عاودت أزمة الديزل الظهور في مدن عدة باليمن، وبدت المحطات منذ أيام واقفة عن العمل تحت ذريعة أن ثمة جرداً تشهده شركة النفط بالمحطات بحسب الشركة، فيما قال مالكو المحطات إن ثمة أزمة خانقة تشهدها البلاد في مادة الديزل، نظراً لتوجيهات عليا بتخفيض مستحقات هذه المادة ببعض المناطق.
أصيب خمسة أشخاص بإصابات مختلفة وصفت حالة اثنين منهم بالخطيرة أثناء الازدحام للحصول على مادة الديزل في إحدى محطات نقيل سمارة بمحافظة إب الاثنين الماضي.
وقال شهود عيان لـ"هموم الناس" إن الحادثة وقعت نتيجة قيام عدد من الأشخاص بالتشاجر مع مالك المحطة حول حصولهم على حصتهم من مادة الديزل في محطة الشدادي، في منطقة نقيل سمارة محافظة إب.
وبحسب شهود العيان فإن الشجار تطور إلى إطلاق النار بين الطرفين خلف في النهاية 5 مصابين بينهم مالك المحطة، وقد تم نقل المصابين إلى مستشفيات صنعاء وتعز نتيجة خطورة إصابة البعض منهم .
تجدر الإشارة إلى أن محافظات الجمهورية تعيش هذه الأيام أزمة خانقة في مادة الديزل, حيث بدأت طوابير من السيارات على محطات تزويد الوقود في المدن اليمنية بعد انعدام مادة البترول والديزل, اثر أزمة قالت جهات في النفط إن الشركة اليمنية لتكرير النفط تقف ورائها.
وقالت مصادر في شركة النفط اليمنية, التي بدأت بتشغيل المحطات التابعة للشركة في صنعاء وتقف أمامها طوابير من الآف المواطنين الباحثين عن مادة البترول, إن المشكلة تأتي من الشركة اليمنية لتكرير النفط, حيث أن لديهم مشكلة في مصافى صافر بمأرب.. فيما يقول البعض إن سببها إضراب الموظفين لعدم إنصافهم بحقوقهم من قبل الشركة والبعض يقول إن السبب هو خلل في المصافي ناتج عن الإهمال أدى إلى خلط مادة البنزين مع المازوت.
فيما تقول مصادر لــ"هموم الناس" إن احتجاجات عمال المصافي وعدم استجابة الشركة للمطالب التي يطالب بها عمال المصافي في تسوية لأوضاعهم سبب الأزمة .
هذا وقد أعرب المواطنون عن استيائهم جراء هذه الأزمات المفتعلة, مطالبين الرئيس بمحاسبة القائمين على شركات النفط العامة المتمثلة بشركة إنتاج وتكرير النفط وشركة النفط اليمنية والشركة اليمنية للغاز والتي تتلاعب بمصالح المواطنين وتخلق أزمات في المشتقات النفطية بهدف مصالح شخصية تؤدى إلى تعكير الصفو العام للبلاد .
واتهم المواطنون الذين التقاهم محرر "هموم الناس" في محطات البترول من أسموهم بجهال الشركات, حيث يتولوا هؤلاء أهم شركات ترتبط حياة الناس اليومية كالغاز والديزل والبترول وهم من قليلي الخبرة ويتلاعبون بمصالح المواطنين ويخلقون أزمات مفتعلة لمصالحهم الضيقة- حسب قول المواطنين.
هذا وتتولى الشركة اليمنية لتكرير النفط والتابعة لوزارة النفط والمعادن إدارة وتشغيل مصفاة مأرب بدلاً من شركة هنت اليمنية بدءاً من عام 1998م, حيث تقع هذه المصفاة في مدينة مأرب تم افتتاحها في 12 أبريل 1986م.. تولت شركة هنت تشغيل وصيانة المصفاة بكادر يشكل الأجنبي الأغلبية إلا أنه وفي إطار خطة اليمننة التي تبنتها وزارة النفط والمعادن تم استلام المصفاة بصورة نهائية من قبل الشركة اليمنية لتكرير النفط عام 1998م, حيث تم تشغيلها بكادر يمني 100% وقد صممت المصفاة لتكرير 10آلاف برميل يومياً من النفط الخام من حقل « ألف» ذي المحتوى الكبريتي المنخفض من نوعية «39-41» درجة طبقاً لمواصفات معهد النفط الأمريكي لانتاج ثلاث مواد أساسية هي: البنزين- الديزل- المازوت .
غير انه ومنذ تولي الشركة إدارة المصافي بدأ التسيب والإهمال من قبل الشركة وعدم الاهتمام بصيانة هذه المصافي والاهتمام بالكوادر, حيث تعالت أصوات الموظفين الاحتجاجية وتوالت الإضرابات تلو الإضرابات المطالبة بتسوية أوضاع حقوق الموظفين العاملين في المصفاة أسوة بزملائهم العاملين في شركة صافر..
وأزمة نقص الديزل تكررت مؤخراً بشكل ملحوظ، وأصبح مشهد طوابير المركبات والسيارات أمام محطات الوقود أمراً مألوفاً، ووسط التزاحم والوقوف ساعات طويلة للتزود بالديزل تنشب مشاجرات بين البعض, بينما يصاب بعض المزارعين الذين حملوا مركباتهم ببراميل كبيرة بخيبة أمل حين تغلق محطة الوقود أبوابها لنفاد كمية الديزل منها.
المواطن سليمان سعيد يقول إنه اضطر لترك سيارته بجوار منزله عدة أيام بعدما عجز عن توفير الديزل اللازم لتشغيلها.. مضيفاً أن كثيراً من معدات المزارعين قد توقفت عن العمل جراء عدم حصولهم على هذه المادة.
وكانت بداية الأزمة في محافظة عدن التي شهدت أزمة خانقة، ثم انتقلت إلى جميع المحافظات وهو ما تسبب في الحد من حركة سير السيارات والمركبات التي تعمل بالديزل.
ولمواجهة الأزمة، كانت قد اتخذت الحكومة في اجتماع لها قراراً بتكوين مخزون إستراتيجي من المشتقات النفطية لتغطية احتياجات البلاد لمدة شهرين على الأقل، كما قررت رفع مخصصات الاستهلاك المحلي من مادة الديزل بالسوق المحلية بكمية وقدرها أربعين ألف طن متري لمرة واحدة، وذلك للتخفيف من الأزمة الراهنة بالسوق المحلية.
وأكدت الحكومة ضرورة توفير احتياطي تشغيلي بكمية سبعين ألف طن متري ديزل وخمسين ألفاً من مادة البنزين، وتطوير مصفاة عدن بطاقة تكرير إضافية لا تقل عن 150 ألف برميل يومياً من المشتقات النفطية.
وأرجع الخبير الاقتصادي علي الوافي الأزمة المتكررة في مادة الديزل إلى سوء التخطيط من قبل الحكومة، لعدم زيادة المصافي والتنبؤ بالحاجة المتزايدة لهذه المادة الحيوية.
وقال الوافي إن رئيس الوزراء وفي خطاب له أمام مجلس النواب ذكر أن "75% من مادة الديزل تهرب إلى خارج البلاد".. معتبراً أن "لا أحد يستطيع القيام بذلك إلا دولة، وبتلك الكميات من مادة الديزل التي هي بملايين البراميل، ولا يمكن نقلها إلا عبر ناقلات كبيرة ترسو على الموانئ.
وتطرق الوافي إلى سياسة رفع الدعم الحكومي عن المشتقات النفطية التي بدأت عام 1995، محذراً من أن التوجه الحكومي لمحاولة رفع الجزء المتبقي من الدعم المقدم للديزل سيؤدي إلى انعكاسات كبيرة بالقطاع الزراعي والنقل العام.
وأشار إلى أن تأثير أزمة الديزل ستجعل تكلفة أجور النقل كبيرة, مما سيرفع أسعار جميع السلع والبضائع، ويزيد كلفة الإنتاج الزراعي وبالتالي زيادة أسعار المنتجات الزراعية وزيادة العبء على المستهلك.
وطالب الخبير الاقتصادي الحكومة بمكافحة تهريب الديزل، إذ تصل قيمة الديزل المهرب ملياري دولار سنوياً بحسب نسبة 75% التي أعلنت الحكومة عن تهريبها سنوياً من الديزل المحلي.