قالوا إن المساعدة العمانية التي تصلهم كانت تحمل شعار السلطنة على الكيس لكن المواد التي بداخلها من مصنع بيت هائل بتعز وطالبوا السفير العماني بالإيضاح.

نازحو أبين .. وتستمر المعاناة

2012-01-29 05:14:10 استطلاع/ شكري حسين


يوم بعد يوم تزداد رقعة المأساة وتكبر مساحة الألم وتتفاقم حدة المعاناة عند الكثير ممن أجبرتهم ظروف الحرب القاهرة في أبين على ترك منازلهم والاتجاه صوب خيام وأماكن النزوح المختلفة.. ومع مرور الشهور بات من فرض عليهم النزوح القسري رهناء التجاذبات التي تدفعهم شوقاً للعودة إلى الديار وصور الإهانات التي تقابلهم في مأكلهم وأماكن عيشهم بعيداً عنها .
قبل أيام كنت حاضراً في أحد أماكن توزيع المواد الغذائية بعدن لنازحي أبين.. وشاهدت صور المعاناة التي يتجرع مرارتها مواطنو المحافظة المنكوبة رغم ضآلة ما يعطى لهم.. أخبار اليوم اقتربت منهم لترصد من معاناتهم التالي:
يقول النازح صلاح محمد صالح: قبل أن تستلم أي حاجة لابد لك أن تدوخ السبع دوخات والمفاجأة غير السارة أنه وبعد أيام أو أشهر من المتابعة والجري هنا وهناك ستجد أمامك ما يعادل ( 10 كيلو رز ومثلها سكر وكيلو شاهي و20 حبه طماط صغير وكرتون بازيلا ) ولك أن تتخيل كيف يمكن لمثل هذا تغطية مصاريف أسرة يتجاوز عدد أفرادها العشرة أفراد، والأصعب من ذلك كله أنك لا تجدها في وقتها المحدد وأحياناً تمر عليك الشهران أو الثلاثة وأنت منتظر دورك في استلام معونتك.
 ويضيف: قبل فترة سمعنا عن دعم مقدم من (سلطنة عُمان) الشقيقة للنازحين وبعد مرور شهرين أو ثلاثة من ذلك استلمنا أكياساً عليها شعار سلطنة عُمان بينما المواد التي بداخلها والتي سبق ذكرها من مصانع هائل سعيد أنعم..ولا تعليق.
يلتقط الحديث الوالد ( أحمد صالح علوي ) ويقول بلهجته البدوية: يا ولدي المسئولين حقنا (سرق) وليس لديهم لا دين ولا ذمه شردونا من بيوتنا وبهذلونا وبعد ذلك كله يأكلوا حتى ما تفضل به الآخرين علينا !! ويردف قائلا ً: مانبا شي لهم سكر ولا دقيق فقط نشتي نرجع بيوتنا الله لاسالهم خير.
 المساعدة العمانية
على مقربة من تكدس البشر كان يقف الشاب (جعبل سالم علي)، سألته عما إذا كان قد استلم المساعدة الخاصة به أم لا.. فقال خلي لي حالي !! قلت له أنا صحفي وأريد مساعدتك وأنقل معاناتك.. قال وايش الفائدة ؟ لو تكلمنا حتى الصبح لن يستجيب أحد لمعاناتنا وحسبنا الله ونعم الوكيل ..
وبعد إلحاح قال جعبل: تعبنا بين الروحة والجيه من أماكن سكننا إلى مواقع توزيع المساعدات وأرهقت جيوبنا وفي كل مرة نعود خائبين وتمر الأيام ونحن على هذا الحال واليوم استلمت المساعدة التي تفضلت دولة عمان الشقيقة بمنحها للنازحين من أبين، لكن المفاجأة أن الأكياس عمانية وبداخلها مواداً من مصانع هائل سعيد أنعم.
 وأوضح جعبل رداً على تساؤلاتي: يبدو أن المساعدة العمانية كانت مقلب ولا دخل لدولة عُمان في ذلك وأظن أن (الخُبرة ) تصرفوا بها واستبدلوها بمواد من مصانع هائل سعيد بتعز..
وأضاف: عبر صحيفتكم أخبار اليوم أطالب السفير العُماني أولاً بالإيضاح .. هل تم جلب المواد الغذائية من عمان أو تعز ؟؟.. وثانياً.. هل 10 كيلو رز أو سكر وكيلو شاهي وغيرها كافي لتلبية احتياجات أسرة خلال شهر كامل ؟؟؟.
 ارحمونا
 يأتي شاب آخر يدعى ( ياسر صالح أحمد ) وبصوت مبحوح يقول لي سجل باسمي:"القائمين على صرف المساعدات يأكلوا حقنا ويقوموا بتسجيل بعض أصدقائهم وأقاربهم أكثر من مرة ونحن نبحث عمن ينصفنا ولا مجيب".
 ويضيف: "منذ 3 أشهر أحاول الحصول على المساعدة الخاصة بأسرتي دون فائدة والمصيبة أنني أصبت بقدمي كما تشاهد في حادث سيارة وأنا أجري من مكان لآخر وأصبحت مشتت بين هم معالجة قدمي والبحث عن ما استطيع سد جوع أطفالي به".
فيما كانت امرأتان من النازحات تبدو إحداهن كبيرة في السن، قالتا والدموع تكاد تتساقط من عينيهما:" يا ابني ارحمونا الله يرحمكم وسجلونا معكم".. قلت لهما لا علاقة لي بالتسجيل فقط أنا هنا لأنقل معاناتكم!! قالتا:" منذ خروجنا من أبين ومفارقتنا لديارنا وممتلكاتنا لم نستلم أي مساعدة.. وتعبنا من المتابعة والتنقل من مكان إلى مكان وفي كل مرة يقولوا لنا خلاص سجلناكم وعند التوزيع نكتشف أن أسماءنا غير موجودة".. ثم أجهشت الكبيرة بالبكاء وهي تقول:"إرحموني ياناس عندي أطفال وبنات وعائلنا متوفى.. فإلى أين نذهب ؟ ولمن نشتكي ؟ ".
وتقول أسرة المرحوم (سالم محمد سعيد) الملقب (الباتريك) ـ رجل رياضي معروف في أبين توفي قبل النزوح بفترة قصيرة ـ يقول أحد أقاربه:" الباتريك لديه 5 أطفال ولم تستلم أسرته أي حاجة منذ خمسة أشهر والله العالم بحال زوجته وأطفاله".
أما عصام الربوعي قال: عملية التوزيع هذه المرة لا بأس بها ولم تشهد الزحام المعتاد، إلا أن ما يتم صرفه بكل تأكيد غير كاف، هذا بالإضافة إلى أنه باقي مواد شهرين متأخرة، فنحن الآن نهاية شهر ديسمبر ولم نستلم حق شهر أكتوبر .. وأطالب القائمين على أمر المساعدات صرف ماتبقى من مواد، لأن ظروف الناس صعبة وأحوالهم متعبة.
لم أستلم أي معونة
وقال عمر حسن علي بنبرة حزن شديدة : أنا أول من غادرت زنجبار مع أسرتي وتحديداً نحو الرابعة عصراً من يوم الجمعة التي سيطر فيها المسلحون على المدينة لقرب موقع سكني من القصف المتبادل ومن يومها وإلى الان لم أستلم ولا لمرة واحدة أي معونة وقد راجعت أماكن التسجيل في خور مكسر وطرقت أكثر من باب ولا أجد غير الوعود.
وأضاف: عبركم أطالب بإقالة المحافظ والمجلس المحلي لعدم قيامهم بدورهم تجاه النازحين والمشردين قسراً من بيوتهم، بل ومحاسبتهم على ما اقترفوه من جرم في حق أبين وأهلها من خلال تسليمهم المحافظة وهروبهم إلى عدن حتى قبل أن يدخل أنصار الشريعة زنجبار.
عناوين:
- البعض مايزال يلاحق للحصول على معوناته والبعض لم يستلم أي معونات منذ نزوحه وآخرون يشكون: المعونات غير كافية

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد