القائم بأعمال رئيس المؤسسة العامة لصناعة وتسويق الأسمنت لـ "أخبار اليوم":

ارتفاع أسعار الأسمنت مفتعل والقطاع الخاص يقوم بدور المستغل لا المنافس

2012-05-24 02:26:50 حاوره / ماجد البكالي


رغم الكساد الذي عانته غالبية المنتجات في العام 2011م، لاسيما السلع الثانوية بنظر المستهلكين ومنها المواد الإنشائية وفي مقدمتها مادة الأسمنت التي شهدت ارتفاعاً سعرياً مطلع العام الحالي وحتى اليوم, وبنسبة فاقت الـ130%, كما شهدت بعض من مصانع الأسمنت توقفاً مؤقت, فيما واحد ما يزال متوقفاً حتى اللحظة.
أسعار مادة الأسمنت جاءت مغايرة تماماً لتوقعات وأمال اليمنيين في حياة مستقرة وآمنة في ظل حكومة الوفاق.
عن واقع مؤسسة الأسمنت وأسعاره ومتطلبات تطوير هذه الصناعة, وجديدها للعام الحالي..كل ذلك وغيره، عمدت "أخبار اليوم" إلى الإجابة عليه من خلال الحوار الذي أجراه الزميل ماجد البكالي مع القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لصناعة وتسويق الأسمنت محمد يحيى شنيف، فإلى الحصيلة:
 
×نبدأ لقائنا هذا بما يشغل الناس ويمس العامة وهو سعر الأسمنت، حيث شهد الأسمنت منذ مطلع العام الجاري ارتفاعاً غير مسبوق ولا متوقع من اليمنيين، فأرتفع كيس الأسمنت من 1200ريال إلى ما يفوق 2500 ريال.. ما هي أسباب الارتفاع المخيف والغير مسبوق لمادة الأسمنت, ومسؤولية من؟
ـ رتفاع أسعار مادة الأسمنت غير طبيعي ومفتعل من قِبل الوكلاء في القطاع الخاص وبعض من الوكلاء في القطاع العام, وكذا تُجار التجزئة..مستغلين زيادة الطلب على مادة الأسمنت مطلع العام الحالي بعد كساد استمر قرابة عام، فعملوا على زيادة أسعار الأسمنت بصورة ابتزازية, وغير عادية, وذلك راجع إلى عدم وجود رقابة حقيقية على السوق.
•هل تقصد أنه لا دخل للمؤسسة في رفع أسعار الأسمنت؟
ـبل أؤكد أن لا علاقة للمؤسسة بذلك، فأسعار المؤسسة هي "1700" ريال دونما أي زيادة تُذكر, بينما جائتنا شكاوٍ بأن أسعار الأسمنت فاقت الـ"2500" ريال ونحن في المؤسسة مسئوليتنا تنحصر في الإنتاج والتسويق، أما الرقابة على الأسعار والالتزام بها, فلا يوجد أي مسوغ قانوني يعطي المؤسسة الحق في ذلك وهو ما اتضح لنا عند إحالتنا 7 تُجار إلى النيابة المختصة فأفرجت عنهم فوراً وكان رد النيابة واضحاً أن لا علاقة للمؤسسة بالرقابة على الأسعار ولا يوجد أي مسوغ قانوني يعطيها ذلك الحق, وأن مهامها تنحصر في إنتاج وتسويق الأسمنت فقط.
•يعني هذا بأن مسئولية الرقابة على الأسعار هي مسئولية وزارة الصناعة والتجارة؟
ـنعم هي المسئولة على رقابة الأسعار ولكن ليس بإمكانها تحديد أسعار الأسمنت في ظل حرية السوق, وفي ظل ارتفاع بدأ بأسعار السلع الأساسية قبل مادة الأسمنت..ولكن حسب علمنا أن وزارة الصناعة والتجارة بصدد وضع مقاييس ومؤشرات, وآليات جادة وفاعلة وضوابط لأسعار السلع في السوق سواء أساسية أو غيرها.
•بالنسبة للمخالفات المالية التي تناولتها بعض وسائل الإعلام عن مصنع البرح ما إجراءاتكم؟
ـأي عمل لا بد أن ترافقه أخطاء..لكنها حينما تتجاوز نسباً أكثر مما يجب، في هذه الحالة نقف أمامها ونحيلها إلى إدارة الشؤون القانونية ومن ثم تتم إحالتها إلى نيابة الأموال العامة والمحاكم أن كانت تستحق الإحالة..كون اليمن اليوم أضحت بحاجة إلى الإنتاج وإلى الحد من الفساد أكثر من أي وقت مضى ,وكون موارد البلاد أصبحت محدودة, وكذا أحداث العام 2011م أثرت على الاقتصاد الوطني سلباً وبشكل كبير,وعلى العمل السياسي الذي ما زالت البلاد تعانيه حتى الآن..لكل ذلك وغيره فالوطن لم يعد يحتمل الفساد والفاسدين.
•ماذا عن التوقف الذي تعانيه مصانع المؤسسة؟
ـمصانع الأسمنت تعمل باستمرار، لاسيما مصنعي عمران والبرح,ولم يتوقف مصنع عمران سوى شهرين بسبب عدم توفر مادة المازوت,فيما البرح توقف لأيام بسبب التقطعات,أو بسبب الإنقطاعات المتوالية أو المستمرة للتيار الكهربائي,فيما مصنع باجل متوقف منذ 6أشهر بسبب سفر الفريق الصيني ـ بسبب الأوضاع التي كانت تعيشها اليمن ـ والذي كان يتولى توسعة المصنع وأنجز فيها نحو 60% 
•ألا يبرر ذلك التوقف للوكلاء وتجار الأسمنت ما قاموا به من رفع سعر الأسمنت أضعاف ما كانت عليه؟
ـليس ذلك مبرر، بل استغلال سيء؛لأن المصانع حتى وأن توقفت لأشهر، فلديها مخزون دائماً لما يغطي السوق لأكثر من شهرين من التوقف، ناهيك عن أن لدى كل التجار والموزعين كميات كبيرة من الأسمنت من العام 2011م والذي لم يكن فيه طلب على الأسمنت,مع العلم أن المؤسسة تقوم بإيصال الأسمنت للتاجر حتى في حين توقف المصانع وبدون أي زيادة سعرية, فزيادة الأسعار ليست سوى جشع واستغلالية لا مسئولة من التجار والوكلاء لحالة الطلب على الأسمنت، مصحوبة بالاحتكار وممارسة إشاعات توقف المصانع.
•هل كان لمصانع القطاع الخاص دور منافس في مادة الأسمنت وهل بإمكانها المنافسة ولماذا لم تفعل ذلك؟
ـمع الأسف القطاع الخاص منذ بدء عمله واستثماره في مجال الأسمنت لم يقدم سعراً منافساً للمصانع الحكومية ولم يخفض في سعره حتى مائة ريال، بل يزيد السعر سواء في ظروف عادية أو استثنائية تمر بها البلاد ,رغم أن مصانع القطاع يتم الإنتاج فيها بالفحم الجيري..أي أن تكلفة الإنتاج بهذه الطريقة تقل عن تكلفة الإنتاج بالمازوت بنحو 60%,أي أن لديها فسحة في تكاليف الإنتاج وهامش ربح مهول يمكنها من تقديم أسعار منافسة,ناهيك عن أن القطاع الخاص لا يلتزم بدفع كل ضرائب الدولة عليه,ولا يدفع للصناديق الإيرادية كما تدفع مؤسسة الأسمنت,ورغم كل ذلك لم يقدم أسعاراً مميزة؛وهو ما يعني أن القطاع الخاص تجاري ربحي لا يهمه المواطن ولا فائدة المواطن ولا حتى فائدة الدولة وكل ما يهمه مصالحه فقط حتى وأن فاقت أرباحه كل تكاليف إنتاج ما يقدمه من خدمة أو سلعة ربما يطمع للمزيد ,ولو كنا ننتج بطريقة الفحم الجيري فقط، ناهيك عن باقي الأمور لخفضنا من السعر الحالي للأسمنت 60% أي من الـ1700ريال للكيس الواحد.
•لماذا لم تنتج المصانع الحكومية بالفحم الجيري بدلاً من المازوت طالما أن التكلفة بهذه الطريقة تنخفض 60%عن الإنتاج بالمازوت؟
ـنحن نطالب بذلك ولولا الأوضاع التي مرت بها المؤسسة خلال العام الماضي لنفذت هذا المشروع..وهو ما طرحناه على الأخ/وزير الصناعة والتجارة,وغيره من القضايا التي تمثل إشكالات وعوائق أمام استمرار الأداء الجيد والرائد لهذه المؤسسة,وقد رفع وزير الصناعة بتقريره للحكومة ,حيث يتطلب تنفيذ مشروع الإنتاج بالفحم الجيري في مصانع المؤسسة مبلغ 20مليون دولار,أن تحقق التمويل فسيتم الإنتاج بطريقة الفحم الحجري بعد 6أشهر فقط من التمويل؛ لذا نأمل من الحكومة دعم المؤسسة,وهي المرة الأولى التي تحتاج المؤسسة دعم الحكومة منذ 30عاماً نظراً للأوضاع التي عانتها ومرت بها خلال العام2011م في إطار الأوضاع العامة التي مرت بها البلد ككل وكانت الحياة الاقتصادية أشبه بالمتوقفة أو قريبة التوقف,تراجع معه إنتاج المؤسسة إلى 30%من إنتاجها في الظروف الطبيعية,وتسبب ذلك ـ إلى جانب مشاكل الكهرباء والمازوت ـ في خسائر للمؤسسة ولأول مرة في تاريخها.
•قلتم في سياق حديثكم إنها المرة الأولى التي تطلب فيها المؤسسة دعم الدولة، هل يعني ذلك أن المؤسسة طوال عمرها كانت في غنى عن الدولة؟
ـ طوال سنوات الماضي مثلت المؤسسة العامة لصناعة وتسويق الأسمنت أحد أهم المؤسسات الإيرادية التي ترفد خزينة الدولة ما بين "6" إلى "7" مليارات ريال سنوياً، ناهيك عن الضرائب ,والصناديق الإيرادية للدولة,ومنذ 1995م وحتى نهاية2010م رفدت المؤسسة خزينة الدولة بمبلغ سبعة وأربعين ملياراً ونصف,كأرباح للدولة، بعيداً عما تم دفعه ضرائب وللصناديق المختلفة التابعة للحكومة,علاوة على أن المؤسسة خلال السنوات الماضية نفذت مشاريع تطوير الإنتاج بتمويل ذاتي دون العودة للحكومة مثل:مشروع توسعة مصنع عمران بمبلغ165مليون دولار,وتوسعة مصنع باجل بتكلفة 146مليون دولار,وغيرها من المشاريع الاستثمارية التي ترفد خزينة الدولة سنوياً بمليارات الريالات...وهنا أود أن أشير واذكر بحقيقة ربما لا يعلمها غالبية موظفي الدولة وهي أن المؤسسة عندما أخذت المصانع من الدولة كانت أصول تلك المصانع مع رأسمالها لا تتعدى مليار ونصف مليار ريال في أواخر السبعينات,ويكفي أن نرى ما ورد لخزينة الدولة وما تحقق من توسعة,و...وبذا سيدرك أي ملاحظ الدور الذي قامت به المؤسسة منذ إدارتها لمصانع الأسمنت العامة:عمران,البرح,باجل.
•   ما أبرز الصعوبات التي تواجهكم وتعيق أداء وتطوير عمل المصانع؟
ـ   الصعوبات التي واجهتنا وما زالت ومثلت عوائق للعمل، التشريعات والقوانين التي تقيد عملنا، لاسيما فيما يتعلق بمادة المازوت، فليس للمؤسسة الحق في استيراد المازوت ولا شراءه من السوق السوداء المحلية,وننتظر حتى تزودنا شركة النفط اليمنية بما نحتاجه إن وجد,وكما تعلم شهدت المشتقات خلال العام الماضي اختفاءً شبه يومي من شركات النفط الرسمية وتواجدت في السوق السوداء,أو نحتاج إلى مناقصة تظل لأسابيع أو أشهر من أجل استيراد مازوت,مثل ذلك أكبر العوائق وأكثرها ضرراً وتسبباً في خسائر للمؤسسة..إضافة إلى ذلك مشكلة الكهرباء و الانطفاء لأيام/ تسبب الانطفاءات ليومين فقط في توقف مصنع البرح كونه معتمد كلياً على الكهرباء العمومي ـ ولا توجد له مولدات خاصة كمصنع عمران ـ ولأجل إعادة تشغيل المصنع يحتاج منا إلى 20مليون ريال لإعادة تجهيزه بالمازوت وغيرها من التجهيزات,وهذه خسائر باهظة تعانيها المؤسسة.ومن الصعوبات أيضاً مشكلة الاختلالات الأمنية، حيث أدت التقطعات على مصنع البرح والاعتداء على عدد من موظفي المصنع,وحجز الناقلات إلى توقف المصنع عن العمل,وارتفاع أسعار المشتقات النفطية انعكس سلباً على ارتفاع تكلفة الإنتاج مروراً بارتفاع سعر النقل,وكل ذلك يتحمله المستهلك.
•ماذا عن مصنع باجل تحديداً؟
ـعودة الفريق الصيني, تطوير الخط القديم لينتج الأسمنت الأبيض وبطاقة إنتاجية 25ألف طن في السنة تكفي لتغطية احتياجات السوق المحلية من الأسمنت الأبيض حسب الدراسة التي أجريناها,ولأول مرة في مصانع المؤسسة سيتم إنتاج هذا النوع من الأسمنت..كما أن التوسعة الجديدة ستزيد الطاقة الإنتاجية لتصل "850" ألف طن بدلاً من "150" ألف طن في العام الواحد,وبتكلفة إنتاجية أقل من تكلفة الطريقة الروسية التي كان يعمل بها المصنع سابقاً والتي كانت تسبب خسائر للمصنع، كون التكلفة الإنتاجية للكيس الأسمنت عبوة 50كيلو جراماً كانت تصل إلى "1400" ريال، فيما البيع في السوق كان لا يصل إلى مبلغ سعر الإنتاج وحده، ناهيك عن النقل والتخزين والتسويق,..ومشروع التوسعة الذي تم تنفيذ "60 %" منه وتوقف استكماله نتيجة سفر الفريق الصيني ـ العامل على تنفيذه ـ قبل 6أشهر نتيجة الأوضاع التي كانت تمر بها بلادنا كما أسلفتُ, لكننا خلال أسابيع مضت تفاوضنا مع الفريق الصيني واجتمعنا بممثليه في عدة لقاءات وسيعود الفريق خلال أيام لاستكمال ما تبقى من مشروع التوسعة.
•ختاماً ما أبرز مشاريعكم للعام الحالي وطموحاتكم المستقبلية؟
ـأبرز مشاريعنا للعام الحالي هي ما أسلفتُ ذكره من عودة الفريق الصيني لاستكمال مشروع التوسعة لمصنع باجل,وكذا تحويل الإنتاج بطاقة الحجر الجيري بدلاً من المازوت كما أشرنا في حديث سابق ,وغيرها من الطموحات والمشاريع التي من شأنها الارتقاء بأداء المؤسسة ومصانعها ,وإنتاجياتها,وتقديم سلعة الأسمنت بسعر مقبول ومنافس بما يخدم التنمية .. غير أن كل تلك الطموحات مرهونة بمدى تعاون الحكومة مع المؤسسة من حيث التسهيلات,وسهولة الإجراءات,وعدم تقييد الأداء بلوائح أو نصوص تعيق العمل والإنتاج,كونها لوائح لظروف طبيعية ومستقرة ,وغير متوائمة والظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد بكل مؤسساتها منذ بداية العام الماضي وحتى الآن,لاسيما فيما يتعلق بالمازوت...وكذا الدعم المادي لمدة محددة,لتمويل مشروع طريقة الإنتاج...متمنين لصحيفة "أخبار اليوم" وطاقمها الصحفي وإدارتها مزيداً من التوفيق والسداد,شاكرين اهتمامها الدائم بكل القضايا التي تهم الوطن والمواطن.                     

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد