهم الذين كانت لهم يد الطولي كجماعة ومكتب إرشاد على الحزب السياسي، الوضع هنا في تونس أن الحركة الإسلامية أصبحت هي الحزب أو تداخلت فيه في المغرب الوضع مختلف الحزب السياسي يقوم بدور مختلف عما تقوم به الحركة، الحركة تعمل في المجتمع بعيداً عن السياسة هل يمكن للحركة أن تذوب في الحزب أو يكون الحزب جناحاً يأخذ أو امره من الحركة؟


-لا أرى ذلك أمراً محبذاً لأن الاختلاط في المهام يعطل الأداء، عقلية المتحزب وعقلية الحزب غير عقلية المربي وعقلية المعلم، أداء المربي غير أداء الحزب والسياسي، البرنامج الحزبي غير البرنامج المربي، المربي يقدم الإسلام كما أنزل يدعو الناس إلى تعاليم الإسلام كما أنزلت ولا يتدخل لا في تغيير حلال إلى حرام ولا حرام إلى حلال بينما الناشط السياسي يأخذ من هذه المنظومة الإسلامية ما يمكن أن يستوعبه الواقع الذي يعيشه، المنظومة العقائدية الشرعية يأخذ منها ما تيسر له لينفذه في مكان محدد وزمان محدد ولعلكم تذكرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكر علماء الأصول أن تصرفاته أخذت 12 منحى كما ذكره الإمام الطاهر بن عاشور في مقدمة التحرير والتنوير، الرسول صلى الله عليه وسلم تصرف كمبلغ عن الله تعالى كرسول، تصرف كقاض، تصرف كقائد جيش، تصرف كدبلوماسي، تصرف كسياسي، تصرف كمصلح بين الناس، ففي تصرفه كسياسي ظهر في بعض تصرفاته أنه تنازل عن بعض القضايا العقائدية أو بعض القضايا المفروضة.

•مثل؟

- مثلاً في صلح الحديبية عندما يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم أن تمحى صفته باعتباره رسولاً وأن لا يقبى بالصحيفة إلا كونه محمد بن عبدالله أو أن نزال البسملة ويرجع إلى التسمية التي كان عليها أهل الشرك، أو أن يقبل النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يضفى جواره على من التجأ إليه من المشركين الذين جاؤوا مسلمين وأعلنوا إسلامهم واشترطوا عليه أن يردهم إلى المشركين بينما يشترط عليه المشركون بأن لا يردون من جاء من المسلمين إلى دار الشرك هذا فيه نقض لقاعدة أصولية كان التعامل العربي على أساسها وهي الجوار وحماية الجار، هذا تنازل عنها تنازل عنها لأنها ليست أصلاً من أصول التعامل لا، تنازل عليها ظرفياً لما اقتضاه الواقع السياسي الذي كان عليه ولذلك الصحابة لم يفهموا الأمر وعمر رضي الله عنه قال بشكل غريب ألسنا على الحق يا رسول الله قال بلى نحن أهل الحق، واعتبر ذلك فتحاً بالمفهوم السياسي هو فتح لأنه مرحلة اقتضاها هذا الواقع.

•هل يفهم من كلامك هذا أن ممارسة الرسول للسياسة صلى الله عليه وسلم لم تكن من الوحي وإنما كانت من أدائه البشري وإعداده كقائد سياسي؟

-أنا في تصوري الغالب على الظن ذلك لأن تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم كقائد حربي وتصرفات الرسول كقائد سياسي لم تخضع لوحي محدد لوقائع كان على النبي أن ينتهجها بدليل أنه في حروبه كان يتخير في غزوة بدر موقعا يقف فيه المسلمين فسأله الصحابي: هل هذا هو عن رؤية وفكر ومكيدة أم هو عن وحي؟ قال: لا هو ليس عن وحي إنما هو عن الرأي والمكيدة والحرب، فغير مكانه واستجاب الرسول صلى الله عليه وسلم لتغيير المكان بما يوحي أن تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم في الميدان السياسي وفي الميدان العسكري كانت تصرفات قائمة على تلمس الواقع ودراسته والاجتهاد في شأن بدليل أن بعض هذا التصرفات إلى قتل حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم وشقيقه وأخيه من الرضاعة وخسر المسلمون خسارة كبيرة، فيربينا الاسلام على أن هناك سننا يجب أن نتوخاها ولعل من خلفيات الشرع الإسلامي أن ندرك أن هناك سننا في التعامل كما هناك سنن كونية.

•مثل؟


- سنن التعامل التي وردت لا أستطيع حصرها الآن لكن عندما يدلنا القرآن على سيرة رسل سابقين ويحدثنا عن يوسف، وكيف توصل يوسف لئن يصبح يخرج من السجن ويصبح حاكما وما الذي توخاه وما الذي اشترط فيه باعتباره أمينا وباعتباره عارفا عريفا وهل نجح أم لم ينجح، هذا سنن ذكرها الله تعالى في تلك القصص لنستخرجها ولعل أحسن من تعامل مع هذه القواعد الأصولية ابن خلدون العلامة عبدالرحمن أبن خلدون الذي استنبط من الأصول الشرعي ما جعله يهتدي إلى بعث علم جديد يسمى علم العمران البشري أو علم الاجتماع الذي يقوم على سنن استخرجها من الكتاب والسنة وقصص الأنبياء حتى تكون نبراسا لنا جميعا.

•هل معنى ذلك أن الحركات الإسلامية مطلوب منها في هذا الوقت أن تقف وقفه حاسمة مع نفسها لكي تحدد أن طريق السياسة ما يجب إقحام المربين والدعاة فيه وأن على كل من هو مؤهل للقيام بدور أن يقوم بدوره دون أن يفرض وضعه على الآخر؟


- أنا أتصور أن الحركات الإسلامية واعية بذلك لأني أعلم أنها حركات قائمة على الاجتهاد وعلى الفكر وأن عندما تنتقل من فترة الدعوة أو من فترة الاضطهاد أو من فترة التغييب عن الواقع إلى فترة مجابهة الواقع بل إلى فترة قيادة الناس في هذا الواقع الجديد فعليها أن تتهيأ لهذه المهمة الجديدة الذي يحدد سلوكنا هي مهامنا التي نتقمصها عندما أكون ممرضا أتصرف تصرفا غير تصرف الطبيب الذي يرتقي إلى مستوى القيام بالعمليات الجراحية، نحن اليوم الإسلاميون انتقلنا من فترة استبعادنا من الواقع الاجتماعي والواقع السياسي ونكران حقنا في الوجود إلى فترة اعترفت لنا الشعوب بهذا الكيان، ونحن في تصوري ندشن مرحلة جديدة في تاريخ أممنا لأن السياسة كانت في فترة الزمن الطويل الذي عشناه قضية النخبة الخاصة بدليل أننا في تاريخنا لا نعهد بالسياسة إلا أهل الحل والعقد، كان هناك أناس مخصوصون هم الذين يقررون في الأمر العام والشأن العام والحكم اليوم أصبح الشأن العام محل اهتمام الجميع ولأول مرة تبرز علي الساحة السياسية لا أقول نخبة وإنما مجموعة تريد أن تجعل من القرار السياسي اختيار الشعب، نحن الإسلاميون لعلنا من أوائل من يتقدمون لممارسة السياسة وهي تحظى باختيار شعبي ورضا شعبي علينا وهذا يفرض علينا أن نخرج من كوننا فئة معزولة عن مجتمعاتنا كما نتصرف في بعض الأحيان في مجتمعاتنا.

•لكن الحركة الإسلامية متهمة سواء في تونس أو في مصر أو في غيرها أنها كانت منكفئة على نفسها غير مختلطة بواقع الناس أو مدركة له وأنها قدمت أهل السجون والمعتقلات والدعوة وغيرها لكي يقودوا العمل السياسي كما يقودون العمل الدعوي.


