في جمعة تشييع أول شهيد للثورة في ساحة الحرية بتعز كان عباس يصرخ:"الشعب يريد إسقاط النظام".. وحينها قال لابيه:

عباس: "اشتي أكون شهيد مثل مازن ويحبني الناس ويعلقون صوري"

2012-01-03 04:33:17 تقرير/وئام الصوفي


الطفل عباس فؤاد أحد الأطفال المعاقين في الرجل ولكنه ذو عزيمة لا تلين وإصرار لا ينكسر، ورغم إعاقته خرج مع والده ليطالب برحيل النظام ومنذ انطلاقة الثورة لم يمنعه وضعهم المعيشي المتدهور من جعل ساحة الحرية بتعز موطنه الثاني صارخاً بأعلى صوته الطفولي "الشعب يريد إسقاط النظام".
عباس ذو الأعوام الـ 10 نشأ يتيم الأم مع والده وتعلق به وفي أول جمعة في ساحة الحرية بتعز عندما سقط الشهيد مازن البذيجي كان يردد على مسامع والديه أريد أكون شهيداً لكي الناس يحبوني مثل مازن ويعلقون صوري في كل مكان.
استشهاد الطفل عباس
كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل وفي حسابات القتلة بقيادة النازي قيران كانت هي ساعة الصفر الإجرامية لتنفيذ مخطط الاقتحام لساحة الثورة الباسلة في تعز وما هي إلا لحظات حيث بدأ القتلة بإطلاق النيران وقذائف المدافع بشكل كثيف واشتعلت النار في أول خيمتين من الجهة الشرقية لساحة الحرية حتى وصلوا إلى مستشفى الصفوة وكانت عدد 3 جرافات تقبع على استعداد أمام مبنى مديرية القاهرة  وبدأ تنفيذ خطة اقتحام الساحة من الجهة الجنوبية وبدأت النار تلتهم الخيام والناس تموت والساحة تحرق والجنود المسعورون مستمرون بالقتل والنهب .
يحاول الأب فؤاد الوصول إلى طفله المعاق الصغير ولكنه وصل إليه وقد أصيب بطلقة رشاش في الوجه وقد هشم جزء كبير من وجهه، فسقط الأب مغشياً عليه وكان عباس قد فارق الحياة،
فتم إسعاف والد الشهيد لكنهم عندما عادوا لم يجدوا جثة الشهيد عباس لعلها كانت من الجثث التي أحرقت وتفحمت، فقد تحولت الساحة إلى ركام يتصاعد منها أعمدة الدخان حينها.
كانت ليلة دامية ومحرقة مجنونة راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى والمفقودين من شباب ساحة الحرية المتطلعين للحرية والكرامة والحياة، مفعمين بإرادة الانتصار لذواتهم وحقهم المقدس في الحياة والحرية والاختيار والحلم بوطن آمن يصون كرامتهم وحقوقهم الإنسانية، فقتلهم بحقد النظام البوليسي.

أتمنى أكون مثل الشهيد مازن
كان عباس يتيم الأم متعلقاً بابيه فؤاد وكان طفلاً بشوشاً وطموحاً.
يقول والد الشهيد:" كان عباس شديد التعلق بي ولا يفارقني وكان يخرج معي أي مكان أروح وعندما انطلقت شرارة الثورة كان يحب الخروج معي إلى ساحة الحرية وتعلق بها، فكنت أنا أعتصم هناك وهو معي لا يرضى أن يجلس في البيت بين إخوانه وكان عباس يتمنى يموت مثل الشهيد مازن البذيجي وكان يقول لي يا باااه:" أريد أن أكون مثل الشهيد مازن البذيجي وكل الناس تحبني وليش أنا ما يعملوا لي صور مثله".
 يضيف والد الشهيد:" رغم صعوبة أحوالي المادية حاولت أن أفعل له العديد من الصور بعد استشهاده".
وتعيش أسرة عباس أوضاعاً صعبة مادياً في منزل صغير مكون غرفة صغيرة ومطبخ بالإيجار وإذا سقطت الأمطار نزلت إلى الداخل ومن سقف المطبخ مهدداً بسقوط سطوحه على هذه الأسرة.
يتابع والد الشهيد:" في يوم المحرقة كان عباس معي في الساحة، فتركته في الخيمة داخل الساحة وأنا خرجت ولا أدري أن بلاطجة النظام يخططون لهذا الإجرام، فرجعت لساحة فوجدت النار تتصاعد من كل جانب، فحاولت الدخول فلقيت ولدي عباس مصاباً بطلقة رشاش قد أخذت وجهه بالكامل، فانصدمت فحاولت أخذه ولكن أغمي علي فأنقذني بعض الشباب ووصلوني للبيت ولم أصحَ من صدمتي إلا الصباح وكأني في كابوس فرحت الصباح للساحة، فألفيت الساحة وقد أصبحت رماد".
وبايمان عميق يتقبل والد الشهيد قدر الله، موضحاً انه منذ أول يوم خرج يطالب برحيل النظام مع أحد عشر شخصاً إلى شارع جمال وبعد ذلك إلى ارتفعوا سبعة عشر شخصاً وقرروا الإعتصام في محطة صافر التي أطلق عليها اسم ساحة الحرية فجمعت ساحة الحرية من كل الأطياف وتحابوا وصاروا اخوه جمعتهم المحبة في الله وكان الشهيد عباس مرافقاً لأبيه دوماً في ساحة الحرية.
لوالد الشهيد حكاية
يعد والد الشهيد عباس أحد ضحايا نظام صالح الذي نهب حقوقهم وسلب أموالهم ولهذه القصة رواية يحكيها لنا:"أنا كنت عسكري فأختلفت مع خال علي صالح حسين الشيعاني على خلفية إلتزامي بالمعسكر والشيعاني ضرب واحد من الزملاء العسكر وقام بإهانته، كان يريد مفتاح مخازن التغذية بالغصب فأنا جمعت أصحاب الكتيبة حقنا وقلت لهم يإخواني مارأيكم اليوم الشيعاني أهان صاحبنا وغداً سيهين الجميع وضروري نقوم كلنا ضد هذا الرجل، فالظلم حرام ولا يجوز أن نترك حق صاحبنا .. فإستجاب لي الإخوة العسكر وقررنا طرد الشيعاني من اللواء وتم طرده وبعد ذلك جاء واحد بداله يسمى علي السنيني من حق حجة أركان حرب اللواء 23 بالخوخة فقلنا له يافندم أنت يعجبك الظلم.
فرد علينا (أنتم صعاليك وطراطير) فقلنا له بنطردك بعد حسين الشيعاني لأننا عسكر لنا كرامتنا وكلنا سواسية والله سبحانه وتعالى خلقنا أحرار".
يتابع:" قام علي السنيني بتلفيق تهمة لنا بأننا حزبيون من الحزب الاشتراكي ونثير المشاكل داخل المعسكر، فقلنا لهم عليكم بالإثبات والادلة، فقالوا لنا يا تتنازلوا عن العسكرة أو تقدموا استقالتكم بدون راتب أو تدخلوا السجن فقدمنا استقالتنا ومن عام 1994 لليوم نحن موقوفين على العمل وبدون راتب أشتغل يوم ويوم لا - أي شغل - يوم نأكل ويوم ما نأكل".
ووجه والد الشهيد رسالة لبقايا نظام صالح :" يامن قتلتم الأطفال والنساء وقصفتم الأحياء مهما أجرمتم سنحاكمكم محاكمة عادلة وفاءً لكل الشهداء".
انتصرت الحياة
وفاءً لابنه الشهيد عباس شارك فؤاد في مسيرة الحياة الراجلة التي قطعت أكثر من 260 كم شمالاً باتجاه العاصمة صنعاء مروراً بالقاعدة والنجد الأحمر وإب وكتاب ويريم وذمار وانضم إليها العديد من ثوار تلك المدن للمطالبة بمحاكمة صالح وعدم منحه حصانة من الملاحقة القضائية، استقبلت مسيرة الحياة في كل المدن بحفاوة بالغة وشكلت في قلوب الناس في عموم اليمن حافزاً قوياً للإطاحة بنظام صالح ومحاكمته، وصل الثوار الحفاة صنعاء لتستقبلهم رصاص صالح وغازاته في منطقة دار سلم على مدخل صنعاء، فاستشهد العديد من الثوار وجرح العشرات.
يقول فؤاد والد الشهيد الصغير عباس:" كانت مسيرة الحياة مسيرةً رائعة وكنا نحس بالتعب وعندما تستقبلنا محافظة وينضم لنا المئات من الثوار تزيدنا طاقة ونستعيد الحيوية والنشاط ولم نواجه صعوبات إلا من بلاطجة النظام وقمعهم لنا".
وأضاف:" بعزيمتنا وإصرارنا سنكسر شوكة علي صالح وشهداء مسيرة الحياة هم مسمار نعشه الأخير".
.................
عناوين
× والد الشهيد: كان عباس شديد التعلق بي وعندما انطلقت شرارة الثورة كان يحب الخروج معي إلى ساحة الحرية وتعلق بها
× شارك فؤاد في مسيرة الحياة الراجلة وفاءً لابنه الشهيد عباس وقال: بعزيمتنا وإصرارنا سنكسر شوكة علي صالح وشهداء مسيرة الحياة هم مسمار نعشه الأخير
× " يامن قتلتم الأطفال والنساء وقصفتم الأحياء مهما أجرمتم سنحاكمكم محاكمة عادلة وفاءً لكل الشهداء"
× عباس أصيب برصاصة رشاش في وجهه وعندما أحرق بلاطجة صالح وعسكرته ساحة الحرية كانت جثته هناك فلم يلقى لها على أثر

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد