2024-10-07
هل توصلت الدول الغربية وأمريكا إلى قناعة بأن الحرب الشاملة ضد ميليشيا الحوثي أصبحت ضرورية؟
تتسم أساليب ميليشيا الحوثي الإرهابية بتشابه ملحوظ مع أساليب حركة طالبان، إلا أن الغرب لا يزال يتيح لهم الفرصة للاستمرار في تحديد قواعد اللعبة.
في الأجزاء الشمالية الغربية من اليمن، التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي، تحتجز ميليشيا الحوثي حالياً نحو 60 موظفاً محلياً من المنظمات الدولية ومنظمات الإغاثة، أو بالأحرى يقومون بخطفهم، حيث إن مكان احتجازهم مجهول تمامًا ولا يُعرف حتى لأقاربهم. بالإضافة إلى ذلك، فإنهم مُحرَمون من حقهم في توكيل محامين أو الحصول على الأدوية، علاوة على كونهم معزولين عن العالم الخارجي، وفقًا لما يُشير إليه الخبراء.
من بين المختطفين يوجد عدد من الموظفين العاملين في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى موظفين من سفارات ووكالات إنسانية. هؤلاء الأفراد يمارسون عملهم منذ عدة سنوات بهدف تحسين إمدادات المياه في اليمن، وتعزيز الحوكمة اللامركزية، وتنفيذ مشاريع في مجال الطاقة.
وإذا كان ليس بغريب اعتراض موظفين دوليين ومضايقتهم في بعض الأحيان في أجزاء أخرى من العالم، فإن موجة الاختطاف، التي أقدمت عليها ميليشيا الحوثي في العاصمة المختطفة صنعاء، منذ شهر مايو الماضي، لم يسبق لها مثيل، حيث لم يسبق أن تأثر العمال الدوليون بمثلها... حتى الآن.
ظلت ميليشيا الحوثي لسنوات يصعّدون ليتسنّى لهم بلوغ أهدافهم فيما يتعلق بسلوكهم الذي يتم التسامح معه على الساحة الدولية، حيث يقومون بالتصعيد والاستفزاز والهجوم.
وكل ما يقومون به يمشي وفق خطة مدروسة جيّدا. لقد مرت عشر سنوات مذ أن احتل الحوثيون صنعاء في بادئ الأمر، ليباشروا الملاحقة وتجريد أناس من ملكياتهم، واعتقال المعارضين السياسيين، وإنشاء نظام خطر حقيقي لإرهاب سكان البلد.
بعض الأشياء تذكرنا بطالبان. ومذاك، تراجعت المكاسب السابقة مثل سير عمل البرلمان، أو حرية الصحافة، أو الالتحاق بالمدارس بشكل عام، حيث يكتفون في أغلب الأحوال بإلقاء اللائمة على الخصوم السياسيين الخارجيين- حد زعمهم.
فبدلا من التركيز على التنمية الاقتصادية لبلد يمر بحالة خراب، فرضت ميليشيا الحوثي إتاوات لحرب جديدة؛ حيث يواجه أولئك الذين لا يدفعون الإتاوات السجن، وفي الوقت ذاته، ينتظر الموظفون العموميون في المناطق التي تحتلها ميليشيا الحوثي رواتبهم منذ سنوات.
ويعاني شمال غرب اليمن من الإفقار الممنهج، ويقدر الخبراء الآن أن حوالي 90 في المئة من الناس هناك يعيشون في فقر إنه رقم قياسي على مستوى العالم.
- أساليب التصعيد
ردا على الغزو الإسرائيلي لغزة، تتعمّد ميليشيا الحوثي، بصفتهم جزءا مما يسمى "محور المقاومة"، تعطيل الشحن في البحر الأحمر، منذ شهر أكتوبر 2023. ففي هذا الأسبوع فقط هاجموا ناقلة النفط اليونانية "سونيون". كما تضررت 30 سفينة على الأقل من هجمات الطائرات المسيّرة، مما تسبب في إغراق اثنتين منها. كما تم الاستيلاء على الناقلة "جالاكسي ليدر"، حيث يجري ركنها الآن في ميناء الحديدة، ويمكن زيارتها مقابل دفع رسوم قدرها 5 دولارات.
فمنذ ذلك الحين، ضخت الولايات المتحدة وشركاؤها في الاتحاد الأوروبي أموالا لاتخاذ تدابير سلامة للشحن في البحر الأحمر.
صعّدت ميليشيا الحوثي الوضع أكثر في 19 يوليو الماضي، حيث هاجموا تل أبيب مباشرة بطائرة مسيّرة إيرانية الصّنع من طراز صماد 3"، مما أسفر عن مقتل شخص واحد. ورد سلاح الجو الإسرائيلي، في اليوم التالي، بتدمير احتياطيات النفط الرئيسية في الحديدة، وصد مسعى ميليشيا الحوثي لترسيخ أنفسهم كفصيل محارب مباشر.
كان ربطت ميليشيا الحوثي لهجماتهم بالوضع الجاري في فلسطين خطوة ذكية من قِبلهم للتعويض عن دعمهم المتضائل في اليمن.
لا تمثل عمليات الخطف إستراتيجية جديدة لميليشيا الحوثي، غير أن تصعيد عمليات الاختطاف هذه كان له تأثير سياسي هائل في اليمن.
ففي الأسابيع الأخيرة، استهدفت ميليشيا الحوثي، بشكل متزايد، مجتمع الإغاثة الدولي، ولا سيما المنظمات الشريكة في اليمن.
فمنذ عام 2018، يشكو برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من إساءة استخدمت ميليشيا الحوثي المنهجية للمساعدات الغذائية وعسكرتها. وكان المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي يلزم المنظمات الإنسانية العالمية تسجيل نفسها فيه من أجل السماح لها بممارسة عملها، والخاص بميليشيا الحوثي دون غيرهم، أصدر مؤخرا تعليمات لشركاء الأمم المتحدة في مجال المساعدات بالعمل فقط مع المنظمات الصديقة للحوثيين، بل وتوظيف الحوثيين لديهم. وقد رضخت بعض المنظمات الدولية للضغوط.
وفي شهر يونيو الماضي، أعلنت ميليشيا الحوثي أنهم كشفوا عن شبكة تجسس "إسرائيلية - أمريكية" في اليمن، وأصدروا مقاطع فيديو لاعترافات مزعومة من موظفين سابقين في السفارة الأمريكية في صنعاء. لقد عززوا ذلك بصور جاذبة على الشبكات الاجتماعية وقنواتهم التلفزيونية، التي تعرض شعارات الشركاء الدوليين، بما في ذلك المنظمات الشريكة للألمان، كجزء من حلقة التجسس هذه.
وأخيرا، وفي أوائل أغسطس الماضي، اقتحمت ميليشيا الحوثي مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في صنعاء، وصادروا المركبات والأثاث والخوادم، وهو أمر نادر الحدوث. وسرعان ما اتبعوا ذلك بموجة من عمليات الاختطاف.
فعمليات الخطف ليست إستراتيجية جديدة لميليشيا الحوثي: فقد اختطفوا عمالا محليين من قبل، في عامي 2019 و2023. غير أن تصعيد عمليات الاختطاف هذه كان له تأثير سياسي هائل في اليمن.
لا يتعلق الأمر كثيرا بالأفراد الـ60 الذين تستخدمهم ميليشيا الحوثي حاليا كأوراق مساومة، بل يتعلق بالشكوك التي أثيرت حول الشراكات الدولية ككل. يتعرض اليمنيون العاملون في المنظمات الدولية لمخاطر أكبر مع مرور كل شهر، ليس فقط في الشمال، بل وأيضا في جنوب البلاد الخاضع لسيطرة "الحكومة الشرعية".
-نقطة تحوّل
وبسبب قلقه الواضح من استفزاز ميليشيا الحوثي الأخير، عبَّر الغرب عن مخاوفه، وكرر تذكيراته وصعّد من خطابه. لخّص المبعوث الخاص للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، الوضع بدقة وقوة أمام مجلس الأمن الدولي، في 23 يوليو 2024، قائلا: مسار التنمية في اليمن (...) ومع ذلك، وبالرغم من كل مشاعر التعبير، لا يزال الرد العالمي على تصرفات ميليشيا الحوثي معتدلا بشكل مدهش. فما كان في السابق خطوطا حمراء أصبح ورديا أولا، قبل أن يتلاشى تماما.
في السنوات الأخيرة، استسلم المجتمع الدولي لكل مطلب جديد قدّمته ميليشيا الحوثي، وتجاهل بشكل روتيني انتهاكاتهم للحريات الفردية، أو التمييز في المساعدات الدولية.
لا يمكن ترك الناس يخوضون مصيرهم في هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية الكارثية، إلا أنه بالمثل، لا نريد إبقاء ميليشيا الحوثي خارج الحوار السياسي الجاري، على ما يبدو. وبالرغم من كل هذا التصعيد، استمر الغرب في إظهار التفهم تجاه ميليشيا الحوثي، ودعمهم بشكل غير مباشر.
لم يؤدِ استرضاء ميليشيا الحوثي إلا إلى تعزيز قاعدة قوتهم وإعطائهم انطباعا بأنهم يفعلون الشيء السليم. وقد تمكّنوا من إرسال مبعوثين إلى التجمعات الدولية، واستخدام القنوات الخلفية غير الرسمية لتمثيل من يُشارك في المحادثات، أو المفاوضات نيابة عنهم.
وقد أدى ذلك إلى خرق كل الاتفاقات الصغيرة الملموسة باستمرار، في حين يلتزم الشركاء الدوليون الصمت.
علينا ألا نتفاجأ إذا طُرح هناك حل الدولتين، أو حتى الدول المتعددة في المستقبل المنظور، دون تدخل الأمم المتحدة.
وهذا يجعل الحوثيين يقتربون من هدفهم النهائي: إقامة دولتهم الخاصة تحت سيطرتهم. لقد تم تقسيم اليمن بشكل متصاعد لمدة 10 سنوات حتى الآن، وذلك ليس من خلال المفاوضات السياسية، كما هو الحال في السودان وجنوب السودان، بل خطوة بخطوة على مستويات أدنى.
ويجري فصل شبكات الاتصالات، وتقسيم المكاتب الحكومية إلى شمال وجنوب، وتقسيم أنظمة الضمان الاجتماعي، والتخلي عن النظام المصرفي والنّقدي الوحيد في البلاد. حتى إن ممثلي المجلس الانتقالي الجنوبي يتجنبون استخدام مصطلح "اليمن".
لا ينبغي أن نتفاجأ إذا كان هناك حل الدولتين، أو حتى الدول المتعددة في المستقبل المنظور، دون تدخل الأمم المتحدة. وقد دعم المجتمع الدولي ذلك بشكل غير مباشر لسنوات من خلال سياسة استرضاء ميليشيا الحوثي.
لقد اعتاد المراقبون السياسيون الدوليون على الارتباك والفوضى المتنامية. والتعود على ما هو استثنائي، أو غير عادي بما يؤدي أحيانا إلى قبوله.
بالنسبة لليمن، فهذا يعني أن حركة دينية قبلية تتوطد في دولة، بينما نشاهد اليمن ينهار وينجرف إلى المجهول بحركة بطيئة. يمكننا أن نتحمل بلدا ينتقل بصورة نشطة إلى حالة أخرى من الوجود، بشرط ألا نغفل عن العواقب.
وبطريقة أخرى، فإن الجهد الدبلوماسي الهائل والسياسة الأمنية القوية وحدها من يمكنها أن توقف هذا المسار. غير أننا بحاجة إلى إعادة تلك الخطوط الحمراء إلى ما كانت عليه من قبل: نقاط انطلاق واضحة لاستجابة حقيقية للسياسة الخارجية من شأنها أن تجعل من السهل التعامل مع الوضع نفسه، واستجماع الشجاعة للقيام بذلك. ومن المؤكد أن المختطفين الـ60 سيرحّبون ببذل جهود استباقية أكثر.
حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد
الرئاسي والحكومة.. أسود على الجيش نعام على المليشيات
2022-11-30 09:33:59
الوطن يغرق على نغم في ضفاف النيل
2022-11-14 05:01:41
تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية بين التنفيذ والتضليل
2022-10-30 05:01:32
بينما كنت أمسح رأس طفلي، كانت أصوات المليشيات الحوثية تتردد في أرجاء منزلي الكائن في السلخانة الشرقية، بمديرية الحالي، في يوم 13 نوفمبر 2018. في سردٍ مأساوي مليء بالقهر والألم، يستعرض محمد علي الجنيد، تلك اللحظة الفارقة ال مشاهدة المزيد