-تلك مرحلة طبيعية.. الذي يضطهد, الذي يتابع في كيانه ووجوده, عليه أن يدافع على كيانه وأن يتقوقع على نفسه وأن يخشى لا ينفتح، لكن نحن اليوم في فترة انفتاح على الواقع الجديد علينا أن نتطور وعلينا أن ندرك أننا لن ننجح إذا تقدمنا كفئة مخصوصة، نحن يجب أن نتقدم كممثلين لكل طاقات الأمة بمختلف أفكارها وآرائها.. نحن مسؤولون اليوم إذا تم اختيارنا, لسنا مسؤولين عن الإسلاميين حتى ندبج لهم مصحفا وإماما ومسجدا فهذه قضية الدعاة، نحن المطلوب منا اليوم أن نقدم الحلول المثلى للواقع المتردي الذي نعيش فيه على المستوى السياسي والمستوى الاقتصادي والاجتماعي وأن نأخذ بعين الاعتبار هذا التطور الذي حصل في أوطاننا وهي فكرة الدولة التي قامت بعد الاستقلال هذا الدولة الوطنية التي تجمع بين المسلم وغير المسلم والإسلامي وغير الإسلامي والمقتنع بالحل الإسلامي وغير المقتنع به وأصحاب الأهواء والآراء هم مسؤوليتنا وهم قضيتنا ولا نأخذ بعين الاعتبار أننا من شق إسلامي فلا نتحدث إلا عن الإسلاميين ولا نشارك إلا من شاركنا في الهوية الإسلامية.

•أما تعقد أن الحركات الإسلامية لديها قصور كبير في هذا الفهم؟

-الحركة الإسلامية فهممها يتطور، الحركة الاسلامية قادرة على أن تتجاوز أخطاءها بدليل أنني منها وأتكلم هذا الكلام ونحن لا نستنكف أن نقول أمام الناس إننا أخطأنا سابقاً ونحن نرغب في أن نتطور حاضرا ومستقبلا وأتصور أن ما يحصل للإسلاميين الآن من شدة وكرب في بعض مواقع وجودهم وصلت إلى حد استبعادهم حتى من حق الوجود القانوني, يفرض على الإسلاميين أن يعيدوا النظر في هذا الواقع، صحيح أن ما يحصل لنا اليوم ليس كله بسبب أخطاء داخلية منا هناك تجن علينا واعتداء على حقنا ورغبة دائما وأبدا في اقصائنا واستبعادنا وكأن قائلهم يقول أنتم للمساجد ولن تبقوا إلا للمساجد، أما السياسة والحياة فلنا، نحن نقول الحياة لنا ايضا لأننا مواطنون في بلداننا لسنا محرومين من حقوقنا؟

•لكن يعني اسمح لي أستاذ عبدالفتاح، الشعوب منحت بعض الحركات الإسلامية الثقة وقدمتها لكي تحكم ولكن الحركات الإسلامية لم تقدم الأشخاص المؤهلين للقيام بهذا ووقعت في أخطاء كثيرة جعلت ثقة الشعوب بها تتراجع إلى الخلف، أم يجب الاعتراف بهذا الأمر يجب تقديم شخصيات تكون لها القدرة على السياسة الناس؟


-والله سيدي الذين صوتوا للإسلاميين فيهم من هم من داخل الصف الإسلامي وهؤلاء موالون مطلقة وفيهم محسن الظن بالإسلاميين ويتصورون أن الإسلاميين قدرة خارقة على تخطي المشاكل القائمة وجزء من هؤلاء واهمون لا يفهمون أن المهمة منوطة بالقدرة والإمكان وأن هناك سننا تفرض علينا أن لا نتخطى مشاكلنا إلا في زمن محدد بأسلوب محدد, الذي يتزوج الليلة لا يمكن ان يطلب من زوجته أن تلد بعد شهرين، لأنه يحتاج إلى بطاقة ميلاد ليأخذ مقابلها ما لا يحتاج أن ينتظر التسعة أشهر...

•إذا حملت؟

-ان شاء الله تحمل لكن اقول اليوم الذين أحسنوا الظن بالإسلاميين بعضهم واهمون يتصورون أن الإسلاميين لهم عصا سحرية ليس صحيحا.. الاسلاميون بشر ككل البشر...

•هم قالوا إن الإسلام هو الحل ورفعوا الشعارات الفضفاضة والحكم بالشرعية وأوهموا الناس أنهم في يوم وليلة ستتغير حياتهم ويعيشون في رغد ورخاء؟


-هذا خطا كبير.. هذا خطأ كبير ونحن نجني نتيجة هذا الخطأ لأنه عندما رفعنا شعار" الإسلام هو الحل" رفعنا شعارا محترما صح لكنه أجوف، ما معنى هو الإسلام هو الحل كأنك تقول لي وأنا أتوجع من جنبي تقول لي الطب هو الحل صح هو الطب هو الحل يقينا لكن ما هو معنى الإسلام هو الحل أعطني حلا لمشكلة اقتصادية في بلدي في تشغيل كم ألف عامل جديد متخرجين من الجامعة، كيف يمكن أن أشغلهم في وضع اقتصادي ليس فيه نمو إلا بنسبة %3 أو %4.

 

•ليس محتاجا لختم" الإسلام هو الحل" لتضعه وإنما محتاج لوعي ومعرفة بالاقتصاد..


-يحتاج إلى أن القائم بالحل يكون نزيها مع نفسه أن يكون إسلاميا وغير إسلامي هذا قضية تهمه هو يحتاج أن يكون نزيها وصادقا مع شعبه.

•الصفات التي ينبغي أن تتوفر في كل من يريد أن يمتهن السياسة من الإسلاميين حتى لا يختلط الحابل بالنابل كما هو الآن؟

-هذا السؤال يستوجب منا كم حلقة لكني سأضطر إلى أن اقتصر على رؤوس أقلام لأنك تضع الأصبع على موقع الخلل وموقع الداء، نحن نتصور أن العمل السياسي يستوجب منا كإسلاميين أن نكون صادقين وأن نكون خطباء نافذين إلى قلوب النسا عن طريق التأثير العاطفي فيهم نحرك مشاعرهم نهيج قلوبهم نبشرهم بالمستقبل السعيد هذا جانب لا بأس به لكن مواصفات السياسي الذي ينبغي أن يقود المرحلة هو أن يكون فاهما للمرحلة قادرا على سبر أغوارها أن يدرك ما هو الخلل في مجتمعنا ما الذي ينقصنا نحن المسلمين في مجتمعاتنا؟ ما الذي ينقص مجتمع تونس اليوم حتى أكمله أنا السياسي، الناس لا يعيشون ترفا حتى يصفقوا لي لمجرد خطاب هم لن يجتمعوا حولي إلا إذا وجدوا بصيرة نافذة منى لتحديد الواقع الذي أعيشه، فنحن نحتاج أن نشخص الواقع، نحتاج أن نرسم لأنفسنا أهدافا مرحلية نحققها مرحلة بعد مرحلة تأخذ بعين الاعتبار القدرات والامكانيات ما الذي يمكن أن أحركة من شعبي حتى أحقق هدفا في ظرف خمسة أعوام أو في ظرف ثلاثة أعوام؟ ثم كيف يمكنني أن أجند طاقات الشعب هذا الذي هو طيب جدا لكنه لا يقدر دائما قيمة العمل، لا يقدر دائما قيمة الوقت لا يقدر قيمة المتخصص لا يعني بالمسائل ويصبر عليها يجب أن أحركه وأن أجعل إلى جانبه الفني صاحب التدقيق والتحقيق والفهم الدقيق في القضايا المختلفة اقتصادية واجتماعية لأجند طاقة هؤلاء كي نعمل جميعا مع تجرد من السياسي عن الأغراض الذاتية والأغراض الشخصية وتقديم نفسه منفذا لإرادة شعبه لا حاكما في شعبه.

•الحركات الإسلامية متهمة بالانغلاق في العمل السياسي وأنها لا تقبل إلا من ينتمي إليها، المجتمع مليء بناس كثيرين يريدون أن يخدموا بلادهم دون أن يدخلوا تحت غطاء الحركات الإسلامية لماذا لا تسعى الحركات الإسلامية لكي تستوعب الناس في المجتمعات بالأفق الواسع ودائما أمورها مغلقة على نفسها؟

-هي الآن بدأت تدرك هذا النقيصة وأتصور أن هذا النقيصة مأتاها من كون عاشت في النظريات أكثر من معرفتها للواقع الذي تعيشه، نحن عشنا دائما وأبدا نقدم الإسلام على إنه مرحلة تاريخية عاشها عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق- رضي الله عنه- جميعهم ونقدمها على أنها هي الصورة الناصعة التي ينبغي أن نصل إليها ولم ندرك أن وراء هذا الصورة الناصعة واقعا سيئا نعيشه نحتاج أن نحمل شعوبنا على أن تتحامل عليه ونحدد بأنفسنا أهدافا ذاتية تجعلنا نأخذ بعين الاعتبار قدرة الإسلامي ويرى الإسلامي يعني مثلا أنا اقول في بلدي اليوم هناك مشكلتان أساسيتان لا بد للإسلام أن ينبني لمقاومتهما كعنوان عام ينبغي أن يقاوم الجهل وينبغي أن يقاوم الفقر، هذه قضية أساسية يجب أن ينبني له كل إسلامي ليقاومها ما الذي يمنعني أن أمد يدي إلى غيري من أبناء وطني الذين يساعدونني على تحقيق هذين الهدفين العظيمين، واجبي أن أستعين بكل أبناء وطني هذا الوطن الذي أعيشه ليس وطن إسلاميين فقط هو وطن علمانيين وإسلاميين وقوميين ويساريين وشيوعيين ويجب أن أخذ بعين الاعتبار أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل المدينة ووجد طوائف مختلفة مهاجرون جاءوا معه وأنصار من الأوس وأنصار من الخزرج يهود يقيمون هناك ومشركون باقون على شركهم ما الذي فعله النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم؟ كتب صحيفة المدينة وهي أول دستور مكتوب في تاريخ الإنسانية أصلا وهذه الصحيفة أخذت بعين الاعتبار هذا التنوع في الأصل والتنوع في العقيدة لتجعل من هؤلاء جميعا أصحاب حقوق وعليهم واجبات بنص يعتبر من أرقى ما كتب في تاريخ الإنسانية، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يجعل طرفا يرقى على طرف ولا جهة ترقى على جهة، أعطى اليهود حقوقهم والمشركين حقوقهم والأوس حقوقهم والخزرج حقوقهم والمهاجرين حقوقهم نحن نحتاج اليوم أن نتعامل مع الدولة الوطنية بنفس هذا المعيار هذا يحتاج إلى جهد علمي يحتاج إلى..

•يحتاج إلى إعادة بناء يعني هذا الخطاب الذي يعني ليس جديدا بالنسبة إليك وإنما هو خطابك الدائم منذ أن انتميت إلى الحركة الإسلامية هناك خطاب إقصاء آخر داخل نفس الحركة الإسلامية التي تنتمي إليها داخل الإخوان المسلمين داخل الحركات الإسلامية كلها هناك خطاب إقصاء آخر متطرف للمجتمع من داخل هذه الحركات للأسف هو الذي يعلو وهو الذي يطغى؟

-يا سيدي الكريم إذا كنت أدعو إلى اعتبار حق اليساري والقومي والعلماني في أن يبرهن عن نفسه ويحقق وجودهم من خلال ما يقول أليس من واجبي أن أصبر على الخير الإسلامي في الصف الإسلامي حتى يرتقي بفهمه أو يقنعني أرتقي بفهمي إلى ما يراه فأنا أقول القضية قضية صبر على بعضنا.

•لكن أيضا المناهج لابد أن تتغير..؟


-يقينا.

•والواقع لابد أن يتغير؟


-الواقع يتحدانا يا أستاذ.

•هل كانت الدولة الإسلامية على امتداد عصورها هي دولة الصفاء ودولة المدينة الفاضلة أم كان بها كل هذه النوعيات الموجودة من الناس سواء من الفساق والفجار واللذين يشربون الخمر والعلمانيين وكل الفئات المختلفة؟

- ابن كثير عنده رواة في عهد عمر ابن الخطاب في عام 41 هجري جاء وفد يحتجون على عمر ابن الخطاب جاء وفد من الفسطاط إلى المدينة المنورة قالوا آيات في كتاب الله تعالى نقرأها لا نرى بها عملا يعني أنت مقصر في تطبيق أحكام الشرع ما الذي رده عليهم قال: أتحملونني على أمر لم يحمله الله علي إن الله خلق. العاصي والطائع وجعل لكل مكانا في رحمته أو كما قال إذن أرجعوا إلى بلدكم وقدم لنا مثالا في أن الأمة لا تعيش إلا بهذا التدافع بين الحق والباطل والخير والشر، ولو شاء الله لجعلنا أمة واحدة ولكن إرادة الله من خلال التدافع في أن نبرز وأن نستبق الخيرات وأنا في تصوري الحركة الإسلامية ليس من هدفها أن تجعل الأمة كلها نمطا واحدا، الحركة لإسلامية الناجحة هي الحركة التي تستثمر الاختلاف لتجعل منه قوة، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما تعامل مع صحبه تعامل حسب طاقات كل واحد منهم أسمعتم يوم من الأيام أبا هريرة قائدا للجيش أبدا، هل سمعت أن خالد بن الوليد كان راوية حديث أبدا، خالد بن الوليد كان مؤهلا لئن يكون قائدا عسكريا فاستثمرته حكمة النبوة في ذلك استثمرت أبى هريرة في أن يروي عن الناس من سنة 7 من الهجرة إلى أن توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يحفظ أحاديث النبي عن الرسول صلى الله عليه وسلم لكي ينقله لنا ولم يشارك في أي غزوة، حسان ابن ثابت الذي كان مشتهرا بالجبن والذي أختبئ وسط النسوة لما سمع قعقعة السيوف قدم للرسول صلى الله عليه وسلم خبر عنه فكان يقطر عرقا من الخجل من الرسول صلى الله عليه وسلم عوض أن يؤنبه رفع يده وقال كم دككت من حصونهم بواسطة شعرك فأهاب به لأنه لبنة في بناء مختلف الشكل، ونحن نحتاج أن نتعامل مع الطاقات المختلفة في وطننا أن نتعامل معها تعامل التداخل والتكافؤ والتكافل والتكامل بشكل الذي يجعلنا نتقدم إلى الأمام نحن ننعى عن الناس أن لا يشاركوننا عقيدتنا ننعى عليهم ألا يشاركوننا مذهبنا من عليهم إلا يشاركوا كيفية صلاتنا وندخل المسجد لننظر إلى القابض والسدل وننعى على هذا ونسب هذا، بينما الأمة يجب أن تربى على التكامل وإذا كانت قضية العقيدة تستوجب منا سلوكيات خاصة فإن استثمار طاقات أبناء الوطن من الذين يشاركوننا عقيدتنا أو لا يشاركوننا هي واجب وطني وشرعي وديني.

•من منطلق ما تحدثت به هل نجحت الحركة الإسلامية في أن تقدم الرجل المناسب في المكان المناسب حينما جاءتها السلطة وغابت عنها القدرة؟


-هو مطالبتها بهذا كأنه استبعاد للسنن الكونية لا يمكن للحركة الإسلامية وهي التي لم تخبر الحكم أبدا أن تجد نفسها أمام متطلبات جديدة وضغوط داخلية وخارجية وأن تحسن الاختيار هي أساءت الاختيار يقينا لكن لم تسيء الاختيار عن تبيت أساءت الاختيار لأنها وجدت في ظرف لم تؤمن فيه رأيها بالشكل الكافي لأن الوقت كان يعوزها لكن اليوم والحركة الإسلامية بعضها أخرج من الحكم وبعضها يطارد هي مطالبة بأن تراجع هذه المسلمات ولا تثريب عليها في ذلك بل واجبها أن تهيئ اليوم العدة لئن تكون محركا وطنيا داخل أوطانها، نحن لسنا بمعزل عن واقع أوطاننا ولا يجب أن نتقدم كفئة معزولة عن استحقاق الأوطان، أنا في بلدي تونسي كغيري من التونسيين يهمني أن يرتفع المستوى القومي والشيوعي والعلماني وأن يجد ابنه وابنته حقوقهم المستمدة من المواطنة حقوقهم بالعمل حقوقهم بالكرامة حقوقهم بالطعام حقوقهم بالدراسة هذا حق كل مواطن علي فإذا تقدمت أنا إسلامي فأنا أتقدم لأني سأخدم هؤلاء جميعا والإسلام فرض علي ذلك، ألم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم وأنتم تعلمون الواقعة في مكة المكرمة عندما جاء أعرابي وباع أبا الحكم الذي سمي بعد ذلك أبا جهل باعه بضاعة جاء بها من الصحراء كعسل وغيره ووعده بأن يعطيه ثمنه في نهاية الموسم ولم يفعل وتلكأ في ذلك وامتنع أصدقاء في الندوة من أن يقنعوه بخلاص الرجل، دلوه على الرسول صلى الله عليه وسلم وكان في قلة من قومه في تلك الفترة قالوا اذهب لذلك الرجل فذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وشكاه إليه وضعه أنبرى الرسول صلى الله عليه وسلم وطرق على أبي جهل وطلب منه أن يعطي المال فأعطى المال ما الذي فعله الرسول بعد ذلك؟ أجعل تلك مناسبة ليعرف بدينه قالوا أنا محمد وجئت بالقرآن وهؤلاء كفار وهم مشركون وأبو جهل هذا سرقك لأنه كافر، قال لا خذ مالك وأمضي إلى اهلك ولم يشعره لا بخلفيته الدينية ولا بخلفيته العقائدية لأن الإسلام يعتقد أن من واجبه أن يخدم الناس دون لافتة وأن يقدم للناس خيرا دون لافتة، هذه الفئة هي فئة يجب إلا تمن على الناس..

•في اتهام للحركات الإسلامية أنها لا تقدم خدمات إلى الناس إلا مع الختم مع اللافتة الإخوان المسلمون حركة النهضة حزب كذا حزب كذا وكأن خدمة الناس يجب أن تقوم حتى يستعطف الناس إلى أننا نحن نخدمكم؟

-هذا خطأ سوء فهم وقلة تجربة وعدم إدراك لروح الإسلام نحن نقدم واجبا علينا، قالت خديجة لما تقدم لها النبي صلى الله عليه وسلم بعد دقائق من تسلمه أمانة الوحي ولم يفرض عليه فرض ولم يحرم عليه محرم، قالت وهو يرتعد والله ما يخزيك ربك أبدا أنك تحمل تقري الضيف وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق عمن تتحدث؟ تتحدث عن مواساته للمشركين والكفار، والرسول صلى الله عليه وسلم شارك في حلف الفضول وقال حلفه شارك في سن 02 سنة في دار عبد الله ابن جدعان وقدم مع كبار قريش ليشارك في التزام بحماية كل مظلوم، مظلوم من المشركين نحن مطلوب منا أن نقدم خدمات لشعوبنا وأوطاننا دون أن نمن على الناس.

•هل السياسية مفهوم السياسة في الإسلام هو مفهوم ما جاء في الأحكام السلطانية وغيرها من الكتب التاريخية الأخرى؟


-شوف إحنا نشكو في تاريخنا نقيصة في فقهنا نحن كتبنا في فقه العبادات وفقه المعاملات ما أحصاه بعض المستشرقين فوصل به إلى مليون كتاب ورسالة وشرح، لكننا في الأحكام السلطانية فيما يتعلق بما نسميه اليوم القانون الدستوري لم نكتب إلا عدة كتب لا تتجاوز سبعة أو ثمانية كتب تقريبا هذه التي نعرفها، ومنها الأحكام السلطانية للموردي ولأبي يعلا والسياسة الشرعية للأمام ابن تيمية وغيرهم وهذه الكتب يبدو إن هذا الميدان لم يتجرأ العلماء على دخوله لأنه مظلة الصدام بالسلطان والحكام المستبدين، الأمر الثاني أن الذين كتبوا انطلقوا من واقع تجربة عملية قام بها الأمويون والعباسيون وهي تجربة اجتهادية تأثرت بالواقع الذي كان يعيشونه ونقلوا هذه التجربة على أنها هي الحكم الشرعي وهذا خلل، هذا ليس حكما شرعيا واردا بنص كتاب أو سنة وإنما هو من الاجتهادات الفردية التي قام بها أصحابها حتى في عهد الخلفاء الراشدين والتي اقتضاها واقعهم في كيفية اختيار الإمام وكيفية تقديمه وصلاحياته وهل يحق له أن ينيب عنه؟ وهل يحق له أن يأخذ البيعة بالقوة وهل بيعته..

•هل كان ما ينطبق في عهد الأمويين والعباسيين والدولة العثمانية وغيرها هو ما نطبقه اليوم؟


-لا نحن نعيش واقعا جديدا وذلك ويجب علينا ويجب على علمائنا أن يفتقوا أذهانهم لمعالجة هذا الواقع الجديد على ضوء النصوص الثابتة من الكتاب والسنة ليخترعوا لنا نظاما للحكم يأخذ بعين الاعتبار الأصول التي جاء بها الإسلام من احترام اختيار الأمة لأميرها من التداول على السلطة من محاسبة صاحب السلطان من عزله عندما يجب عزله، والمؤسسات التي من شأنها أن تعمل لتعطيل أي طغيان يطرأ عليه، سيدي الكريم حكامنا في الأول الذي كان يمنعهم من الطغيان والظلم هو التزام عقائدي التزام أدبي أخلاقي هو مؤمن هذا كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم عاملا، لكن لما ضعف الخيط وانقطع استمرار الحبل أصبح الاكتفاء بمجرد التزام أخلاقي أمرا لا معنى له، رأينا في تاريخنا حكاما يصلون ولكنهم يظلمون، الذي نحتاجه اليوم أن نضع مؤسسات من شأن وجودها أن يحول دون الطغيان دون الظلم ودون الاستبداد وأن يوفر للإنسان حقه فوق أرضنا.

•لم يوجد في تاريخ الإسلام الدولة القطرية أو الدولة الوطنية التي تتواجد الآن والتي سببها المستعمر والتي ينبغي على الإسلاميين وغيرهم أن يتعاملوا معها لم توجد البرلمانات لم توجد الحكومات الإقليمية المحلية أو الأشكال الحديثة الموجودة ومع ذلك الإسلاميون حينما يخاطبون الناس إنما يخاطبونهم بنظام الحكم القديم الذي لا يمكن أن تُطبقه على الواقع اليوم؟

-الذين يخاطبون الناس بهذا الخطاب القديم اضطروا لذلك لأنهم عاجزون عن أن يفرقوا بين نصر ثابت مستمر الأداء لا يتغير ولا يتبدل طوال الأعصر والأزمنة وبين تطبيق عملي يتأثر بالواقع ولم يدركوا ما هو الثابت وما هو المتغير في هذا الميدان، والذي علينا أن نفهمه اليوم إننا في واقع فرض علينا نحن لم نختلط دولة قطرية بل إن دولتنا القطرية مهددة في بعض الأحيان بالانقسام، انتم رأيتم ماذا حصل في السودان وأنتم ترون اليوم ما يحصل في بلدان أخرى من محاولة قسم هذه الكيانات وتعطيلها وتفتيتها، هل يعني ذلك أن الإسلام سيتعطل لا أبدا، الإسلام يجب بواسطة علمائه ومفكريه أن يجد الحلول الواقعية للتعامل مع هذا الواقع الجديد وأنا أقول لا ضير أن نتعامل مع وحدتنا الوطنية كقاعدة منطلق أساسي اليوم يجب أن أقول بملء فيّ أنا تونسي ابن تونس وحضرتك تقول أنا مصري ابن مصر، أنا عايشت أئمتنا وخطبائنا في المساجد كانوا إذا دعوا لبلدهم يقول اللهم أحفظ بلدنا هذا وسائر بلاد المسلمين، فكنت أنا صغير أقول لهم لماذا لا تذكرون هذا البلد؟ يتحاشون أن يذكروه مخافة التقسيم، نحن نحتاج إلى إن يصعد الإمام فوق المنبر وأن يعتز بمصر في مصر وأن يعتز بتونس في تونس ويقول هذه وحدة قائمة صح أن الأمة لها أهداف عالمية لكن واقعنا اليوم يقتضي منا أن نعيش واقعنا وأن ننطلق منه والرسول صلى الله عليه وسلم انطلق من واقع مكة وأحبها لما تغير هذا الواقع قال: )أنتِ في قلبي أنتِ أحب بلاد الله إلي ولولا أن قومك أخرجوني ما خرجت منك( ولكنه أخذ بعين الاعتبار واقعا جديدا هو واقع الذين رحبوا به وأفسحوا له المجال بأن يقيموا دولته فلم يستنكف من أن يكون مع أهل المدينة وأن يتوفاه الله في المدينة وهو الذي يحب مكة، نحن واقعنا اليوم وهذا الواقع الوطني نعتز به نؤمن به هذا العلم هو علم السيادة في وطني، وأحب وطني وأرعى حقه علي وأحترم نشيده الرسمي لأنه يعبر عن كياني ووجودي وهو الذي يجمعني بأخي التونسي الآخر الذي هو علماني وأخي التونسي الآخر الذي هو يهودي وأخي التونسي الآخر الذي هو مسيحي وأخي التونسي الآخر الذي هو اشتراكي أو شيوعي نحن نجتمع على هذه الأرض ومطالبون بأن نتعاون على بنائها ولا ايش طالب مني أنت طالب مني أن أفتح لنفسي جزيرة في بحر الواق الواق وأعيش لوحدي قال ليش؟ قال لأن الله أراد مني أن أكون مسلما يجب أن اطرد على اليمين وعلى اليسار الذين يخالفونني مش صحيح.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد