أزمة غاز خانقة .. تشهدها الأمانة وسعر الدبة يصل إلى "1500" ..مواطنون: أزمة الغاز يضعها السماسرة وغياب الرقابة ونحن الضحية ..شركة الغاز: نبذل كل ما في وسعنا لمعالجة الأزمة ونمون الأمانة بـ "54" ألف اسطوانة

2009-02-01 01:01:48


تحقيق/ قسم التحقيقات

ما أن يتجاوز المواطن أزمة من الأزمات. . إلا ويستيقظ على وقع أخرى. . وكأن حظ المواطن في الجمهورية اليمنية أزمات لا انقطاع لها، فأزمة الغاز يبدو أنها أصبحت مستعصية ولم يعد بمقدور الدولة معالجتها. . ففي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن اعتزامها تصدير هذه المادة الحيوية الهامة إلى الخارج. . يعجز المواطن الذي يعيش على الأرض التي تستخرج منها هذه المادة عن الحصول على اسطوانة غاز. . ولم يقف الأمر عند عناء البحث والوقوف في طوابير انتظار طويلة ومسيرات في سبيل دبة غاز. . بل وصل الأمر إلى أن تصل قيمة الاسطوانة إلى "1500" ريال هذا في المدن الرئيسية ناهيك عن الأرياف والقرى. . ويبدو أن حمى التجاذبات السياسية بشأن المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة. . أنست المسؤولين حمى المواقد التي يقتات على نارها أولئك المتجاذبون وما علموا أنها مهددة بالانطفاء بسبب أزمة الغاز التي تشهدها كل محافظات الجمهورية لمعرفة أسباب أزمة الغاز ومعاناة المواطنين اليومية جراء انعدام هذه المادة كان التحقيق التالي:

بداية كان لا بد أن نسمع من المواطنين باعتبارهم المتضرر الأكبر والضحية الأولى لسلسلة من السياسات الاقتصادية الفاشلة حيث يقول صالح أحمد الريمي: لدى اسطوانتان غاز فقط أبادل بينهما وبسبب ظروف كملت الأولى فاستخدمنا الثانية ولم أقم بملء الفارغة واستمرينا حتى فوجئت بنضوب الغاز عندها ذهبت لمعرض الغاز لكن صاحب المعرض أخبرني بأنه لا يوجد غاز توجهت إلى معرض آخر ولكن دون جدوى وثالث ورابع نفس المشكلة فعدت بالدبة إلى المنزل وقلت سيأتي الغاز غداً فأشتريت وجبة الغداء ثم العشاء من المطعم وفي صباح اليوم الثاني خرجت ومعي الدبة ولكني هذه المرة كنت أعرض على أصحاب المعارض سعراً أكثر ولم أحصل على الغاز واستمرت المعاناة ثلاثة أيام ونحن أسرة كبيرة وشراء الأكل من المطعم كلفني كثيراً حيث أني أخذ في اليوم الواحد فقط ب "600" ريال عيش "خبز" فضلاً عن المتطلبات الأخرى وفي اليوم الرابع خرجت أنا وصاحب التاكسي يبحث هو عن غاز وتوجهنا إلى إحدى المحطات فقيل لنا بأن الغاز كمل لكن أحدهم نادني مشترطاً على أن أدفع "1500" مقابل الدبة الواحدة فدفعت ومعي صاحب التاكسي وعدنا.

أزمة متجددة

أما أحمد فرحان سيف فقال الحصول على دبة الغاز هذه الأيام مستحيل أصعب من الحصول على الماء حتى ولو في مع الشخص فلوس وباستطاعته شراء دبة الغاز حتى ب "2000" ولكنها غير موجودة.

ولقد تعودنا على أزمة الغاز قبل رمضان بأسبوع أو أسبوعين ينعدم الغاز ولذلك قبل عيدي الفطر والأضحى بعدم الغاز لكنه هذه المرة تطور على السياسة الجديدة التي يتبعها صناع الأزمات وهي مع بداية العام الجديد ولا يستبعد فرحان أن تصبح أزمة الغاز تسير وفق جدول بحسب الأشهر والمناسبات كما الحال مع الكهرباء ومسلسل "طفي لصي" وأبدى استغرابه من التصريحات التي تتحدث عن تصدير الغاز إلى الخارج فيما الناس الذين لهم الحق والأولوية في الحصول على هذه المادة لا يحصلون عليها إلا بشق الأنفس وبأسعار عالية بينما قد تباع في الخارج بثمن بخس كما هو الحال مع البترول وبقية المشتقات التي قال لو أن المواطن يشتريها من خارج بالسعر العالمي لكانت أفضل مقارنة إذا ما اشتراها بالسعر المحلي.

وتسائل قائلاً: أين وعود الحكومة؟ وأين برنامج الرئيس من معاناة الناس في مادة أساسية؟ هل ذهب كل ذلك أدراج الرياح؟

أزمة مصطنعة

من جانبه يرى وليد حمود العمري أن أزمة الغاز مصطنعة من قبل أصحاب المعارض وبعض السماسرة الذين يتاجرون بأقوات الشعب وأنه لو كان هناك رقابة حقيقية لما حدثت أزمة غاز بين الحين والآخر.

ويجزم بقوله أن أزمة الغاز الراهنة مقدمة لجرعة جديدة تشمل كافة السلع وما ارتفاع أسعار القمح إلا خير دليل، ففي الوقت الذي تشهد فيه أسعار القمح في الأسواق العالمية انخفاضاً ملحوظاً نجد أنه وفي بلادنا يشهد ارتفاعاً يثير الكثير من التساؤلات عمن يحكم هذا الوطن؟ وماذا يراد بأبنائه؟

وأضاف: نسمع بعض الإشاعات حول تخزين بعض أصحاب المحطات ووكلاء بيع الغاز لهذه المادة بهدف رفع سعرها وإجبار المواطنين على شرائها بمبالغ كبيرة، وإذا كان هذا صحيحاً فأين دور وزارة التجارة والصناعة وقبلها وزارة النفط والشركة اليمنية للغاز؟ أم أن الضغوط التي تمارس ليس باستطاعتهم رفضها؟

سماسرة وصناع أزمات

عبدالسلام محمد عبدالقوي يذكر جملة من الأسباب التي قال أنها تقف وراء أزمة الغاز أبرزها الانتخابات القادمة وكذلك السماسرة الذين دأبوا على اصطناع الأزمات وتشاركهم صناعة الأزمات شركة الغاز التي وحتى اللحظة لم تعط أية مبررات حقيقية لهذه الأزمة مع أنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ذلك أن الصمت والسكوت الذي دأبت عليه شركة الغاز وهي تشاهد أسراب الناس أمام معارض الغاز ومحطات التعبئة هذا السكوت موضع شك وريبة كما أنها لم تقم بأية تحركات جدية لمعالجة الأزمة.

ويضيف يبدو أن الحكومة ترى أن تسعيرها لأسطوانة الغاز ب "550" لم يكن موفقاً وهي قادمة على انتخابات وحالة تقشف طبعاً على صغار الموظفين فأردت رفع السعر ولكي لا تلاقي اعتراضاً وتظهر أنها متناقضة في قراراتها رأت أن تضع أزمة غاز حتى يشعر الناس بأهمية الغاز فإذا ما ترسخ لديهم هذا الشعور أعطوا المبرر لرفع سعر الغاز وهكذا وما علمت الحكومة أن هذه سياسة مفضوحة ويعرفها الجميع.

قطاع الطرق

عدنان علي الحبابي صاحب معرض غاز سألناه عن أسباب أزمة الغاز فقال أنهم يذهبون إلى محطات التعبئة التابعة لشركة الغاز فيخبرونهم أنه لا يوجد غاز وأن ذلك يرجع إلى القرصنة التي تتعرض لها القاطرات المحملة بالغاز في مأرب حيث يتم احتجاز القواطر من قبل عصابات وقطع طرق مما يسبب أزمة ولا تستطيع المحطات أن تمون خزاناتها. . وبحسب الحبابي فقد عجزت الدولة عن حماية القاطرات الناقلة للغاز من قبل عيد الأضحى حيث أنزلت كتيبة كاملة لتأمين الطريق، أما في كثير من المرات تلجأ لأسلوب المفاوضة والمساومة والرضوخ لمطالب قطاع الطرق هؤلاء، مما يزيد الطين بلة ويشجعهم على الاستمرار في ترصد القاطرات والتقطع لها ويجعلهم يسأنفون ذلك مراراً وتكراراً؟ وما لم تقف الدولة بحزم وقوة تجاه هؤلاء فإن أزمة الغاز ستعاود الظهور ليس مرة أو مرتين بل مرات ومرات.

مجاملات ومحسوبيات

عبدالقوي قاسم سعيد قال: أن هناك خلل بل وأخطاء فادحة تشهدها عملية استخراج الغاز في بلادنا حيث أن هناك نسبة كبيرة من كمية الغاز المستخرج في منطقة صافر بمأرب وتتبخر في الهواء ولا يستفاد منها.

وكشف قاسم عما أسماه إشكاليات وخلافات بين الجهات المعنية والشركات العاملة في استخراج الغاز مما أدى إلى نقص كمية الغاز المخصصة لكل المحافظات وبشكل يومي.

إضافة إلى الفساد المريع الذي يشهده هذا القطاع ونسبة الكميات المخصصات لكل محافظة عبر بعض التجار، فهناك تجار مخصص لهم في اليوم على اعتبار أن كل واحد منهم يمثل محافظة بعينها عشر قواطر وبعضهم خمس وبعضهم قد يصل إلى "20" قاطرة مع أن المفترض أن الغاز يتم توزيعه وفقاً لعدد السكان في كل محافظة بعيداً عن المجاملات والمحسوبية والسمسرة التي لها شبكات منظمة في بلادنا تتلاعب بمقدرات الوطن من وراء الكواليس لحساب أشخاص.

وطالب بمحاسبة المتسببين في أزمة الغاز والتوصل إلى الأسباب الحقيقية دونما تهرب والتحجج بأسباب واهية لأنه مهما طال الزمن فسينكشف الأمر وسيعرف الجميع الحقيقة لذا يجب كشف الأسباب ومحاسبة المتورطين وعلى المسؤولين في شركة الغاز تحمل مسؤولياتهم تجاه هذه الأزمة ومصارحة الجميع بالضغوط التي تمارس عليهم من قبل بعض الجهات والشخصيات النافذة التي تصر في كل مرة على أن تظهرهم عاجزين حيال أزمة الغاز مع أن بمقدورهم معالجة الأزمة وإيقافها.

جهود جبارة للشركة

الدكتور/ نجيب العوج نائب مدير الشركة اليمنية للغاز أكد أن الشركة تقوم هذه الأيام بتغذية الأسواق المحلية بكمية أسطوانة غاز مع أنها وخلال الأيام العادية لا يزيد احتياج أمانة العاصمة عن "38" ألف اسطوانة غاز وهذا يجعلنا نتساءل أين تذهب كل تلك الكميات التي تتحدث عنها شركة الغاز؟ ألا يدل هذا على أن هناك سماسرة وصناع أزمات يتجاورون بأقوات الشعب ومواده الضرورية؟

مع أن العوج يوضح بأنهم في شركة الغاز وعبر معارضها ال "35" التي تمتلكها في أمانة العاصمة سعت جاهدة لمعالجة الأزمة وبكل ما أوتيت من جهد وطاقة.

وطالب العوج في حديثه ل "أخبار اليوم" وسائل الإعلام بالنزول الميداني للتعرف عن قرب على الجهود التي تبذلها الشركة وبإشراف أمناء وأعضاء المجالس المحلية وعقال الحارات.

وإذا كان العوج ومسؤولي الشركة يتحدثون عن جهود كبيرة تبذل في سبيل معالجة الأزمة فإن هذا يثبت وبما لا يدع مجالاً للشك أن غياب الرقابة على بيع مادة الغاز في الأسواق أدى إلى ظهور الأزمة وتجددها بين الحين والآخر كالمناسبات والأعياد.

 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد