اليونسكو تمنح مواقع لبنان التراثية "حماية دولية معززة"

2024-11-19 23:33:25 أخبار اليوم - متابعات

  

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، الاثنين، أنها منحت عشرات المواقع التراثية المهدّدة بالغارات الإسرائيلية على لبنان حماية مؤقتة معززة، توفر لها مستوى أعلى من الحماية القانونية.

تشمل المواقع آثاراً رومانية في مدينتي بعلبك وصور، و34 موقعاً في مناطق مختلفة من لبنان شهيرة على الخريطة السياحية اللبنانية ومعروفة عالمياً وفي مدن قائمة من آلاف السنين مثل صيدا وصور وجبيل، إضافة إلى مواقع أقرب عهداً مثل عنجر وبينت الجين والمتحف الوطني في بيروت وكذلك متحف سرسق.

ووجهت المنظمة تحذير إلى الاحتلال الإسرائيلي مفاده أن استهدافها أمر لن يمر دون عقاب. وجاء التحذير في جلسة استثنائية دعا إليها لبنان ووافقت عليها أكثرية أعضاء اللجنة التي يرأسها مندوب فنلندا لدى المنظمة الدولية.

 وشدّدت المنظمة في بيان، "على أهمية الالتزام باتفاقية لاهاي لحماية التراث، ومنع استخدامه لأغراض عسكرية".

وأكدت أن "عدم الامتثال لهذه البنود، من شأنه أن يشكّل انتهاكاً خطيراً لاتفاقية لاهاي عام 1954، وأسباباً محتملة للملاحقة القضائية".

وقالت: يبلغ عدد المواقع التي يشملها القرار 34 موقعاً، تستفيد الآن من أعلى مستوى من الحصانة ضد مهاجمتها واستخدامها لأغراض عسكرية".

خطوة اليونسكو تأتي غداة مناشدة مئات من الجهات الثقافية بما في ذلك علماء آثار وأكاديميون، الهيئة التابعة للأمم المتحدة تفعيل آلية الحماية المعززة.

وأكدت اليونسكو "أن مدينتي بعلبك وصور ستتلقيان مساعدة تقنية ومالية من المنظمة، لتعزيز حمايتهما القانونية وتحسين تدابير استباق المخاطر وإدارتها، وتوفير مزيد من التدريب لمدراء المواقع".

وجاء تدخل المجموعة ليجعل «اليونيسكو» عاجزة عن التفلت من طلب الحماية للمواقع الأثرية اللبنانية.

وتنصّ اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح عام 1954، على أن "أي ضرر يلحق بالممتلكات الثقافية، بغض النظر عن الشعب الذي تنتمي إليه، هو ضرر للتراث الثقافي للبشرية جمعاء، لأن كل شعب يسهم في ثقافة العالم".

إشادة ميقاتي

وكان من الطبيعي أن تكون ردة الفعل اللبنانية الرسمية بالغة الإيجابية. فقد أشاد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في بيان صحافي بـ«انتصار القانون»، معتبراً أن القرار «صفعة مدوية للعدو الإسرائيلي الذي يواصل اعتداءاته التدميرية على لبنان».

وأضاف: «هذا الحكم يشكل رادعاً قوياً للعدو الإسرائيلي لأنه يعتبر أي اعتداء على المواقع الأثرية جريمة حرب، ما يبرر ملاحقة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية».

بصيص أمل

من جانبه، أعلن وزير الثقافة محمد مرتضى: «هذا القرار هو بصيص أمل كبير وسط الظلام».

وتابع: «نأمل أن يثني هذا الإجراء إسرائيل التي تتصرف خارج أي إطار تنظيمي عن الإضرار بالمواقع المحمية».

أما المديرة العامة لـ«اليونيسكو» أودري أزولاي فقد أعلنت أن هناك تعاوناً عميقاً وطويل الأمد بين المنظمة الدولية ولبنان، مضيفة: «لن ندخر جهداً في تقديم جميع الخبرات والدعم اللازمين لحماية تراث لبنان الاستثنائي».

في 18 نوفمبر، عقدت لجنة حماية الممتلكات الثقافية في منظمة اليونسكو، جلسة طارئة مخصّصة لمواقع التراث في لبنان، في الوقت الذي تكثّف فيه إسرائيل قصفها على بعلبك، أبرز معالم لبنان والشرق، وموطن أحد أفضل الآثار الرومانية المحفوظة في العالم.

وقال سفير لبنان لدى الأمم المتحدة، مصطفى أديب، في حديث لصحيفة "لوريان توداي" في بيروت: "سأمثّل وزارة الثقافة اللبنانية في الاجتماع، إلى جانب المدير العام للآثار، سركيس خوري"، مشيراً إلى أن وفد لبنان الدائم لدى اليونسكو، "شدّد على خطورة الوضع أمام المديرة العامة للمنظمة، أودري أزولاي، وطالب بالدعوة علناً إلى حماية أكبر المواقع الطبيعية والأثرية في لبنان".

وطالب أديب "بتحميل إسرائيل المسؤولية عن جرائمها ضد التراث الإنساني"، وأكد على "أهمية دور المنظمات الدولية في ترميم التراث المتضرّر".

في الأسابيع الأخيرة، تعرّضت مدينة بعلبك التاريخية لغارات جوية إسرائيلية، دعت على إثرها السلطات اللبنانية، إلى التدخل الدولي لحماية المعابد الرومانية، المصنّفة كموقع للتراث العالمي لليونسكو منذ عام 1984، والمخصّصة للآلهة الرومانية، التي يبلغ عمرها 11000 عام.

كما حذّرت من المخاطر التي تتهدّد المواقع التاريخية الأخرى في وادي البقاع، بسبب الهجوم الإسرائيلي على لبنان.

تأثير الاهتزازات على الآثار

وقالت جوان بجالي، عالمة الآثار ورئيسة منظمة "بلادي" غير الحكومية لصحيفة "آرت نيوز": تأثّرت مواقع تاريخية عدّة في لبنان بالحرب. في بعلبك، دمّرت إسرائيل حجارة "قبة" دوريس، وهو ضريح إسلامي يعود تاريخه إلى عام 1243م، على الرغم من أن الهيكل نفسه لا يزال قائماً. كما تعرّض اثنان من أسوار المدينة في البلدة القديمة التاريخية للتدمير، أحدهما يعود إلى الانتداب الفرنسي، والآخر تم تشييده في العصر العثماني".

أضافت: "ما لا نعرفه حتى الآن، هو مدى تأثير الاهتزازات الزلزالية المستمرة على الآثار في لبنان بسبب التفجيرات. هذه الأضرار غير متوقّعة، ولا يمكن لأحد أن يذهب لتقييم الدمار الناجم عن الحرب، أو قياس قوّة الاهتزازات على التربة. هناك أيضاً أضرار التلوّث المستمر للهواء والمواد الكيميائية الموجودة في الهواء. ولا نعرف كيف سيؤثر ذلك على الحجارة في المواقع الأثرية".

إلى جانب بعلبك، تعرّضت مواقع مدينة صور الأثرية، وملعبها الروماني لأضرار جسيمة، كما تأثّر مسجد طير دبا، ومسجد كفرتبنيت، وكنيسة ديردغية، ومسجد بليدة، وجميعها معالم دينية قديمة مصنّفة كمباني تراثية. كما تعرّضت قلعة تبنين، وهي قلعة صليبية تقع شرق مدينة صور اللبنانية، لقصف إسرائيلي مباشر أحدث أضراراً كبيرة في داخلها.

كل ما سبق يمكن الاعتداد به. بيد أن ما يهم هو النتيجة. وبكلام آخر، السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستنصاع إسرائيل إلى قرار اللجنة وهي التي ضربت بعرض الحائط القرارات الدولية أكانت الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية أو عن محكمة العدل الدولية أو عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة؟ السؤال رئيس ومركزي ويرتبط بالوضع في لبنان واستمرار الحرب الإسرائيلية عليه.

                         

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
بن مبارك يكشف من واشنطن حقيقة الانفصال والتطبيع ومساعي إنهاء الحوثي

أشاد رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعادة إدراج مليشيا الحوثي الإرهابية على لوائح الإرهاب. كذلك علّق بن مبارك في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة" على قضايا مختلفة تشهدها المنطقة ومنها رؤية مشاهدة المزيد