جعار والانفلات الأمني.. وماذا بعد؟ ..محلي أبين وخنفر مثل النعامة التي تضع رأسها في الرمل ولا تدري ما يدور حوله

2009-02-21 11:28:25

  تحقيق/نزيه عبد الله

بات الانفلات الأمني في مديرية خنفر جعار كبرى مدن محافظة أبين يشكل مصدر قلق كبير لساكني جعار، فقد تجاوزت تلك الاختلالات الأمنية حدتها خلال الأشهر القليلة الماضية وحتى اللحظة التي عجز فعلاً الأمن في خنفر الكشف عن تلك العناصر التي تعبيث بالأرض فساداً تتجاوز كل القيم الإنسانية والدينية.

مراقبون يرون أن ما يحدث في جعار لعبة ومسلسل هزلي لم يبدأ أصلاً حتى ينتهي لتبسط حينها الدولة سيطرتها بالقوة تجاه كافة الأفعال المخلة بالأمن، إلا أن هناك من يرجح أن فتنة قادمة لمحافظة أبين يصعب إخمادها.

"أخبار اليوم" ترصد في تلك الأحداث التحليل الكافي لقضية الانفلات الأمني في خنفر

الميسري وكشف الأوراق

المحافظ أحمد الميسري "43" عاماً قدم إلى محافظة أبين في شهر مايو لينتخب من محلي المحافظة ويتولى محافظاً لمحافظة أبين رئيس المجلس المحلي بالمحافظة وكذا اللجنة الأمنية ينتابه الشعور الكامل بعملية الإصلاح والتغيير لمحافظة ذات "11" مديرية بعضها ساحلية وأخرى جبلية وكان هدفه الطموح الكبير لانتشال وضع المحافظة الغارقة بالفساد من مدراء عموم المكاتب التنفيذية في المحافظة الذين يتمسكون بتلك المناصب منذ عقود من الزمن كون هناك جهات عليا تحمي أولئك مدراء العموم.

الميسري ذلك الشاب الطموح للتغيير سرعان ما كشف أوراقه سريعاً أمام خصومه وأعلن عن ثورة ضد الفساد والمفسدين في المحافظة ومحاسبة بعض المسؤولين العابثين بالمال العام وقد نجح أولئك الفاسدين والذين يملكون خبرة طويلة في التآمر وإفشال كل ما هو لصالح المحافظة فقد عملوا منذ الوهلة الأولى بالتركيز على الاختلالات الأمنية في المحافظة لإدراكهم العميق أن هذه هي الورقة الرابحة التي ستقضي على طموح الميسري والاهتمام بها أكثر من الاهتمام بقضايا الفساد وفعلاً نجح هؤلاء المتآمرون على محافظة أبين في خططهم التآمرية إلى جعل الانفلات الأمني يعم بعض مديريات المحافظة وتهديد منزله بعدة قذائف وفتح جبهات أخرى له من خلال قطع الطرقات في المديريات الشرقية لودر ،مودية ،المحفد ونهب سيارات المواطنين وجبهة أخرى في مديرية خنفر كبرى مديريات المحافظة والتي تشهد حتى اللحظة الانفلات الأمني الكبير الذي فاق كل التوقعات.

وسعى الميسري لتأمين الجبهة الأمنية من خلال إجراء تغييرات شملت قيادة الأمن العام والمركزي لمحافظة ابين وكذا مدير أمن خنفر ومدير عام المديرية ولكن ظلت عناصر الفساد في المحافظة تتربص لكل خطوات التغيير وتحاول إفشالها وفعلاً إن تلك التغييرات لم تنجح في مهامها حتى اللحظة في الحفاظ على الأمن خاصة في مدينة جعار وندرك بأن لكل حصان كبوة والميسرى غيره من الشرفاء لم يستطيعوا إصلاح وضع أبين

صمت محلي أبين

المجلس المحلي وهيئته الإدارية في محافظة أبين الذي تقع عليه المسؤولية الكاملة بكل ما يدور في المحافظة وتقع على رقابهم أمانة المسؤولية الكاملة لحماية المواطنين الذين صوت لكل عضو مجلس محلي في المحافظة مستبشرين بأولئك الأعضاء في الحفاظ على أمن واستقرار ذلك المواطن البسيط الذي يبحث دائماً عن لقمة العيش والأمن والاستقرار.

إلا أن المجلس المحلي ظل صامتاً إزاء مجمل الاختلالات الأمنية في المحافظة وخاصة خنفر وكأن لا شيء يعنيهم لما يدور في المحافظة بشكل عام متناسين في ذلك قانون السلطة المحلية الذي أعطاهم كافة الصلاحيات في الحفاظ على أمن المواطن واعتبار مدير عام المديرية هو المسؤول الأول عن أمن مديريته وكل الأجهزة الأمنية تكون خاضعة له وأصبح دور بعض أعضاء المجلس المحلي في المحافظة اللهث وراء السمسرة بقضايا الأراضي والتوظيف وغيرها من القضايا لمآربهم الشخصية وهل سيدرك أعضاء محلي محافظة أبين المهام التي تقع على عاتقهم خلال السنوات الأربع في الوقوف أمام مجمل القضايا المتعلقة بالمواطنين؟ أم سيظل مثل النعامة التي تغرس رأسها في الأرض ولا تدري ما يدور حولها؟

عودة على بدء

ظللت منذ فترة أتابع مجمل مجريات الأحداث المتصاعدة في مدينة جعار من انفجارات ونهب الممتلكات العامة وسرقة السيارات وقتل الأبرياء من قبل جماعة لم تعرف هويتها وحتى مطلع الأسبوع زادت وتيرة الانفلات الأمني في خنفر، وكأننا نعيش معركة حقيقية مع ما يدور في جعار وفي لحظة اكتمال تحرير الخبر عن انفجار حتى يأتي اتصالاً آخر بأن هناك حالة قتل وأخرى نهب سجن جعار وغيرها من الأعمال التخريبية التي تشهدها أبين وقد حرصت "أخبار اليوم" أن تتمحص الخبر من مصادره لتكون الصحيفة ذات مصداقية، وهذا ما جعل الشيخ حسان ديان المسؤول عن الجماعات الجهادية في جعار ينفي صلة جماعته بالأحداث التي تشهدها جعار وقال حينها إن هناك جماعات تريد إنهاء الصلح بيينا وبين الدولة ولكن نؤكد لأولئك أننا اليوم مع الدولة وسنحميها من المهرة إلى صعدة وسنكشف تلك الجماعات.

الأجهزة الأمنية في المحافظة ظلت معتكفة بوضع الخطط الأمنية التي من شأنها انتشال الوضع الأمني في خنفر إلا أنها لم تجدي تلك الخطط الموضوعة فهناك جماعات قامت بنهب سجن جعار بعد إخلائه من السجناء في وضح النهار دون أن تعمل الأجهزة الأمنية شيئاً حيال ذلك.

ومع تسابق الأحداث تطوراً تأتي جماعة ملثمة وتجبر سائق فضيلة القاضي قاسم الصبري رئيس محكمة جعار بالنزول من السيارة واختطافها إلا أنها أعيدت في اليوم الثاني بعد تصريح فضيلة القاضي الصبري للصحيفة بأن الدولة والأمن مفقودان في خنفر بنسبة "100%" وهكذا يتواصل الانفلات الأمني في خنفر يوماً بعد يوم ولم يجد آذاناً صاغية لمعالجته.

جعار والنزوح وماذا بعد

عندما تطال قدماك مدينة جعار وشوارعها ينتابك إحساس وشعور غريب أن تلك المدينة فعلاً تعاني كثيراً من غياب السلطة المحلية في المحافظة والمجلس المحلي في مديرية خنفر الذي ما زال يبحث له عن موقع لممارسة نشاطه إذا كان أصلاً لديه نشاط في المديرية، حيث نجد الشوارع متسخة والكل يمارس نشاط البيع والشراء للأسماك والخضار والقات وكل ما يحلو للزائر إقتنائه.

ويراودك شعور آخر أنه من المستحيل أن تكون تلك المدينة يسودها الانفلات الأمني خاصة عندما ترى بأم عينك الانتشار الأمني الكثيف في مداخل ومخارج جعار ووسط الأراضي الزراعية يشعر المرء أن تلك القوة ستحميه ولا يمكن أن تطلق رصاصة واحدة، ولكن ذلك الشعور سريعاً ما يتلاشى لأن تلك القوة حقاً عجزت عن حماية مواطني جعار من تلك العناصر المخربة والمقلقة للأمن والاستقرار في جعار، وإزاء تلك الأوضاع المتردية شعر بعض ساكني جعار بأنهم مستهدفون مما أخطروا على مغادرة منازلهم إلى مناطق أكثر أمناً.

وتعد عملية نزوح المواطنين من منازلهم سابقة خطيرة لم يعهدوها من السابق على الرغم من الحروب السابقة التي عاصروها.

ويبقى السؤال: من المسؤول عما يدور في خنفر؟ ولمصلحة من؟ ولماذا جعار؟

مقترحات صريحة

أجد نفسي حريصاً أن أضع بعض المقترحات لانتشال الوضع الأمني في مدينة جعار ومحافظة أبين بشكل عام.

* أن يتم الاستفادة من سجن جعار حتى لا تظهر جهة تدعي بأحقيتها للسجن وأن يكون سوقاً لبيع القات بدلاً من السوق الذي بجانب مستشفى الرازي ويقسم جزء منه لباعة الخضار والأسماك على الرغم أنه تتواجد أسواق خاصة لذلك ولكن لم يلتزم به أحد أو أن يحول السجن إلى فرزة الباصات بدلاً من الزحمة وسط السوق.

* أن يلعب المشائخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية دوراً في مساعدة الأمن للقبض على المطلوبين أمنياً وليس لغرض الوساطة والإفراج عنهم.

* ضرورة أن يشعر جندي الأمن العام بأن هناك جهة ستحميه في حالة القيام بواجبه وليس العكس كما هو حاصل الآن.

* قيام منظمات المجتمع المدني في المديرية بنشر التوعية الكاملة لدى مواطني المديرية في الإبلاغ عن العناصر المخربة والحب والانتماء للوطن.

* أن يقف أعضاء المجلس المحلي بالمحافظة ومديرية خنفر وقفة جادة ومسؤولة لنشاط وتقييم عملهم والدور الذي يمكن القيام به في حماية أبناء المحافظة وكيفية حصولهم على حقوقهم.

* أخيراً يجب على الجميع من أبناء محافظة أبين مساندة الأخ أحمد الميسري محافظ المحافظة ومباركة كل الخطوات التي قدم لأجلها في خدمة أبين.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد