الإصلاح والقضية الفلسطينية.. مواقف ثابتة وإسناد جماهيري لنضالات التحرير

2024-09-11 23:30:08 أخبار اليوم /الصحوة نت

   

يحتفي حزب التجمع اليمني للإصلاح بذكرى تأسيسه الـ34، بشعاره الدائم "الرائد لا يكذب أهله"، وهو بذلك لا يتخلى عن قضايا شعبه وأمته مؤمناً بالنضال الشعبي كطريق لاستعادة الأرض والحق من احتلال الكيانات الخارجية والداخلية.

وتأتي ذكرى الاحتفاء بذكرى تأسيس الحزب في ظل العدوان الوحشي للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وتدنيس المسجد الأقصى، واستمرار نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته للإرهاب وجرائم الحرب الصهيونية.

وطالما دعم "الإصلاح" نضال الفلسطينيين والعرب منذ التأسيس وحتى اليوم، وحتى قبل ذلك من خلال الحركة الوطنية اليمنية التي ناضلت ضد كهنوت الإمامة وأنهته من أراضي شمال اليمن إلى الأبد، وضد الاحتلال البريطاني من أراضي جنوب البلاد إلى غير ر جعة.

وعرف الإصلاح نفسه عند تأسيسه (1990م) باعتباره حزب إسلامي يمني، ينتمي لقوميته العربية والإسلامية، ولا ينفصل عنها "بأي حال من الأحوال"، وكان واضحاً أن نظامه الأساسي لم يشر إلى أي دولة أو مساندة أي قضية خارج اليمن عدا فلسطين، ويقول إنه يسعى لـ"مساندة الشعب الفلسطيني"، وسائر الشعوب في جهادها العادل.

فهل مضى الإصلاح في التزامه بنظامه الأساسي خلال 34عاماً؟ يحاول هذا التقرير الإجابة عن هذا التساؤل.

ثابت أساسي

منذ التأسيس تظل القضية الفلسطينية ودعم مقاومتها في أعلى ثوابت حزب التجمع اليمني للإصلاح، وتؤكد مواقف الحزب الثابتة وفعاليته السياسية والشعبية، ويشعر اليمنيين مع كل مجازر الاحتلال ببشاعة جرائم الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين.

وثوابت حزب الإصلاح تجاه القضية الفلسطينية هي الثوابت ذاتها التي أقرتها “وثيقة الثوابت الفلسطينية” 1968م (والتي وافقت عليها حماس والحركات الفلسطينية التي تأسست لاحقاً) وتعهدت بها الفصائل الفلسطينية بما في ذلك الحق في المقاومة والكفاح المسلح باعتباره طريق وحيد للتحرير، والوحدة الوطنية، وحق تقرير المصير، وأن القدس عاصمة فلسطين العربية وحق اللاجئين في العودة، وأن تقسيم 1947 وقيام إسرائيل باطل من أساسه، وأهمية الوحدة العربية لمواجهة الاحتلال.

وخلال العقود الثلاثة ونيف تحرك التجمع اليمني للإصلاح في مسارين متوازيين لنصرة القضية الفلسطينية، الأول، علاقته بمؤسسات الدولة المختلفة التي وظفها لمنع التطبيع، وخدمة الوحدة الفلسطينية.

الثاني، المسار الشعبي وذلك بدعم صمود الشعب الفلسطيني معنوياً ومادياً، فباعتباره أكبر الأحزاب السياسية تسلم زمام قيادة الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية ومقاومتها الباسلة، المتصدي لأي شكل من أشكال التطبيع مع الاحتلال كان سياسياً أو اقتصادياً أو إعلامياً.

أولى الأولويات

والمؤتمرات العامة للحزب هي توجهاته ومنطلقاته، وفي أربع مؤتمرات عامة كان دعم المقاومة الفلسطينية وفصائلها، ورفض التطبيع، وحث العرب على التوحد لمواجهة العدوان الإسرائيلي على فلسطين هو أساس هذه المؤتمرات. وهو أمرٌ أستمر في بيانات التجمع اليمني للإصلاح حتى بعد توقف المؤتمرات العامة بسبب الأحداث التي مرت بها البلاد منذ 2010 وحتى اليوم.

وكانت مرتبطة أيضاً بتحركاته ومواقفه بما في ذلك المشاركة في انتفاضة 2011 حيث يرى القيادي في الحزب أمين علي أمين أن "ثورات الربيع العربي كانت بمثابة مقدمة ضرورية للتهيئة والإعداد النفسي والسياسي لتحرير فلسطين وكل الأراضي العربية المحتلة".

كان لموقف الإصلاح الثابت والمنسجم مع موقف الشعب اليمني والقوى السياسية الحية في البلاد، أثر كبير في إبقاء الموقف الرسمي ثابتاً ومنحازاً داعماً للفلسطينيين "حتى نيل كافة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني".

وبعد اتفاقية أوسلو 1991م، هرولت عديد من الدول العربية للتطبيع مع الاحتلال، وفتحت مكاتب تنسيق للاحتلال رسمية في بعض الدول العربية والمجاورة لليمن، وعقدت مؤتمرات مثل الدار البيضاء 1994م، وعمّان 1995 والقاهرة 1996م، وحاولت دول غربية وعربية دفع الحكومة اليمنية إلى المضي في التطبيع مع الاحتلال من أجل حل أزماتها الاقتصادية، لكن التجمع اليمني للإصلاح في مساره الأول وعلاقته بالدولة تصدى لهذا التوجه الذي كانت تزينه الحكومة، وبعض القيادات السياسية، ونجح في دفعها مراراً عن طريق التطبيع طوال العقود الثلاثة السابقة.

ويشدد الإصلاح على أن: "شعبنا اليمني الذي شهد له الرسول صلوات الله وسلامه عليه بالإيمان والحكمة والفقه لن يقبل أي شكل من أشكال الخيانة للقضية الفلسطينية والخذلان لإخوانهم وأشقائهم في فلسطين وسوريا ولبنان". كما يقول تقرير أمينه العام في المؤتمر العام الثاني 2000م.

إعاقة ورفض التطبيع

يرفض الإصلاح التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال؛ وينطلق من رؤية واضحة أن التطبيع والاتفاقيات مع الاحتلال تشجع الكيان الصهيوني على ابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية.

ويعتبر الإصلاح اتفاقية أوسلو 1991م (بعد عام من تأسيس الحزب)، استدراج لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية إذ حقق "للصهاينة الكثير مما أرادوا، بل وأغراهم ما حصلوا عليه في أوسلو وأشباه أوسلو على مواصلة الاختراق للدول العربية ترغيباً وترهيباً للهرولة إليهم وتطبيع العلاقات معهم واستكمال حلقات التطويق على دول الطوق"-كما يقول تقرير أمينه العام في المؤتمر العام 2000م.

واستمر حزب الإصلاح في التصدي لمحاولات التطبيع التي كانت تقودها الولايات المتحدة والغرب أكثر من مرة بما في ذلك عام 2000 تصدى حزب الإصلاح لإرسال وفد من خامات ورجال أعمال يهود مرتبطين بإسرائيل إلى صنعاء، لتأسيس تطبيع يمكن الحكومة من مواجهة التحديات الاقتصادية والآثار السلبية لأزمة الخليج الثانية. وكان رفض الإصلاح وقياداته والقوى السياسية الحيّة وراء فشل هذه المحاولة ومعظم المحاولات المشابهة.

لم يقتصر الأمر على رفض التطبيع في اليمن فحسب، بل وفي كل الوطن العربي، ودعم أي تراجع عربي عن التطبيع، بما في ذلك تقدير الإصلاح لـ"سلطنة عمان والمملكة المغربية والجمهورية التونسية ودولة قطر لإغلاق مكاتب التمثيل الصهيوني لديهم".

وحتى في زيارات الحزب الخارجية ولقاءه المسؤولين الخارجيين، يكرر قادة الحزب مواقف تلك الدول من القضية الفلسطينية، بما في ذلك في يونيو/حزيران الماضي شكر وفد الإصلاح الزائر إلى بكين موقف الحكومة الصينية من القضية الفلسطينية وإدانة جرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة. وكانت القضية الفلسطينية حاضرة في محادثات مع دول مجلس التعاون الخليجي في مارس/آذار.

دعم مقاومة الشعب الفلسطيني

دائماً ما يؤكد الموقف الرسمي للإصلاح في بياناته ومؤتمراته العامة على "إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف".

وظل موقف حزب الإصلاح واضحاً من سياسات الاستيطان الإسرائيلية في فلسطين المحتلة لسياسات الاستيطانية والعدوانية التي تقوم بها الحكومة الصهيونية في فلسطين المحتلة، "ويدعو جميع دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية لممارسة الضغوط على الحكومة الصهيونية لوقف تلك الممارسات العدوانية".

لذلك أيد التجمع اليمني للإصلاح الانتفاضات ومقاومة الشعب الفلسطيني، وإدانة الاعتداءات الصهيونية بحق المسجد الأقصى الشريف.

وأعلن المؤتمر العام الثاني على تضامنه المطلق "مع الشعب الفلسطيني ويؤيد جهاده ونضاله ضد الاحتلال الصهيوني". رافضاً: ""في الوقت ذاته الدعوات والمحاولات الساعية لإيقاف الانتفاضة (2000م) وتفريغها من أهدافها السامية كما يؤكد على صيانة المسجد الأقصى من الاعتداءات اليهودية المتكررة باعتباره أحد المقدسات التي لا يمكن التفريط فيها .

وفي آخر مؤتمر عام له في 2007، أشاد الإصلاح بـ"صمود الشعب الفلسطيني في غزة وقوى المقاومة، أمام العدوان الهمجي والغاشم للكيان الصهيوني".

وعلى الرغم من أن حركات المقاومة الفلسطينية امتلكت مكاتب في اليمن -بما في ذلك الحركات الإسلامية- إلا أن علاقة "الإصلاح" بها ظل في إطار السلطات الرسمية للبلاد، والعمل الشعبي الذي كان معظم قياداته أعضاء في حزب التجمع اليمني للإصلاح.

وإلى جانب العلم الوطني ورمز الحزب السياسي، كانت شعارات ورموز وصور قادة حركات المقاومة الفلسطينية توجد في معظم مقرات ومكاتب الحزب الأكثر شعبية في البلاد.

وخلال العقود الثلاثة الماضية كانت الهيئات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني اليمنية التي تدعم صمود الشعب الفلسطيني، وتدفع بالمساعدات بما في ذلك المستشفيات والمدارس، تحظى بتأييد ودعم ومساندة التجمع اليمني للإصلاح وأعضائه، وقدرة الحزب على التحشيد والدعم في معظم مديريات اليمن.

وبشأن موقفه من المقاومة فإن حزب الإصلاح يرى أن المقاومة الشعبية طريق مواجهة الظلم وإقامة العدل، ويقول رئيس الحزب السابق الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر (1932-2007) إن "المقاومة وحدها هي الطريق لاستعادة الحقوق وحماية المقدسات وان الشعب الفلسطيني الصامد في وجه الإرهاب الصهيوني والذي يقدم الشهداء كل يوم ويضحي بكل ما يملك قد اختار طريق المقاومة سبيلاً لتحقيق أهدافه واستعادة حقوقه وإقامة دولته المستقلة على أرض فلسطين وعاصمتها القدس".

الوحدة بين الفصائل الفلسطينية

ليس ذلك فقط بل حرص التجمع اليمني للإصلاح على رؤية شركاء النضال الفلسطيني في حالة توحد دائم، ودعم وساند مبادرة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح 2000 لعقد لقاء بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في ذلك الوقت واتفاقهما على مواصلة الحوار بينهما في صنعاء.

ودعم الإصلاح في 2007 مبادرة الرئيس للمصالحة بين حركة حماس وحركة فتح بلقاء مع "مشعل" في صنعاء واتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. كما أيد الإصلاح في ذلك العام اتفاق مكة بين الحركتين الفلسطينيتين.

 وتكرر الأمر على طول العقود الثلاثة السابقة ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي شارك رئيس الهيئة العليا للحزب الأستاذ محمد اليدومي، في التوقيع على عريضة نداء إلى قادة العمل الوطني الفلسطيني وفصائل المقاومة، مطالِبةً إياهم بعدم تفويت مكاسب الفعل النضالي وتضحيات الشعب الفلسطيني، والبناء على تلك التضحيات، وجعلها أساس متين للوحدة الوطنية، وتحويلها إلى برنامج عمل سياسي مساند للفعل الميداني المقاوم على الأرض.

موجه ضد كل الأمة

ويرى حزب الإصلاح على أن التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي يدل على حقيقة تاريخية "أن أي سلام مع الكيان الصهيوني لن يقبل بغير إذلال هذه الأمة واستسلامها له بلا قيد أو شرط وهو ما لا يمكن حدوثه لا اليوم ولا غدا طالما ظل فيها عرق واحد ينبض بالحياة وحب الجهاد والاستشهاد".

كما يرى الإصلاح أن ما يجري في أرض فلسطين ليس موجهاً ضد الفلسطينيين وحدهم بل موجه ضد الدول العربية والإسلامية "وليس أمامها من خيار غير القيام بما تفرضه عليها تلك المسئولية حتى تتمكن من حماية وجودها وهويتها من الخطر الصهيوني القادم وحتى تكون قادرة على الحفاظ على مقدساتها واستعادة أرضها وحقوقها المغتصبة".

قضية مركزية لا تتغير

لا تزال القضية الفلسطينية في كل بيانات ولوائح وأدبيات التجمع اليمني للإصلاح، وعلى ألسنة قادته وأعضائه هي القضية المركزية. ويعني ذلك بالنسبة للحزب أن القضايا الوطنية والقومية والدولية تضع في اعتبارها القضية الفلسطينية، ومهما كانت الجهود السياسية والاقتصادية واستعادة مؤسسات الدولة والتنمية لوطننا وإصلاحه لن يبلغ مداه دون تحرير فلسطين، وأن كل جهد يبذله الحزب وأعضاءه هو مركز اهتمام بالقضية الفلسطينية وليس هامشاً يخضع لدعاية سياسية أو لي ذراع لمصالح محلية ضيقة.

ودائماً ما ركز وحرص الإصلاح -وما زال- على أن تكون القضية الفلسطينية حاضرة في المناهج التربوية والعلمية والأنشطة الدعوية والسياسية والإعلامية والفكرية على مستوى مختلف الشرائح الشبابية والطلابية والنسوية والمجتمع المدني، والعلاقات الداخلية مع الأحزاب والكيانات الاجتماعية، والخارجية مع الدول والكيانات الدولية، على مستوى أُطر الحزب أو على مستوى أعضائه.

                                    

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد