في ظل اتساع رقعة الفقر وعمالة الأطفال.. أطفال على قارعة الطريق من جول مدرم حتى كرش

2009-03-08 05:56:37


تحقيق / أبو مصعب الصبيحي

بعيداً عن قوانين وحقوق الأطفال وعن المؤتمرات العالمية والمحلية وعن حق الالتزام بتربية الأطفال ورعايتهم أصبح الفقر مؤامرة على الأطفال أخرجهم من منازلهم إلى الشوارع ضاعت مفاهيم حب الأطفال والعاطفة، بيوت أصيبت بالتفكك وانتشرت ظاهرة عمالة الأطفال وجرائم متنوعة خطيرة طالت الأطفال بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة والبحث عن المال وليس عن الأطفال وعدم الالتزام بالأسس الشرعية في استقرار وأمان وتغذية وملبس وتعليم مئات الأطفال تركوا منازلهم وفصولهم الدراسية نحو الشارع فعلى امتداد الخط الإسفلتي العام بين تعز وعدن من جول مدرم حتى كرش يصطف عشرات الأطفال على طول وعرض الخط للعمل في بيع الفاكهة والصحف والحمضيات وحيوان الضب والآيسكريم لتوفير لقمة الغذاء ومصاريف المنزل في هذا التحقيق نسرد فصول المعانات كما شاهدناها فإلى التفاصيل :

أعمال شاقة وأجر قليل

يمتهن أطفال جول مدرم بيع الحمضيات والفواكه، يصطفون طابوراً على المطبات يعرضون بضاعتهم للقادمين والسائرين ذهاباً وإياباً يقول الطفل فوزي علي ، وماجد صالح نظل واقفين في الشمس نعرض ما بحوزتنا نستعطف الناس أنه، عمل شاقد من الصباح حتى المساء ومع ذلك فالأجر قليل جداً لا يساوي قيمة التعب والإرهاق والمخاطرة بالنفس وفي إجابته عن سؤال ما الذي جعلك تعمل وعمرك 9 أعوام قال بلهجة لطيفة وصوت هادئ الحياة تعب راتب الأب لا يكفي نحن أسرة كبيرة فقيرة لا تملك غير الراتب لأب متقاعد وما نوفره في بيع الجوافة والليم والمانجو في المواسم المعروفة لهذه الأصناف، وعن التحصيل التعليمي يقول الطفل جهاد نتعلم قليل قليل نغيب أحياناً ونتأخر عن الحضور وبعضنا لا يتعلمون.

هكذا يتحدثون بكل حرقة وبؤس، تعليم ناقص تربية ضعيفة وفساد يأكل الأخضر واليابس وأسعار مرتفعة أضعاف مضاعفة ومنازل بسيطة وكفاح من أجل الحياة والعيش الكريم إنهم أطفال لا يعرفون الدعابة والمرح والسرور والسعادة والانبساط حياتهم في الرصيف متاعب وأخطار وإرهاق.

إنهم أطفال ينشأون وسط أجواء الفوضى والضجيج يتحدث الطفل سامي بكل شجاعة عما حدث في منزله من شقاقات بين الأب الذي يرسل الابن كل صباح ومساء للعمل في بيع الفواكه على الخط العام للسيارات وبين الأم التي تشفق على الولد وتقول أنه لا يطيق العمل وأن البيت في ظلام إذا خرج الابن منه كل صباح وعودته قبل المساء ويقول الأستاذ/ أمين كريان أن لكل سفينة ربان يحسن القيادة ويجيد الحكمة يرعى الأمور كذلك سفينة البيت أنها نشبه سفينة البحر تماماً ويرى علي سعد السراجنة أن معيار التربية الناجحة للأطفال ليس في الشارع والخطوط العامة للبيع والشراء والعمل لأنهم يتربون على سلوكيات خاطئة كأسباب الكذب والسرقة والاختلاط بالمجرمين والشواذ نحن نضع اللوم أولاً على النظام وعلى السلطة التي أوصلت البلد إلى هذا المستوى بسبب سياسة الإفقار وتحدث نبيل الحوشبي وأحمد النيفي أن الأب عليه حق الأنفاق بجميع ضروريات العيش من طعام وشراب ودواء وكساء ومأوى وتعليم لكن الأب يجد أحياناً من الصعوبات والعراقيل ما تجعله يترك الابن والبنت للعمل الشاق وتجاوز هذه العراقيل الشائكة والمعروف أن الطفل في الشارع يتربى على العدوانية والفوضى.

كيف نحمي براءة الأطفال

ثمة ظواهر خطيرة تهدد براءة الأطفال كما يذكر د/ ياسر أحمد صالح سالم مثل الاعتداءات الجنسية وهي ظاهرة أفرزتها الحضارة الحديثة المادية وهناك الكثيره من الحوادث والأمثلة على ذلك سبب إرسال الأطفال للعمل في الشوارع هذه المشكلة تتفاقم تحت السطح يزداد خطرها وظهرت أيضاً ظاهرة تداول الصور الإباحية الغريب أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين يتعرضون للاعتداءات الجنسية لا يتكلمون خوفاً ورهبة من وحشية التشهير ويقول د/ ياسر الاعتداءات الجنسية تقع أيضاً على الإناث حيث يستغل المعتدي جراءة الطفل وسذاجته وضعفه البدني والنفسي وهناك أسباب كثيرة أهمها اختلاط وخروج الأطفال للأعمال وضعف سلطان الدين والإحساس بالمسؤولية الاجتماعية يوجد اليوم ما يسمى بأطفال الشوارع وتظهر هذه الاعتداءات في البيئات الفقيرة حيث ينشر الجهل والتخلف ومن كل ما سبق يقتضي واجب الأبوين حماية براءة الأولاد وواجب السلطة علاج مشاكل الفقر والحد من الصراعات والسعي للقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع .

أطفال معذبون

هناك أطفال في مناطق كرش الشريجة يعملون أعمال تؤدي إلى أضرار مثل عمل نقل الأحجار وبيع القات وكما هو حال الطفل مالك علي غالب بايع الآيسكرم الذي ينتقل في قرى جدبه وركض فوق الحمار يتجه في مناطق خطيرة قائلاً " الجوع والمرض وقلة الدخل جعلني أعمل في بيع الآيسكرم كذلك اسعد محمد عبدالله يعمل ليأكل ويأكل ليعمل بعد نهاية كل يوم دراسي أرتبط بمسؤولية واهتمام بالجانب المعيشي وهو ما يزال صغيراً ومثله عشرات الأطفال المعذبون على الرصيف وفي الشعاب والجبال والفيافي تحت شعار عمل من أجل العيش في دولة خالفت اتفاقيات حقوق الطفل والمبادئ التي تحترم حياة الأطفال حيث دعا الأستاذ / محمد الأصبحي إلى إقامة أسرة مسلمة سوية ومجتمع إسلامي سوي تصان فيه الحقوق الإنسانية لأن أمن الطفولة مبدأ إسلامي أصيل ومنهج تربوي ويذكر عمر الصبحي أن من الأسباب المؤدية إلى عمالة الأطفال النزاعات الداخلية بين الأسرة التي تعكس سلباً على الأطفال وتخلق التوترات والطلاق ولم يجد الأطفال وسيلة لإشباع حاجاتهم العاطفية إلا بالانحرافات والتشرد في الشوارع.

رسالة أخيرة

رسالتنا من خلال التحقيق والرصد هي للآباء حول تربية الأبناء فلذات الأكباد وقلب الأسرة النابض نواة المجتمع حاضرنا ومستقبلنا فالاهتمام بالأطفال هو الحب الذي يصنع المعجزات القادر على إصلاح البلاد ورسالتنا لجهات الاختصاص مجرد سؤال إلى متى سنظل نكتب ونرصد ونسمع عن عمالة الأطفال وإذلالهم واغتيال جراءتهم أن أضرار العمالة أبشع وأكبر من فائدة وقيمة ما يوفره الأبناء نقود وأموال لأن ذلك جزء من واجباتهم فاختلاطهم بالأسواق جعلهم يكتسبون سلوكيات سوقية ويتلفظون بعبارات سيئة جداً. وكما يقولون "حتى لا يقع الفأس في الرأس " فلا بد من الوقوف مع قضايا الطفولة صحيحاً ونفسياً فكم سمعنا عن أطفال متمردين على أولياء أمورهم ولديهم ميول انحرافية ليس لديهم قدرة على التأقلم مع حياة الأهل والبيت كأنهم جزيرة منفصلة في عالم من رفقاء السوء.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد