الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي البروفيسور سيف العسلي في حوار لـ "أخبار اليوم":

الوفاق فاشلة والحرب القادمة ليست بين علي محسن وأحمد علي بل مناطقية

2013-08-28 16:39:09 حاوره/ إبراهيم مجاهد/ أعد المادة للنشر/ نبيل الشرعبي


البروفيسور وخبير الاقتصاد والسياسة اليمني، د/ سيف العسلي, وزير المالية الأسبق، بسبب أطروحاته وتناوله اللاذع للفساد ومكامنه ووضعه أسماء كبار من شخصيات النظام السابق والحالي، وسياسيين, على رأس قائمة الفساد، ألب عليه سخطاً كبيراً وجعله شخصاً غير مرغوب به في أروقة الساسة.
في أتون الصراع القائم التقته "أخبار اليوم" وناقشت معه قضايا كثيرة، حرصاً منها على تقديم رؤية واقعية حول مجمل الأحداث والمتغيرات على الساحة اليمنية. 
يقول د/ العسلي في حديثه لـ"أخبار اليوم" حول اعتذار حكومة الوفاق للجنوب، بأن الاعتذار كان استدراجاً ممن يسمون قادة الحراك، وكان حذر من مغبة الإقدام عليه، وأن الاعتذار باطل, لأن الشعب اليمني لم يفوض أحداً ليعتذر عنه, ناهيك عن أن المظلومية في الجنوب ليست وليدة الوحدة، بل من الحزب الاشتراكي أولاً، ومن فاسدين في المؤتمر ثانياً، ثم من متنفذين ثالثاً.
وحذر د/ العسلي من الهرولة والنزاع على إقامة نظام فيدرالي أو حكم الأقاليم في اليمن، كونه ليس مهيأ للفيدرالية، لا من الناحية السياسية ولا الاقتصادية ولا الاجتماعية، وما يدور في أروقة الحوار ليس أكثر من مجرد تهريج، بل إن الحوار باطل, فهو لم يقم على قاعدة الحوار وشروطه- حد قوله.
وطالب الرئيس السابق صالح أن يخرس وألا يتدخل في شؤون اليمنيين حتى لا يحدث له ما لا يحمد عقباه.. فإلى تفاصيل الحوار:



* الخليج مشغول بالحوار، وهناك مشاكل كثيرة تعصف بالحوار الوطني، أخرها تعليق الفريق الجنوبي لمشاركته في الحوار، هل للشارع أن يستشرف منكم ماذا ستكون مخرجات هذا الحوار؟
- حقيقة أن الحوار خطوة إيجابية ولكن للحوار شروط وأهمها ألا يتحاورون على ما هو متفق عليه بالطريقة التي تنقض الحوار وتعطله، بحيث أن يطرح كل طرف رؤيته وبصدق وشفافية وأن لا يضع لهما أقنعة يتخفى خلفها، فلا بد أن يسود العقل وتكون المصلحة الوطنية هي الفاصل في قبول وجهات النظر ولكن للأسف الحوار في اليمن أُستخدم للهروب من الواقع وكل طرف أراد من الحوار تحقيق مصالحه.
عبدربه منصور هادي أراد من الحوار أن يصل من خلاله للتجديد لفترة رئاسية قادمة، والتعليق له حول سعيه إلى تأمين أجواء ومناخ ملائم للحوار زيف لأن إفضاء الحوار إلى اتفاق يعني قيام انتخابات جديدة وسيخرج هادي خارج الملعب ولذا الحراك داخل إلى الحوار وهو يريد الانفصال ولن يكون إلا للابتزاز السياسي الرخيص للحوار, ولا علي عبدالله صالح يريده أن ينجح بل يريد أن يفشل عبد ربه ويعود بالعجلة إلى الوراء والإصلاح الإخوان المسلمون أرادوا من الحوار بحيث أنهم يسيطرون على الوضع أو الشارع باعتبار أن لديهم قاعدة منظمة، والحوثيون يريدون منه إفشال الوضع، وأنه لا يمكن الصلاح والهداية لليمنيين إلا بالعودة إلى آل البيت والماضي.
ويضيف العسلي: فيما الشعب ومشاكله خارج إطار هذا الحوار، والذي أتوقعه أن هذا الحوار سوف يفشل بما سيفضي إليه من مخرجات متناقضة وغير قابلة للتطبيق فلا يمكن الجمع بين الجمهورية والملكية والديمقراطية والديكتاتورية، وإذا تم مناقشة الأمور بجدية فإنهم سوف يختلفون وكل طرف لن يقبل أن يظهر على حقيقته وأكرر الحوار من وجهة نظري لن يقدم أو يؤخر، في ظل وضع تتفاقم فيه المشاكل، مع أن هناك قضايا لا تحتاج إلى حوار.
* هل يفهم من كلامك د/سيف أن اليمن قد تُقبل على حرب أو قد تنفجر الأوضاع بعد الانتهاء من الحوار؟
- أقول ذلك قد يكون ممكناً، ولكن لن تكون حرباً بين علي محسن وأحمد علي أو علي عبدالله صالح وأولاد الأحمر، بل ستكون حرب مناطق: الجنوبيون مع الجنوبيين والشماليون مع الشماليين، وأصحاب تعز مع أصحاب تعز والحديدة مع الحديدة وصنعاء مع صنعاء.
* وكيف ستنشأ تلك الحرب؟
- جراء ضعف الدولة ستنشأ مليشيات على هذا الفراغ واحتماليته كبيرة جداً ولكني أدعو الله وأتمنى ألا يحدث هذا وأن يلطف الله باليمن.
* هل يمكن أن يفضي إلى خدمة المشاريع الصغيرة؟
- عدم جدية الحوار وكذلك الدولة في إيقاف الجنون الحاصل والتباهي في إثارة المشاكل وهناك جهات وأطراف تسعى للاستفادة من فشل الحوار والتباهي بأن اليمنيين فشلوا في الحوار، مع أنه في الأصل لا يوجد حوار بتاتاً، وكما أسلفت: الحوار الحاصل الآن تهريج وبالتالي كل طرف لا يسمع للآخر.
* لكن قراراته تصدر بالتوافق يا دكتور؟
- حتى وإن كانت بالتوافق لكنها لن تقدم شيئاً أولاً لأنها متناقضة؛ فيجري مفاوضة الفريق الجنوبي على منحه الانفصال، كيف يمكن أن أحاورك وأعطيك ما تريد دون أن تسمع للشعب ولم تعطيهم حقهم وهي الوحدة، وقد كنت ذكرت أن النقاط العشرين وطرح هذه القضية ضمنها غباء وأنها ستستخدم لإفشال الحوار وتفجير الوضع.
* قبل أيام اعتذرت الحكومة للجنوب.. وهناك من يعتبر الاعتذار تزييفاً للتاريخ وأن المفروض كان أن تعتذر كل القوى التي شاركت في حرب 94م؟
- نحن لدينا عدم ثقة وكذب وافتراء وما يقال لا يقصد به ما يقال فمن لم يوقع على الاتفاقيات والعهود لا يكون مطالباً بالاعتذار بل من وقعها وأفتعل المشكلة هو من يعتذر، ولذا هذا الاعتذار لا قيمة له، وهو استدراج من أطراف خارجية للقول للرأي العام العالمي إن الجنوب لديه قضية ومظلوم وبالتالي مالم تزال هذه المظلومية فمن حق الجنوب الانفصال، وهذا كلام خطير ويضر ولا ينفع وهم لا يريدونه بل سيستخدمونه في الإضرار بمصلحة الوطن وتفجير الوضع.. كما لا يحق للحكومة أن تعتذر، وبالتالي يعتذر شعب لشعب.
* بعد اعتذار الحكومة للجنوب خرج السفير الأمريكي وطالب علي سالم البيض بالاعتذار؟
- هذا كلام فارغ وتجاوز من السفير، هذه أمور بلد وليس من حقه التدخل فيها، وبموجب العدالة الانتقالية يتوجب أن يعتذر من أذنب وأن يكون طالب الاعتذار هو الشعب.
* فمن الذي يعتذر إذاً؟
- من ارتكب الجرم بحق الشعب كأشخاص، وهذه الحكومة ليست مسؤولة عما حدث عام 94م، وبالتالي فإن اعتذارها لا معنى له.
* لكن يا دكتور سيف كان عبدربه وزير دفاع آنذاك، ثم نائباً لرئيس الجمهورية وهناك من يرى أنه تهرب من الاعتذار؟
- أن يعتذر بصفة شخصية هذا أمر يخصه، وأن يعتذر باسم الشعب؛ فالشعب لم يوكله بالاعتذار ولا غيره، فهذا هرج وقصر نظر وبالتالي هذا الاعتذار سيضر ولن ينفع وسيزيد الانشقاق الوطني أكثر مما كان عليه لأنه اعتذار؛ على ماذا أو لماذا وممن ولمن.
* فريق الجنوب في الحوار يقول إن الاعتذار اعتراف بما يسمونه الاحتلال الشمالي وعدم وجود وحدة؟
ـ فعلاً هذا ما حاولت التحذير وأحذر منه لأن الإقدام على خطوة مثل هذه، يحتاج إلى إجماع ووضوح وعلى الأقل أن الطرف الذي تعتذر له يقبل الاعتذار، لكن أن تعتذر بهذه الصيغة فأنت تقدم له ما يريد على طبق من ذهب أو تمنحه ما يشبه مسمار جحا، وأنت هنا أضفت للقضية الجنوبية بعداً جديداً لم يكن موجوداً في السابق.
* ما هو البعد؟
ـ إن هناك فعلاً مظلومية وإنه تم اعتداء ويترتب على الاعتذار نتائج مجملها: أن من حق شعب الجنوب تقرير مصيره.
* دكتور سيف: ألا ترى أن هناك مظلومية في الجنوب؟
ـ المظلومية في الجنوب ليست وليدة الوحدة، بل من الحزب الاشتراكي أولاً ومن فاسدين في المؤتمر ثانياً ثم من متنفذين، وليس الشعب صاحب المظلومية أو من قام بها، ومن هذا المنطلق يجب أن نفرق بين الأعمال السيئة التي قام بها النظام السابق وأفراد وليس باسم الشعب.
* لكن كان الكل مشاركاً في منظومة الحكم؟
- منظومة حكم نعم، لكن لم تكن ديمقراطية ولا مفوضة من الشعب، منظومة الحكم كانت تحت تصرف علي عبد الله صالح والذي اتخذ أموراً حتى دون الرجوع إلى الشعب، فهو يتحمل المسؤولية كاملة.
* بالمناسبة في الحديث عن علي عبد الله صالح، خرج مؤخراً وقال إن التمديد مرفوض وإن حزب المؤتمر الشعبي العام جاهز لخوض أي استحقاقات انتخابية، حتى من يوم غد.. ما مدى مصداقية ذلك على الواقع السياسي؟
ـ أقول لعلي عبد الله صالح وأناشده بأنه كان له دور إيجابي ولكنه دنس الحق وعليه أن يخرس ويحافظ على ما تبقى له من احترام، فلا علي عبد الله صالح ولا أسرته ولا من يسانده يحق له أن يحدد مستقبل البلد ونوعية الحكم، فهو لو كان قادراً على إدارة البلاد لما كان حدث ما حدث، وعليه أن يكفينا شره وشر عصابته وأن يبقى في بيته محترماً مجللاً وألا يتمادى في الأمور، فالشعب قد عفا عنه كرماً منه، أما أنه سيستمر في إقلاق الشعب من خلال إثارة الفتن والدفع بمشاريع تضر بالوطن فقد ينجم من الشعب تجاهه ما لا يُحمد عقباه.
* ألا تعتقد أن صالح مازال له وجود في الحكم من خلال المنظومة التي يمتلكها في منظومة الجيش والوزارات.. إلخ, فقد كان نظامه على مدى 33سنة يبني له ولاءً شخصياً؟
ـ لو كان هذا الكلام صحيحاً لما كان خرج من السلطة.
* لكنه يستطيع أن يعبث؟
ـ يستطيع أن يعبث، لكن ليس لصالحه ولا لصالح الوطن وبالتالي من المفترض أن يحافظ على جزء من الاحترام له ومن يخرج من الباب لا يعود من الشباك, فهو الآن يسيء إلى نفسه أكثر من إساءته للآخرين وعليه أن ينهي أحلامه هذه وأحلام اليقظة يجب أن تنتهي من رأسه، فهو كان بالحكم ولن يعود إليه ولن يعود مبارك ولا بن علي ولا القذافي، ولذا عليه أن يصحو من أحلامه الكاذبة والزائفة.
* إذا كان غير ممكن أن يعود صالح كشخصٍ للحكم ولكن ألا يمكن أن يعود كنظام حكم من خلال حزبه؟
ـ لا كشخص ولا كنظام حكم يمكن أن يعود صالح، فالمغالطة والكذب والافتراء وإحداث المشاكل بين الشعب، فمن يتصف بهذه الصفات لا مكان له، وعلي عبدالله صالح لم يكن له مشروع وطني إطلاقاً.
* كيف لم يكن له مشروع وطني؟
ـ يقاطعني د/العسلي: نعم لم ولن يكون له مشروع وطني إطلاقاً، فقد سلم اليمن وهو مجزأ ومفكك ومشتعل كجذوة نارٍ؟
* لكن تحدث في آخر مقابلة عن إنجاز الوحدة وإصلاح طرقات ومشاريع متنوعة؟
ـ لو كانت الوحدة التي يقول حققها فعلياً لما كانت الجنوب اليوم تطالب بالانفصال وهي الآن على المحك، وبالتالي عليه أن يتوقف عن كيل مثل هذا الهراء والتوهم، فهو بحكم الواقع حملَّ اليمن ويلات ولم يخرجها إلى بر الأمان وطريق التقدم، حيث كان متعمداً أن يبقى اليمن كذلك، فهو يحتاج إلى ذلك لضمان بقاءه، فهو من كان أو بأمر منه يجري التخريب والقتل وهو اليوم يتحمل التبعات ولو كان فعلاً أرسى قواعد الديمقراطية فعلياً لكان وضعه غير وضعه اليوم فلو كان ما ترشح في عام2006م وسلمَّ مقاليد الحكم بانتقال ديمقراطي لما كان حصل مثل هذه الفوضى التي وصل إليها البلد، ولما قامت ثورة الشباب الشعبية السلمية مطالبةً برحيله ونظامه الفاسد، وبالتالي تلاعب صالح وزيفه وكذبه واضح وكثّر الله خير الشعب الذي تحمله ثلاثة وثلاثين عاماً، وبالتالي لن يتحمله مرة أخرى.
* دكتور سيف يدار في كواليس الحوار طرح فكرة لإدارة اليمن عبر ما يسمى أقاليم ويبررون التبعات بأنها للحفاظ على الوحدة ويرى آخرون أنها مقدمة للالتفاف على الوحدة؟
ـ يا أخي يجب أن يكون نظام الحكم هو الذي يعترف بكل اليمنيين وخصوصياتهم ويعطي مواطنة متساوية للجميع ويمنع الظلم عن الجميع، وإذا نحن أقرينا بهذا المبدأ نرجع بعد ذلك نبحث كيف ندير البلد؛ هل عبر فدرالية أو غير فدرالية.
لكن نجعل الفيدرالية وكأنها حل لكل المشاكل ليس صحيحاً، كما قالوا في السابق: الوحدة حل لكل المشاكل ثم عادوا وقالوا إن الوحدة سبب المشاكل، إذا لا نستطيع أن نضع العربة قبل الحصان، لابد أولاً أن نوجد الحصان ثم العربة..
ولذلك النظام المطلوب هو الذي يحقق لكل اليمنيين الاستقرار ويضمن ألا يظلم بعضهم بعضاً, وهذه البوصلة التي يجب أن تتحقق ولذلك إذا كانت الفيدرالية ستحقق الاستقرار والأمن فأهلاً بها, أما إذا كانت ستخلق لنا حروباً ومشاكل, فما حاجتنا إليها, وان نقفز الآن إلى القول بالحكم بالفيدرالية ليس صائباً, بل يجب أولاً أن ندرس هل هذا أصلح للبلاد وأنه بموجبها لن تعتدي منطقة على منطقة أخرى ولن تسيطر قبيلة على قبيلة ولا حزب سيطغى على حزب, وعليه هذا هو الحكم الذي نريده لليمن.
أما الفيدرالية فيستحال تطبيقها الآن لأن اليمن ليس مهيأ للفيدرالية لا من الناحية السياسية ولا الاقتصادية ولا الاجتماعية ولذلك أي مشروع للفيدرالية يحتاج إلى عشر سنوات على الأقل حتى تصبح اليمن قادرة على استيعابه لكي يكون ناجحاً.
* دكتور بمناسبة الحديث عن الخروج من المأزق هناك أطراف كثيرة تتدخل في شؤون اليمن, هل نستطيع القول عن اليمن أنها من جراء المبادرة الخليجية أصبحت مفتوحة للخارج؟
- قضية المؤامرة هذه هي امتداد لمؤامرة قديمة, لكن نحن اليمنيين مسئولون عما حدث وما سيحدث, وعلينا أن نجزم ونعي أن غير اليمنيين لا يمكن أن يعملوا لليمن إلا ما هو شر.. ولا يمكن أن ينقذ اليمن إلا اليمنيون.. وللعلم نحن منزعجون من المبادرة الخليجية والتدخل الخارجي في شؤون البلد, وفي ظل استمرار هذه الفوضى لن يقوم حكم أو نظام يعمل لصالح اليمن واليمنيين, وأؤكد أن الخروج من هذا المأزق لن يكون إلا بتعميد وبقاء الوحدة ثابتة ومستقرة كخيار شعبي, وإذا لم تكن الوحدة ثابتاً من الثوابت الوطنية, فإن اليمن ستدخل في دوامة كبيرة, وأي اتفاقيات لا تحسم هذا الأمر؛ فهي نوع من أنواع العبث, فإذا كنا ستنفصل فهذا أمر آخر.. وإذا كنا سنظل موحدين فهذا أمر آخر.. بمعنى كيف تكون الاستثمارات في الشمال أو الجنوب ونحن نعتقد أننا سننفصل, هذه الاستثمارات تحتاج إلى دراسة سواءً في استثمار القطاع الخاص أو الحكومية في كافة المجالات, فحين أنا أعمل كهرباء للشمال والجنوب تحت مظلة الوحدة غير لما أعمل كهرباء للشمال إذا كنا سننفصل وكذلك الطرقات والمشاريع والاستثمارات الحكومية كافة, وإذا مالم يتم حسم مشكلة الوحدة فلن يكون هناك استقرار ولا تقدم وكنت أتمنى من مؤتمر الحوار أن يحسم هذه المسألة.
* لكنه يضعها بالأولوية؟
- مجرد تهريج ما يدور من حديث عن الوحدة في كواليس الحوار, أتمنى أن يخيب توقعي, وإذا استطاع مؤتمر الحوار حسم مسألة الوحدة سيكون قد قدم لليمن خيراً كثيراً وجنبها الويلات, وإذا لم يخرج بحسم هذا الأمر فإننا سنظل بنفس الوضع, وسيفتح الباب للتدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية وستتناحر القوى السياسية فيما بينها لمحاولة كل طرف أن يكون له مكان أقوى في خارطة اليمن المجزأ.
* من خلال الخلافات داخل الحوار هل تتوقع يا دكتور أن نتائج الحوار ستأتي جاهزة وما على القوى السياسية إلا أن توافق عليها, خاصة وأن التأكيدات تتوالى بأن خارطة مؤتمر الحوار مرسومة وما على المتحاورين إلا أن يأتوا ليشهدوا كشاهد زور؟
- إذا كان الحوار خرج بحل مسألة الوحدة وتثبيتها, لا يهم أن تكون النتائج قد جاءت معلبة أو مستنبطة, فهي لصالحنا ونقبل بها, وإن جاءت النتائج للتفكيك أو ضد الوحدة , فنحن نرفضها حتى وإن كانت المخرجات نتاج نقاش, وأجزم أنه بدون الوحدة وتثبيتها لن يكون هناك استقرار لليمن ولا تقدم, فالوحدة تعتبر ضمير ووجدان المواطن اليمني ولن يحصل على أي تنافس شريف إلا تحت مظلتها وتحت مظلة الوحدة وكافة المشاريع الصغيرة ستختفي، ففي ظل اليمن الموحد لن يستطيع أصحاب هذه المشاريع الصمود والمنافسة، لأن مشاريعهم دنيئة وعنصرية وخرافية ومقيتة وطائفية، ولا يمكن أن يعشعش في عقولهم تنفيذها إلا في جبال صعدة وجبال حجة وفي المقابل لا يمكن تنفيذها في المناطق المتحصنة فكرياً وخلقياً وسياسياً.. إلخ.
* دكتور سيف: لكن اليوم الحوثي لم يعد حوثي الأمس فقد خرج من صعدة لينتشر في مناطق اليمن وسمعنا قبل أيام خروج أشخاص في تعز تأييداً للحوثي كما صار يتواجد في إب ولحج وعدن وحضرموت وذمار. إلخ؟
- أقول لك إن مشروع الحوثي مشروعٌ فاشل غير قابل للتطبيق، لأنه قائم على العنصرية، فلا نحن نرضى أن نكون عبيداً له ولا هم سيقبلون أن يكونوا مثلنا مواطنين وبالتالي كل ما يقال عن الحوثية مجرد فقاعات لا معنى لها، وربما يستغل مشاعر الناس وأحلامهم وآمالهم وحاجاتهم.
* لكن في اعتقادكم أنه لن يستفيد من قوة السلاح؟
ـ ولا حتى بقوة السلاح، فالسلاح لم ينفع علي عبدالله صالح، الحوثي يحاول التشبث بآل البيت والسادة وغيرهم وحتى آل البيت لن يقبلوا الحوثي بل حالياً هم غير قابلين بوجوده والحديث عنهم، فهم يعتبرونه غير مشرف أن يكون منهم.
* دكتور سيف: بعد الثورة الشبابية قيادات مؤتمرية كثيرة بعد فقدان مصالحها لجأت أو انضمت أو تحالفت مع الحوثي، هل ذلك بحث عن مصالح أو ماذا؟
ـ هذا سببه غياب المشروع الوطني مما جعل الناس يذهبون ليعرفوا فقط ماذا عند الحوثية، وهذا كله عملية تشوق فقط، فإذا كان هناك مشروع وطني، فلن يذهب أحد للبحث عما لدى الحوثية.
* ننتقل دكتور سيف إلى موضوع آخر؛ على مدى عامين هل من نتائج في تقديركم حققتها حكومة الوفاق والرئيس هادي؟
ـ يا أخي من العقل والمنطق إذا كانت الممارسات هي الممارسات، فما الذي تغير، فما كان من ممارسات حاصلة في عهد النظام السابق نفسها حاصلة الآن.. وفوق هذا حالياً بإدارة سيئة، ولم نحقق أي تقدم، فمازال الفساد موجوداً والعبث بالمال العام وغياب الخدمات وعدم وجود رؤية وزادت المماحكات السياسية وفي السابق كان يوجد رئيس واحد يحكم هو علي عبدالله صالح والآن يوجد ألف رئيس يحكم وبالتالي لا يمكن أن تتوقع حدوث أي تطور.
* آمال وتطلعات الشعب التي كان يعوَّلها على الرئيس هادي، تحقيق شيئين منها هما: الأمن والاقتصاد؟
ـ الرئيس هادي كان لديه فرصة كبيرة للتمديد لكنه ضيعها، فهو الآن يلج في قضية التمديد وتوابعها؛ فلو كان حقق الأمن وإنعاش الاقتصاد كان استغل الفرصة وحقق عملية التمديد له عن رضى وقناعة شعبية، لكنه أضاعها وحالياً من الصعب عليه لانشغاله بالتمديد، لكن التمديد حالياً مع من، فإذا كان مع الشعب فالشعب لن يمدد له ولم يعد يريده، وإن كان من خلال مراكز القوى فهو سيكرس القائم والسيناريو السابق وهكذا أضاع فقد فرصته الحقيقية.
* وما مصير الشعب بعد التمديد إذا حصل تمديد والنزاع الذي ينجم عن التمديد بين مراكز القوى السياسية؟
ـ الشعب ليس أمامه غير الرفض إما بالقيام بثورة أو عبر مشروع وطني.
* من سيقدم هذا المشروع؟
ـ يوجد في الشعب قيادات وكفاءات وإدارات قادرة على إيجاد مشروع وطني حقيقي فعلي ينقذ البلاد، وهكذا الشعب لن يظل راضياً للأبد فلا بد أن ينتفض في يوم من الأيام ومن أُقصي سوف يعود ومن ظلم سيسترد مظلمته ويأخذ بحقه والله سبحانه وتعالى يقول "لكل أجل كتاب", وهذا تأكيد رباني، فلا تقول إن الشعب عرطة ويجب الاستمرار في الاستخفاف به، فالشعوب تصبر وتصبر حتى تنتفض وتكون انتفاضتها قوية تقتلع كل ظالم.
* هل الشعب في حالة تيه؟
ـ نعم، الشعب يمر بحالة تيهان وتخبط ولكنه نهاية المطاف سينتفض ليحدد مصيره ولن يترك الأمور على ما هي عليه إلى مالا نهاية.
* كيف تقرأ تبرير الرئيس هادي لضربات الطائرات الأميركية بدون طيار، بأن النظام السابق هو الذي وقَّع على هذه الضربات؟
ـ إن كان هذا معمول به في السابق وهو خطأ، فعليه أن يصحح لأنه المسؤول عنها الآن, وإن كانت غير صحيحة فلا يقول إن هذا نتاج من النظام السابق، لأنه عجز وفشل سياسي مريع، فكيف لا يرضى بشيء ثم يحَّمله غيره وهو قادر على معالجته.
* هل في تقديركم هذا يكرس عمق التدخل الأميركي في اليمن؟
ـ من ناحية واقعية نحن نعرف أن القاعدة تهدد أمن واستقرار الولايات المتحدة الأميركية ولا يمكن لدولة عظمى كالولايات المتحدة الأميركية أن تسمح لأي جماعة في أي دولة أن تهدد أمنها واستقرارها، فهي تقول إن ذلك بأيدينا كدولة، وستعمل على القضاء على ما يهددها سواءً أردنا أم لم نرد، وعلى القاعدة أن تعرف أنها سبب التدخل الأميركي في اليمن، وأن اليمن ليست عدوةً لأحد ولا تهدد أميركا ولا الغرب ولا أياً كان، نحن بلد ننشد السلم والأمان، بلد فقير مسكين نريد أن نبني بلدنا واقتصادنا، فهل من المعقول ونحن لم نستطع أن نصلح أنفسنا ـ أننا سنقوم بإصلاح الأمة الإسلامية وهنا الحديث موجه للقاعدة، والرسول- صلى الله عليه وسلم- يقول "كفو أيديكم وأقيموا الصلاة"، والقتال مشروع لكن في سبيل الدفاع عن النفس وليس كنزعة انتقامية ممن ليس له أي ذنب، وما تقوم به القاعدة يتناقض مع منهاج الرسول الأعظم والكتاب العظيم والعقل والمنطق والأعراف الإنسانية والقوانين والطبيعة البشرية جمعاء.
*دكتور: بالعودة إلى الحكومة والفشل الذي تسير فيه، هل قد تكون هذه الحكومة كبش فداء يستخدمه عبد ربه لصالحه للتمديد؟
ـ الحكومة فشلت ولم تكن كبش فداء.. نعم فشلت في استغلال المساعدات الأجنبية وهي ثمانية مليارات دولار، وكان بمقدورها أن تستفيد منها وتحدث تغييراً.
*لكن لم يُسلم منها إلا ثلاثة مليارات دولار؟
ـ في الواقع لم تستلم منها ثلاثة مليارات ولا حتى مليار، لأنها لم تقدم استراتيجية واضحة حول أين ستذهب هذه الأموال وكيف ستستغل وكيف ستوظف ويجري استثمارها.
وزارة التخطيط.. كيف يمكن لوزير تربوي فاشل أن يدير هذه الوزارة، هذا الوزير لا يفهم في الاقتصاد شيئاً وهو فاسد وأخوه أيضاً في الكهرباء فاسد، كيف يمكن أن نقبل بشخص يدير هذه المهام وعليه علامات استفهام وفساد، إذاً العالم الخارجي كيف له أن يقدم هذه الأموال لتكون موارد للفساد.
في حكومة الوفاق وزراء كثر لا يفهمون شيئاً في إدارة مهام الوزارة التي يعينون فيها، وعلى سبيل المثال: وزير المالية صخر الوجيه، المواطن البسيط عندما كان يسمعه وهو في مجلس النواب، كان يأمل فيه خيراً، لكن بعد توليه منصب وزير المالية هناك ملفات فساد كثيرة ضده، الله سبحانه وتعالى يقول: "ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به" صدق الله العظيم، وصخر الوجيه حمل نفسه ما لا يطيق، فهو ليساً رجلاً اقتصادياً ولا يفهم في الاقتصاد، ولا يملك الخبرة والكفاءة ولا الأكاديمية ولا العملية ودخل هذا البحر وهو لا يعرف كيف يسبح فيه.. وغالبية وزراء الحكومة سواء من الإصلاح أو غيره، وزراؤهم جاءوا بهم ليتدربوا في هذه المناصب، وكيف لأشخاص لا يجيدون السباحة أن يسبحوا في بحر هائج، هذا جنون.
*ووزراء المؤتمر متدربون على الفساد؟
ـ وزراء المؤتمر قُدموا لاعتبارات ولهذا الحكومة فاشلة من البداية إلى النهاية، وبالتالي هي ليست كبش فداء، وأستغرب كيف صبر عليها عبد ربه, مع أنه يدرك أنه يتحمل جزءاً من فشلها وعليه أن يقدم على الإعلان عن فشلها في أي لحظة حتى لا يكون مساهماً في الفشل.
* دكتور سيف: الشارع اليمني كما أسلفتم الذكر في حالة تيه، فهل لكم أن تبشروه ولو بقليل من الأمل بانفراج الوضع، وما هي الخطوات التي يتوجب أن تقوم بها الحكومة للخروج من المأزق؟
ـ أبشرهم بأن حبل الكذب قصير والناس وعوا وصاروا يدركون ويفرقون بين الصدق والكذب، فاليوم الناس صار لا ينطلي عليهم حيلة والكذب الذي كان يمارسه علي عبدالله صالح طوال ثلاثة وثلاثين سنة على الشعب، لن يستطيع أن يكرر ممارسته لا عبد ربه ولا غيره، وبالتالي كل هذه الحيل وممارسات الكذب سوف تفشل من ذاتها وسيخلص الله الشعب اليمني من هذه الحكومة الفاشلة ويجنبهم أي حكومة فاشلة ستأتي.
* وحتى التمديد لعبد ربه سيفشل؟
ـ نعم حتى التمديد لهادي سوف يفشل وكل مخطط لبقاء اليمن في دائرة العجز والتخلف والارتهان للخارج سوف يفشل.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد