ألعاب الموت.. نهديها لأطفالنا بالمناسبات

2012-08-20 21:39:49 إستطلاع / فيصل عبدالحميد


الانفلات الأمني والأزمة السياسية التي شهدتها بلادنا ساهمت في انتعاش تجارة الألعاب النارية بكافة أنواعها والتي يعد بعضها محرماً في بلد المنشأ وتم إدخال كميات كبيرة منها وإغراق الأسواق المحلية بكافة أنواعها وعلى مرأى ومسمع الجهات المختصة كالداخلية والمجالس المحلية.
فهناك مصادر أمنية مطلعة كشفت عن دخول كميات من الألعاب النارية مجهولة المصدر يعتقد أنها إسرائيلية إلى الأسواق المحلية الشهر الماضي، وقالت إنها صغيرة الحجم، لكنها شديدة الصوت عن الانفجار.
"أخبار اليوم" استطلعت العديد آراء المواطنين حول هذه الظاهرة وكانت الحصيلة بالتالي:

قبل أسبوع وجه أمين العاصمة الجهات الأمنية بضبط جميع تجار المفرقعات والألعاب النارية وإحالتهم إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية حياله، للازعاج في الأحياء السكنية الذي يعاني منها كثير من المواطنين. إلا إننا مازلنا نسمع ونرى تلك الفوضى للألعاب النارية مستمرة.
ففي يوم العيد تسببت هذه الألعاب النارية التي كان يعلب بها أحد الأطفال في منطقة عصيفرة بمحافظة تعز بإحراق حافلة نقل دكاب بالكامل عندما خرج منها سائقها لتعبيتها بالوقود وكان الأطفال يعلبون في الشارع بالمفرقعات "طماش"، حيث وقعت إحدى هذه المفرقعات تحت الحافلة مما أدى إلى اشتعال النيران فيها وإحراقها بالكامل.
وهذا حادث آخر وقع في محافظة حجة بمنطقة عبس في منزل أحد المواطنين ويدعى إبراهيم مقبول ـ أحد أبناء قرية الكدمة بمديرية عبس ـ عندما وقعت إحدى هذه المفرقعات على سطح منزل المبنى من أعواد الأشجار والقش والمعروف محلياً باسم "عشة". والتي كانت ما تزال مشتعلة مما أضرم النيران سريعاً في القش والتهمت المنزل بكامله.
 المواطن/ يحيى حسين، انتقد استخدام الألعاب النارية ومظاهرها المزعجة في الحارات وما تسببه من أضرار مختلفة وخطيرة على الأطفال أيضاً ما تثيره من مشاكل في الحارات وسط الأسر عندما يصاب طفل من قبل طفل آخر وهم يعلبون مع بعضهم البعض وقد تصل حد القتل أحياناً.
فيما الأخ/ عبدالملك الوصابي، تحدث هو الآخر بالقول:
لست ضد استخدام الألعاب النارية في المناسبات الخاصة ولكن ضد استخدامها العشوائي ويجب تقنين ذلك بقوانين منظمة وأن تكون وفق السلامة والأمن وقائمة على التخطيط المسبق، خصوصاً في المناسبات الوطنية والأعراس وغيرها.
الألعاب النارية تدخل إلى البلد وبكميات كبيرة، عن طريق التهريب وبطرق غير شرعية.. هذا ما أكده لنا الأخ/ وليد الأكوع ـ العامل في جمرك حرض ـ والذي أوضح بأن معالجة الظاهرة لن يتم إلا إذا كان هناك تكاتف من قبل الجميع من رجال أمن ومواطنين وتجار ومسؤولين على ذلك.
ويؤكد الأكوع أنه منذ بداية عمله في جمرك حرض لم يشاهد دخول قواطر مفرقعات نارية ولكن قواطر العاب أطفال مختلفة من مسدسات بلاستيكية وكرات وسيارات وغيرها تدخل وبشكل كبير جداً.
وفي هذه الألعاب ما يعد خطراً على العين والإنسان والبيئة أحياناً.
ويضيف إن مجتمعنا يجب أن يعي مخاطر الألعاب والتي تزيد في أيام الأعياد والمناسبات وهذا يعد خطراً على الطفولة وعلى أبنائنا في سلامتهم وسلامة الآخرين المحيطين بهم فهم أطفال لا يدركون مخاطر استخدامها علينا نحن المتعلمين والكبار أن نقوم بدورنا الصحيح تجاههم وتجاه لعبهم التي نشتريها لهم.
فيما أحمد ـ رجل أمن ـ قال: توجيهات الداخلية واضحة ولكن هناك تقاعس في تنفيذها، فعندما تكون أنت في نقطة تفتيش وتمر عليك قاطرة ألعاب لمفرقعات نارية وتحتجزها أنت كعسكري وتحولها إلى المسؤول عليك في حوش المنطقة فما إن تخرج من إدارة الأمن إلا وصاحب القاطرة وقاطرته قد سبقوك إلى الشارع، وكان الأمر لا يعني أحداً وتجد محلات كبيرة مفتوحة على مصراعيها تبيع هذه الألعاب ومكتضة بالعديد من أنواع الألعاب.
الشبلي صالح ـ تربوي ـ يقول: استخدام الألعاب النارية أصبحت عادة سلوكية سيئة عند بعض الأطفال، حيث تلحق الأذى بالآخرين وتعكر حياتهم مما يقوض راحة الناس وسكينتهم ويثير الرعب والفوضى في الشوارع والأسواق، وخصوصاً في الأماكن المزدحمة، كما تؤدي إلى ترهيب الأطفال النائمين الذين يستيقظون على أصوات المفرقعات التي تسبب لهم الهلع والخوف والازعاج وبالتالي تترك آثاراً نفسية عليهم.
 وأنتقد الشبلي، الآباء وأولياء الأمور الذين يقبلون على اقتناء هذه الألعاب لأبنائهم في الأعياد مما قد يؤدي إلى إلحاق أضرار جسمية في أنفسهم أو في الآخرين، إما بحروق أو لا قدر الله في بتر أحد الأطراف.
وأورد حادثة حصلت في قريته حيث أنه في أحد الأعراس وفي ليلة "الحناء" والناس فرحون ومسرورون مبتهجون بالعرس قام العريس بإمساك إحدى المفرقعات أو الألعاب النارية بيده لكن هذه المفرقة انفجرت في يده مما أدى إلى إسعافه إلى المستشفى ومكث في المستشفى ليلة كاملة.
وفي اليوم الثاني الذي هو يوم العرس أتُي به إلى مكان العرس مجبس اليدين بعد أن تعاطى أقوى المهدئات للألم، حيث أوضح العريس أنه لم يذق طعم العرس من شدة الألم.. وهكذا تحول العرس إلى حزن.
أما عبد الرحمن مبخوت ـ مواطن ـ يقول:ـ أين دور الجهات الرقابية في بلادنا، حيث يبدو لنا أنهم غائبون تماماً هذا في العاصمة، فما بالك في قرى وأرياف مناطق البلاد، كيف ستكون الأمور هناك في ظل غياب الخدمات عن أبنائهم في الجهات الرقابية من أمن ومجالس محلية تكاد تكون غائبة تماماً عن كل ما يحدث لأطفالنا وفلذات أكبادنا، من أضرار ومشاكل.
الدكتور/منير شكري ـ أحد الكادر الطبي في قسم الأطفال بمستشفى الثورة بالعاصمة صنعاء ـ يؤكد بأن الشرر أو الضوء والحرارة الناجمة عن استخدام المفرقعات يعد سبباً رئيسياً للإضرار بالجسم، خاصة منطقة العين الحساسة والرماد الناتج عن عملية الاحتراق يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الطفل بشكل مباشر، حيث تصاب العين بحروق في الجفن والملتحمة وتمزق في الجفن أو دخول أجسام غريبة في العين أو انفصال في الشبكية وقد يؤدي الأمر إلى فقدان كلي للعين.
كما أن الألعاب النارية من أسباب التلوث الكيميائي والفيزيائي، وكلاهما أخطر من الآخر، فالرائحة المنبعثة من احتراق هذه الألعاب تؤدي إلى العديد من الأضرار الجسيمة، هذا بالإضافة إلى الأضرار الكارثية التي قد تنتج عن انفجار الألعاب النارية إذا كانت مخزنة بطريقة خاطئة. ويضيف هناك ألعاب للأطفال على شكل حبيبات الكريستال لها آثار خطيرة على الأطفال دون سن الثالثة بناء على تعميم الصادر من هيئة المواصفات والمقاييس وحذرت من خطورتها أي أن تلك الحبيبات التي تعد ضارة بالنسبة للأطفال كونها تبدأ بالانتفاخ بشكل تدريجي حتى تصل إلى حجم الكرة الصغيرة خاصة إذا وقعت عليها مادة سائلة وهو ما قد يسبب حدوث مضاعفات للطفل قد تصل إلى الوفاة خاصة إذا قام بابتلاعها.
ويوكد د/شكري، أن هذه الألعاب قد تتسبب بعاهة مستديمة، ولهذا فإنها تعتبر خطراً حقيقياً، ومن يزور المستشفيات خلال أيام العيد سوف يشاهد مناظر تقشعر منها الأبدان من كثرة الإصابات التي تسببت بها الألعاب النارية، كما تسبب هذه الألعاب النارية في احتراق عدد من المنازل، وإزهاق الأرواح، ومن مخاطرها على الأطفال أنها تتسبب في تشوهات، وحروق، وعاهات دائمة قد تودي إلي بتر احد الأطراف للطفل.
أما الأستاذ/عادل عبد القادر ـ مهتم ومطالع للصحافة من تعز يقول: عكست الأزمة السياسية والمواجهات التي شهدتها بلادنا بين الأطراف العسكرية والقبلية طوال العام الماضي، فضلاً تأثيرات سلبية على الأطفال الذين باتوا يفضلون لعبة "الكلاشينكوف" والألعاب النارية الأخرى على ألعاب "البلاستيشن" والدُمى والسيارات الصغيرة.
أتى ذلك وفي الوقت الذي لا زال ملف "تجنيد الأطفال" يلقي بظلاله على الساحة اليمنية، خصوصاً وأن الجيش الحكومي والميليشيات والقاعدة وحركة الحوثيين جميعهم تورطوا في تلك القضية، أصبح ملحوظاً في العاصمة صنعاء طغيان الألعاب النارية على غيرها من الألعاب لدى الأطفال، كما برع أطفال ـ مدينة تعز ـ التي شهدت أعنف المواجهات بين القوات الحكومية والمسلحين المناصرين لحركة الاحتجاجات ـ باختراع لعبتهم الخاصة، وهي بندقية بدائية تطلق الرصاص وتصدر عنها أصوات تسبب الفزع للناس.
ويواصل القول قراءة في إحدى التقارير أنه ووفقاً لمصادر محلية فقد شهدت إحدى مدارس مدينة تعز أغرب فصول هذه الحكاية عندما أقامت المدرسة حفلا تكريمياً لطلابها المتفوقين بحضور شخصيات تربوية واجتماعية، وكانت المفاجأة توزيع لُعَب "كلاشينكوفات "و"مسدسات" وألعاب نارية أخرى على الأطفال المتفوقين عوضا عن الأقلام والكتب التثقيفية والشهادات التقديرية.
كذلك ما كتبه الكاتب/ أحمد غراب في أحد مقالاته أن البدلات العسكرية خلال الأعياد الدينية والوطنية التي تمر بها البلد يقبل الأطفال اليمنيين بشكل كبير على الألعاب النارية التي صارت تباع في الشوارع خلال تلك المناسبات، كما لوحظ تفضيل الأطفال للظهور ببدلات عسكرية مختلفة وفقاً لتعدد ملابس وحدات الجيش، خلافاً لما كان عليه الحال في سنوات سابقة من التسابق على الظهور ببدلات رسمية ذات "ربطات عنق" أو ثياب عربية جاهزة ومفصلة.
وهذا أحد التجار في سوق الملح بالعاصمة صنعاء يقول : إن الأرباح التي يجنيها من الألعاب النارية أكثر من أي سلعه أخرى والأطفال مقبلين عليها طوال السنة، وأشار إلى أن هناك أكثر من 100 نوع من الألعاب النارية يتم بيعها في الأسواق اليمنية،من هذه الألعاب البسيطة قليلة المخاطر مثل الصواريخ، والطماش، والمفرقعات، ومنها الألعاب المعقدة التي يفوق صدى صوتها ألعاب أصوات السلاح الخفيف والمتوسطة وغالباً ما تستخدم في الاحتفالات لتعطي الألوان والنماذج الجميلة، ومن أنواعها: القذيفة ذات المرحلة الواحدة، وهي تنفجر مرة واحدة لتعطي الأشكال والألوان المطلوبة، والقذيفة متعددة المراحل، وهي تنفجر على مراحل، وقد تكون كبيرة وبداخلها قذيفة أو صغيرة وبداخلها قذيفة أصغر، وهي عادة ما تنفجر عدة انفجارات بفارق زمني يتيح مشاهدة ألوان متعددة، وقد تكون قذيفة واحدة مكونة من عدة أجزء ينفجر الواحد منها بعد الآخر بفارق زمني بالإضافة إلى القناديل صوتية.
وفي المقابل يقول الأخصائي الاجتماعي الأستاذ/عبد الحكيم مبخوت: "للأسف هناك غياب للدور الرقابي للجان التفتيش التي لا نلمس لها وجوداً في اليمن، وبالتالي فإن التجار استغلوا سكوت الدولة وعقال الحارات بل وحتى أولياء الأمور فقاموا بالمتاجرة بالألعاب النارية نهاراً جهاراً وأمام الجميع، ويضيف مبخوت عن الظاهرة من جوانبها الاجتماعية والنفسية فيقول "عمليات الصراع المسلح تؤثر على شخصيات الأطفال وسلوكهم، فيميلون إلى الألعاب القِتالية المليئة بمظاهر العنف والرعب، ليس غريباً أن ترى في اليمن طفلاً ماسكاً بسلاح بدل قلمٍ، ويحمل جعبة مليئة بالذخيرة والقنابل بدلاً عن حقيبة كُتبه المدرسية، إنها ظروف الحرب والنزاعات الدائمة في اليمن، تلك التي تدفع بالمئات من الأطفال إلى الوقوف خلف متاريس القتال بدلاً من الاصطفاف أمام فصول الدراسة.
ويؤكد أن ما شجع على انتشار تجارة الألعاب النارية في الأسواق اليمنية خلال العامين الأخيرين الانفلات الأمني وتجاهل السلطات المحلية لانتشار الظاهرة وكذلك ارتفاع هامش ربح بيع تلك الألعاب والتي يصل إلى 100% في معظم الأنواع، يضاف إلى ارتفاع الطلب عليها أثناء مواسم الأعياد الدينية كعيدي الفطر والأضحى والمناسبات ولذلك فهي من التجارة النشطة طيلة العام.
دور المنظمات
المتتبع للمنظمات ودورها يرى ندرتها في هذا الشأن فمثلا أقيم يوم الخميس الموافق9\8 وتحت شعار(من أجل مدينة خاليه من ماسي الألعاب النارية) نفذ المجتمع المحلي بمدينة الضالع وبدعم من المنتدى الديمقراطي المعاصر بالضالع ندوة في نادي الصمود الرياضي حول الأضرار الناجمة عن الألعاب النارية في مدينة الضالع وما تسببه من أضرار صحية واجتماعيه وبيئيه
المقدم/عبد الحفيظ قائد سنحان ــ مدير أمن ذباب بباب المندب ـ من جهته يقول: توجيهات الوزير واضحة وتهدف إلى معالجة قضية الألعاب النارية، ووزارة الداخلية من جانبها أدركت مدى فداحة حجم الأضرار الجسدية والنفسية التي يسببها سوء استخدام الألعاب النارية وخاصة في مناسبات الأعراس، فأصدرت توجيهات إلى إدارات الأمن العام في مختلف المحافظات اليمنية، والتي تم التأكيد فيها على ضرورة معالجة قضية الألعاب النارية ودونما الخروج عن إطار مضامين هذه التوجيهات.
 ويؤكد أنها قد جاءت في نفس الوقت الذي يتم فيه تنفيذ الخطة الأمنية والهادفة إلى معالجة الأوضاع الأمنية في محافظة تعز، وكان ولابد من العمل على الحد من قضية الألعاب النارية، وضرورة العمل على تفعيل دور عقال الحارات، وإلزامهم بالتعاون مع رجال الشرطة ومديريات الأمن.
وهذه الإجراءات اعتمدناها من خلال المديريات خصوصا وأنها تقع على أهم خطوط التهريب وفي نفس الوقت نعول على الجانب الإعلامي بما يمتلكه من دور فاعل، توعية وتثقيف أفراد المجتمع، خصوصا وإننا نمتلك سواحل مفتوحة كبيره،ومكافحاتنا مستمرة بقدر الإمكانيات.
ويضيف مكافحة التهريب وبشكل عام تحتاج إلى مزيد من التثقيف والتأهيل والتدريب إلا أن حراس الحدود فقراء جداً ودخلهم محدود.
 نحن حالياً نمر بمرحلة استثنائية وتزدحم علينا المهام والتي تضطرنا للتعامل معها وبحسب أهميتها وأولوياتها، ولاشك أن زحام الأحداث المتتالية قد أثرت على ما يجب أن تعمله كل إدارة وفي أي مرفق خدمي بما فيها الإدارات الأمنية فهي أثرت تأثيراً كبيراً على الكثير من المجالات ومنها مجال تأهيل وتدريب الكوادر الأمنية،ونتمنى أن نخرج من دائرة هذه المهام المزدحمة وننتقل إلى مهمة تأهيل وتدريب كوادرنا، وخاصة تلك الكوادر التي تعمل في حراسة الحدود ومكافحة ظاهرة التهريب.
وأثناء تجوالنا بين بسطات بيع الألعاب النارية وجدنا أن معظم زبائنها هم أطفال يقوم الآباء والأهل بشرائها لهم، وعند سؤالنا كانت الإجابة "خلي الأولاد يفرحوا وينبسطوا"،فهل ستترك أبناءك بعد معرفتك بمخاطرها هذا العيد يستخدمون تلك «القنابل والمفرقعات» للشعور ببهجة قد تنقلب لكارثة؟
وهناك مخاطر صحية ناتجة عن أخطار الألعاب النارية،فنلاحظ في مجتمعنا أن ممارسه للألعاب النارية من جميع الأعمار تزيد في أيام الأعياد والمناسبات، وهو أمر يشكل خطورة على سلامتهم والآخرين المحيطين بهم؛ ومن خلال استخدامها غير مدركين لمخاطرها.
وتعتبر هذه الألعاب أحد مصادر الموت، كما أن ضحايا الألعاب النارية تزدحم بهم المستشفيات وينقلب فرح الأهل في الأعياد إلى مأتم وهنا نتساءل: أين دور جهات الرقابة في بلادنا حيث تباع تلك الألعاب القاتلة وسط مرأى ومسمع من كل الجهات وفي وضح النهار.
كما يقول مهيب اليوسفي مواطن: يقبل أولياء الأمور على اقتنائها لأبنائهم في الأعياد؛ لأن الآباء لا يستطيعون رفض طلب الأبناء، ويتم تسليم هذه الألعاب للأطفال، وغالباً لا يكون الطفل على علم بكيفية استخدامها فيستخدمها استخداماً خاطئاً وتكون عاقبته وخيمة حيث يؤدي إلى إلحاق أضرار جسيمة إما بحروق أو بتر أحد الأطراف والمواطن يريد إرضاء أطفاله.
 وهذه مشكل عويصة يجب الوقوف عندها بمسؤولية من كافة أطياف المجتمع، وإيجاد الحلول المناسبة لوقف نزيف الضحايا الذين يصابون يوماً بعد يوم بسبب لعبة نارية، لافتاً إلى أن هذه المشكلة لا تتنبه لها وسائل الإعلام رغم ضررها الكبير؛ إذ إن الواجب على وسائلنا الإعلامية وبالذات التلفزيونية العمل على توعية المواطنين بمخاطر استخدام الألعاب النارية وآثارها السلبية، بحيث تقوم بعرض ضحاياها الذين يتوافدون إلى المستشفيات خلال هذه الأيام لتفادي وقوع ضحايا آخرين وخاصة في الأعياد، داعياً الجهات إلى إيجاد الحلول اللازمة لمنع بيع الألعاب النارية التي يصبح أطفالنا ضحية سهلة لها.
ضحايا الألعاب
الدكتور/منير شكري يقول :أنا أعمل بالمستشفي ويكثر هذه الأيام استقبال العديد من الأطفال ضحايا الألعاب النارية، والذين غالباً ما يصابون بحروق نتيجة استخدامهم الألعاب النارية والتي تملأ أسواقنا هذه الأيام.
مشيراً إلى أن المواطنين لا يدركون مدى خطورة هذه الألعاب على الصحة، مؤكدين بأنهم استقبلوا طفلاً من المصابين بالألعاب النارية، وتلك الإصابة للطفل سببت له حالة هستيرية مما اضطرهم إلى تحويله إلى أحد المستشفيات المتخصصة، داعياً أولياء الأمور إلى منع شراء هذه الألعاب المؤذية لأطفالهم وأن يكونوا عند مستوى المسؤولية في الحفاظ على صحة أطفالهم. 
مشيراً إلى أنه، وبالإضافة إلى الحروق يصاب الأطفال الصغار أيضاً بالهلع والإزعاج والفجائع نتيجة سماع دوي هذه الألعاب النارية المنتشرة بكثرة في بلادنا، وهناك قصور كبير وواضح من الآباء في عدم توعيتهم لأطفالهم ومنعهم من شراء هذه الألعاب المدمرة.
إهدار للأموال في شراء الالعاب النارية
ويرى الشيخ /أحمد عبده عبدا لله ـ إمام وخطيب مسجد الفلاح بمديرية شرعب ـ أن استهلاك آلاف الأطنان من الألعاب النارية والمفرقعات، خاصة في شهر، رمضان المبارك وخلال الأعياد والمناسبات والأيام التي تليها وترويجها المتواصل في الأسواق يؤدي إلى استهلاك وتبذير كميات كبيرة من دخل الأسر التي تعاني أصلاً من ضائقة مالية، وبالتالي يؤدي إلى تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني، وفي المقابل يجني ثمار تسويق وترويج هذه الألعاب المحفوفة بالمخاطر ضعاف النفوس من التجار الذين همهم الأول تحصيل الربح والحصول على الأموال دون أدنى اهتمام بالأضرار التي قد تخلفها هذه المفرقعات النارية.
ويؤكد ـ أن الألعاب النارية ملأت أسواقنا وبيوتنا، وتعرض فلذات أكبادنا لإصابات مؤلمة وفي أماكن حساسة كالوجه والفم والعينين واليدين وتحدث لهم تشوهات في ظل غياب كامل للدور التوعوي سواء من الأسرة أو من الجهات المعنية بالتوعية فالأسرة لا تعمل على منع الأطفال من استخدام هذه الألعاب والجهات المعنية لا تعطي الموضوع هذا أهمية ولا تتعامل معه بمسئولية أيضاً.
كما أشار إلى استغلال التجار للمواطن والترويج لهذه الألعاب القاتلة، وخاصة أن أغلب ضحايا الألعاب يكونون بكثرة في المناطق الريفية، داعياً إلى منع استيراد هذه الألعاب المدمرة ومحاسبة كل من يقوم بالترويج لها ويبيعها حتى نحافظ على سلامة وصحة أطفالنا وتكتمل فرحتنا بأعيادنا الدينية والدنيوية.
تبذير مالي للصحة والبيئة والمجتمع وتؤثر على الاقتصاد الوطني.
وقال: إن المواطنين هذه الأيام يستهلكون آلاف الأطنان النارية، ويكون هناك تبذير مالي لدخل الأسرة والتي ربما تكون هذه الأسرة تعاني من فقر وتبذير ميزانيتها البسيطة على شراء هذه الألعاب النارية.
لافتاً إلى أن المواطن يشتري هذه الألعاب النارية وينفق ماله لإرضاء طفله ولا يستفيد شيئاً سوى الألم في حال ذهب طفله ضحية لهذه الألعاب ويصبح التاجر هو المستفيد من بيع وترويج هذه الألعاب المحفوفة بالمخاطر والتي يجني التجار أرباحاً طائلة من ورائها سلامة أطفالنا.....................
خطورة الألعاب النارية
تعتبر ظاهرة استخدام الألعاب النارية والمفرقعات من الظواهر السلبية المنتشرة في مجتمعنا، ورغم التحذيرات الصحية والاجتماعية من خطورة هذه الألعاب فإن بيعها ما زال منتشراً بلا رقيب، حيث يقوم بائعوها بتوفيرها وترويجها لمن يرغب فيها خاصة مع الاحتفال بالعيد المبارك.
وباتت هذه المواد تشكل خطراً ليس على مستخدميها فقط بل كذلك على الآخرين المتواجدين في محيط استخدامها لما تسببه أحيانا من حروق وتشوهات مختلفة تؤدي إلى عاهات مستديمة أو مؤقتة، كما تحدث أضراراً في الممتلكات جراء ما تسببه من حرائق، إضافة إلى التلوث الضوضائي الذي يؤثر على طبلة الأذن، وبالتالي يسبب خللا وظيفيا في عمل المخ قد يستمر لمدة شهر أو شهرين
مقترحات عملية
وللحد من هذه الظاهرة أقترح ما يلي:
أولاً: دور الأسرة
أن تعي الأسرة مخاطر الألعاب النارية على أبنائها وتقوم بتوضيح ذلك لهم، وتوجيه الأطفال بالابتعاد عن استخدامها وعدم تداولها بينهم، كما أنه يقع على الأسرة دور متابعة أبنائهم وردعهم عن استخدام هذه الألعاب، ومحاسبتهم على كيفية إنفاق النقود التي تعطى لهم والمراقبة الدائمة على مشترياتهم.
ومن واجب الأسرة تبليغ الجهات المعنية عن الأشخاص الذين يقومون ببيع وترويج هذه المواد الضارة بالوطن والمواطن.
ثانيا: دور وزارة التربية والتعليم
تلعب وزارة التربية والتعليم دوراً مهماً ورئيسيا في توعية الطلاب وأولياء أمورهم بمخاطر الألعاب النارية، وما تشكله من تهديد حقيقي لا يستهان به لحياتهم، وذلك عبر الوسائل التربوية المتاحة لتسليط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة وإبراز المخاطر والمآسي التي تجلبها لأطفالنا وما لها من أضرار على الأنفس والممتلكات والأموال، ويتم ذلك عن طريق تثقيف الطلبة وتقديم النصح والإرشاد لهم حول تلك المخاطر من خلال الإذاعة المدرسية اليومية، ومن خلال التفاعل الإيجابي بين المرشدين التربويين والطلبة وتوزيع النشرات التعريفية والإرشادية، وعمل المحاضرات بهدف المساعدة في توصيل الرسالة حول مخاطر استخدام الألعاب النارية، كما يلعب المعلمون دوراً مهما في توعية الطلاب، خاصة في الدقائق الأولى من بداية الحصة الدراسية، ويتعدى دورهم المدرسة ليقوموا بتوعية الآخرين في إطار المحيط الاجتماعي والأسري لهم.
كما لا بد من التنسيق والتعاون المستمر بين دوائر التربية وأجهزة الشرطة لمواجهة هذه الظاهرة ومنع تفاقمها والعمل المشترك للحد منها واستئصالها من المجتمع.
ثالثا: دور جهاز الشرطة
لا بد للشرطة من اتخاذ إجراءات رادعة وصارمة للقضاء على هذه الظاهرة وذلك من خلال:
تنفيذ القوانين ومعاقبة الأشخاص أو أصحاب المحال التجارية التي تقوم ببيع وترويج الألعاب النارية وكذلك مصادرة الكميات الموجودة في الأسواق وإتلافها وتقديم أصحابها للقضاء لينالوا جزاءهم سواء بالسجن أو بفرض غرامات مالية باهظة عليهم.
رابعا: دور وزارة الصحة
يقع على عاتق وزارة الصحة دور مهم يتمثل في تعريف المجتمع بالمخاطر والأضرار الصحية الناتجة عن استخدام الألعاب النارية، وذلك من خلال تنظيم المحاضرات واللقاءات التي تعرف المواطن بذلك وإصدار النشرات الصحية التثقيفية وتوزيعها على المواطنين.
خامسا: دور أئمة المساجد
نظراً لدور الدين الكبير في الحد من كافة المظاهر السلبية فلا بد لأئمة المساجد من طرح مخاطر الألعاب النارية في خطب الجمعة ومن خلال الندوات التي تعقد بين فترة وأخرى، وتوضيح موقف الشرع من ذلك على مختلف الصعد.
سادسا: دور وسائل الإعلام
أن تقوم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة بتوعية المجتمع بمخاطر وسلبيات استخدام الألعاب النارية، خاصة من خلال برامج التلفاز الذي يجب أن يكثف بين كل فقرة وأخرى مادة إرشادية عن مخاطر وعواقب استخدام هذه الألعاب، وعقد اللقاءات مع ذوي العلاقة لتوعية المواطن بذلك.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد