تحت ستار المرتبات.. الحوثيون يشرّعون للاستيلاء على موارد بقية المؤسسات

2024-12-04 02:21:44 أخبار اليوم - متابعات

   

تمخض الجبل فولد فأرًا جائعًا؛ فبعد انتظار طويل، صُدم المواطنون في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية بما تمخضت عنه "حكومة التغيير والبناء" التي تشكلت في أغسطس الماضي. بدلاً من تقديم حلول عملية لمشكلة الرواتب، اكتشفوا أنهم سيحصلون على نصف راتب فقط عن ستة أشهر، مع زيادة في الجبايات والضرائب ورسوم الخدمات ابتداءً من مطلع العام القادم.

كشف نائب برلماني عن مشروع قانون حوثي عرض في البرلمان، يعارض بشكل واضح النصوص الدستورية والقانونية اليمنية، ويسمح بفرض ضرائب جديدة على المواطنين ونهب أموال المؤسسات العامة والخاصة تحت ستار توفير رواتب للموظفين.

الميليشيات قدمت ما أسموه "مشروع قانون استثنائي" لصرف نصف راتب لموظفي الدولة في مناطق سيطرتهم، وهو ما يفتح الطريق للمليشيات لتوسيع سيطرتها على أموال الدولة، بما في ذلك صندوق التعليم. وقد تم تقديم هذه الخطوة وسط اتهامات للمليشيات بمحاولة تعميم الفقر على الوحدات العامة بعد تسع سنوات من قطع رواتب موظفي الدولة وقوات الجيش والأمن.

يحمل هذا القانون، الذي يُسمى "الآلية الاستثنائية"، العديد من الثغرات التي تتيح للميليشيات الاستيلاء على الأموال العامة وفقًا لآرائهم وأهوائهم. كما يمنح وزير المالية صلاحيات غير محدودة للتحكم في الإيرادات والمصروفات، ويقسم الموظفين إلى ثلاث فئات وفقًا لأولويات طائفية.

والأسوأ من ذلك أن القانون يلغي أي نص قانوني يتعارض مع أحكامه، مما يعني أن الميليشيات تستطيع تجاوز القوانين المعمول بها للاستيلاء على أموال المواطنين دون وجه حق.

ووصف بعض النشطاء هذا القانون بأنه "ظاهره العذاب وباطنه العذاب أيضًا"، إذ تسعى الميليشيات من خلاله إلى استكمال نهب ومصادرة أموال الصناديق والوحدات المستقلة والملحقة، مثل صندوق المعلم.

استبعاد الآلاف

ووفقاً لما جاء في مواد المشروع الانقلابي، فإن صرف نصف راتب كل شهر (إنْ أمكن) سيكون مرتبطاً بكشف الراتب الموحد المعتمَد من الخدمة المدنية، الذي أعدَّته مليشيا الحوثي وتم بموجبه استبعاد الآلاف من الموظفين بحجة الانقطاع عن العمل، مع أنهم ذهبوا للبحث عن فرص عمل بعد سنوات من قطع رواتبهم.

كما سيؤدي المضي في هذا الإجراء، طبقاً لمصادر عاملة في مؤسسات حكومية في صنعاء، إلى حرمان العاملين في الوحدات الإيرادية من المكافآت والحوافز ومساواتهم مع بقية منتسبي الجهات الأخرى.

إلى ذلك، ألغت المادة الأخيرة في المشروع أي نص في أي قانون نافذ يتعارض مع أحكام هذا المشروع، وهو ما يتعارض مع نصوص دستورية وقانونية تقر بحق الموظفين في المرتبات وتحافظ على حقوقهم.

ويمنح مشروع هذه الآلية وزير المالية الحوثي عبد الجبار الجرموزي (غير معترف به)، سلطة تحديد الوحدات الإيرادية التي ستتم مصادرة أموالها لصالح هذه الخطوة، وتحديد المبالغ التي سيتم فرضها على كل جهة، كما أعطاه حق سحب تلك المبالغ من أرصدة الجهات لدى أي بنك حكومي أو خاص أو مختلط، مع أن القانون اليمني يمنع الصرف من الإيرادات بشكل مطلق.

تخلٍّ عن الالتزامات

ونصَّ المشروع الحوثي الذي يُتوقع أن يصادق عليه ما يسمى مجلس النواب في صنعاء، على أن المبالغ المفروضة على الوحدات والجهات لا تعد قرضاً أو دَيناً على الحكومة غير المعترف بها أو الخزانة العامة، كما ينص على أنها غير ملزمة بالتعويض عن تلك الأموال المصادرة، ويقول إنه وفي حالة تحصلت الجهات على التعويضات، فسيتم النظر في إمكانية إرجاع تلك المبالغ إليها من عدمه.

وينص القانون على تقسيم مستحقي المرتبات إلى ثلاث فئات:

- الفئة الأولى: كبار المسؤولين، الذين يحصلون على مرتباتهم شهريًا وبالكامل.

- الفئة الثانية: المؤسسات، التي تتلقى نصف مرتب شهريًا.

- الفئة الثالثة: الوحدات ذات الإيرادات أو النفقات التشغيلية، التي تحصل على نصف مرتب كل ثلاثة أشهر.

عقلية الإمام والسيد

يقول المحامي والباحث القانوني نبيل عبدالصمد لقناة بلقيس: "قبل الحديث عن مشروع القانون، يجب أن نعرف أن ميليشيا الحوثي أفرغت الدولة من مؤسساتها، وأفرغت القانون من غاياته. فالقانون ليس مجرد نصوص تُكتب وتُطبَّق، بل له أغراض وغايات تهدف إلى خدمة الناس".

وأضاف: "القوانين وُضعت لتكون معيارًا للتمييز بين حقوق الأفراد وواجبات السلطة، وهذا القانون يفترض أن يحمي حقوق الناس وفق دولة المؤسسات. ولكن السلطة التشريعية، التي هي الضابط بين مصالح الشعب والجهات الحكومية النافذة، أصبحت غائبة".

وتابع: "الميليشيات أفرغت الدولة من مؤسساتها؛ فلا توجد سلطة تشريعية تمثل الشعب، ولا سلطة قضائية مستقلة. السلطة التنفيذية باتت أداة بيد الميليشيات".

وأوضح عبدالصمد أن القانون المطروح "ليس مشروع قانون، بل أداة لخدمة مصالح الميليشيات. الهدف منه التحايل على جريمة الحرب المتمثلة في حرمان الموظفين من حقوقهم، التي تُعد جريمة حرب ترتكبها الميليشيات منذ عام 2014".

وأضاف: "الميليشيات تحاول امتصاص الغضب الشعبي المتزايد بسبب انقطاع الرواتب منذ عشر سنوات، وتحويل الأنظار إلى قضايا أخرى مثل غزة والقضية الفلسطينية".

وسيلة للنهب والقمع

يقول الصحفي سلمان المقرمي في تصريح لقناة بلقيس: "إذا زعم الحوثي تقديم شيء فيه خير، فاعلم أنك في مأزق. في عام 2014، ادّعى أنه سيُسقط الجرعة، لكن الجرع استمرت بلا نهاية".

وأضاف: "القانون الحوثي الجديد يقسم الموظفين اليمنيين إلى ثلاث فئات:

- القناديل: مليشيا الحوثي وكبار مسؤوليها، الذين يتلقون مرتبات كاملة شهريًا.

- الفئة الثانية: يحصلون على نصف مرتب شهريًا.

- الفئة الثالثة: يتلقون نصف مرتب كل ثلاثة أشهر، ما يعني تدميرهم اقتصاديًا".

واختتم: "الميليشيات تسعى من خلال هذا القانون إلى نهب الأموال، وقمع الموظفين الذين يطالبون بحقوقهم، بزعم أنهم يخالفون القانون".

                         

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد