في الذكرى السادسة والأربعين لاستقلال الجنوب اليمني يتذكر أمين عام حزب جبهة التحرير- المناضل/ صالح صائل نفس اليوم من العام 1967م.. يوم الاستقلال وما سبقها من أيام نضال.. وكيف عاشت عدن وبقية مناطق الجنوب حينها هذه المناسبة العظيمة..

في حديثه عبر الهاتف للمحرر في صحيفة أخبار اليوم " وليد عبد الواسع" يحكي المناضل صائل تفاصيل الفرح والوجع في هذا اليوم العظيم.. يوم الجلاء, ومحطات من نضاله كان عاشها في صفوف التائقين للحرية من المستعمر البريطاني.. ويسردها في الحوار تالياً

*في الذكرى السادسة والأربعين لاستقلال الجنوب اليمني من الاحتلال البريطاني.. لا شك بأن المناضل/ صالح صائل يحتفظ بالكثير من الذكريات التي شهدها هذا اليوم من العام 1967م.. حدثنا عن ذلك؟

ـ الـ 30 من نوفمبر كان يوم عظيم وهو يوم الجلاء يوم جلاء آخر جندي بريطاني, فرح فيه الشعب كله إلا أنه في نفس اليوم كان نصف الشعب معتقلاً, أي أن سكان محافظة عدن كلهم معتقلون فقد أخذ البريطانيون بيوت الناس مقابل خروجهم إلى المطار سليمين من القتل.

كانت الفرحة عارمة في جانب معين, وهي الجهة التي ارتبطت بالاستعمار البريطاني وهم موجودون الآن معنا في نفس الحكومة في صنعاء في نفس الدولة, قادة الدولة الذين بايعوا بريطانيا على ضرب الفصيل الثوري الحقيقي وهو جبهة التحرير, قال الأخ حسين لوم: كل فصيل عنده ما شاء الله من الرجال.

*من هم هذين الفصيلان؟

ـ الفصيلان الجبهة القومية وجبهة التحرير, لكن جبهة التحرير لها فصائل, لها التنظيم الشعبي ويملك ثمان فرق من أقوى الفرق العسكرية, وجيش التحرير الذي تدرب في الحوبان وتدرب في القاهرة.

*من كان أبرز القيادات في ذلك الفصيلان؟

ـ الفصيلان في التنظيم الشعبي للقوى الثورية كان سالم يسلم بلحارش العولقي, كان قائد فرقة النجدة من العوالق من الصعيد, وعلي هادي قائد فرقة الوحدة وهو من الضالع قائد كبير, وخالد مفلحي قائد فرقة النصر من المفالح وعبدالرحمن الصريمي من تعز, لكنه يقود فرقة صلاح الدين هذا أيضاً من التنظيم الشعبي.

 وهناك فرقة المجد وكان يقودها الشيخ الحمزة ـ من أبين ـ وهو الآن مرمي مثل أي مناضل لا يحصل على قيمة العلاج, وفرقة الوليد يقودها بقيادة واحد ضالعي اسمه صعوان, وفرقة درب الهدى بقيادة عزب محمد فضل من ـ العزيبة وهو قد توفى, الله يرحمه ـ وتسمّى فرقة الفتح كانت من أقوى الفرق ولها تاريخ عظيم.

فكانت هذه الفرق من التنظيم الشعبي الذين شاركوا في محادثات القاهرة ومن ضمن قادتها أبو جلال محمد علي العبسي قتل في خور مكسر ظلماً وعدواناً.

*في محادثات القاهرة ما الذي حدث؟

ـ كان عبدالناصر قد جمع القيادات على أساس "يسد" بينهم أي يقوم بحل الإشكالية بين جبهة التحرير والجبهة القومية, وحصدت جبهة التحرير مكانها الحقيقي بـ 75% من المقاعد و 25% كانت للجبهة القومية مما أدى إلى خلخلة الأمور والرفض من الجانب الآخر بعد ما تباحثوا مع الاستعمار البريطاني وهؤلاء هم الذين سيطروا فيما بعد على الجيش.

 كان لجبهة التحرير ظروفها و القول إنها من تحمل الجنوب كله, واشترطوا بأنه لا بد من وجود عصابة تضرب جبهة التحرير, لأن جبهة التحرير فيها عبدالناصر والسلال وهذا على أساس أنهم اعتبروها يمنية شمالية وفي الجيش الجنوبي كانوا يحرضون المواطن لقتلهم والإيعاز لهم بأن جبهة التحرير أتت بجيش بديل عنكم, يعني كان التحريض بهذا الأمر, وأنا كنت في الجيش.

*طيب ما الذي أفرزت عنه تلك المحادثات في القاهرة؟ أين وصلت؟

ـ فشلت المحادثات ولم يقبلوا كلام عبدالناصر ولا كلام القيادة العربية التي كانت موجودة في تعز, فقد كان لأبناء الشمال أن عرف عنهم هذا الدور في الشمال وفي الجنوب منهم نايف حواتمه وجورج حبش كانوا موجودين في تعز.

*نقصد بأن حركة القوميين العرب كان لها دور خطير على الاستقلال؟

ـ حركة القوميين العرب أثرت, كانت هي ضد الناصريين وضد مخططات جمال عبدالناصر بالحرف الواحد, سموا قوميين إلا أن لهم مآرب أخرى, وإلى الآن يفاخروا أنهم من حركة القوميين العرب.

 حركة القوميين العرب قادوا تآمراً ضد جبهة التحرير وما انتصرت الجبهة القومية إلا بعد ما حولوا الجيش كله ضد جبهة التحرير, سحبوا اللجان عبر لجان وساطة, بعد الحرب الأهلية الخاسرة, أتوا بلجان وساطة كانت ضد لجان الوساطة, هي المتآمر الحقيقي, سلمت السلاح الذي كانت تستلمه المواقع من الجبهة القومية من أجل يستأسدوا على الموضوع كله, فحصل ما حصل وحصلت المذبحة لجبهة التحرير في يوم الاستقلال نفسه.

 في يوم الاستقلال لو شفت أنت البكاء والنحيب والقتل والتعذيب بينما الإذاعة تغني كل الشعب قومية, وتحية للجبهة القومية كانوا يرددون هذا الشعار فيستغرب المواطن والغريب واللي يشوف كيف ضيعوا جبهة التحرير في يوم وليلة.

 كان المندوب السامي يشرب خمراً مع قادة الجبهة القومية وأعطى خبراً لوزيرة المملكة صاحبة الجلالة أننا انتصرنا وهذه الرسالة موجودة في التوجيه المعنوي جابوها أصحاب جبهة التحرير رسالة موثقة أن بعضهم تآمروا مع الاستعمار ضد جبهة التحرير كونها مع الشمال.

 الشيء الثاني كل هذا الأمر يعود على اعتبار أنه كان شعاراً لجبهة التحرير في أوراقها الرسمية هي وحدة ـ عدالة, والذي جرى من هذا الكلام أن الوحدة كانت بتكون في 67 لو أن الأمور سارت كما ينبغي, ولوكان الناس نظاف ولما تنجسوا بهذه الأمور, لكن إرادة الله وهذه إرادة رب العالمين رغم أنهم عمدوا على تصفية الجيش من 68 حتى الأفراد العاديين.. أعطوهم دفاتر رسمية وخروج للصالح العام أنا محتفظ بدفتر خروج للصالح العام.. أنا ما أدري أيش من مخرج يخرجوا به بأن خروجك من الجيش هو للصالح العام والوطني؟!

*أستاذ صالح.. لا شك بأنك مريت بمحطات تاريخية مهمة في مثل هذا الحدث ما أهي أبرزها بالتحديد؟

ـ أنا أقول لك هي مآسي لمن أذكر هذا الملف, ايش باتفاخر به بالله عليك؟ ولا يحق لي أن أفخر وافتخر إلا إذا كان لي نضال مع الاستعمار البريطاني وعملائهم الحقيقيين أما أننا أجي أقتل واحد عشان أخذ بيته أو عشان أنتهك عرضه أو أرضه لا أعتقد أن هذا نضال أبداً, لكن أراد الله أن يكون النصر وتوزعت الناس بالشكل هذا.

جيش التحرير كان على أساس بينزل للعمل الفدائي وقفوه, توقف العمل على أساس أنه في مؤامرة, وحركة القوميين العرب تحركوا.. كانوا معهم ناس في تعز وناس هنا.. يعني لو أردتم الأسماء عندنا كشف بهم.

*يعني يوم 30 نوفمبر كان يوماً مأساوياً وليس يوم فرح أو استقلال؟

ـ كانت فرحة لفئة من الفئات الذين ينتمون للجبهة القومية إلا أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يعاقبهم على فعلهم فأنزل لهم أحزب اليسار, اليمين؟, الزمرة, الطغمة, اليمين أصحاب قحطان الشعبي, اليسار أصحاب سالم ربيع علي والطغمة علي سالم البيض وأصحابه, والزمرة علي ناصر محمد وأصحابه هذه الفصائل التي كانت معهم, وهم الآن مختلفون على كل حاجة.. في الشمال هناك ناس من الخوف دخلوا مع الجبهة القومية ودخلوا الحزب الاشتراكي وهم الآن في بيوتهم الآن وهم من جبهة التحرير حتى لمّا يكونوا في مقابلة لا يذكرون جبهة التحرير فقط يتكلم عن الجبهة القومية ولا يتذكر حتى جبهة التحرير ولا نضالها مع العلم أن لنا سبع ندوات أقيمت في صنعاء وتعز وعدن وفي كل مكان وهي موثق في التوجيه المعنوي وعندما تشوف أيش قالوا والجبهة هذه إيش فعلت تقول سبحان الله العظيم, والحمد لله إحنا راضيين كل الرضى أن أيادينا ما تلوثت يوم.

*4سنوات ما بين انطلاق شرارة الثورة في الـ 14 أكتوبر وما بين الـ 30 من نوفمبر يوم الاستقلال ما الذي قدمه المناضل صالح صائل خلال هذه الفترة؟

ـ أولاً أنا في 63 كنت هنا مع الجيش العام قبل الحرس الوطني وأنا ومجاميع طلعنا من ضمنهم محمد ضيف الله ـ وزير الدفاع ـ اللي طلعنا من عدن مع أفراد كبيرة فتم توزيعنا من تعز على جبهة القتال, كان لنا شرف النضال هنا أيضاً في تلك المسيرة.. في جحور الشام بدأنا هناك من تعز والحديدة وسلمونا السلاح والمصاريف وكان هناك محمد الرعيني يقود الأعمال التي قتلوه فيها وانطلقنا إلى هناك والطور وإلى الأمان ووضرة والشغادر ونجره وبني العتة.

ثم عدنا للجنوب ودخلت في الجيش الجنوبي من خلال الجيش أيضاً انتظمت بالتنظيم الشعبي للقوى الثورية في فرقة النصر, لن أقول لك إنني كنت قيادياً تاريخياً أنا كنت فرد عادي, مثل أي فدائي ثاني, نقوم بعملية أو حراسة أو منشور أو ضمن حماية كذا وكذا هذا اللي كان عملنا..

 بعد التهجير في 68 حضرنا في السبعين يوماً, كان لنا دور جبار جيش التحرير وأفراد التنظيم الشعبي, شاركوا مع غيرهم ومع غيره من الرجال المهمين الذين كانوا يقودون المعارك في نقيل يسلح الآن

*طيب استاذ صالح مثلما كان لأبناء الجنوب إسهام في ثورة 26 سبتمبر كان لأبناء الشمال دور بارز في ثورة 14 أكتوبر وفي الاستقلال؟

ـ كانوا قيادات حقيقية وبارزة دافعوا دفاعهم, وكانوا هدفاً للإنجليز وهدفاً للضرب كان العمل موحداً بين اليمنيين ككل, من قاد المؤتمر العمالي, كان فؤاد عبدالله عبدالمجيد, كان الشماليون من المناطق الوسطى و من كل مناطق اليمن.. كانت حركة وطنية فيها كل الشماليين إلى جانب الجنوبيين الأحرار.

لأن الدم هناك مع بعض والدم هنا وقع مع بعض وهذا الذي خلاهم يسموا "وحدتي الثورة" إلا أن العناء الذي عاناه إخواني وأصحابي لا يظهر في الصورة التي يدعونها, لأنه عندما يطلع واحد في التلفزيون أقل شيء يجيب كلمة حق.. بعضهم ما كان لهم دور جاء 67 يوم الفوائد وظهروا أنهم أصحاب قيادة على الشاشة وبأنهم مناضلون وهم ناضلوا ضدنا.. هؤلاء ناضلوا ضد جبهة التحرير..

*المناضل صالح صائل قدّم الكثير في الثورة أين هو اليوم هل لقي أو حصل على الاستحقاق الذي كان يجب أن يستحقه؟

ـ قطعوا عليّ معاشي وقطعوا مخصص حزب جبهة التحرير, وقطعوا الدعم عن صحيفة التحرير ومحاربين وبالله وفي الله لأننا نقول كلمة حق, وأبينا أن نركع إلا لله تعالي, والله ما معنا منهم حاجة يا صاحبي غير هذا.

*في ذكرى استقلال الجنوب العربي أو الجنوب اليمني أو استقلال عدن ما الذي يقوله المناضل صالح صائل في مثل هذا اليوم؟

ـ أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يحمي اليمن من كل مكروه وأن يجنبنا البياعة اللي يبيعون الوطن والمواطن أو يبيعون الحدود وينهبوا الثروات وأن يكون الدخل كله لخزينة الدولة لينعم هذا الشعب بحقه وممتلكاته.