موسم الموت: رحلات الجريمة المنظمة من القرن الإفريقي إلى اليمن

2024-08-28 01:48:22 أخبار اليوم / تهامة 24

   

تاريخيًا، كانت القوارب تبحر بين القرن الإفريقي واليمن لنقل البضائع والأشخاص في أجواء من الأمان النسبي. إلا أن هذه الرحلات، التي كانت تُعتبر عادية، قد تحولت في العقود الأخيرة إلى ما يُعرف بـ رحلات الموت، حيث شهدت زيادة ملحوظة في عدد الأرواح المفقودة.

ولم تكن الرحلة التي تستغرق من 12 إلى 16 ساعة بين القرن الإفريقي واليمن تشكل خطورة كبيرة في الأوقات العادية، ولكن ظهور الجريمة المنظمة في مجال الاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة والمخدرات قد غير ذلك بشكل دراماتيكي، حسب منظمة الأمم المتحدة.

إجرام وتطرف

هذه الشبكات الإجرامية هي المسؤولة عن العديد من المآسي الناتجة عن حوادث غرق المهاجرين، ما يستدعي جهودًا دولية مكثفة لدعم المؤسسات الشرعية في الدول المعنية، مثل اليمن والصومال، وضمان عدم استغلال أراضيها من قِبل الجماعات الإرهابية والشبكات المنظمة.

وتتولى ميليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن وحركة الشباب، التابعة لتنظيم القاعدة في الصومال، قيادة هذه الجماعات التي تساهم في تعزيز الإجرام المنظم، واستغلت هذه الجماعات الفوضى لتأسيس شبكات معقدة تعمل في الاتجار بالبشر، إما كمصدر مالي مباشر أو كغطاء لأهداف أخرى.

تدفق المهاجرين إلى اليمن

منذ الانقلاب الحوثي في أواخر 2014، استفادت ميليشيا الحوثي من تدفق المهاجرين إلى اليمن، ما جعلها تستخدم البلاد كبوابة عبور رئيسية لتحقيق أهدافها وتوسيع نفوذها في القرن الإفريقي، وتقوم ميليشيا الحوثي بجذب المهاجرين واللاجئين إلى معسكرات خاصة في الحديدة والجوف وصعدة، حيث يتم تدريبهم وإعادة توظيفهم في مهام مختلفة بعد فترة من التدريب.

وفي الربع الأول من هذا العام، تم تسجيل دخول حوالي 5,500 شخص من القرن الأفريقي إلى اليمن، بينما وصل أكثر من 97 ألف شخص في العام الماضي، وبعض هؤلاء المهاجرين كانوا يطمحون للانتقال إلى دول مجاورة، بينما فضل آخرون البقاء في اليمن، البلد المثقل بالأزمات، وبعضهم وقع ضحية لميليشيا الحوثي، ولا يعرف العدد الدقيق لهم.

فاجعة جديدة

شهدت حوادث غرق قوارب المهاجرين ارتفاعًا ملحوظًا، إذ يُعد العدد الإجمالي للأحداث الأكبر في تاريخ البلاد منذ بداية النزاع الحوثي في أواخر 2014. النزاع قد أثر بشكل كبير على قدرة الدولة في مراقبة سواحلها التي تمتد على حوالي 2200 كيلومتر، ما جعل من الصعب مكافحة التهريب وتقديم المساعدة في حالات الطوارئ.

ولقي أكثر من ألفي شخص حتفهم في البحر، نتيجة عوامل مثل الطقس السيء، الحمل الزائد، وحشر العديد من الأشخاص في قوارب صغيرة، ما يسمح للمهربين بالاختباء تحت غطاء الصيد لتفادي الرقابة، وتعتبر سواحل القرن الإفريقي، مثل سواحل “بوصاصو” الصومالية، نقاط انطلاق رئيسة لتهريب المهاجرين والأسلحة، ووقع آخر حادث مروع في 20 أغسطس، عندما غرقت سفينة كانت تقل 13 شخصًا، ولا يزال 14 آخرين في عداد المفقودين بعد انقلاب القارب بالقرب من باب المندب.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن القارب، الذي كان قادمًا من جيبوتي، حمل 25 مهاجرًا إثيوبيًا واثنين من اليمنيين، وغرق في المياه القريبة من مديرية باب المندب غربي تعز، وتستمر عمليات البحث على أمل العثور على المهاجرين المفقودين والقبطان اليمني ومساعده، بينما السبب الدقيق لغرق السفينة لا يزال غير واضح.

موسم الموت

تُعرف الفترة من يونيو إلى أغسطس بـ”موسم الموت”، حيث يمثل الإبحار خلالها مخاطرة كبيرة بسبب الرياح وظروف الطقس القاسية. هذه الفترة قد تجعل الرحلة تستغرق حوالي 72 ساعة بدلًا من 12 إلى 16 ساعة في باقي فترات العام، ورغم المخاطر المتزايدة، تواصل شبكات التهريب استغلال المهاجرين لتحقيق مكاسب مالية، ما يؤدي إلى وفاة العديد منهم.

الحوادث الأخيرة التي وقعت قبالة سواحل تعز وشبوة منذ يونيو أسفرت عن أكثر من 226 قتيلًا ومفقودًا، بينما أصيب الناجون بصدمات نفسية شديدة بعد بقاء أيام وليالٍ في البحر.

ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، فإن هذه الحوادث تشكل تذكيرًا صارخًا بالمخاطر الكبيرة للطريق البحري الذي يعبره المهاجرون.

ووفقًا للبيانات، وصل عدد الأفارقة إلى اليمن على متن قوارب العام الماضي إلى أكثر من 97 ألف شخص، بزيادة قدرها 24 ألف شخص مقارنة بعام 2022. منذ عام 2014، سجلت المنظمة وفاة وفقد أكثر من 2,082 شخصًا في هذا الممر، مع اتهامات متكررة لميليشيا الحوثي بتغذية نشاط شبكات الجريمة التي تستغل المهاجرين وتضع الأرباح قبل الأرواح.

               

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد