2025-03-13
مسجد السيد هاشم جد النبي محمد ﷺ.. إرث تاريخي لا ينطفئ في غزة
الأمة اليمنية تاريخ حافل بالإنجازات، وإرث حضاري متوارث، وفعل نضالي مستمر كلما عانت مسيرة اليمن الحضارية من ردة تاريخية يتزعمها الاستبداد أو يكرسها الاستعمار.
يبقى الوهج الثوريّ المستمد من ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، والرابع عشر من أكتوبر الخالدتين، وذكرى الاستقلال المجيد في الثلاثين من نوفمبر بكل قيمها الوطنية، وإرثها النضاليّ، والسعي الحثيث لتحقيق أهدافها، والمحافظة على ثوابتها، هي ضمان الحفاظ على كينونة المجتمع، وصلابة الوطن.
كل ذلك يحتاج إلى إبقاء الثورة بأهدافها، وقيمها وحضور مناضليها في الوعي الجمعيّ الوطنيّ مادةً حيّةً في مناهج التعليم، ومنتديات الثقافة، ومحاضن التنشئة السياسية، ضمن منظومة التربية الوطنية التي تمثل أهم الحصون الثقافية للبلاد.
نقف في هذه السطور مع أحد أعلام الثورة اليمنية المناضل سالم ربيع علي، أحد أعلام الكفاح الوطني ورواد الاستقلال، أول حاكم عربي يتبنى الخيار الماركسي في بنية النظام السياسي والاجتماعي في جمهورية اليمن الديمقراطية:
أولاً: الميلاد والنشأة: ولد في قرية "المحل" (قرية الفلاحين الفقراء والمعدمين وبسطاء الناس) بمدينة زنجبار - أبين، لأسرة متوسطة تمتهن الزراعة والفلاحة ذات نزوع ديني محافظ لها تاريخ في العلم الشرعي حيث كان أحد أجداده الأولين،
الفقيه: فرج بن محمد سالم آل الفقير مفتي ديار السلطنة الفضلية ومن علماء الدين واللغة المتنورين في البلاد، وعلى اطلاع واسع بمؤلفات رجال الفكر بصورة عامة، وله مراسلات ومساجلات في الفقه والأدب مع عدد من شيوخ حضرموت المعاصرين له.
توفى والده في وقت مبكر بعد ولادته، وقامت أمه الفاضلة خزانة بنت علي رحمة الله عليها
أكمل المرحلة الابتدائية ثم المرحلة المتوسطة في عام (1375هـ/1956م).
انخرط سالمين في بداية حياته العملية في سلك التدريس بالسلطنة الفضلية ثم غادر إلى حضرموت ودرس هناك الشريعة الإسلامية وتخرج قاضياً شرعياً عمل في منطقة الوضيع في سلك القضاء. وبعد فترة وجيزة عُيّن أمين مال السلطنة إبان حكم السلطان أحمد بن عبد الله الفضلي. وتميزت السلطنة الفضلية بقدر لا بأس به من التعليم والرعاية الصحية وكان بها أول مركز أبحاث في الجزيرة العربية ومعمل للقطن. تميز بكونه حاد الذكاء ولديه رغبة عارمة للمعرفة وتميز بالنشاط والحركة الدؤوبة وبكونه قائدًا جماهيريًا بلا منازع.
ثانيًا: المسيرة النضالية والعمل السياسي
بدأ مسيرته السياسية في العام (1387هـ/1959م) بانضمامه إلى حركة القوميين العرب، وكان لشخصيته القوية، والبسيطة والمتواضعة في آن واحد، وما يملك من أرضية ثقافية ومعرفية، دورٌ فعالٌ في التأثير والاستقطاب السياسي والجماهيري، ما أتاح له تبوؤ قيادة العمل التنظيمي السياسي والجماهيري والانصهار في الطبقة الكادحة.
قام بتأسيس وقيادة "نادي الكوكب الرياضي الثقافي" كواجهة علنية لنشاط حركة القوميين العرب في تلك الفترة، وكان للنادي مكتبة عامرة تكاد تغطي كل جدران مكاتبه، ما خلق كوكبة من مجايله محبة للقراءة والإطلاع، وكان له حضور في المناشط الثقافية والمسرحية والندوات وتشجيع الفرق الموسيقية.
وقاد مع مجموعة من شخصيات وقيادات تلك المرحلة حركة الأدب والفن والصحافة التنظيمية والسياسية، وأصدر صحيفة "الأمل" ونشرة "الوعي".
عقب قيام الثورة الجمهورية التي أطاحت بالنظام الإمامي في الشمال في العام 1962، سافر مع بعض زملائه في الحركة إلى مدينة تعز، فالتحقوا بدورة تدريبية على الأسلحة وفنون القتال التي يحتاجها المقاومون لخوض حرب التحرير الشعبية والاستعداد للدفاع عن ثورة سبتمبر ومقاومة الاحتلال البريطاني.
تميز بكونه شعلة متوقدة من الحركة والنشاط، ساعده نشاطه الرياضي على القدرة على تحمل المشاق، وكان شجاعًا مقدامًا وقريبًا ومحبوبًا من الفدائيين المقاومين ومن عامة الناس وأكثر التصاقًا بهم، ما عزز مكانته في الأوساط الشعبية والجماهيرية.
وعقب الإعلان عن تشكيل الجبهة القومية في جنوب اليمن، انتخب عضوًا فيها، ثم انضمّ إلى الثوار في جبهة عدن، وتحديدًا مدينة الشيخ عثمان، وأصبح معروفًا باسم سالمين، واشتهر بشجاعته وحنكته القتالية، وساهم في تطوير وتوسيع العمليات الفدائية، وكان ضمن لجان الحوار بين الجبهة القومية وجبهة التحرير قبل دمجهما في 13 يناير عام 1966م/21 رمضان 1385هـ.
شارك في جميع مؤتمرات الجبهة القومية، وفي المؤتمر الثالث للجبهة القومية الذي عقد في حُمر ناحية قعطبة في الفترة من 29 نوفمبر إلى 3 ديسمبر 1966م، وانتخب عضوًا في القيادة العامة، وكلّف بمهام عسكرية عديدة أنجزها بشكل جيد، وفي المؤتمر الرابع للجبهة القومية أُعيد انتخابه في القيادة العامة للجبهة.
في 20 يونيو عام 1967م، وكُلف بإعادة تنظيم جبهة ردفان، ثم قاد العمليات المشتركة لفدائيي الجبهة القومية وجبهة التحرير وحركة الضباط الأحرار في الجيش والأمن العام، حيث تم تحرير حي كريتر في عدن خلال 16 يومًا، برز خلالها كفدائي متميز ووطني متفانٍ أوقف حياته في سبيل القضية الوطنية، واستمر في نشاطه النضالي بكل حيوية وإخلاص وتفاني.
قاد حملات إسقاط سلطنات وولايات ومشيخات ما كان يسمى بحكومة "الاتحاد العربي"، وأثناء ذلك قام بتشكيل الحرس الشعبي الذي مثل نواة تنظيم المليشيات التابعة للجبهة القومية في منطقة "القرو" إلى الشمال من مدينة زنجبار - أبين، وقاد تحرير كثير من مناطق أبين في لودر ومودية والمحفد. وفي يوم 27 أغسطس 1967م، قاد تحرير زنجبار وجهار يافع، حينها انتقل مقر الجبهة القومية إلى زنجبار.
أُعيد انتخابه في القوام التنظيمي الأساسي للجبهة القومية في المؤتمر العام الرابع المنعقد في الفترة من 2 - 8 مارس عام 1968م، بمدينة زنجبار - أبين.
خلال أحداث حركتي 20 مارس و15 مايو من العام 1968م، حدثت تباينات وانشقاقات في الجبهة القومية، فقاد حركة الدفاع عن بقاء أغلبية القيادة العامة والقيادات الوسطية وقواعد الجبهة القومية، ثم ترأس حوار التفاهم والمصالحة مع فيصل عبد اللطيف ومحمد علي هيثم وعبد الباري قاسم من أجل رأب الصدع في الجبهة القومية على أساس الأخذ ببرنامج استكمال مرحلة التحرر الوطني، وهكذا تم التئام قيادات الجبهة القومية السياسية والعسكرية.
ثالثًا: الإنجازات الرئاسة والقيادة الجماعية
في 22 يونيو 1969م، كان على الكتلة السياسية المناهضة للرئيس قحطان الشعبي بعد أن قدم استقالته.
تم اختياره باعتباره أكفأ العناصر التابعة للجبهة القومية وأكثرهم قدرة على قيادة التحولات وتحقيق برنامجها ورؤاها السياسية والاجتماعية، وفقًا لمرتكزين رئيسيين: تحقيق القيادة الجماعية بعيدًا عن النظام الرئاسي الفردي والانحياز لأفكار اليسار في ظل استقطاب وصراع دولي حاد وظروف اقتصادية صعبة وعلاقات إقليمية مضطربة.
فانتُخب سالم ربيع علي رئيسًا لمجلس الرئاسة المكون من عضوية كل من عبد الفتاح إسماعيل ومحمد علي هيثم ومحمد صالح عولقي وعلي أحمد ناصر عنتر.
بدأ فترة حكمه بتغيير اسم الدولة.
وفي المؤتمر العام الخامس للجبهة القومية الذي انعقد في الفترة من 2 - 6 مارس عام 1972م، تم انتخاب سالم ربيع علي أمينًا عامًا مساعدًا للتنظيم السياسي للجبهة القومية.
في عهده حدثت التغيرات الجذرية في المجتمع اليمني الجنوبي، ومنها التأميم والاتجاه نحو الماركسية بشكل كامل، وتمتع بدرجة عالية من النزاهة ونظافة اليد والحرص على المال العام، وأودع الخزينة العامة للدولة كل ما تلتقي من هدايا شخصية. وكانت فترة حكمه هي الأفضل في مسيرة اليمن الديمقراطي، وحقق شعبية جارفة لم ينلها غيره من رؤساء اليمن الديمقراطي.
عمل على بناء مؤسسات الدولة على النمط الاشتراكي، والتي أسست لمرحلة جديدة من الوعي السياسي والتجاذبات الفكرية، وإنشاء مجلس الشعب الأعلى في مطلع العام 1971م، كمؤسسة دستورية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ترجمةً لنصوص الدستور في تحديد الاختصاصات والصلاحيات. وتبنى الإصلاح الزراعي من خلال توزيع الأراضي على الفلاحين بالتساوي، وبناء القطاع العام، وتحقيق نهضة تعليمية، والبدء بمرحلة بناء القطاع الصناعي.
وفي عام 1970م، اتخذت إجراءات لتقسيمات إدارية تهدف إلى محو الهوية القبلية، وتمنع السكان في المحافظات الست المكونة للدولة من استعمال ألقابهم القبلية، وتحققت معظم أسس البناء التنموي ومنجزات اليمن الديمقراطية في عهده.
رابعًا: صراع الأفكار والنفوذ السياسي:
كانت فترة الصراع في تلك الفترة حدية ومتأثرة بالاستقطاب الدولي الحاد القائم على نفي الآخر والتخلص منه، مع غياب للعقل والاتزان في إدارة الاختلاف في الرأي بين فرقاء النضال. وكان الحضور الطاغي والمؤثر لشخصية سالمين تأثيرًا سلبيًا وحساسًا لدى العديد من رفاقه في القيادة، والشعور بالغبن لغمط أدوارهم.
أعلنت القيادة العامة للجبهة القومية بعد الخطوة التصحيحية سنة 1969م عن تطوير العلاقات مع السوفييت، ودعم حركات التحرر الوطني. وعلى أثر ذلك ظهرت خلافات في قيادة الجبهة حول أيّ المسارين صحيح، المسار السوفياتي أو الصيني. وقد تعمقت هذه الخلافات والانقسامات حول هذه القضية، لكن هذين المسارين ترفضهما الأنظمة المجاورة.
كان الرئيس سالمين متحمسًا للإتجاه الصيني، وارتبط بالتجربة الصينية في أول عهده، واتخذ قرارات متطرفة رفضها السوفييت، وتحمس لاتجاه الاشتراكية العلمية، فصدر قانون تأميم الشركات والمصارف، ثم قانون الإصلاح الزراعي، ووضعت خطط تنموية ثورية. بيد أنه في منتصف السبعينيات حدث نوع من التحول التدريجي في توجهات الرئيس، يقول يابلي: "الرئيس سالمين ارتبط بالواقع ونبض الشارع أكثر من التنظير، ولم يكن يستسيغ المسائل الفلسفية المعقدة التي كانت ديدن معظم الطبقة السياسية الحاكمة في السبعينيات من القرن الماضي؛ لذا ابتعد عن التوجه الماركسي بعكس معارضيه الذين أُعجبوا كثيرًا وتحمسوا لتطبيق النموذج السوفياتي على أرض اليمن الجنوبي، بينما هو أراد التحرر إلى درجة كبيرة من اشتراكية موسكو، وارتبط بالتجربة الصينية في عهد الزعيم الصيني حينها ماو تسي تونغ."
ويخلص يابلي في حديثه بالإشارة إلى الكاريزما الشعبية التي حظي بها الرئيس سالم ربيع حتى أصبحت حياته البسيطة حديث الناس حينها، فكان أكثر التصاقًا بهم، وكثير الزيارات إلى المصانع والورش الإنتاجية والمدارس والشارع والقرية والصحراء والساحل، متقبلاً شكاوى المواطنين وطلباتهم، وكان لا يمل من ذلك.
وفقًا لمؤلف كتاب "الصراع في عدن" للباحث شاكر الجوهري، رفض الرئيس سالمين قرار اللجنة المركزية والمكتب السياسي للجبهة القومية الخاص بإنشاء حزب طليعي من طراز جديد، بدلاً من تنظيم الجبهة القومية.
في أواخر العام 1977م ظهر بشكل واضح وجود تيارين متعارضين داخل السلطة: يقود الأول الرئيس سالمين، يتبنى إقامة علاقات خارجية متوازنة، وعدم التبني الصريح للخيار الماركسي، وتحجيم فكرة إنشاء الحزب الطليعي، ويقود الآخر الرجل الثاني في الدولة عبد الفتاح إسماعيل، الذي استفاد من وجود حزبين ذوي توجه ماركسي في تحالف الجبهة القومية: الأول بقيادة عبدالله باديب، وأنيس حسن يحيى، وعبدالله الخامري، وعلي ناصر محمد، وعلي عنتر وآخرين. وارتكزت قوة هذا التيار على قوة وتماسك الحزب الذي أقصى قحطان الشعبي، بالإضافة إلى سيطرتهم على القوات الشعبية، وعلى علاقات خارجية قوية مع السوفيت، والمنظومة الدولية المرتبطة بالاتحاد السوفياتي.
إن فكرة الحزب الطليعي لم تطرح أول مرة في عام 1978م، بل كانت محل نقاش طويل منذ سنوات، وتحديدًا منذ المؤتمر الخامس للجبهة القومية المنعقد في مارس (آذار) 1972، حيث اتخذ المؤتمر قرارًا بتشكيل لجنة متابعة لتأسيس الحزب، وطرحت بعض العناصر فكرة الحزب و"ديكتاتورية البروليتاريا".
كانت تطلعات إنشاء حزب طليعي قد أخذت حوارًا مطولًا، ورغبة قوية من الجناح اليساري المرتبط بالسوفيت بقيادة عبد الفتاح إسماعيل، بينما يرى سالمين التريث في ذلك نظرًا لبدئه بتحسين العلاقات مع الإقليم وخصوصًا المملكة العربية السعودية. ومن الفروق الجوهرية بين سالمين والتيار المناوئ له أنه كان يعمل في الميدان بطريقة ديناميكية وفاعلة؛ ما جعل دوره أكثر بروزًا وحضورًا في الوجدان الجماهيري العام، بينما الطرف الآخر يعمل من خلال المكاتب والتنظير الفكري. ومن وجهة نظرهم أن الرئيس يستفرد باتخاذ القرار، وبقراءة تاريخية لم يقدم هذا الطرف أي دليل على تفرد سالمين بالقرار وخصوصًا القرارات ذات الطبيعة المهمة والإستراتيجية التي كانت تتخذ بالإجماع داخل المكتب السياسي.
قام الفريق المناوئ باعتقال وإزاحة كبار الضباط الموالين للرئيس سالمين، وإضعاف نفوذه وتواجده في الجيش.
خامسًا: الإنجازات على طريق الوحدة اليمنية:
شكلت الوحدة اليمنية أهم أهداف الثورة اليمنية في سبتمبر وأكتوبر وأهم مرتكزات النظام الحاكم في جنوب اليمن، والهدف الأسمى للقوى السياسية والاجتماعية والثقافية اليمنية عمومًا وفي الجنوب على وجه الخصوص. ومن أجل تحقيق الوحدة، نشبت حرب بين النظامين في الشطرين سنة 1972م، قدمت خلالها السعودية ومصر دعمًا لليمن الشمالي، وقدم السوفيت والمنظومة الاشتراكية دعمًا لليمن الجنوبي.
يؤكد الفريق سعد الدين الشاذلي في مذكراته حيث كتب: "في أواخر سبتمبر 1972، اندلعت الحرب بين اليمن الشمالي والجنوبي، وقتها اتصل بي الدكتور أشرف مروان، وأبلغني أن الرئيس أمر بأن ندعم اليمن الشمالي بخمس طائرات ميغ 17، وطائرات اليوشن 28 دون طيارين على أن نقوم بتسليم الطائرات في مطار عبد الناصر في ليبيا."
ثم تم وقف الحرب من خلال تواصل الرئيسين سالمين في الجنوب والقاضي عبدالرحمن الإرياني في الشمال.
تمثلت مسيرة الوحدة بعدد من المحطات التاريخية، ومنها ما شارك فيها الرئيس سالمين. وقد حاول بناء مسار تصالحي مع الشمال خصوصًا في عهد الرئيس إبراهيم الحمدي الذي ارتبط بعلاقة شخصية طيبة من شأنها الوصول إلى الوحدة. وتمثلت تلك الجهود في الآتي:
• اتفاق طرابلس: في الفترة من 21 شوال 1392هـ الموافق 26 نوفمبر 1972م إلى 23 شوال 1392هـ الموافق 28 نوفمبر 1972م، والذي تم برعاية الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي. واتفقت قيادة الشطرين ممثلة بالقاضي عبدالرحمن الإرياني رئيس المجلس الجمهوري في الشمال، وسالم ربيع علي رئيس مجلس الرئاسة في الجنوب، على ضرورة الإسراع في تنفيذ اتفاقية الوحدة والمحافظة على منجزات ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر وتوفير مناخ ديمقراطي كامل، وذلك حرصًا على استقلال اليمن وبناء مجتمع متطور يسير في طريق التقدم والاشتراكية. واتفق الجانبان على الأسس التالية:
1. يقيم الشعب العربي في اليمن دولة واحدة تسمى الجمهورية اليمنية.
2. للجمهورية اليمنية علم واحد ذو الألوان الثلاثة الأحمر، الأبيض، الأسود.
3. مدينة صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية.
4. الإسلام دين الدولة، وتؤكد الجمهورية اليمنية على القيم الروحية وتتخذ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
5. اللغة العربية هي اللغة الرسمية للجمهورية اليمنية.
6. تهدف الدولة إلى تحقيق الاشتراكية مستلهمة الطراز الإسلامي العربي وقيمه الإنسانية وظروف المجتمع اليمني بتطبيق العدالة الاجتماعية التي تحظر أي شكل من أشكال الاستغلال. وتعمل الدولة عن طريق إقامة علاقات اشتراكية في المجتمع على تحقيق كفاية في الإنتاج وعدالة في التوزيع بهدف تذويب الفوارق سلميا بين الطبقات.
7. الملكية العامة للشعب أساس تطوير المجتمع وتنمية وتحقيق كفاية الإنتاج. والملكية الخاصة غير المستغلة مصونة ولا تنزع إلا وفقًا للقانون وبتعويض عادل.
8. نظام الحكم في الجمهورية اليمنية وطني ديمقراطي.
9. ينشأ تنظيم سياسي موحد يضم جميع فئات الشعب المنتجة صاحبة المصلحة في الثورة للعمل ضد التخلف ومخلفات العهدين الإمامي والاستعماري وضد الاستعمار القديم والجديد والصهيونية. وتشكل لجنة مشتركة لوضع النظام الأساسي للتنظيم السياسي ولوائحه مستهدية بالنظام الخاص بإقامة الاتحاد الاشتراكي العربي في الجمهورية العربية الليبية. وعلى ضوء مناقشته من قبل فئات الشعب.
10. يعين دستور الجمهورية اليمنية حدودها.
وكان هذا الاتفاق هو الاتفاق التفصيلي والخطوات التنظيرية للوحدة، والذي بموجبه سيتم العمل لاحقًا من تشكيل اللجان المختلفة التي تفصل الدستور والنظام في كل جوانبه.
• اتفاق القاهرة في العام 1972م: وكان ثمرة لإيقاف الحرب التي نشبت بين الشطرين برعاية جامعة الدول العربية. وتم بين رئيسي وزراء الشطرين حينها علي ناصر محمد ومحسن العيني، وأدت المباحثات التي جرت بين الوفدين إلى التوصل إلى اتفاقية الوحدة التي عُرفت منذ ذلك التاريخ، والتي شكلت المرجعية النظرية لاتفاقيات الوحدة مع تطوير بنودها بحسب المعطيات الزمنية.
• لقاء الجزائر: في 22 شعبان 1393هـ الموافق 4 سبتمبر 1973م، التقى الرئيسان عبدالرحمن الإرياني مع الرئيس سالم ربيع علي، والذي أكدا فيه حرصهما الشديد على تنفيذ الاتفاق واستمرار اللجان المشتركة وإيقاف كل أشكال الدعم والتدريب لأي أنشطة معادية لأي شطر من قبل الشطر الآخر.
• لقاء تعز – الحديدة: في الفترة من 16 شوال 1393هـ الموافق 10/11/1973م إلى 18 شوال 1393هـ الموافق 12/11/1973م، بين الرئيسين سالم ربيع علي والقاضي عبدالرحمن الإرياني لتعزيز أواصر التعاون الاقتصادي وتسريع وتيرة الأعمال الوحدوية وتحسين المستوى الاقتصادي والمعيشي للمواطنين.
• اتفاق قعطبة: قام سالمين بأول زيارة للشمال، والاتفاق مع الرئيس إبراهيم الحمدي على اتخاذ خطوات مركزية في سبيل تحقيق الوحدة اليمنية. في 15 فبراير 1977، بين الرئيسين إبراهيم الحمدي وسالم ربيع علي، وجرى الاتفاق على تشكيل مجلس يتكون من الرئيسين ومسؤولي الدفاع والاقتصاد والتجارة والتخطيط والخارجية، يجتمع مرة كل ستة أشهر بالتناوب في كل من صنعاء وعدن. وشمل ذلك كافة الجوانب التي تعزز مسيرة الوحدة اليمنية في مختلف المجالات وتفويض البعثات الدبلوماسية بتنسيق المواقف والقيام بمهام العمل الدبلوماسي لكل الشطرين في الدول التي يوجد فيها ممثلية دبلوماسية واحدة لأي من الشطرين.
سادسًا: العلاقة الخارجية:
كانت سياسة اليمن الديمقراطي عدائية ضد دول الخليج النفطية المجاورة. حيث قدّم الدعم لجبهة ظفار في سلطنة عمان، وكان التأثير الصيني المتطرف قويًا في عدن وظفار بين عامي 1968 وأوائل 1971. في عام 1970، قطع اليمن الجنوبي العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وأصبحت العلاقة في المقام الأول مع الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية.
بحلول عام 1971، كانت الظروف مناسبة لتوقيع الاتفاقية السوفيتية اليمنية، والتي كان لها دور رئيسي في تعزيز القدرات العسكرية لليمن الجنوبي.
زار الرئيس سالم ربيع علي موسكو في نوفمبر 1972 لتوقيع اتفاقية تعاون اقتصادي وفني، وحينها وافق السوفييت على بناء محطة طاقة حرارية في عدن، وبناء مستشفى، وتقديم المساعدة في الأعمال الجيولوجية والمسوحات الأخرى. كما تم الاتفاق على استمرار الاتحاد السوفيتي في تقديم المساعدة لليمن الديمقراطي لتعزيز قدراته الدفاعية.
بدأ سالمين في تحسين علاقته مع السعودية والإمارات ومصر، وكذلك توصّل إلى اتفاق مع سلطنة عمان لإنهاء الخلافات القائمة بينهما برعاية السعودية في 11 مارس 1976. وساعدت هذه الخطوات على تخفيف الضغوط الاقتصادية والسياسية والأمنية على البلاد، وخلق علاقات معتدلة ومتوازنة مع البيئة العربية مع الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع الصين.
وقف ضد دعم النظام الإثيوبي الماركسي الموالي لموسكو وذلك لإرضاء السعودية. هذا التوجه السياسي للرئيس سالم ربيع علي أقلق الاتحاد السوفيتي والقوى الموالية له في اليمن جنوبًا وشمالًا.
ساهم مع اليمن الشمالي في إغلاق مضيق باب المندب ضد إسرائيل في حرب 1973م.
سابعًا: الأحداث الأخيرة في حياة سالمين:
بقراءة سريعة للدوافع والأسباب التي أزاحت الرئيس سالمين من السلطة، والتي يرجع جذورها إلى الصراع المحتدم بين جناحي اليسار، قام بإعادة تنظيم واسعة النطاق لنظام الحكم والاقتصاد والمجتمع في محاولة منه لتقليل تأثير القوى الخارجية. إلا أن الضغوط والصراعات الداخلية التي تعززت بفعل عوامل خارجية أدت إلى سلسلة من الأزمات الدموية داخل النظام الحاكم. وبالتالي، فقد دفع الرجل حياته ثمنًا لمحاولة الخروج من الوصاية السوفيتية وفتح علاقات مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. لذلك يمكن القول إن سالم ربيع علي كان أحد ضحايا تداخل المصالح ومناطق النفوذ بين قطبي الحرب الباردة التي كانت قائمة.
ومن ما يروى أن الرئيس الجزائري هواري بومدين، أثناء زيارته إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، كان قد حاول تشجيع المكتب السياسي على إقامة علاقات ودية مع السعودية وأشاد بتواصل سالمين مع المملكة، وذلك بحسن نية. وهو ما عزز لدى المكتب السياسي فرضية خروج سالمين عن الخط الماركسي السوفياتي وفتح علاقات مع ما كان يُعرف لديهم بالقوى الرجعية والإمبريالية.
وجاءت حادثة اغتيال الرئيس الغشمي في يوم 1978/6/24م ذريعة مؤاتية وسببًا قويًا لاحتدام الصراع ومحاكمة الرئيس. وتشير بعض المصادر إلى توارد معلومات عن اتفاق بين الرئيسين سالمين والغشمي على القيام بعمل عسكري مشترك ضد خصوم سالمين وإعلان قيام الوحدة اليمنية. فعملت تلك الأطراف للتخلص من الغشمي وتوظيف الموقف ضد سالمين. وهنا تظهر فرضيتان لحادثة اغتيال الرئيس الغشمي رحمه الله: الأولى تحمل سالمين بدافع الانتقام للحمدي، والثانية تتهم جهاز الأمن الجنوبي باستبدال الحقيبة ووضع عبوة مفخخة، واستبدل المبعوث بآخر يدعى مهدي تفاريش. وحتى اللحظة لم يتم تأكيد إحدى الفرضيتين بدليل قاطع.
أدت تلك الحادثة إلى رفع درجة الاستعداد القتالي في جميع وحدات القوات المسلحة في الجنوب، وقررت على إثر ذلك اللجنة المركزية في اجتماع استثنائي تحميل الرئيس سالمين تبعات قضية اغتيال الغشمي كمخرج من المأزق الذي كان يحيط بالدولة في الجنوب بسبب حادثة الاغتيال. ووفرت غطاء لرغبة الجناح المناوئ له في اللجنة المركزية الذي قرر بالإجماع تنحيته من السلطة وإحالته إلى المحاكمة، ولم يعترض على القرار إلا حسن باعوم وتحفظ عبدالله صالح البار، وتكليف المكتب السياسي بالتنفيذ.
في 25 يونيو، دعا المكتب السياسي لاجتماع، وعند حضور سالمين لم يكن أحد حاضرًا في مقر المكتب السياسي. فعاد إلى مقر إقامته وكانت الأوضاع الأمنية مضطربة، واستحدثت حواجز ونقاط أمنية جديدة من المليشيات الشعبية التي يسيطر عليها الطرف المناوئ لسالمين. والذي أرسل في يوم 1978/6/26م ثلاثة وزراء لمفاوضة الرئيس وهم: وزير الدفاع علي عنتر، ووزير الداخلية صالح مصلح، ووزير الخارجية محمد صالح مطيع. وبحسب رواية قائد حراسة سالمين، فإنه سلم لهم الاستقالة وطلب السفر إلى إثيوبيا أو الصين.
أثناء المفاوضات، حاصرت وحدات عسكرية من الجيش بقيادة عدد من القيادات العسكرية مقر إقامة سالمين، واشتبكت مع حراسته. وتم الهجوم المسلح على قصر الرئاسة بما في ذلك القصف من الطائرات الحربية والزوارق البحرية. فقرر الرئيس عندها الاستسلام. وتم محاكمته وإعدامه في 26 يوليو 1978م، رحمة الله تغشاه.
وكتب علي ناصر في مذكراته: "استمرت المعارك حتى الساعة الخامسة والنصف من اليوم الذي انفجرت خلاله المعارك، قبل أن يستسلم الرئيس في النهاية، بشرط أن يسلم نفسه تحديدًا لعلي عنتر الذي كان يعدّه صديقًا، طالبًا منه أن يكتب له ضمانًا بسلامة حياته. وبالفعل كتب علي عنتر بخط يده، ووافق الرئيس على ذلك. فتوقفت المعركة في دار الرئاسة، وكان المكتب السياسي للجبهة في حالة انعقاد في المنزل الذي يقطنه الأمين العام عبدالفتاح إسماعيل."
تقول بعض المصادر التاريخية إن قرار إزاحة سالمين من السلطة اتُخذ في موسكو من قبل الأجهزة الاستخباراتية السوفياتية، باعتباره مناصرًا للصين وينتمي إلى اليسار المغامر ولديه طموحات لتعزيز علاقات اليمن الديمقراطية بشكل أكثر اتزانًا مع دول الإقليم والدول الغربية بما يخدم تعزيز الاقتصاد والتنمية في بلاده.
وعن إعدام سالمين، يقول الرئيس علي سالم البيض: "استسلم سالمين بعد ظهر اليوم الثاني على رفض قرار عزله، وقدّم نفسه إلى صالح أبو بكر بن حسينون (قائد عسكري وسياسي ووزير أسبق للنفط)، لأنه كان يثق به على المستوى الشخصي. جرى إحضاره في المساء إلى اجتماع المكتب السياسي (في الحزب الاشتراكي)، حيث أُجريت له محاكمة شكلية، وصدر بحقّه
حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد
وزير الدفاع في حوار مع “العين الإخبارية”: حربٌ لم ينطفئ لهيبها، وهدنٌ مكسورة، وسلامٌ يُغتال قبل أن يولد.. هنا اليمن.. هنا تُسرق أحلام شعب بقبضة مليشيا لا تعرف إلا لغة الدم.. وهنا قوات شرعية تقف كالطود الأشم، وشعبٌ يقس مشاهدة المزيد