آخر ضحايا الحرب الناعمة: منع مجموعات التواصل الاجتماعي بين أولياء الأمور والمدارس

2024-08-26 00:27:10 أخبار اليوم/بلقيس نت

   

لم تترك ميليشيا الحوثي الإرهابية وسيلة للتضييق على المواطنين أو طرقاً للترهيب ونشر الخوف بينهم إلا واستغلتها في سعيها للسيطرة على اليمنيين في المناطق والمحافظات الخاضعة لنفوذها. يأتي هذا في إطار محاولاتها المستمرة لتكبيلهم بالقيود التي تفرضها أفكارها ورؤاها الطائفية.

الحرب الناعمة واحدة من المفردات التي تتكرر دائما في خُطب ميليشيا الحوثي وأحاديثهم، ويحاولون الترويج لها كخطر داهم يفتك بالمجتمع، وخاصة الشباب والنساء، ولا سبيل إلى النَّجاة من خطرها إلا باتباع تعليماتهم، والتقيّد بتوجيهاتهم التي يرون أنها تُبنى على معرفة تامة بوسائل هذه الحرب وعواقبها الوخيمة.

- تفرّعات متشعِّبة

في شوارع أمانة العاصمة تجتذبك جدرانها وأسوارها ومبانيها التي تحوّل أكثرها إلى لافتات جدارية خُطت عليها التحذيرات من الانخراط في الحرب النَّاعمة، والمشاركة فيها، وكيف ينبغي الحماية من شرِّها، والابتعاد عنها.

وتحت مُسمى "مكافحة الحرب الناعمة"، قيَّدت الميليشيات الحُريات، وبررت العديد من الممارسات والانتهاكات، وتحوَّلت إلى ذريعة للتخلُّص من الخصوم ومعاقبتهم، وفرض المعتقدات المتطرِّفة التي تنتهجها.

مجالات الحرب الناعمة تتوسَّع بشكل دائم، كما يزعم الحوثيون الذين يدَّعون أنهم جنَّدوا أنفسهم لمحاربتها، ولتحصين المجتمع منها، وليس تحريم الغناء واعتقال الفنانين والفنانات ومحاربة ملابس النساء، ومنع الاختلاط في الجامعات، ودخول الكافيهات والنوادي للنساء، وتجريم السفر دون محرم، وعمل المرأة في بعض المجالات، إلا فروع تتشعَّب لتبرز تفرُّعات أكثر.

- مبرر الغزو الفكري

مؤخرا، فرضت ميليشيا الحوثي على المدارس الخاصة منع استخدام التلفونات ووسائل التواصل الاجتماعي لمتابعة الواجبات والتواصل مع أولياء أمور الطلاب؛ بحُجّة عدم الترويج للحرب الناعمة.

وبحسب تعميم صادر عن مدير مكتب التربية والتعليم في أمانة العاصمة (غير معترف بها)، عبدالقادر المهدي، المُعين من قِبل ميليشيا الحوثي، لمدراء المناطق التعليمية والمدارس الأهلية والحكومية، فإن استخدام مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي بين المدرسة والطلاب أو أولياء الأمور -التي يتم فيها إرسال ومتابعة الواجبات أو تقارير حول مستويات الطلاب- تُسهم بصورة غير مباشرة في الترويج للحرب الناعمة، "التي يعتبرها العدو من أهم أدوات الحرب والغزو الفكري لمسخ الأجيال، وانسلاخهم في مظاهر غير أخلاقية".

وأكد التعميم أن "هذا الأمر دفع الطلاب والطالبات إلى استخدام التلفونات لغرض الاطلاع والمتابعة، وجعل المدرسة هي المتسبب الرئيسي في الانخراط في هذه الجوانب وشريكا أساسيا في الترويج للحرب الناعمة"، محذِّراً من استخدام أي من وسائل التواصل الاجتماعي لغرض المتابعة والتواصل مع الطلاب وأولياء الأمور، أو أي مبرر من شأنه جعل الطلاب يستخدمون التلفون، وأن على مدراء المناطق والأقسام المعنية التحرِّي والتأكد من التزام المدارس بذلك، والرّفع بأي مدرسة مخالفة لإحالتها إلى التحقيق، واتخاذ الإجراءات الصارمة.

- حُراس الفضيلة

واجه تعميم مكتب التربية والتعليم في أمانة العاصمة استهجانا واسعا، وسخرية من قِبل النشطاء وأولياء أمور الطلاب، الذين أكدوا أن المبرر غير مُقنع لمنع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في متابعة مستوى الطلاب، خاصة أنه يمثل وسيلة سهلة وفاعلة في التقييم، ومناقشة المشاكل التي تواجه العملية التعليمية، والعمل على تجاوزها.

تستغرب "أم ناصر" -ولية أمر طالبين في المدارس الأهلية- من صدور هذا التعميم، الذي يمنع استخدام وسائل التواصل التي كانت تسهِّل متابعة الطالب، خاصة لأولياء الأمور العاملين بوظائف تحول دون قدرتهم على متابعة أبنائهم بالحضور إلى المدرسة.

وتؤكد أم ناصر -في حديثها لـ"بلقيس"- أن "ربط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في متابعة العملية التعليمية بالحرب الناعمة أسلوب فيه مغالة، وحجر على حق الناس في حرية تصرفاتهم، واختيار أسلوب حياتهم الذي يقررونه".

وبحسب التربوي "عبدالله" -مدير إحدى المدارس الأهلية في أمانة العاصمة- الذي طلب عدم الكشف عن هويته، فإن هذا التعميم يأتي ضمن سلسلة من الممارسات التي أقدمت عليها المليشيات لابتزاز المدارس الخاصة، بفرض جبايات غير قانونية عليها في تحصيل نِسب من رسوم التسجيل، ومبالغ أخرى لمكاتب التربية في المديريات، ورسوم مجتمعية شهرية وغيرها، بالإضافة إلى تعيين مُشرفين من ميليشيا الحوثي على المدارس لفرض أنشطة ثقافية، وتخصيص حصص لما يُسمى الثقافة القرآنية.

يقول عبدالله لـموقع "بلقيس": "ممارسات ميليشيا الحوثي غير المقبولة -منها منع وسائل التواصل الاجتماعي- تسعى إلى فرض الوصاية على المجتمع، وتنصيب أنفسهم حُراسا للفضيلة والأخلاق، وتجعلهم ينظرون إلى الناس بأنهم عُرضة للانحراف لولا حمايتهم".

              

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد