قُتل عشرات الصحافيين والمصورين وصُودرت آلاف الصحف وأُحرقت القنوات واُختطف الإعلاميون..

الإعلام في اليمن.. الحرب على الكلمة!

2012-01-15 03:55:38 استطلاع/ بسام غبر


استمرت ثورتنا المباركة في ربيعها العربي وهي تتوج بألق الإبداع وتتميز بأريج النجاح، كانت كذلك وكان الثمن غالياً، قتلى وجرحى وقصف واعتداءات واختطافات، الإعلام والإعلاميون كانوا في فوهة المدفع الذي كان يوجهه النظام على الثورة ومن يساندها، فقد بلغ عملهم ذروة سنام الإنجاز وفعلهم الشجاع سطر تاريخاً عريقا لهم، تعرضوا للقتل والتهديد والمصادرة بكياناتهم الشخصية أو حتى بكياناتهم المؤسساتية، ليدفعوا ثمن قول الحقيقة غالياً، غير آبهين سوى بأن يصل الحق إلى مداه المطلوب.
الإعلام والإعلاميون يوضحون فيما يلي أسباب استهدافهم، ويسطرون إرادتهم التي لم يقدر عليها الرصاص والمدفع، ويؤكدون أن القلم والكاميرا أمضى من نيران القصف وأقوى من سكرات الموت.

الأستاذ والزميل عبدالهادي ناجي ـ رئيس تحرير شبكة تعز اليوم الإخبارية يقول عن سبب استهداف الإعلاميين: أعتقد أن استهداف الصحفيين والإعلاميين من قبل بقايا النظام ليس وليد اليوم، فهو عادة متأصلة في سلوك وعقلية النظام منذ 33 سنة، حيث والتاريخ يؤكد أن الحرب التي كان يشنها النظام على الصحفيين والإعلاميين منذ توليه الحكم كانت تهدف إلى كبح وكتم أصوات الحق وإظهار الحقيقة للمواطن وللرأي العام المحلي والخارجي وأن ما كان يردده النظام عبر خطابات صالح في المناسبات عن منح الحقوق والحريات وعدم المساس بحرية الصحافة والإعلام مجرد كلام سرعان ما يتبخر في الفضاء، حيث يتم اعتقال وحبس الصحفيين لمجرد رأي نشر هنا أو هناك وكلنا يتذكر الكثير من القضايا التي لفقت للصحفيين وفي مقدمتهم الأكثر تعرضاً للاستهداف في الماضي والحاضر الزميل الصحفي عبد الكريم الخيواني وكان آخرها استهدافه في القاهرة، ولازال هناك عبدالإله حيدر شائع في السجن، وهناك من قتل في بداية الثورة السلمية لا لشيء إلا لأنهم يؤدون رسالتهم الإعلامية من خلال التصوير والنشر للحقيقة التي يحاول النظام طمسها من خلال إعلام ممول من مال الشعب.
حرب ضد الكلمة
محمود الحميدي المذيع بإحدى القنوات الفضائية يقول عن استهداف الإعلاميين: تعتبر الحرب على الكلمة اليوم أكثر من حرب الشوارع القائمة، فالكل يعرف مدى أهمية الإعلام، فهو يعتبر لغة العصر الحالية، فيتم محاربة الكلمة الصادقة التي لا تخدم طرفاً ما، ضد طرف آخر، لأن الطرف المعتدي يخشى من الواقع الذي قد تفضحه هذه الكلمة، وتخشى نقل الحقيقة، فنتمنى تحييد الإعلام مثل القضاء وألا يكون بيد سلطة أو معارضة وإنما يكون جهازاً مستقلاً يخدم الوطن ويبرز وجهات نظر جميع الأطراف.
محرقة الصحافة
الأستاذ والزميل زكريا الكمالي ـ مسئول الحقوق والحريات بنقابة الصحفيين بفرع تعز ـ يقول عن استهداف الإعلام والإعلاميين: تعرضت الصحافة لمحرقة بشعة منذ أول أيام الثورة، ابتدأت بحرق الصحف في مداخل المدن، واحتجاز موزعيها، وحجب المواقع الالكترونية، وامتدت الحملة الشعواء إلى اعتقال الصحفيين، وقنصهم، وكل ذلك كان من أجل إسكات صوت الحقيقة.
نجاح الصحافة
ويواصل الأستاذ الكمالي حديثه: كان النظام يعتقد أن حملات القمع تلك، ستجعل الصحافة تتراجع عن نشر الانتهاكات وتوثيق الجرائم الوحشية ضد المتظاهرين السلميين وقصف الأحياء السكنية، لكنه أخفق، فنجحت الصحافة، وبمساعدة هواة الاعلام الجديد في توثيق جرائم النظام، وإعلام الرأي العام المحلي والخارجي، لأن الشعب كان صاحب ثورة حقيقية تهدف لاجتثاث نظام قمعي واستبدادي.
ويضيف الكمالي: وفي تعز كانت الصحافة تتعرض لحملة أمنية هي الأعنف، أحرقت غالبية الصحف القادمة من صنعاء على مداخلها بواسطة نقاط أمنية، كانت تتلقى توجيهات بالحرق، وكان المصورون عرضة للقنص من قبل البلاطجة.
ثمن الرسالة
ويتابع الكمالي: أصيب عدد من مصوري المواقع الاجتماعية والالكترونية برصاص قناصة، واستشهد الإعلامي عبدالحكيم النور في منزله بواسطة قذيفة، كما استشهد المصور حسن الوظاف في صنعاء، والزميل جمال الشرعبي، دفعت الصحافة ثمن رسالتها مبكراً، فالاعتداء بالهراوات على الزميل عبدالله غراب مراسل بي بي سي، لم يكن سوى فاتح شهية لمتوحشي النظام وبلاطجته الذين نفذوا حملات انتهت باعتقال الصحفي عبدالكريم ثعيل, والذي أفرج عنه قبل أيام فقط.
حتى الإعلام المحايد
 ويختتم الكمالي بقوله: كانت الصحافة بكل أشكالها في مرمى نيران النظام وأجهزته، الإعلام المحايد أيضاً لم يسلم من نيران القذائف، كما حصل مع قناة السعيدة التي قصفت مرتين وأغتيل أحد موظفيها وعانى الصحفيون كثيراً خلال العشرة الأشهر الفائتة، لكنهم نجحوا في أداء رسالتهم الفاضحة للممارسات القمعية.
صوت المواطن
المذيعة سارة عبدالغفور المقطري تدلي بدلوها قائلةً: أعتقد أن الإعلامي بحد ذاته يشكل مصدراً لتلقي الأخبار واستقاء الأنباء ومعرفة ما يحدث في الواقع، وبظني إنه يعد سلطة بحد ذاته، كون المجتمع وخاصة اليمني لم يعد يثق بالسياسيين.. وبسبب أن الإعلامي أكثر ارتباطاً وقرباً من المواطن، وأعتقد أنه يتم استهداف الإعلاميين لعدة أسباب منها أن الإعلامي أو الصحفي هو صوت المواطن أو المحكوم، لكن طالما حاولت الحكومة توسعة الفجوة بينها وبين المواطن، لذلك هي تحاول إبعاد الإعلامي عن طريقها كي لا ينقل احتياجات المواطن العادي للحكومة ولا يقوم بنقل الانحرافات "الفساد" التي تقوم بها الحكومة في حق المحكوم.
الحكومة لا تعترف بالحرية
وتواصل سارة حديثها: من منطلق أن الحرية هي الأساس الذي يعمل على أساسه الإعلامي، فالإعلامي هو لسان حال المجتمع، وكون الحكومة تعتمد في حكمها على مبدأ السيطرة وفي اعتقادي أن الحرية تتنافى مع السيطرة لذلك فالحكومات تحاول قمع الإعلاميين، كونها لا تعترف بالحرية وبممارستها، ولا نستطيع إنكار بأي شكل من الأشكال أن الإعلامي يعد مصدر خطر، كونه هو من يساعد في تقييم عمل الحكومة ويعد هو أهم مصدر للمواطن لتقييم عمل الحكومة، لذلك عندما لا تتوافق سياسة عمل الإعلامي مع سياسة الحاكم أو حتى من يعملون في الحكومة فهم يتخذون فكرة (إذا لم تكن معي فأنت ضدي).
رسالة للإعلاميين
وتوجه الإعلامية المقطري رسالتها للإعلاميين أنفسهم: أعتقد أن أي إعلامي لا يخلو من انتماء سياسي محدد، لكن عليه أن يتخلى ولو لبعض الوقت عن ذلك الانتماء كي ينقل الحقيقة فيما يسمى بالحيادية، لكن بعض العاملين في مجال الإعلام لا يملكون الحيادية بشكل واضح، لذلك تلجأ الحكومات لقمع اتجاهاتهم ومع هذا فإن ذلك ليس مبرراً لقمعهم.
لابد من وحدة الصف
وتختم المقطري قائلةً: إن حماية الصحفيين والإعلاميين اليوم غير معول أن تكون من قبل النظام المتهاوي بقدر ما تكون الحماية من الصحفيين أنفسهم لأنفسهم بوحدة الصف والكلمة وتقوية شرعية نقابة الصحفيين التي لازالت تقوم بدور كبير في العمل من أجل حماية الصحفيين والإعلاميين من رصاص النظام.
.. ايش يعني صحفي؟!
الزميل الصحفي صقر أبو حسن يقول: لا يزال الصحفي في بلدنا يعاني بشكل مختلف مقارنةً بأي بلد آخر في العالم، فهو يتعرض للانتهاك سواءً بالضرب أو الاهانة أو حتى القتل دون أن يكون هناك سبب لذلك سوى أنه كان يؤدي عمله في بيئة قد لا تقبل بأن يكون وسطها شخص يحمل كاميرا وينشر ما يدور هنا أو هناك، وزد على ذلك أن الغالبية العظمى من اليمنيين للأسف غارقين في الأمية ولا يقرءون صحف ولا يشاهدون الكثير من القنوات الفضائية ولا يسمعون سوى الإذاعات المحلية التي تزيد البلادة ببرامجها الساذجة حد السخرية، لذا لا تستغرب من لا يعرف ما هو الصحفي وقد يسألك "أيش يعني صحفي؟!".
ليش ودفت بنفسك ؟!
ويتابع صقر قوله: كل مرة يتعرض فيها صحفي للاعتداء مهما كان نوعه لا تجد من يتضامن معه غير عدد من أصدقائه المقربين منه من الصحفيين والناشطين الحقوقيين، حتى إن زادت نقابة الصحفيين من كرمها "تصدر بيان إدانة" ولا شيء غير ورقة توزعها على عدد من المواقع الإخبارية ممهورة بختم النقابة الأنيق وإن رفعت من حدة كرمها إلى معدلات خيالية يتصل، بك أحد قيادة النقابة لكي يسألك (هيا كيف عملت، وليش ودفت بنفسك؟).
عدو الجميع..
ويختتم صقر: والانتهاكات تحدث الآن بالجملة، وفي كل مكان، لذلك باتت اليمن من أخطر بيئات العمل الصحفي لوضعها الحرج من الصحافة، فالجميع (سلطة ومعارضة) تعد هذا الشخص الصحفي عدواً إن كان مع الطرف الآخر، ومعرضاً للاعتداء عليه في أي موقف أو حدث، وفي مدينتي "ذمار" مثلاً، يتعرض الصحفيون للتهديد وأحياناً مصادرة أدواتهم والضرب المبرح، وعدد هائل من الشتائم والسباب، والوعيد، فقط لأنه كشف عن هويته وقال: صحفي، والغريب إن ذلك يحدث من قبل مسئولين تنفيذيين في الغالب، للأسف حتى رجل الأمن يعتبر الصحفي شخصاً يعمل لصالح العدو أي عدو هذا الذي لم أفهمه حتى الآن؟!.
وليس للإعلاميين توضيح أسباب استهدافهم فحسب، بل هناك أعين أخرى تنظر بعين الحق والإنصاف إلى هذه المهنة السامية وما لاقت من انتهاك صارخ في هذا البلد وفي ظل هذه الثورة المباركة..
مهنة المتاعب
فالشاب عيبان السامعي وهو ناشط شبابي بساحة الحرية بتعز يقول عن استهداف الإعلاميين: إن استهداف الإعلاميين عائد إلى طبيعة عملهم في مهنة الصحافة والإعلام والتي توصف بأنها "مهنة المتاعب"، كما أن الإعلاميين يعدون قادة الرأي ويشكّلون المزاج العام في المجتمعات.. لذلك تجدهم غالباً في دائرة الاستهداف، ويعد استهداف الإعلاميين في مجتمعات العالم الثالث أمراً شائعاً، نظراً لوجود أنظمة تسلطية قمعية تصادر حرية الرأي والتعبير وتمارس صلفها ضد الصحفيين وقادة الرأي.
سجل سيء
ويضيف الناشط عيبان: وفي اليمن لدى النظام المخلوع سجل سيء في هذا المضمار، فمصادرة العديد من الصحف وحجب المواقع الإلكترونية، واعتقال الصحفيين دون تهمة محددة ومطاردة البعض منهم وإيذائهم نفسياً وصولاً إلى تصفيتهم جسدياً، كان السمة الغالبة في سلوكيات هذا النظام الإجرامي، وتأتي هذه الممارسات في ظل تشريعات قانونية تنتقص من حق إبداء الرأي والتعبير وتتعارض مع المواثيق والعهود الدولية الخاصة بحرية تداول المعلومات وحقوق الإنسان، كما أن إنشاء محكمة خاصة بالصحافة والمطبوعات والنشر في اليمن جاء بمثابة استكمال الحلقات الناقصة ضمن مشروع خبيث وفاشي يهدف إلى خنق الأفواه ومحاصرة الكلمة.
مسئولية المجتمع
ويقول عيبان بشأن ما إذا كان هناك آليات تقي الإعلاميين هذا الاستهداف: لا أظن أن هناك آليات معينة يستطيع الإعلاميون عبرها أن يمنعوا مثل هذا الاستهداف، لأن الأمر مرتبط بممارسات قمعية من النظام ذاته، وتشريعات مجحفة تسوغ مثل هذه الممارسات، وبالتالي يصبح في هكذا حال مسؤولية مجتمعية بالأساس، فالأمر لم يعد يتعلق باستهداف فئة الإعلاميين بل هو استهداف للمجتمع ذاته، استهداف للحريات العامة وحقوق الإنسان وقيم المواطنة، لذا ينبغي على المجتمع الضغط باتجاه إيجاد قوانين وتشريعات تكفل الحق الكامل في حرية إبداء الرأي والتعبير وحرية التفكير والحق في إصدار الصحف والمنشورات وإنشاء قنوات فضائية خاصة، وبما أننا في خضم أحداث ثورية تاريخية فاصلة فعلى الثورة أن تأتي بمثل هذا القانون وأن يتم إنشاء هيئة وطنية عليا خاصة بالإعلام والصحافة تكون بديلاً عن وزارة الإعلام ومستقلة عن السلطة التنفيذية. 
أكثر الحقوق انتهاكاً
الناشطة الحقوقية والمدربة الدولية إشراق المقطري تقول عن استهداف الإعلاميين: تعتبر حرية الإعلام وحق المعلومة في بلد من البلدان النامية مثل الجمهورية اليمنية هي أكثر الحقوق التي تتعرض للانتهاك من قبل الأنظمة وفي مقدمتها النظام السابق، هذه الانتهاكات والخروقات لم تحدث في هذه المرحلة الأخيرة" مرحلة الثورة" إنما حدثت قبل مرحلة الثورة بكثير فهذا الحق أكثر حق تم انتهاكه، والكل سمع باعتقال كل من الأستاذ محمد المقالح والخيواني وكذلك اعتقال شفيع العبد وكثير من الصحفيين في الجنوب وفي الشمال؛ لغرض عدم وصول المعلومة للمواطن بشكل سليم، وخوف النظام من صوت الإعلاميين، كونهم يوصلون الحقيقة للآخرين والمجتمع الخارجي ويشرحون الوضع الحقيقي لما يحدث في البلد، وبالتالي إنه في ظل أي ثورة أو في ظل أي تغيير فإن أول المستهدفين هم الإعلاميين؛ كونهم يعتبرون قادة للرأي أو أحد قادة الرأي المؤثرين جداً في المجتمع، إضافة إلى دورهم في إيصال المعلومة والصورة للمجتمع سواء المحلي أو الخارجي.

مصادقة شكلية على المواثيق الدولية
 وحول سؤالنا للمقطري حول القوانين التي تكفل للإعلاميين الحماية ترد قائلة: الجمهورية اليمنية من الدول التي صادقت على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهذا العهد عبارة عن اتفاقية دولية تتضمن التزام من قبل الدولة المصادقة على هذا العهد بأن تطبق مضامين حقوق الإنسان المندرج منها حقوق الأفراد والمواطنين بحرية الرأي والتعبير، ومن ضمنها إنشاء الصحف و كذلك حماية الصحفيين والإعلاميين، إضافةً إلى هذا فإن الجمهورية اليمنية أشارت في دستورها إلى ضمانة الحق في الحرية في المعلومة والتعبير وبالتالي فإن مثل هذه الحقوق هي مدرجة بالدستور اليمني وقد أشار في مادته السادسة إلى أن تلك المواثيق التي صادقت عليها الدولة هي جزء من هذه المنظومة القانونية والدستورية وبالتالي هو يعتبر الميثاق الدولي بعد الدستور مباشرةً وقبل القانون الوطني، ولكن من المعروف أن الجمهورية اليمنية هي من أكثر الدول إن لم تكن أول الدول في انتهاك المواثيق التي تصادق عليها ويصبح التوقيع أو المصادقة على الميثاق الدولي عبارة عن إجراء شكلي لا تقوم حياله بأي التزام فعلي تجاه تلك المواثيق وخصوصاً ما يتعلق بحرية الرأي والتعبير.
انتهاك متعدد
وتصنف المقطري - كونها قانونية - الانتهاكات التي تعرض لها الإعلاميون بقولها: أولاً نصنف تلك الانتهاكات بأنها جريمة أو انتهاك لحرية الحق والتعبير وهذا من منطلق الحق، والشيء الآخر هو انتهاك جسيم لمواطن أو لفرد من أفراد المجتمع بسبب مزاولته لمهنته، وبالتالي هي تحمل شقين الشق الأول هو انتهاك لهذا الحق وهو حق الحرية في الرأي والتعبير والشق الثاني هو انتهاك واعتداء على السلامة الجسدية والحق في الحياة تجاه إنسان بحجة مزاولته للمهنة.
تغيير النظام
ولإيجاد حلول لهذه الانتهاكات تقول المقطري: لا يوجد حل من وجهة نظري كحقوقية وقانونية مع هذا النظام المخلوع الذي لا يحترم التزاماته القانونية الدولية والمحلية تجاه مواطنيه أو تجاه الدول التي صادق معها على هذه الاتفاقيات، إلا أن يتغير مثل هذا النظام ويتم بناء دولة مدنية تتبنى النظم الديمقراطية أو الفعل الديمقراطي الحقيقي بعيداً عن القول الديمقراطي والذي ركز على مسألة الأقوال وابتعد عن الأفعال.

تأثير الإعلام
المرشد الأسري والخبير في التحليل النفسي عبدالسلام سلطان يتحدث إلينا عن نظريات التأثير النفسي وأسباب استهداف النظام للإعلاميين قائلاً: يلعب الإعلام اليوم دوراً مهماً في التأثير النفسي على المجتمع والأسرة بشكل خاص وبهذا يسعى أي نظام استبدادي إلى تدمير ووأد أي  فكر أو وسيلة يستطيع من خلاله الإنسان أن يرى الصواب ويرى عيوب وأخطاء هذا الحاكم المستبد، فدائماً نرى الحكام المستبدين عبر التاريخ الطويل للبشرية يقومون بالتنكيل والتشنيع والقتل وتضييق الحريات لكل المفكرين الذين كانوا يريدون إيصال رسالة الحق للمجتمع والفرد، اليوم الإعلام هو الأداة العميقة والوسيلة الجبارة والفاعلة في إيصال هذه الحقيقة الاستبدادية التي يمارسها صالح ونظامه.
ديدن الاستبداد
ويواصل عبدالسلام حديثه عن نفسيات الأنظمة الحاكمة ونظرتها تجاه الإعلام: الاستمرار في استهداف أشخاص، صحف، قنوات، وغيرها هو ديدن الأنظمة الاستبدادية "وعلى رأسهم نظام صالح " حيث أصبح من الضروريات لديهم ؛ لأن الإعلام الأن يخلق رأي عام نحو قضايا معينة وهذا الحاكم لا يريد أن يفهم الناس هذه القضايا، ولأن الإعلام بكل وسائله له تأثير كبير عن طريق البرمجة الذاتية التي تترسخ باللاشعور في العقل وتؤدي إلى خلق محاكاة للرسالة الإعلامية والتي بموجبها تخلق الشعور النفسي لدى الفرد، وهذا ما يتخوف منه النظام فيعمل على محاربة الإعلام والإعلاميين، كذلك لا ننسى أن النظام هو ذاته قام باستغلال الإعلام الرسمي وتوظيفه بما يخدم مآربه وبتزييف واضح لكل الحقائق، لأنه يعلم ماذا يحمل الإعلام والرسائل الإعلامية في طياتها من تأثير والكل يعلم كذلك ماهية الحرب النفسية والتوجيه والتي يعتبر الإعلام أحد الوسائل الرئيسية فيها.
لأن الإعلام عين الشعب
وعن مدى تأثير الإعلام على العوامل النفسية لدى الإنسان يقول عبد السلام: بالتأكيد هناك تأثير كبير جداً من قبل وسائل الإعلام وبالذات الوسائل المرئية، لأنها تبعث تأثيراً لا إرادي يتأثر به الفرد دون أن يستشعر بهذا التأثير الذي يعمل على ترسيخ ما تضمنته الرسالة ذاتها، وللعلم فإن التأثير يختلف من شخص لآخر باختلاف النفسيات و الشخصيات بل وباختلاف درجة قبول الرسالة الإعلامية وذلك حسب الفئات العمرية وحسب الفروقات الثقافية والعقلية، ولا ننسى أن صاحب الرسالة أو الإعلامي ذاته له تأثير كبير في إيصال رسالته ومدى إيمانه بالحدث أو الموقف الذي أمامه وكيفية التعايش معه ومحاكاة الحدث ليتم نقله بالصورة السليمة وبالأسلوب الأنسب، ولهذا سعى النظام بكل إجرام إلى استهداف الإعلاميين واستهداف الوسائل الإعلامية؛ لأنه يعلم علم اليقين أن الإعلام هو عين الشعب على السلطة وله تأثيره الكبير..
استشعارهم بالمسؤولية
ويختم الخبير في مجال التحليل النفسي حديثه: ومع هذا أثبت الإعلاميون أنهم أصحاب رسالة سامية ومهنية حقيقية لا تلين ولا تستكين، لكن تظل الصخرة الكبيرة التي يتمسك بها وتتحطم عليها أساليب الحاكم لدى نفسية الصحفي إيمانه العميق بقضيته وشعوره بأن عليه مسئولية كبيرة وينطلق من مسئولية عظيمة وهي (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، واستشعروا مسئوليتهم الحقيقية في أنهم في جهاد انطلقوا من قول النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أنه جهاد أكبر وبالحديث الشريف الذي يقول: (أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر).. فيا أخي الكريم النظام السابق المستبد مارس منهجية منظمة لتشويش الصحافة الحرة والإعلام الحر خشية فضح أعماله الإجرامية.

الإعلام.. ذروة سنام الثورة
المحامي والناشط الحقوقي حمود سعيد الذيب ـ عضو لجنة الحقوق والحريات بساحة الحرية بتعز يقول: (وجئتك من سبأ بنبأ يقين) على نحو هذه الطريقة التي سلكها هدهد سليمان عليه السلام الذي أوضح الحقيقة وأوجز في البيان، وكشف لسليمان ما لم يكن يتوقع الحصول عليه، وهو الدور الإعلامي الجريء الذي أنبر له كثير من الإعلاميين، الذين جندوا أنفسهم لبث الحقائق وإيصال المعلومات بصورة دقيقة وبسرعة فائقة لفضح الوقائع وتوظيف الأحداث وهو ما تحقق في مسارات الثورة المباركة، حيث أن ذروة سنام هذه الثورة هو الإعلام ولأن الإعلاميين يمثلون هذا الدور الكبير في كشف عورات النظام وفضح أعماله الإجرامية الذي يرتكبها في حق المواطنين ومن ثم يعمل على التستر عليها إلا أن الإعلاميين يكشفون جرائمه ولهذا هو يرتكب الانتهاكات اللا شرعية والمتكررة في حق كثير من الإعلاميين بين يوم وآخر وأسبوع وآخر، في تحدٍ سافر للدستور والقانون المحلي والدولي الذي يعمل على حماية وكرامة وحرية الإنسان وكذا حرية الإعلامي في أداء دوره ومهامه وأن المساس به يعد انتهاكاً واضحاً وتحدٍ سافراً للقانون بغرض إسكات صوت الحقيقة.
لن نصمت
 ويتابع الذيب: لكن هيهات، إن مثل هذه الانتهاكات لن تؤدي إلى السكوت والصمت وإنما تصنع أبطالاً في هذا المجال طالما والنظام يحاول بطريقة أو بأخرى ارتكاب الجرائم بعيداً عن أنظار الجمهور، وهذا كله ليس إلا من قبيل الإفلاس الذي وصل إليه النظام وبقايا أركانه، وهو ما لم سيتحقق، كون الجمهور قد ارتقى إلى مستوى المتابعة الجادة وعرف قيمة الإعلام اليوم، وعرف كيف استخدم النظام الإعلام الذي شوه به صورة اليمن واليمنيين.
إلى كل الأطراف..
وهنا قد لا أجد الكلمات التي تبعث المعاناة المنبثقة من القلب بزفرة من التنهدات..إلا أن نقول نبحث عن قانون فعلي وعملي نلمسه على أرض الواقع ليبعث الحرية للقلم ويطلق له العنان في السماء ليحلق نبراساً بين السحاب، ونريد ذلك المجتمع الذي يمنح الحق الكامل للصحافة وللإعلام بمنح الاحترام اللازم لهذه المهنة التي هي لأجل هذا المجتمع.
كما نريد منك أيها السياسي وأيها الشاب المتحمس أن تكف عنا الإساءة والتشكيك، فلو تعلم ما نعلم وتجد ما نجد لكانت ألفاظك لنا شكراً وتبجيلاً ولصنعت بكلامك تاجاً يتوج على رؤوسنا، ولك أيها النظام القادم أن تلبي لنا طموحات مبدعة تلقي عنا القيد والكبت والسجن والشتم، فلتبعد عنا وزارة الإعلام ولنكتف بمجلس أو هيئة تنظم عملية الصحافة والإعلام فقط.. ولك أنت أيها الزميل أن تمنح الصحافة حقها والإعلام حجمه والرسالة الإعلامية ما تتطلبه كي ترضى عنك صاحبة الجلالة.
 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد