ما هي مخاطر التعديلات الحوثية على قانون السلطة القضائية؟

2024-09-17 01:54:21 أخبار اليوم/بلقيس نت

   

مع مرور كل يوم تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية، تبرز هذه الميليشيات المزيد من الرغبة في الانفراد بالسلطة، مما يؤدي إلى تقييد حركة أتباعها، بما في ذلك الأكثر طاعة منهم، وتجريدهم من قدرتهم على التعبير أو اتخاذ أي موقف.

إصدار ميليشيا الحوثي قانونا يمنح السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة في تعيين القضاة ومراقبتهم وتأديبهم لم يكن مجرد إجراء إداري، بل رسائل مشفّرة إلى المجتمع اليمني والعالم أجمع، تؤكد سعيهم لبناء دولة شمولية كل سلطاتها خاضعة لسيطرتهم المطلقة في ظل غياب أي حوار مجتمعي، أو استشارة للخبراء، وأصحاب الشأن.

- مذبحة قانونية

يقول رئيس اتحاد قضاة اليمن، القاضي طاهر الفايق: "ما تم من إجراء عبر ما يسمى ببقايا مجلس النواب في صنعاء، وبمشروع قُدم من سلطة الأمر الواقع، هو اجتثاث دستوري لقانون السلطة القضائية بإجراء تعديلات ليست من صلاحيات السلطة التنفيذية أن تقوم بها، وأن تتدخل بها، وتخالف مبدأ دستوريا وهو استقلالية السلطة القضائية".

وأضاف: "ما جرى مذبحة قانونية ذبحت القضاء من الوريد إلى الوريد، ابتداء بمنح ما يُسمى برئيس المجلس السياسي التابع لميليشيا الحوثي صلاحيات تعيين قضاة من خارج إطار السلطة القضائية دون مؤهلات، لا يشترط أن يكون خريج معهد عالٍ للقضاء، أو حتى مؤهلا جامعيا، أو حتى ابتدائية، يُراد به أن يُعاد بالقضاء إلى عهد الإمامة، وعهد الفقيه الفرد الذي يحكم بالأهواء دون نصوص دستورية وقانونية".

وتابع: "هذه التعديلات جاءت أيضا في سياق التشديد على القضاة أنفسهم من خلال منح ما يسمى بهيئة التفتيش القضائي في صنعاء صلاحيات واسعه ليست في إطار الرقابة المسلكية المنصوص عليها قانونا، ولكن في إطار محاسبة وتدخل في عمل القضاة القضائي، وهو العمل الفني الذي يعدل من أعلى درجات الاستئناف والمحاكم العليا".

وأردف: "هناك تطوّر لافت، ابتداء بما يسمى بقاضي تحضير الدعوة، وقاضي الصلح، الذي أُشبهه بأنه قاضي الاستغلال".

وزاد: "الأصل في القضاة أنهم يقرون أي اتفاقات صلح تتم أمامهم، بل في بعض القضايا قد يلجأون إلى الصلح إن كان هناك مجال لذلك، وهذا مبدأ مفهوم ومتعارف عليه في إطار القوانين النافذة، لكن أن يؤتى بهذه المصطلحات، وهذه المسميات، فالغرض من ورائها خطير جدا".

وزاد: "في جزئية ما يسمى بالقضاء النوعي، وإن كان الدستور لا يسمح بقضاء استثنائي، لكنهم يبررون لمفاهيم القضاء النوعي الذي هو القضاء التجاري والإداري وغيره، وتحت هذا السياق يمكن أن يدخل القضاء الاستثنائي، الذي لم يجزه الدستور".

وأكد أنه "لا يجوز أن يكون هناك قضاء استثنائي لمحاكمة أي مواطن، سواء بنوع من الجرائم أو لأشخاص معينين، فالمواطنون أو المتهمون أمام القانون سواء؛ يحاكمون بذات القانون، وبذات القضاء، المعروفين بالقضاء العادي".

- الملاذ الآمن.. تهاوى

يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، المحامي توفيق توفيق الحميي: "ما قامت به ميليشيا الحوثي تحت مسمى تعديلات قانون السلطة القضائية أنا أشبهه بأنها عملية تأميم كاملة للسلطة القضائية، وتحويلها إلى أداة كاملة بيدها بعد أن استغلتها خلال عشر سنوات، خاصة ما يمكن أن نسميه بالقضاء الاستثنائي من خلال إصدار أحكام صادرة بالإعدامات، أو أحكام صادرة بمصادرة أموال الخصوم".

وأضاف: "خطورة الأمر اليوم أن المواطن اليمني سيفقد الثقة تماما بالمؤسسات القضائية، التي من خلالها يمكن أن يلتجئ إليها من أجل رفع الدعاوى والانصاف إلى غير ذلك".

وتابع: "هذه التعديلات تنذر -للأسف الشديد- بتراجع كبير في مستوى حماية الحقوق والحريات؛ لأن القضاء يعتبر هو الحصن الأول، الذي يمكن أن يلجأ إليه المواطن أو المتضررون من تعسف السلطة التنفيذية، لكن يبدو الأمر واضحا اليوم".

وأردف: "من خلال التعديلات والقرارات، التي صدرت بتعيين قضاة معينين لديهم خلفيات معينة، فإن هذه السلطة أرادت أن تفقد القضاء أهم وظائفه وهي حماية الإنسان".

وزاد: "هذه التعديلات -للأسف الشديد- اليوم بهذه الصورة وبهذا النمط يؤكد لنا اليوم، بما لا يدع مجالا للشك أن هذه السلطة، وهذه الميليشيات تسعى بكل وضوح إلى التفكير في أي عمل سياسي، أو حلول شاملة من أجل يصعب إعادة الأمر إلى نصابه".

وقال: "اليوم، نحن أمام كارثة حقيقية، سواء على المستوى الداخلي، أو على المستوى الخارجي، خاصة وأن هذه التعديلات تأتي في أوقات عصيبة في ظل ممارسات، أو انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالموظفين الأمميين".

وأضاف: "إذا كان القضاء هو الملاذ الآمن، فهذا الحصن باعتقادي تهاوى، اليوم، إضافة إلى ما يمكن أن نتحدث عن رهبة المؤسسات أو المحامين ليقوموا بدورهم من خلال التعديلات، التي مَنحت القاضي الحق في منع المحامي من التقاضي، وتعميم ذلك أمام القضاء".

                    

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد