خدمات معدومة.. وبيعٌ للممتلكات.. وسحب شيكات بالملايين.. وموظفون يناشدون ولا من يجيبهم

مكتب الصحة بأبين يغرق في الفساد

2013-01-29 15:44:46 كتب/ ماجد فريد



- الجهاز المركزي للرقابة: شراء أصول بمبلغ (13.070.000) ريال دون إجراء مناقصة عامة وصرف المبلغ من كلفة الدواء، والتلاعب بأسعار الشراء.
يعاني مكتب الصحة في محافظة أبين من فساد مستشرٍ في جميع المرافق والمراكز، فالمكتب خلال السنوات الماضية وهو يتجه إلى الأسوأ بعد أن تردت الخدمات الصحية في المحافظة، بسبب نقص المعدات واختفاء لممتلكات كان المكتب يحظى بها منذ سنين، وما أن أتت الحرب التي جرت في محافظة أبين - بين أنصار الشريعة وقوات والقوات الحكومية – حتى لفظ المكتب أنفاسه الأخيرة، بعد أن استغلت جهات إدارية هذه الحرب لتقوم بتبرير نهبها، وعبثها بالممتلكات، تحت مسمى الحرب، مستغلة الفراغ الأمني الذي ساد المحافظة خلال تلك الفترة.
إن الفساد الذي يعاني منه مكتب الصحة بابين ليس صنيع يوم أو ليلة، وإنما هو امتداد لتراكمات فساد وتجاوزات قانونية مارسها المكتب خلال الأعوام المنصرمة، وأثارت موجة من الاحتجاجات والاضطرابات التي نظمها عاملون في المكتب بالمحافظة، آملين في أن تصغي الدولة لمعاناتهم وتصغي لصوت شكواهم، ولكن كأن شيئاً لم يحدث، وكأن لا حياة لمن تنادي.. في هذا التقرير نسرد حقائق مايدور هناك بناءً على تقرير الجهاز المركزي للرقابة.. فإلى التفاصيل

انتشرت خلال الفترة الأخيرة من العام الماضي العديد من الأمراض والأوبئة منها وباء الحصبة الذي قضى على حياة أكثر من 50 طفلاً خلال شهرين فقط، حيث لم تتفاعل إدارة مكتب الصحة مع الأمر بأهمية، بل قامت وقتها ببيع سيارة نوع (سوزكي) تتبع قسم الترصد الوبائي لمحافظة أبين على شخص من أبناء لودر بمبلغ بخس – كما أفاد بذلك أحد شهود البيع، حيث ظلت (السيارة) سنيين لا تعمل لجلب الأدوية والعقاقير؛ بل لجلب الخضروات والفواكه لمنزل المدير العام، ونتيجة لهذا العبث والإهمال وغياب المحاسبة والمراقبة تردت أوضاع الصحية في المحافظة حتى تم استخدام مكتب بريد كمركز إسعافي للمواطنين بعد قصف مستشفى الرازي بجعار، حيث لم يوجد في ذلك المركز أي من الخدمات أو الأدوات أو الأدوية التي قدمت من مكتب الصحية سوى عامل نظافة فقط، في ظل افتقار المركز لكل الأدوية والعقاقير، والأدوات الأخرى التي لم يتم توفيرها إلا عن المنظمات الصحية.
شكاو:
ويشكو الكثير من العاملين في مكتب الصحة أبين من عدم تسوية أوضاعهم، بل وحرمانهم من علاواتهم السنوية، وحرمانهم من الدرجات الوظيفية، وهذا ما اضطرهم قبل أشهر إلى تنظيم احتجاجات ومسيرات عمالية مطالبة بالحصول على الحقوق الوظيفية التي يتم مصادرتها من قبل إدارة مكتب الصحة بأبين، وعلى إثر ذلك الاحتجاجات تم صرف بعضها مع استقطاعات أخذت من علاوات بعض العاملين دون وجه قانوني.
و قام محافظ محافظة أبين بتشكيل لجنة لتسوية أوضاع العاملين في مكتب الصحة، وقد عملت هذه اللجنة على مدى ثلاثة أسابيع لحصر مستحقات وتسوية أوضاع العمال، وبعد أن أكملت اللجنة عملها فوجئت برفض مدير مكتب الصحة التوقيع على التسويات والمستحقات المرفوعة من قبل اللجنة التي كانت يجب أن تصل إلى مكتب الخدمة المدنية والمالية لصرفها في بداية العام الحالي.
وبعد رفض إدارة مكتب الصحة التوقيع على مستحقات العاملين، وبصورة استثنائية، قام مكتب الصحة بصرف التسويات لـ53 شخصاً، وتم تجاهل عمال مكتب الصحة بالمحافظة بالكامل.
وخلال ذلك أكدت المعلومات أن هناك أكثر من 60 مليون ريال يمني هي وفر مكتب الصحة بالمحافظة خلال العام 2012 فقط، التي كان يفترض أن تذهب لتسوية العمال والمتقاعدين، والتي اختفت من داخل مكتب المالية، وقد قال مدير مكتب الصحة حينها إن المبلغ تم أخذه من قبل محافظ محافظة أبين، فيما ينفي الآخر صحة ذلك، ومع تبادل الاتهامات بين إدارة مكتب الصحة ومحافظ المحافظة، وضاع حق العامل بين المحافظ والمدير، والى الآن لم تصرف تسويات العمال ولم يعرف ما مصير 60 مليوناً.
التلاعب بالوظائف
في هذا الجانب يشكو عدد كبير من الخريجين والمتعاقدين من تلاعب مكتب الصحة بوظائفهم، حيث يتم التلاعب بها حسب الأغراض والرغبات الشخصية، دون الأخذ بما هو أولى وأقدم في التخرج، حيث يشكوا عدد من المقيدين في المكتب منذ ما يقارب 7 سنوات من التلاعب بوظائفهم وتبديلها بأسماء أشخاص حديثي التخرج، عن طريق الوساطة ودفع المال – كما أكد أحد الخريجين ذلك -، كما أنه يتم توظيف أشخاص غير مقيدين بالخدمة المدنية، وأغلبهم لم يكملوا الثانوية العامة بعد، وآخرون يعدون من أقارب الإدارة العامة للمكتب الصحة بابين.
وهذا نموذج يتثبت تورط إدارة مكتب الصحة بتوظيف أشخاص باعتماد المحسوبية والقرابة، وبشكل مخالف لقانون التوظيف، دون حصولهم حتى على شهادة الثانوية العامة كحد أدنى، حسب الآتي:
 اسم الموظف   المؤهل الدراسي.. صفة القرابة   
جلال ناصر العبد السعيدي   ثانوية عامة   أحد أفراد أسرته   
الخضر أحمد العبد السعيدي   ثانوية عامة   أحد أفراد أسرته   
صالح العبد احمد السعيدي   ثانوية عامة   أحد أفراد أسرته   
الخضر بدر العبد السعيدي بدون   أحد أفراد أسرته   
علي بدر السعيدي   ابتدائية   أحد أفراد أسرته   
غسان بدر العبد السعيدي   ابتدائية   أحد أفراد أسرته   
وئام بدر احمد السعيدي      أحد أفراد أسرته   
سحب مبالغ بأسماء مجهولة
ومارس مكتب الصحة بمحافظة أبين خلال الأعوام المنصرمة فساداً مالياً بعشرات الملايين – حسب الوثائق التي حصلت عليها صحيفة "أخبار اليوم" تم سحبها بأسماء لغير العاملين في مكتب الصحة بدون توضيح الأسباب، واليكم توضيحاً لبعض المبالغ المسحوبة:
 في تاريخ25/11/2011 م تم سحب شيك رقم 7400224 بمبلغ مليون وأربعمائة وخمسة وسبعين ألف ريال باسم أسعد علي هادي.. كما تم صرف شيك رقم 7400221 بمبلغ مليون ومائتين وتسعة ألف ريال باسم محسن عباد أحمد   بتاريخ 18//12/2011، وفي تاريخ 25/12/2011 تم صرف شيك رقم 449144 بمبلغ (ثلاثة عشر مليوناً وخمسمائة ألف ريال)25/12/2011م.. هذه المبالغ صرفت خلال شهر واحد فقط..
إهمال المكتب للمواطنين أثناء الحرب:
وشهدت محافظة أبين إهمالاً شديداً في الجانب الصحي إثر اندلاع الحرب في المحافظة، حيث غاب دور المكتب تماماً في تلك الفترة التي كانت تفتقر فيه المحافظة لأدنى مقومات الصحة، ولم يبقى دور سوى لمنظمات الإغاثة، حتى وصل الإهمال واللا مبالاة إلى استخدام مكتب بريد (لصرف العملات) وتحويله إلى مركز صحي إسعافي، يفتقر لأدنى أدنى مقومات الصحة، كما توضح الصورة.
الجهاز المركزي للرقابة.
يؤكد الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة حدوث عمليات فساد كبيرة في مكتب صحة أبين ويطالب بمساءلة الإدارة ورغم الوثائق والمصادر التي تكشف عملية الفساد الممنهج في مكتب الصحة أبين، إلا أن ما خفي كان أعظم، فهناك تعقيب كامل للجهاز المركزي للرقابة والتفتيش لعام 2011م - حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه- دعماً لتقرير كانت قد أصدرته حول فساد مكتب الصحة بمحافظة أبين.
وتناول تقرير جهاز الرقابة رداً على تبريرات مكتب الصحة بشأن صرف مبالغ مالية للوقود وذلك للضرورة.. في حين يؤكد جهاز الرقابة أن الصرف شمل العديد من الأشخاص الغير مستحقين، كما تناول التقرير عدة تجاوزات وممارسات فساد، إذ يؤكد التقرير قيام المكتب بشراء أصول بمبلغ (13.070.000) ريال يمني، دون إجراء أي مناقصة عامة، ويشير التقرير إلى قيام مكتب الصحة بصرف المبلغ من كلفة الدواء، والتلاعب بأسعار الشراء، حيث ورد في التقرير: "أنه تم التلاعب بأسعار الشراء وظهرت خيالية لا تتناسب مع الأسعار السائدة بالسوق، حيث كلف ذلك التلاعب بالأسعار مبلغ (8.050.000) ريال بالزيادة عن المبلغ المستحق صرفه".
وعلل مكتب الصحة أن سبب الزيادة تلك في المبلغ المقرر لشراء الأصول كان بسبب تلاعب أسعار العملات، وأنه لم يتسنى له إنزال مناقصة بسبب الوضع الأمني في تلك الفترة.
إلا أن الجهاز المركزي للرقابة أكد في رده أن أسعار العملات في تلك الفترة كانت شبه مستقرة، وأشار إلى " أن أسعار العملات إذا زادت فإنها لا تصل إلى ذلك المبلغ الذي يمثل (160%)، وأكد الجهاز المركزي للرقابة أن الصرف تم من حساب إعادة كلفة الدواء وهذا مخالف للقانون.
وقد طالب فرع الجهاز المركزي على ضرورة فتح تحقيق بالواقعة، ومحاسبة المتسببين، واستعادة المبلغ المصروف دون وجه حق والبالغ (8.050.000) ريال وتوريده إلى حساب إعادة كلفة الدواء.
وذكر الجهاز المركزي للرقابة أن هناك عدداً من المخالفات التي أوردها التقرير ولم يتم التوضيح أو التعقيب بشأنها من قبل المكتب وهي:
عدم تقديم مكتب الصحة ما يفيد استلام الموظفين لمستحقاتهم البالغ إجمالها (80/2.000.740) ريال، وعدم تقديم الوثائق من قبل المختصين بمكتب الصحة والمتعلقة بالتغذية الصحية من معونات داخلية وخارجية كانت عينية أو نقدية، إضافة إلى صرف أصول من الوزارة والتموين الدوائي والتحصين بالمحافظة ولم تظهر تلك الأصول ضمن قوائم الجرد السنوية لمكتب الصحة أبين، وأشار التقرير إلى صرف وقود سيارة المدير العام بمبلغ يتجاوز (336.000) ريال.. بررها المكتب أنها كانت للضرورة.
مناشدة عاجلة
تقدم عمال مكتب الصحة بابين بمناشدة عاجلة إلى حكومة الوفاق، ممثلة برئيسها "محمد سالم باسندوة " ولوزير الصحة،، قالوا فيها: ((نحن نعاني في مكتب الصحة من وضع مزرٍ منذ سنين، ما اضطرنا إلى تنظيم الاعتصام والاحتجاجات المطالبة بإقالة الإدارة وإحالتهم للقضاء لتورطهم في الفساد ونهب أصول مكتب الصحة.
وطالبوا بسرعة إصلاح الوضع الصحي بمحافظة أبين، مؤكدين القيام بتنظيم تظاهرات واعتصامات عمالية مصعدة حتى يتم إصلاح الوضع الصحي في المحافظة.
 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد