ريال مدريد... «كثير من الضجيج لكن بلا مكاسب

2025-04-23 00:01:15 أخبار اليوم - متابعات

   

عشية مواجهة الإياب أمام آرسنال في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، كان مشجعو ريال مدريد يعلمون جيداً أن فريقهم لم يُقدّم شيئاً يُذكر في مباراة الذهاب التي انتهت بثلاثية نظيفة لصالح الفريق اللندني. ومع ذلك، كان هناك أملٌ دائم يسكن قلوب أنصار النادي الملكي، أملٌ اسمه الـ«ريمونتادا»... فقد رأوا من قبل معجزات كروية تحققت على عشب الـ«برنابيو»، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».

ليس من السهل تجاهل تشكيلة مدريد المرصّعة بالنجوم: كيليان مبابي، وجود بيلينغهام، وفينيسيوس جونيور ورودريغو؛ أسماء تلمع على الورق وتبهر الخصوم. وهي أسماء لا يمتلك أي نادٍ آخر في البطولة مثلها. وعلى مرّ السنوات الأخيرة، شهد الـ«برنابيو» انتفاضات درامية لا تُنسى على حساب عمالقة مثل مانشستر سيتي، وتشيلسي، وباريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ.

مع انطلاق صافرة البداية، دخل لاعبو أنشيلوتي المواجهة بنيات هجومية واضحة، وكأنهم يعِدون جماهيرهم بعرض تاريخي جديد. لم تمر سوى دقيقتين حتى وجد مبابي الكرة في الشباك بعد تمريرة من فينيسيوس، لكن فرحة الهدف أُلغيت بسرعة براية التسلل.

كان ذلك كافياً لتأجيج المشاعر في المدرجات، خاصةً بعد تصدٍّ رائع من كورتوا لركلة جزاء سددها ساكا. بدا كأن الـ«ريمونتادا» ممكنة...

لكن كما يقول الإسبان: «Mucho ruido y pocas nueces» – «كثير من الضجيج، لكن بلا مكاسب». ريال مدريد تحدَّث كثيراً عن عظمة لاعبيه وتاريخه البطولي في أوروبا، لكنه على أرض الملعب لم يظهر شيئاً من هذا.

أنشيلوتي ولاعبوه حاولوا الحفاظ على إيقاع سريع، فكان كورتوا يعيد اللعب بسرعة، ومبابي وفينيسيوس ينطلقان كالسهم كلما امتلكا الكرة. لكن مع مرور الوقت، ثبّت آرسنال أقدامه. وعندها، انكشفت الحقيقة: لا خطة واضحة، لا تنظيم، لا أفكار، ولا حتى أمل.

حتى عندما نال مبابي ركلة جزاء مشكوكاً فيها بعد تدخل خفيف -بل وهمي- من ديكلان رايس، تدخل الـ«VAR» ليُعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، ومعها تراجعت احتمالات العودة شيئاً فشيئاً.

في الشوط الثاني، أصبح هجوم ريال مدريد أكثر عشوائية ويائساً. بيلينغهام تسلّل داخل منطقة الجزاء لكنه انتظر التلامس بدلاً من التسديد. فينيسيوس أضاع فرصة ثمينة بانفراده دون تمرير، ومبابي أدار وجهه بخيبة واضحة.

إنها المشكلة نفسها التي لاحقت الفريق هذا الموسم: نجوم كبار يلعبون بشكل فردي، لا ضمن منظومة جماعية. أنشيلوتي بدا فاقداً للسيطرة، فأجرى تغييراً ثلاثياً عند الدقيقة 60، وأدخل الواعد إندريك، لكن شيئاً لم يتغير.

مع تمريرة عرضية عشوائية من بيلينغهام خرجت دون عنوان، دوّت صافرات الاستهجان في الـ«برنابيو». بدا الأمر كأن الفريق استسلم، وفعلاً حدث ذلك عندما مرّر ميرينو كرة ساحرة لساكا الذي أسكنها الشباك ببراعة، ليُظهر الفرق الشاسع بين ما يمكن أن تفعله «الفِرَق» وما تعجز عنه «الأسماء».

على مدار مباراتي الذهاب والإياب، لم يقدّم ريال مدريد أي لمحة من لعب جماعي منظم. هذا النوع من الانسجام والتفاهم هو مفتاح النجاح في دوري أبطال أوروبا الحديث. صحيح أن الفريق فاز بالبطولة 6 مرات في آخر 11 موسماً، لكن ذلك كان دائماً بفضل توليفة من الموهبة والقيادة والعقلية الجماعية، يقودها بنزيمة، وكروس، ومودريتش.

أما الآن، فلا أثر يُذكر لتلك الروح. حتى هدف فينيسيوس الوحيد جاء من خطأ فردي في التمرير من ساليبا، لا من هجمة مدروسة أو تعاون جماعي. كان ذلك الهدف كافياً فقط لكسر صيام الفريق التهديفي الأوروبي الذي تجاوز 300 دقيقة، لكنه لم يكن مؤشراً على عودة حقيقية.

وفي ظل عجز الفريق عن خلق فرص حقيقية، كان الحل الوحيد هو إرسال عشرات العرضيات العشوائية إلى منطقة جزاء آرسنال، حيث كانت دفاعات أرتيتا بانتظارها مثل الجدران.

كل تبديلات أنشيلوتي، وكل محاولاته لإعادة ترتيب الأوراق، لم تُخفِ حقيقة واحدة: الرجل لم يعد يعرف كيف يُشكّل فريقاً من هذه المجموعة. وصول مبابي، ورحيل كروس، وتعدد الإصابات الدفاعية، كل ذلك أثّر على التوازن، لكن المدرب الإيطالي لم ينجح في تكوين منظومة فعّالة رغم كل أدواته.

اللقطة الرمزية الأبرز في المباراة جاءت قبل النهاية بـ15 دقيقة: مبابي يصاب أثناء تدخله على رايس، ويخرج وسط صافرات الاستهجان. الـ«ريمونتادا» كانت قد انتهت فعلياً، لكن بعض الجماهير ظلّت تردد الأهازيج عن كون مدريد «ملك أوروبا»... ربما من باب العادة، لا القناعة.

حتى قبل أن يسجّل مارتينيلي الهدف الخامس لآرسنال في مجموع اللقاءين، كانت المدرجات قد بدأت تتفرغ تدريجياً. كان مشهداً محرجاً للجميع، حتى لأولئك الذين لا يريدون الاعتراف بذلك. لاعبون، محللون، وجماهير انساقوا خلف حلم الـ«ريمونتادا»، لكن الواقع على أرض الملعب لم يحمل إلا الضياع والفوضى والعجز.

وهذه ليست أول مرة يحدث فيها ذلك. مدريد خسر ثلاثاً من أول خمس مباريات في دور المجموعات هذا الموسم، وربما لم يكن يستحق الوصول إلى ربع النهائي من الأساس. ما أوصله إلى هذه المرحلة كان هالته التاريخية، وخوف خصومه، لا قوته الفعلية.

مانشستر سيتي، على سبيل المثال، انهار في اللحظات الأخيرة رغم تفوقه، وأتلتيكو مدريد خسر صراعه الذهني قبل التكتيكي. لكن أمام آرسنال، لم تكن هناك فرصة للخداع، ففريق أرتيتا كان أفضل في كل شيء.

الآن، على أنشيلوتي ولاعبيه أن يعيدوا حساباتهم قبل نهائي كأس الملك أمام برشلونة بعد 10 أيام، خصوصاً أن «البارسا» سبق أن تفوق عليهم مرتين هذا الموسم. الخطر حقيقي، والإحراج وارد.

وفي المقابل، سيسرّع فلورنتينو بيريز وإدارته خطواتهم لترتيب الصيف المقبل، لأن الحقيقة التي أكّدها هذا الإقصاء واضحة: ريال مدريد يمتلك أسماء مذهلة، لكنه لا يمتلك «فريقاً

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
استعدادات الحكومة للحسم العسكري: وزير الدفاع يكشف خطط المواجهة مع الحوثيين

وزير الدفاع في حوار مع “العين الإخبارية”: حربٌ لم ينطفئ لهيبها، وهدنٌ مكسورة، وسلامٌ يُغتال قبل أن يولد.. هنا اليمن.. هنا تُسرق أحلام شعب بقبضة مليشيا لا تعرف إلا لغة الدم.. وهنا قوات شرعية تقف كالطود الأشم، وشعبٌ يقس مشاهدة المزيد