من أحمد إلى طارق ومن النادي إلى المديرية حين تقتل البطانة حلم القادة !!
نرفض المساس بأمن المملكة.. لكن هل تخدم سياستها استقرار اليمن
2025-02-09 02:49:45

حظيت مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران بإشادات واسعة في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين حول العالم وعلى منصات التواصل الاجتماعي بسبب هجماتها الصاروخية على الكيان الإسرائيلي على خلفية حرب غزة.
وفي مايو أيار، امتدح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه صلابة مليشيا الحوثي.
وقال ترامب، معلنا أن المليشيا وافقت على وقف مهاجمة السفن في البحر الأحمر بعد أسابيع من الضربات الأمريكية “لقد تلقوا ضربات قوية، لكنهم يملكون قدرة هائلة على تحمل الضربات، تحملوا ذلك وأظهروا شجاعة كبيرة”.
لكن في الداخل لدى كثير ممن عاشوا تحت حكم مليشيا الحوثي رأي مختلف تماما.
في مقابلات مع مئات اليمنيين الفارين من المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي في هذا البلد المنقسم، وصفوا الحوثيين بأنهم حركة مسلحة تقمع الأصوات المعارضة، وتدفع الناس إلى حافة الجوع، وتستغل المساعدات الغذائية الدولية لإكراه الآباء على تسليم أطفالهم للقتال في صفوفها.
قال عبدالسلام، وهو مزارع في السابعة والثلاثين من عمره يعيش في مخيم للنازحين في اليمن بعد فراره من مناطق سيطرة مليشيا الحوثي “الناس بين المر والأمر منه… يخيروك إما تكون معنا وتأخذ سلة (طعام) تسد الجوع أو لا، ويكون الخيار صعب”.
كحال كثيرين ممن تحدثت رويترز إليهم، طلب عبدالسلام الاكتفاء بذكر اسمه الأول، قائلا إن أفرادا من عائلته ما زالوا يعيشون تحت حكم مليشيا الحوثي.
تكشف هذه المقابلات مع مدنيين يمنيين وعشرات من موظفي الإغاثة، إلى جانب مراجعة وثائق داخلية لوكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة، كيف يحافظ الحوثيون على قبضتهم الحديدية: يفرضون طيفا واسعا من الضرائب على سكان فقراء، ويتلاعبون بنظام المساعدات الدولية، ويسجنون المئات.
كما تعرضت منظمات حقوق الإنسان والإغاثة لموجات من الاعتقالات، ففي أواخر أغسطس آب، قال برنامج الأغذية العالمي إن 15 موظفا اعتقلوا عقب اقتحام سلطات مليشيا الحوثي مكاتب المنظمة في العاصمة صنعاء، ليرتفع عدد موظفي الإغاثة المحتجزين حاليا إلى 53.
يقول أبو حمزة، الذي فر من الأراضي التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي قبل بضع سنوات “عيشه مغص مفيش نقدر نتنفس”. وأشار إلى أنه أمضى عاما في زنازين سجن تحت الأرض بسبب تحدثه علنا ضد مليشيا الحوثي خلال جلسات القات “إحنا محكومين بمليشيا تحكم بالدين”.
ولم تتمكن رويترز من تأكيد جميع جوانب رواية أبو حمزة ورواية آخرين تحدثت إليهم لكن قصصهم عن اضطهاد مليشيا الحوثي كانت في كثير من الأحيان متشابهة ومتسقة إلى حد كبير.
وقال نصر الدين عامر نائب رئيس المكتب الإعلامي لمليشيا الحوثي، إن اليمنيين يعرفون أن موقف المليشيا من غزة عرضها “لحملات تشويه وشيطنة أمريكية صهيونية مكثفة تشارك فيها أدواتهم في المنطقة، مثل النظامين السعودي والإماراتي، وغيرهما”.
وينتشر الجوع في مختلف أنحاء اليمن، البلد الذي مزقته الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2014. وأعلن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، في يونيو حزيران أن أكثر من 17 مليونا من أصل 40 مليون نسمة في اليمن يواجهون “مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد”.
وتراجع تمويل المانحين للمشاريع الإنسانية في اليمن، ويعزى ذلك جزئيا إلى استمرار مليشيا الحوثي في تحويل مسار المساعدات. وازداد الوضع سوءا في وقت سابق من هذا العام عندما نضب أكبر مصدر لتمويل أعمال الإغاثة الإنسانية في البلاد بعد أن خفضت إدارة ترامب المساعدات الخارجية، ما أنهى العديد من العمليات التي كانت تمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ذراع واشنطن لتقديم المساعدات.
ولم يرد البيت الأبيض على أسئلة حول آراء ترامب بشأن مليشيا الحوثي أو تخفيضات المساعدات. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن “تقاعس مليشيا الحوثي عن السماح بإيصال المساعدات الحيوية بشكل آمن يسهم في ارتفاع مستويات الجوع في شمال اليمن”.
ومنذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في أكتوبر تشرين الأول 2023، وجهت إسرائيل ضربات مدمرة لحماس في غزة ولجماعة حزب الله في لبنان، وكلاهما جزء من “محور المقاومة” الإيراني.
كما استهدفت الحوثيين، بما في ذلك هجوم في أغسطس آب أسفر عن مقتل رئيس الوزراء المعين من قبل مليشيا الحوثي وعدد من الوزراء. كما أدي الي مقتل عشرات من المدنيين حسب تصريحات مليشيا الحوثي لكن هذه الضربات فشلت في ردع المليشيا عن إطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على الكيان الإسرائيلي.
يقول خبراء إن حرب غزة منحت مليشيا الحوثي زخما. فقد أدركت المليشيا “أنها تستطيع استغلال حرب غزة وأصبحت مغرمة بصورتها الإقليمية والدولية الجديدة” بحسب رأي الخبيرة اليمنية ميساء شجاع الدين الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية مضيفة أن “الغضب الشعبي تجاه مليشيا الحوثي يتصاعد على الأرض، حيث يتحمل اليمنيون وطأة الضربات الإسرائيلية الانتقامية”.
ورفض عامر نائب رئيس المكتب الإعلامي لمليشيا الحوثي فكرة أن المليشيا “تستغل أحداث غزة” قائلا إن هذا الادعاء يتجاهل “حقيقة أن شعارنا الرسمي منذ اليوم الأول لحركتنا كان ‘الموت لأمريكا والموت لإسرائيل‘”.
تقديس الزعيم
للنزاع اليمني أبعاد إقليمية ودولية. فالسعودية والإمارات تدعمان الحكومة المعترف بها دوليا، بينما تدعم إيران مليشيا الحوثي. تنظر الرياض إلى مليشيا الحوثي بوصفهم وكيلا لإيران يمثل تهديدا أمنيا بحكم سيطرتهم على مناطق متاخمة لحدودها الجنوبية.
داخليا، لا يزال كثير من اليمنيين يعرفون أنفسهم “شماليين” و”جنوبيين” على وقع خط الانقسام السابق في عام 1990 حين كان اليمن دولتين.
ينتمي الحوثيون إلى المذهب الزيدي، أحد فرق الشيعة، الذي كان يحكم شمال اليمن في السابق، وهي منطقة كانت معزولة وفقيرة. والاسم الرسمي للمليشيا هو “أنصار الله” غير أن تسميتها الشائعة جاءت من اسم العائلة التي قادت حركة الإحياء الديني.
يتزعم المليشيا عبد الملك الحوثي، وهو في الأربعينيات من عمره، منذ عقدين من الزمان وقادها خلال حرب أهلية تفجرت عام 2014 بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء. ومع تنامي نفوذ إيران، قادت السعودية تحالفا واسعا من دول سنية بدعم غربي لمواجهة الحوثيين.
وعندما خفت حدة الحرب، كان عشرات الآلاف من اليمنيين قد لقوا حتفهم وتعرض الاقتصاد لدمار واسع.
خرج الحوثيون بسيطرة كاملة على الشمال، فيما تخضع بقية البلاد اليوم لمجموعة متشابكة من قوى محلية وفصائل مسلحة وكيانات موالية للسعودية والإمارات.
وتشكل هذه القوى مجلس القيادة الرئاسي، وهو هيئة معترف بها دوليا، لكن محللين يرون أنها مثقلة بتجاذبات مناطقية وسياسية وتعتمد ماليا على الدعم السعودي.
يرد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني على الحديث عن الانقسامات داخل الحكومة بالقول إن ذلك مبالغ فيه. ويضيف “رغم وجود تباين في وجهات النظر، هناك إجماع على الهدف الرئيسي: استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي”.
لا يظهر عبد الملك الحوثي علنا، بل يلقي خطبه أسبوعيا عبر شاشات التلفزيون أمام حشود في الساحة الرئيسة بصنعاء. وهناك يردد الحاضرون شعار الجماعة السياسي “الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام”.
وبحسب باحثين مختصين بالجماعة، يحكم الحوثي عبر دائرة ضيقة من المقربين وأفراد العائلة، كما يعتمد على بث الخوف. وتقول منظمات لحقوق الإنسان وعدد من المحتجزين السابقين الذين قابلتهم رويترز إنه جرى اعتقال آلاف اليمنيين واحتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي وتعذيبهم على يد مليشيا الحوثي.
قال عامر “هي مسيرة عودة إلى القرآن وقيم القرآن وليست مسيرة أسرية”.
ويؤكد عشرات من النازحين الذين تحدثت إليهم رويترز أن الحوثيين ينفذون حملات تعبئة أيديولوجية مكثفة، إذ يجُبر موظفو الدولة، بحسب قولهم، على حضور جلسات أسبوعية تبُث فيها محاضرات لعبد الملك الحوثي، فيما تنتشر صوره وكلماته على لوحات ضخمة في شوارع صنعاء.
ويقول عبد الملك، وهو معلم، إنه غادر مناطق سيطرة مليشيا الحوثي في يناير كانون الثاني من العام الماضي بعدما أوقفه مشرف مدرسة حوثي عن العمل لرفضه حضور جلسات التعبئة.
وقال عبد الملك (40 عاما) “مافش مرتب والحياة مستحيلة. والأسوأ لما يجي الحوثة عند البيت يلموا تبرعات يقولوا دعم لمسيرات غزة هذا بشكل أسبوعي”.
لكن المتحدث الحوثي عامر يقول إن “اتهامات التعذيب في السجون كاذبة ولا أساس لها من الصحة وكذلك الادعاءات بأن الناس يجبرون على حضور المسيرات أو التبرع لها أو حضور المحاضرات في أماكن عملهم”. ويضيف أن اتهام الحوثيين بأنهم مجرد وكيل لإيران ليس سوى محاولة من السعوديين والإماراتيين “لتبرير عدوانهم على الشعب اليمني خدمة للأمريكيين والصهاينة”.
التحكم في المساعدات
بين 2015 و2024، جمعت الأمم المتحدة 28 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية في اليمن. ذهب نحو ثلث هذه الأموال، حوالي تسعة مليارات دولار، إلى برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لإطعام ما يصل إلى 12 مليون شخص شهريا، معظمهم في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي.
كما ضخت وكالات الأمم المتحدة الأخرى، بما في ذلك صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة الصحة العالمية، مئات الملايين في المرافق الصحية وإمدادات الوقود والبرامج الغذائية.
لكن المساعدات في كثير من الأحيان لا تصل إلى مستحقيها.
بالنسبة لفواز كانت المساعدات الدولية شريان حياة بعدما كان يعمل محاسبا قبل الحرب، ولكن بعد أن دمر القتال الاقتصاد اضطر لبيع مصاغ زوجته لإطعام الأسرة.
الأب البالغ من العمر 47 عاما لديه ثمانية أطفال وتحدث إلى رويترز في مخيم للنازحين اليمنيين حيث يعيش الآن بعد فراره من مناطق مليشيا الحوثي في عام 2021.
يقول إنه حاول تسجيل اسمه في قائمة متلقي المساعدات في محافظة حجة التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي. وأضاف أن السلطات المحلية الحوثية وضعته أمام خيارين: إذا أراد سلة غذائية، فعليه “الانضمام إلى ميليشياتهم، والمشاركة في المسيرات الأسبوعية والهتاف ‘الموت لأمريكا‘”.
وعندما رفض، وصفه مشرف حوثي بأنه “عدو” وقرر أنه “غير مستحق” للحصول على المساعدات، على حد قول فواز.
فقد فواز ساقه بعد فراره من الحوثيين ومحاولته العبور إلى السعودية بحثا عن عمل. وقال إن ساقه تمزقت عندما انفجر لغم أرضي أثناء تحركه عبر حقل ألغام بالقرب من الحدود السعودية.
ووفقا لعشرات النازحين والمراقبين الميدانيين المحليين التابعين للأمم المتحدة وموظفي الإغاثة سيطر الحوثيون فعليا على سلسلة إمداد المساعدات الإنسانية.
على سبيل المثال، تتضمن قوائم المستحقين للمساعدات أسماء عدد كبير من الأشخاص الذين ليس لهم وجود أو “المستفيدين الأشباح”، وغالبا ما يكون أولئك الذين يتلقون المساعدات من الموالين لمليشيا الحوثي مثل المقاتلين.
وقال أحد موظفي الإغاثة لرويترز إنه من بين نحو تسعة ملايين شخص مسجلين لتلقي المساعدات في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي “لم نكن نعرف خمسة ملايين منهم”.
دفع هذا التقويض لعملية المساعدات برنامج الأغذية العالمي إلى تجميد توزيع السلال الغذائية في عام 2023 في المناطق التي يديرها الحوثيون. وقال متحدث باسم البرنامج إن تعليق المساعدات في شمال اليمن عام 2023 “مرتبط بتعذر التوصل إلى اتفاق” مع سلطات مليشيا الحوثي بشأن تدابير تحديد المستفيدين الحقيقيين من المساعدات، مضيفا أن المنظمة “استأنفت عمليات توزيع طارئة محدودة في المناطق الأكثر عرضة للخطر” لتفادي المجاعة.
وقال المتحدث “في الوقت الحالي، توقفت جميع عمليات برنامج الأغذية العالمي في المحافظات الشمالية في اليمن”.
وقال عامر المتحدث باسم مليشيا الحوثي إن برنامج الأغذية العالمي “ذراع أمريكية” وإن “هذا العمل الإنساني إنما هو عمل سياسي وعسكري واستخباراتي بهدف إخضاع الشعب اليمني ومساومته على حريته”.
كما مارست مليشيا الحوثي السيطرة على جمع بيانات الأمن الغذائي، والتي تشكل الأساس لتقييمات الجوع التي يجريها التصنيف المرحلي المتكامل. وتساعد هذه التقديرات البلدان المانحة على تحديد كيفية توزيع التمويل.
وعندما جمعت وكالات الأمم المتحدة بيانات لمسح التصنيف المرحلي المتكامل في عام 2023، اختار الحوثيون بأنفسهم العديد من جامعي البيانات وفقا لثلاثة محللين للأمن الغذائي شاركوا في العملية. وذكروا أيضا أن الحوثيين حددوا الأسر التي سيشملها المسح.
مكن ذلك الحوثيين من تضخيم مشكلة الجوع، حسبما ذكرت رويترز العام الماضي. وفي حين حاولت بعض الحكومات التي تواجه أزمة جوع التقليل من حجم المشكلة، فعل الحوثيون العكس، وبالغوا في ذلك في محاولة لجذب المزيد من التمويل الإنساني.
ولتقليل تدخل مليشيا الحوثي في جمع البيانات، اعتمدت منظمات الأمم المتحدة علي جمع البيانات عن بعد من خلال المكالمات الهاتفية مع متلقي المساعدات لتقييم مستويات الجوع.
وردا على سؤال حول سيطرة مليشيا الحوثي على جمع البيانات، قال عامر إن أي معلومات يتم جمعها من السكان هي “معلومات المواطنين.. هي جزء من الأمن القومي للبلد وهي من اختصاص الدولة”.
ولم يعلق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي على هذه القصة.
وحينما تواجه الأمم المتحدة قيودا أو تحديات، تلجأ أحيانا إلى متعاقدين خارجيين لتولي مهام مراقبة توزيع المساعدات وجمع البيانات عن المستفيدين من أجل استهداف الفئات الأشد احتياجا بشكل أفضل. وفي اليمن، كانت مهمة هؤلاء المراقبين هي الإشراف على مراكز توزيع المساعدات، وإجراء مقابلات مع المستفيدين، وتقديم تقارير إلى وكالات الأمم المتحدة والجهات المانحة بشأن أي انتهاكات يتم رصدها.
لكن مليشيا الحوثي أغلقوا فعليا عددا من هذه الجهات الرقابية إذ داهموا مكاتبها واحتجزوا موظفيها. وقال 12 موظفا في شركات مراقبة تعاقدت معها الأمم المتحدة لرويترز إنهم يخشون أداء مهامهم خوفا من انتقام السلطات الحوثية.
واقتيد عدنان الحرازي الرئيس التنفيذي لشركة برودجي سيستمز، إحدى شركات المراقبة الرئيسية، من مكتبه في يناير كانون الثاني 2023، ووضع في الحبس الانفرادي واتهم بالتجسس لصالح دولة أجنبية. وفي يونيو حزيران 2024، حُكم عليه بالإعدام. وتم تخفيف عقوبته لاحقا إلى السجن 15 عاما.
وقال أحد المراقبين لرويترز إن بعض المراقبين ينجزون العمل في منازلهم ويلفقون الإجابات على أسئلة معيارية تستخدم لتقييم ما إذا كان المستفيدون من المساعدات يتلقونها بالفعل.
وقال برنامج الأغذية العالمي إن “المخاطر التي تهدد سلامة مراقبي الجهات الخارجية غير مقبولة وأثارت قلقا بالغا بشأن قدرتهم على أداء عملهم بفاعلية”.
وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن مليشيا الحوثي يحتجزون حاليا أكثر من 12 موظفا محليا حاليين وسابقين تابعين للحكومة الأمريكية بناء على “اتهامات كاذبة”. واتهم الموظفون بالتجسس.
وتختلف الآراء داخل أوساط مانحي المعونة حول ما إذا كان ينبغي مواصلة العمليات الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي. وأفاد ما لا يقل عن 12 موظفا حاليا وسابقا في الأمم المتحدة لرويترز بأن عدم وضع خطوط حمراء واضحة لمليشيا الحوثي جعل وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة متواطئة فعليا في السرقة الممنهجة للمساعدات بواسطة المليشيا.
وأوضح الموظفون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، أنه على الرغم من الانتهاكات المتكررة من قبل مليشيا الحوثي، واصلت الأمم المتحدة عملياتها، مما سمح باستمرار سرقة المساعدات على نطاق واسع. وذكر ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي الحاليين والسابقين وثلاثة مراقبين خارجيين لرويترز أن منظمات الأمم المتحدة تعرف منذ سنوات أن بيانات الأمن الغذائي مغلوطة لكنها مع ذلك واصلت جمع البيانات وتحليلها.
وقال المتحدث باسم برنامج الأغذية “دأب البرنامج على اتخاذ إجراءات فورية عند ظهور أدلة موثوقة على تحويل المساعدات أو سرقتها، ورد علنا عند الضرورة” مشيرا إلى سلسلة من الإجراءات التي اتخذها البرنامج “لتحسين آليات الاستهداف وإدارة قوائم المستفيدين”.
وأضاف أن البرنامج “اتخذ مرارا إجراءات سريعة عند الحاجة – بما في ذلك تعليق العمليات – لضمان وصول المساعدات الحيوية إلى مستحقيها بفاعلية وبتأثير ملموس، ودون أي تدخل خارجي”.
تسرد دراسة داخلية أجريت بتكليف من برنامج الأغذية، بتاريخ يناير كانون الثاني 2024، العديد من أشكال إساءة استخدام المساعدات التي اشتكى منها يمنيون لرويترز منها “مصادرة والاستيلاء على المواد الغذائية لإطعام المقاتلين”، و”حجب الغذاء كوسيلة ضغط لتجنيد المقاتلين”، وإجبار الناس على القيام “بأنشطة غير مرغوب فيها للحصول على المساعدات، مثل ترديد شعار الحوثيين”.
وقال البرنامج إن الوثيقة “لم تُنشر قط سواء كدراسة أو تقرير داخلي أو خارجي، لأنها لم تستوفِ المعايير العلمية”.
“الطريق إلى الجنة”
فر عشرات الآلاف من المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي هربا من الجوع أو شظف العيش أو السجن أو تجنيد أطفالهم في صفوف مقاتلي الجماعة.
لكن ما زالوا يواجهون أوضاعا صعبة، إذ لا يجدون سوى القليل من الطعام وفرص العمل في مخيمات النزوح الواقعة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية.
في مدينة عدن الساحلية، تكافح الحكومة لتقديم الخدمات الأساسية في أعقاب هجمات مليشيا الحوثي على مرافئ النفط. أجرت رويترز مقابلات مع عائلات نازحة في عدن، وكذلك في محافظتي لحج ومأرب، فرت من مناطق مليشيا الحوثي وتعيش الآن على وجبة طعام واحدة في اليوم.
يقول إسماعيل وهو أب لخمسة أطفال “إذا تناولنا وجبة الفطور، فلن نتناول الغداء. إذا تناولنا الغداء، فلن نتناول الفطور” مضيفا أن مصدر دخله الوحيد هو جمع الزجاجات البلاستيكية لبيعها لورش إعادة التدوير.
وألقى وزير الإعلام الإرياني باللوم على مليشيا الحوثي في الظروف القاسية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، قائلا إنهم “يسرقون” المساعدات الإنسانية.
فرت فلة الهادي، وهي أم لأربعة أطفال، من مناطق سيطرة مليشيا الحوثي إلى عدن في عام 2021. ومثل العديد من الأمهات تقضي معظم يومها في جمع بواقي الأكل من المطاعم والتسول للحصول على المال.
قالت “نمشي مسافة بعيد نروح نجمع بواقي الأكل من المطاعم كل يوم”.
ورغم صعوبات الحياة، قالت إنها تستطيع النوم الآن بعد أن زال خطر تجنيد أطفالها للقتال مع الحوثيين. وأضافت أنها كانت تخشى عودتهم إليها في توابيت.
وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أنه منذ 2009 على الأقل، دأب الحوثيون على تجنيد الأطفال بشكل ممنهج في صفوف قواتهم. وأضافت أنه منذ اندلاع حرب غزة زاد عدد الأطفال المجندين بشكل كبير. تقول الأمم المتحدة أيضا إن بعض القوات الحكومية جندت أطفالا، ولكن بأعداد أقل.
جندت مليشيا الحوثي عبد المغني السناني قسرا في سن العاشرة. قال إنه تعرض للسجن والضرب والتلقين العقائدي.
وقال لرويترز في مخيم مأرب للنازحين في المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة في اليمن إنه تلقى تدريبا عسكريا وكلف بإيصال الإمدادات إلى جنود أطفال آخرين.
أعد مدربوه الحوثيون الأطفال للموت وقيل لهم إن الطريق إلى الجنة يمر عبر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
يحكي السناني الذي يبلغ الآن 18 عاما “كانوا يقولوا لنا ما في داعي للصلاة… كان يدونا محاضرات وكان يقولونا إن السيد عبد الملك (الحوثي) بالختم حقه ندخل الجنة”.
وقال عامر المتحدث باسم مليشيا الحوثي إن اتهامات الجنود الأطفال “لا أساس لها من الصحة” و”مجرد افتراءات”. وأكد الإرياني وزير الإعلام اليمني أن هناك “حالات فردية” لتجنيد الأطفال من قبل الجيش، لكن الحكومة “تعمل على محاسبة أي انتهاكات فردية قد تحدث”.
وتقول عشرات العائلات التي فرت من مناطق مليشيا الحوثي إنها عانت من ضرائب ورسوم باهظة فرضها الحوثيون.
لكن برنامج الأغذية العالمي ذكر أنه لم يعثر على “أدلة قاطعة” تدعم الادعاء بأن المساعدات الغذائية استُخدمت لإجبار الآباء على تسليم أطفالهم ليصبحوا جنودا في صفوف القوات الحوثية.
فتح أبو حمزة، وهو من قدامى المحاربين في الجيش وأب لخمسة أطفال، بقالة صغيرة في صنعاء لإعالة أسرته. لكن الضرائب المفروضة على أعماله قلصت دخله. اقترض حتى بلغت ديونه خمسة ملايين ريال يمني (حوالي 20 ألف دولار).
وقال إنه على الجانب الآخر من بقالته في صنعاء تكرر مشهد مرارا: شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تحمل شعار برنامج الأغذية العالمي تدخل وتخرج من مدرسة يديرها حوثيون. وقال “الشاحنات تيجي في عز النهار تشيل المساعدات”.
استمرت الضرائب في الارتفاع. وقال أبو حمزة إنه بينما أصبح يائسا، ضغطت عليه سلطات مليشيا الحوثي لحضور مسيرات يوم الجمعة حيث يملأ آلاف الأشخاص الشوارع. كما طلبوا منه الانضمام إلى قواتهم والذهاب للقتال “كانوا يقولوا نشتيك (نريدك) تروح معانا على الجبهات”.
وقال عامر إن مليشيا الحوثي لم يفرضوا أي ضرائب جديدة منذ سيطرتهم على صنعاء في عام 2014.
بحلول عام 2020 أفلس أبو حمزة وبدأ في بيع أثاثه وممتلكاته الأخرى بما في ذلك خنجر بمقبض ذهبي ورثه عن والده. وعندما نفد ما لديه من المال، كان يمشي إلى منطقة بعيدة عن المنزل حتى لا يراه جيرانه ويقف أمام مسجد ويمد يده يطلب المال. وفي عام 2021، فر مع عائلته إلى مأرب.
قال “كل ما اتذكر كل ما قلبي بيوجعني (يؤلمني)”.
تركز مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران مجهوداتها الرئيسية على تعبئة المجتمع وتجنيده عسكريًا وتأطيره أيديولوجيًا، لخدمة مشروعها وحروبها المستقبلية، استنساخًا للتجربة الإيرانية. زعيم الميليشيا أفصح عن تدريب أ مشاهدة المزيد
▪ لواء المغاوير .. مسيرة تضحيات وبطولات خالدة. ▪ بشائر النصر تلوح.. والحوثي صفحة سوداء إلى زوال. ▪ الوضع الميداني اليوم أكثر استقرارًا وصمودًا. ▪ سبتمبر هوية وهواء يتنفسه المقاتلون. ▪ التنسيق العسكري في محور مران جسد واح مشاهدة المزيد